المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

73

الفضيلة ـ على لذَّة فائقة أيضاً، ولكنَّها واقعة تحت الشُعاع لما يطلبه من مبداً أو فضيلة أو رضا الله سبحانه وتعالى، فذاك المبدأ أو حبُّ الله هو محركه الحقيقيُّ، وتترتَّب على ذلك اللذّة والانبساط كزيادة خير.

وقد اتَّضح بكلِّ ما شرحناه: أنَّ المطيع تنقسم إطاعته بحسب الدوافع النفسيّة إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: دافع اللذّة أو الألم الثابتين بالثواب والعقاب، وتلك طاعة التجار أو العبيد.

والثاني: المزدوج من دافع حبِّ الطاعة ورضوان الله ودافع اللذّة والألم، وتلك طاعة الخواص.

والثالث: دافع حبِّ الله سبحانه وتعالى وتحصيل رضاه، وتلك طاعة خاصّة الخواصِ حيث يكون التذاذه بالطاعة ـ أيضاً ـ مندكاً تحت داعويّة أصل الطاعة.

والالتفات إلى ما قلناه لو لم ينفعنا في ارتقائنا السلوكي إلى الله سبحانه وتعالى في مرقاة هذه الكمالات، فلا أقلَّ من أن يكون نفعه لنا عبارة عن الاعتصام في مقابل صفة العُجب؛ لأنّنا ما لم نصل إلى المرحلة الثالثة، وهي: داعويّة نفس الطاعة ورضوان الله دون الالتذاذ بهما أو في الأقل الثانية، وهي: الدافع المزدوج، فنحن في الحقيقة قد عبدنا لذَّتنا وعشقنا ذاتنا، فأيُّ استحقاق لنا للثواب ؟ ! وأيّة عبوديّة تكون هذه العبوديّة؟ !

وأنا لا أقصد بنفي استحقاق الثواب نفيه من باب أنّنا مملوكون ملكيّة حقيقيّة لله، فلانستحقُّ شيئاً منه تعالى في قبال طاعتنا إيّاه، ولا نفيه من باب أنَّ الاستحقاق إنّما يكون لمن أعطى من نفسه شيئاً لغيره، ونحن كلَّ ما أعطيناه لله سبحانه كان من الله، لا من أنفسنا كي نستحقَّ شيئاً بالمقابل، فإنَّ أمثال هذه الأُمور لا تختص بنا، بل تشتمل حتّى المعصومين(عليهم السلام).