فأجاب الخطيب بالبداهة بقراءة هذين البيتين:
وكأنّ المقصود: أنّ عمل الالتفات إلى السائل والتصدِّق عليه كان عبادة. فالالتفات إلى ذلك في أثناء الصلاة كان ـ أيضاً ـ التفاتاً إلى الله؛ ولهذا لم يصبح استغراقه في ذات الله مانعاً عن ذلك، ولم يكن هذا الالتفات التفاتاً إلى النفس كما في فرض الالتفات إلى إخراج السهم ـ مثلاً ـ حتّى يكون نسيانه لذاته في الصلاة مانعاً عن ذلك.
وقد ورد في وصايا رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ: «يا أبا ذرّ رَكْعتان مقتصدتان في تفكّر خيرٌ من قيام ليلة والقلبُ ساه»(2).
وروي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): أنّه رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته فقال: «أما انّه لو خشع قلبهُ لخشعت جوارحُه»(3).
وعن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «إذا قام العبد إلى صلاته وكان هواه وقلبه إلى الله انصرف كيوم ولدته أُمّه»(4).
وأيضاً روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «مَنْ صلّى رَكْعتين لم يُحدّث فيهما نفسه بشيء من الدنيا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه»(5).
وأيضاً روي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «أنّ العبد ليصلّي الصلاة لا يُكتب له سدسُها ولا
(1) أنوار المواهب: 160 ـ 161.
(2) البحار 77 / 82 .
(3) مجمع البيان مج 4 / 7 / 176، في ذيل تفسير قوله تعالى: ﴿الذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ السورة 23، المؤمنون، الآية: 2.
(4) كتاب أسرار الصلاة للحاج ميرزا جواد الملكي: 127، ط الناشر مكتبة فرهومند.
(5) المحجة البيضاء 1/349.