المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

632

خلفه ساقه إلى النار...»(1) بل وفُسِّر أيضاً بذلك(2) قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ﴾(3).

وعلى أيِّ حال، فهذه الشفاعة ليست هي المقصودة بأكثر أدلَّة الشفاعة، ولا هي الظاهرة منها؛ فإنَّ الشفاعة أصلها من الشفع في مقابل الوتر، وبمعنى الانضمام إلى الشخص لمعونته. فهي تنصرف عن حيطة آثار عمله إلاّ بمقدار خلق أصل الأرضيَّة للشفاعة؛ إذ ليس كلُّ إنسان فيه أرضيَّة قبول الشفاعة، وهذه الأرضيَّة رهينة لعمل الإنسان. وهذه الشفاعة ليست مورداً لشيء من الإشكالات التي أَوردها منكرو الشفاعة، وليست مقصودة لهم .

الثاني: ما قد يُسمَّى بشفاعة المغفرة، أو شفاعة رفع الدرجات.

والمقصود بها: المعونة التي تأتي للإنسان من قبل أهل الشفاعة للعفو أو لزيادة الدرجات، زائداً على ما كانت تقتضيه أعمال الإنسان لولا الشفاعة. وهذا هو الذي يبعث بأمل جديد في نفوس العاصين والمذنبين، وكذلك في نفوس المؤمنين ولو بلحاظ رفع الدرجات. وقوله(صلى الله عليه وآله): « إنَّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمَّتي، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل»(4) ناظر إلى شفاعة المغفرة دون شفاعة رفع الدرجات(5).


(1) أُصول الكافي 2 / 599 كتاب فضل القرآن.

(2) راجع عدل الهى: 240.

(3) السورة 17، الإسراء، الآية: 71.

(4) بحار الأنوار 8 / 34.

(5) تفسَّر شفاعة رسول الله(صلى الله عليه وآله) لسائر الأنبياء المعصومين المستفادة من إطلاق بعض الروايات ـ كما في تفسير القمّي في تفسير قوله تعالى في السورة 34، سبأ، الآية: 23 ﴿ وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ... ﴾: ما أحد من الأوّلين والآخرين إلاّ وهو محتاج إلى شفاعة محمَّد(صلى الله عليه وآله) يوم القيامة ـ بمعنى شفاعة رفع الدرجات.