المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

74

بل أقول ـ بغضّ النظر عن هذه النكتة ـ: إنّنا غير مستحقِّين للثواب بعقليّة مكافئة الإحسان؛ لأنّنا في الحقيقة لم نعمل له، بل عملنا لأنفسنا، فلا مكافئة على أعمالنا إلاَّ بفضل الله ورحمته ورأفته.

نعم، تصحُّ في العرف الفقهي عباداتنا؛ لأنَّها تشمُل على القربة بالمعنى المقصود في الفقه حيث قرّروا فيه كفاية الداعي إلى الداعي القربي، وهذا موجود في المقام؛ لأ نَّا نعمل بداعي الامتثال والطاعة وإن كان الداعي لنا إلى هذا الامتثال والطاعة ثوابه، أو الفرار من عقابه، أو الالتذاذ بطاعته، إلاّ أنّ هذا كما ترى حيلة شرعيّة علّمتنا نفس الشريعة إيَّاها، وقبلها الله منَّا بقبول حسن بلطفه وكرمه، وإلاَّ لهلكنا جميعاً، إلاَّ أنَّ هذا لا يعني: أنَّ الاستحقاق ـ إذن ـ أصبح واقعيّاً (بعد غضِّ النظر عن المملوكيّة وعدم الواجديّة الذاتيّة )، فغير الواصل إلى ابتغاء رضا الله ـ لأنّه رضاه لا لنعيم الجنَّة ولا للفرار من الجحيم ـ إن كان مطيعاً فهو في مرحلة العرفان يكون صاعداً من مستوى تحت الصفر إلى مستوى الصفر لا أكثر من ذلك، ومن يلتفت إلى ذلك كيف يبتلي بالعُجْب؟!

أمّا من صعد من هذه المرتبة إلى ابتغاء مرضاة الله تعالى وإرادة ذاته عزَّوجلَّ، فهو ليس بحاجة إلى ما قلناه في الارتداع عن العُجْب، بل الذي يردعه عن العُجْب قول إمامنا زين العابدين(عليه السلام): «وما قدر أعمالنا في جنب نعمك، وكيف نستكثر أعمالاً نقابل بها كرمك»(1).

اللَّهُمَّ ارزقنا توفيق الطاعة، وبُعد المعصية، وعرفان الحرمة، إنَّك أنت السميع المجيب بمحمد وآله الطاهرين.


(1) دعاء أبي حمزة الثمالي.