المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

71

وقد يقول قائل: إنَّ حبُّ الدَّعة والراحة الموجود في الإنسان لابدَّ أن يتكاسر مع حبٍّ آخر، ويقع مقهوراً تحت شعاعه؛ كي يتحرّك الإنسان نحو ما يكون في وضعه الأوّلي موجباً لسلب الدّعة والراحة. والمقصودُ بعلِّيّة اللذّة والألم هو: أنّه لولاهما لما كان المحبوب الأصلي من المُثُل والقيم والمبادِئ ورضا الله وما إلى ذلك قادراً على الغلبة على حبِّ الراحة، فلكي يغلب حبَّ الراحة أو قُلْ: (لكي تصبح راحة الشخص في خلاف راحته الظاهريّة) لابدَّ أن ينضمَّ إلى تلك الغاية الشريفة غاية اللذّة أو الفرار من الألم، وعند ذلك تكون الغلبة لمجموع الغاية الشريفة النبيلة مع اللذّة ودفع الألم على حبِّ الراحة، فيقوم الإنسان بالعمل النبيل، ويكون الشخص بقدر ما كان من حصَّة الدخل في الغاية لذاك المبدأ النبيل والشريف مستحقاً للمدح والثواب، وبهذا قد جمعنا بين القول بأنّه لابدَّ لتحريك الإنسان من وجود اللذّة والألم في المتعلَّق من ناحية، وبين نُبل التضحيات في سبيل المبادِئ والعقائد الحقَّة والمُثُل والقيم العُليا ورضا الله سبحانه وتعالى من ناحية أُخرى. فليكن هذا نوع توجيه لكلام أُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

إلاَّ إنَّ هذا التوجيه ليس شاملاً لمورد ما قد يتَّفق من عدم وجود زحمة وأقل صعوبة في التحرك، أو كان المطلوب هو الترك ولم يكن في الترك أيّ زحمة ومشقَّة، وإنّما يمكن تطبيق هذا التوجيه في موارد صعوبة العمل وفق ماهو مطلوب أخلاقيّاً.

والظاهر: أنَّ هذا التوجيه ـ أيضاً ـ غير صحيح.

وتوضيح ذلك: أنَّ عدم تحرّك الشخص من دون لذَّة أو ألم لكون حبِّه للمحبوب غير كاف لتحريكه، ولكن مع دخول الحبِّ كجزء للعلَّة في الحساب يصبح كافياً له، قد يكون صحيحاً بشأن بعض السالكين، ويكون هذا الشخص أعلى درجة ممَّن لا يتحرّك إلاَّ من وراء اللذّة والألم، ولكن ليس هذا هو آخر الدرجة الممكنة من