المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

65

دنيويَّة ضيّقة يقع التكالب عليها بين الناس والتزاحم والمنافسات، فتحصل ما تحصل من المصائب والمحن والظلم والرزايا التي يضجُّ بها العالم اليوم.

وتدَّعي الشيوعيّة أنَّها ستعالج ذلك عن طريق القضاء على الأمر الأوّل وهو حبَّ الذات، فيصبح الفرد ـ عندئذ ـ متعشِّقاً للمجتمع لا لنفسه.

إلاَّ أنَّ هذا الحلَّ حلٌّ طوبائيٌّ بحت؛ لأنَّ حبُّ الذات ذاتيٌّ للإنسان، ولا معنى لا نتزاعه عنه، إلاَّ بانتزاع ذاتيَّته وتبديلها إلى شيء آخر غير الإنسان.

ويقول الإسلام: إنَّ علاج المشكل يجب أن يكون بمعالجة الأمر الثاني، وذلك بتوسيع نطاق المصالح في دائرة عريضة لا يؤدِّي التسابق فيها إلى التزاحم والتعارض والتكالب، فيحصل كلُّ فرد على مصالحه وملاذّه بقدر ما أُوتيَ له من قوَّة، من دون أن ينقص من الآخر شيء. وبالفعل هذا هو الذي فعله الإسلام بتوسيعه لدائرة المصالح من بُعدين:

أحدهما: بيان أنَّ مصالح الفرد ليست محصورة في دائرة المصالح المادِّيّة الدنيويّة الضيِّقة؛ بل له جَنَّة عرضها السماوات والأرض أُعدَّت للمتقين.

والثاني: تربية الجانب الخُلُقي النبيل في الإنسان، وتنمية قابلياته الأخلاقيّة الكامنة في نفسه: من صفات الإيثار، والعطف، والرحمة، والوفاء، والصدق، وما إلى ذلك. وتتصادق كلتا المصلحتين الأُخرويّة والخُلُقيّة في تحصيل رضا الله سبحانه وتعالى.

وهذا هو الاُسلوب المعقول القابل للتطبيق، فإذ أصبح المجتمع لا يهدِف إلاَّ رضا الله سبحانه وتعالى ـ والذي يكون كفيلاً له بكلتا اللذَّتين وجامعاً له المصلحتين ـ تنتهي كلُّ ألوان الظلم والتعسف والويلات والدركات، ويسود العالَم العدل والرفاه والخيرات والبركات.

أقول: قد يورد على ذلك: بأنَّه لم يبقَ إذن فرق في القيمة المعنويّة والخُلُقيّة، بين