المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

68

نفس الحبِّ والبغض؛ ولذا قد ترى ـ نادراً ـ التفكيك بينهما، كمن ينتزع قُرطيْ بنت الحسين(عليه السلام) ويبكي، فهناك لديه عاطفة أَوْجَبَتْ ألمه وبكاءه، لكنَّه كان انتزاع القُرط لديه ـ بعد التكاسر بين مجموع المصالح والمفاسد في نظره ـ محبوباً، فالعاطفةُ التي أَوْجَبَتْ بكاءه انفصل مسيرها صدفة عن مسير الحبِّ الذي تعلَّق بعد تكاسر المصالح والمفاسد بالفعل.

والثانية: أنَّ كون الشيء غاية للإنسان عبارة أُخرى عن مطلوبيّته له ومحبوبيَّته وتعلّق شوقه المؤكَّد به. إذن، فالعلَّةُ الغائيّة ليست هي تحقُّق اللذّة واندفاع الألم، بل هي مُتعلَّق الحبِّ الذي هو أقدم من اللذّة أو نقيض متعلَّق البغض الذي هو أقدم من الألم.

ويشهد لما قلناه: انَّنا نحسُّ في وجداننا وضميرنا: بأنَّ مَنْ أحسن إلى شخص استحقَّ شكراً من قبل ذاك الشخص أكثر ممّا قد يشكر الإنسان شخصاً أحبَّ أن يُحسن إليه فعجز عن ذلك، فهذا الشكر إن كان في مقابل اتِّصاف هذا الشخص بصفة الفضيلة وهي حبُّه للإحسان إلى الضعيف مثلاً فهما سيّان في هذا الاتِّصاف، وإنّما ترك من ترك منهما الإحسان إلى هذا الشخص بسبب العجز، فيبقى الفارق بين الشكرين بلا مقابل. إذن، فهذه الزيادة تكون في مقابل فعل الإنسان، ولو كانت الغاية له من هذا الفعل التذاذ نفسه دون ارتياح الشخص الضعيف لما استحقَّ هذه الزيادة من الشكر.

نعم، لا ننكر أنَّ نفس اللذّة والألم ـ أيضاً ـ قد يكون محبوباً أو مبغوضاً فيريد الشخص الاُولى ويهرب من الثانية، أيْ: أنَّ اللذّة والهرب من الألم ـ أيضاً ـ يدخلان في غايته من دون أن يولِّد ذلك لذَّة غير تلك اللذّة أو ألماً غير ذاك الألم، وإلاَّ لتسلسل.

وقد تلخَّص: أنّ الغاية ـ دائماً ـ هي المحبوب أو نفي المبغوض، لا اللذّة ونفي