المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

77

 

 

 

 

المـد خـل

 

إنَّ العمل في سبيل تزكية النفس ضروريٌّ لكلِّ إنسان مؤمن إلى آخر عمره، ولن يصل إلى مستوىً يغنيه عن مجاهدة النفس وطلب التقوى والتزكية؛ وذلك لأمرين:

أوّلاً: إِنَّ الكمال لا يتناهى ـ والكمال المطلق هو الله سبحانه وتعالى ـ فلن يصلَ العبد يوماً ما إلى نهاية طريق غير متناه فلا يحقُّ له أن يقول يوماً: إِنَّني اكتفيت.

وثانياً: إِنَّه لو فُرِضَ لأَحد من السالكين أن أراد ـ لا سمح الله ـ الوقوف على حدٍّ معين من التزكية، فليس تركه لعمليّة المجاهدة والتزكية سبباً لوقوفه في حدِّه، بل يكون سبباً لتراجعه القهقرى، تماماً كالجسد الذي لو لم يصله طعامه لتحلَّلت قواه، ولانهدَّت أركانُه.

وقلَّ ما يصل أحدٌ إلى مستوى من قال الله تعالى بشأنه: ﴿ واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنا ... ﴾(1) فسواءٌ فُسِّرت الآيات التي آتاها الله تعالى إِيِّاه بمعنى أسماء الله العظمى، أو بأَيِّ تفسير آخر، لا إشكال في أَنَّ هذا التعبير يدلُّ على وصول هذا الشخص إلى مقامات سامية يندر أن يصلَ إليها أحد، ولكنّه مع ذلك لم يسلم من


(1) السورة 7، الأعراف، الآية: 175.