المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

641

شفاعة الشفيع، وعندئذ سواءٌ جاءته الشفاعة أو لم تجئه يشمله فضل الربِّ تبارك وتعالى، وأُخرى لا توجد فيه هذه الأرضيَّة والقابليَّة؛ لأنَّ ذنوبه أفنت ذلك، وعندئذ يكون شمول الفضل له متوقِّفاً على أن يشفع له الشفيع؛ كي يكون هذا الفضل مكافأة لحسنات الشفيع لا لحسنات المشفوع له، وهذا معنى قوله (صلى الله عليه وآله): « ... إنَّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمَّتي، فأمَّا المحسنون فما عليهم من سبيل ... » (1). وثالثة لا توجد فيه حتّى أرضيَّة الشفاعة، ويكون هذا محروماً من الشفاعة.

والسادس: (وقد يكون تعميقاً للخامس ): أنَّ العفو ما لم يصل إلى مستوى القبح فهو حسن ذاتاً، وإن كان حسناً صدر عن الله تعالى سواءٌ شفع الشفيع أو لا، وإن وصل العفو إلى مستوى القبح لم يبق مجال للشفاعة؛ لأنَّها ـ عندئذ ـ طلبٌ للقبيح.

والجواب: أنَّ هناك حالةً وسطاً بشأن العاصي، وهي: أن يخرج العفو عنه عن القبح أو عن عدم الحسن في خصوص ما إذا أصبح هذا العفو مكافأة لحسنات الشفيع، فبما أنَّ العفو أصبح جزاءً للحسنات خرج عن القبح أو عن عدم الحسن، وتبدَّل الموضوع.

أمَّا إذا تجاوز حال العاصي عن هذا الشأن، وأصبح العفو عنه قبيحاً على الإطلاق أو قل ( بلُغة جوابنا عن الإشكال الخامس ): أصبحت أرضيّة الشفاعة وأهليّتها مفقودة بشأن العاصي، فعندئذ لا يأذن الله للشفاعة، ولا تقبل الشفاعة.

وإلى هنا تمَّ حديثنا عن الإشكالات الثبوتيَّة للشفاعة.

وقد تحصَّل: أنَّ الشفاعة بمعناها المفهوم لدى عامَّة الناس لا يرد عليها إشكال ثبوتي، اللَّهم إلاَّ إذا فُرِض ضمُّ ظلم إليها كما هو متعارف لدى الشفاعة عند الظالمين من عون أحد ـ بالرشا مثلاً ـ بهضم حقِّ شخص آخر، وهذا ـ طبعاً ـ غير موجود لدى الله الملك العدل المبين.


(1) البحار 8 / 34.