المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

66

عمل الظالم الجائر الخسيس اللئيم وعمل الإنسان الشهم النبيل الشريف ما داما جميعاً يتحركان من وراء اللذّة وحبِّ الذات.

ولكنَّ الجواب إلى هذا الحدِّ واضح، فإنَّ الفرق في القيمة بينهما يبقى في أنَّ الرذل والخسيس هو الذي يلتذُّ بالرذائل والخسائس والسفاسف، والشريف وطيِّب النفس هو الذي يلتذُّ بالفضائل والحسنات وصفات الإيثار والنُبل. والفرق بين العملين أو الوصفين أو الشخصين يبقى كالفرق بين الأرض والسماء، فهما شريكان في أصل الالتذاذ، واندفاع كلِّ منهما وراء ما يلتذُّ به، ولكنَّهما يختلفان اختلافاً عظيماً يصعب تصوّر مداه فيما يلتذَّان به ويقصدانه.

وأقصى ما يمكن أن يُتوقَّع من المجتمع العام في الاهتمام بتحصيل رضا الله هو: الوصول إلى هذا المستوى الذي لو كان هناك أمل في وصول الجميع أو الأكثريّة القاطعة إليه، فإنّما هو بلحاظ زمان حضور المعصوم وعمله المباشر في تربية البشريّة.

ولكن هذا كلّه لا يمنع عن بيان أنَّ الخاصّة من العارفين بالله يكون طريق التعالي لهم مفتوحاً بما هو أكثر من ذلك.

ولتوضيح ذلك نبدأ بالحوار الذي جرى بيني وبين أُستاذي الشهيد (رضوان الله عليه) حول ما مضى نقله عن مقدّمة فلسفتنا حيث قلت له(رحمه الله): إنَّ هذا البيان يقلِّل من قيمة البطولات الإسلاميّة والتضحيات والالتزام بالمُثُل وبالفضائل؛ وذلك لأنّها ـ حسب الفرض ـ تنشأ من نفس المنشأ الذي تنشأ منه الرذائل وشتَّى ألوان الظلم والخيانة والإجرام، وهو: حبُّ الذات واللذّة وكُره الألم (صحيح: أنّه لا يقاس بين من يلتذُّ بالفضائل ومن يلتذّ بالرذائل، ولا بين اتِّصاف الشخص بهذه أو بتلك، أو بين إتيانه بهذه لداعي الالتذاذ بها أو بتلك لداعي الالتذاذ بها) ولكن مع ذلك نرى ـ على أيِّ حال ـ أنَّ هذا إسقاط للقيم العالية والمُثُل العُليا التي تصدر