وقول الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): "ان المؤمنين الفقهاء حصون السلام كحصن سور المدينة لها"(1). ونحو ذلك.
الثانية: رواية كتاب "تحف العقول" عن سيد الشهداء الحسين بن علي عن أمير المؤمنين علي (عليهما السلام) وقد جاء فيها "مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه"(2).
وهي أقوى دلالة من رواية عبد الواحد الأمدي في كتاب "الغرر" عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: "العلماء حكام على الناس"(3).
وهما ساقطان سنداً.
الثالثة: ما رواه الكليني "ره" عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن دواد بن الحصين عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين
(2) و (3) مستدرك الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي.
وقد يناقش في دلالة الرواية الأخيرة بأن لفظ الحكام وقع محمولاً لا موضوعاً، ولا يجري الاطلاق الموجب للسريان في المحمول.
وقد يجاب عنه بأنه حينما لا يوجد قدر متيقن عند التخاطب، ولا يعقل الاطلاق البدلي ويدور الأمر بين الاطلاق الشمولي والاهمال، وتكون القضية قضية مبيّنة للحكم دون مجرد الأخبار، يفهم العرف من ذلك الاطلاق.
وقد يرد ذلك بأن القدر المتيقن هو الولاية في التطبيق، كاجراء الحدود والحكم لصالح من يكون ذا حق في المرافعة، دون الولاية في دائرة أوسع تشمل الالزام بما ليس ملزماً به بالعنوان الأولى.
وقد يناقش في كون هذا قدراً متيقناً في مقام التخاطب.
من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتاً وإن كان حقاً ثابتاً له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت وما أمر الله أن يكفر به.
قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً، فإني قد جعلته عليكم حاكماً؛ فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما استخف بحكم الله وعلينا رُدّ، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله.
ورواه الشيخ (ره) بإسناده عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسن بن شمون عن محمد بن عيسى…(1)
وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى نحوه(2).
والسند الأول تام، وكذا الثالث(3).
(2) الوسائل ج18 الباب1 من أبواب صفات القاضي ح4 ص4 وب11 من تلك الأبواب ح1 ص99.
(3) وعمر بن حنظلة لم يرد في كلمات علماء الرجال توثيقه، ولكن وردت في بعض الأحاديث التامة سنداً رواية صفوان عنه، وصفوان أحد الثلاثة الذين شهد الشيخ الطوسي (ره) بأنهم لا يروون الا عن ثقة. وهم: صفوان بن يحيى البجلي، ومحمد بن أبي عمير الأزدي، وأحمد بن محمد بن أبي بصير البزنطي.
وأما الدلالة فتارة يتمسك باطلاق قوله: "فاني جعلته حاكماً".
ولكن يشكل على هذا الاستدلال بما مضى من عدم جريان الاطلاق ـ بمعنى الشمول ـ في المحمول، والقدر المتيقن بلحاظ مورد الحديث هو موارد فصل الخصومة والقضاء(1).
وأخرى يتمسك باطلاق قوله: "فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله". ولكن يشكل عليه بأن من المحتمل عرفاً رجوع
والتحقيق بشكل أوسع في المقام هو: أن التمسك باطلاق جملة "جعلته حاكماً" إن كان بمعنى التمسك باطلاق كلمة "حاكماً" ورد عليه ما مضى من عدم جريان الاطلاق بالمعنى المفيد للشمول في المحمول، وإن كان بمعنى التمسك باطلاق المتعلق المحذوف لكلمة "حاكماً" أي "جعلته حاكماً في كل شيء" ورد عليه أن اطلاق الكلمة إنما يستطيع أن يمنح للكلمة شمولها بعد تعينها لا أن يعين هو الكلمة المحذوفة. وان كان بمعنى استفادة الاطلاق من نفس حذف المتعلق، ورد عليه ما حققناه في علم الأصول من أن حذف المتعلق عندنا إنما يكون قرينة على الاطلاق عند عدم وجود القدر المتيقن عند الخطاب، والقدر المتيقن هنا موجود بلحاظ مورد الحديث، وهو موارد فصل الخصومة والقضاء.
الضمير في قوله "إذا حكم" إلى الحاكم الذي راجعه المترافعان(1)، وعلى هذا الاحتمال يكون المفهوم منه عرفاً أنه "إذا حكم بفصل الخصومة بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله" فلا تثبت الولاية المطلقة(2).
الرابعة: ما جاء في كتاب "اكمال الدين واتمام النعمة" عن محمد بن محمد بن عصام، عن محمد بن يعقوب عن اسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): أما ما سألت عنه ـ أرشدك الله وثبتك ـ … إلى أن قال: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله.
ورواه الشيخ (رحمه الله) في كتاب "الغيبة" عن جماعة عن جعفر بن محمد بن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما كلهم عن محمد بن يعقوب.
ورواه الطبرسي في كتاب "الاحتجاج" مثله(3).
(2) راجع الملحق رقم (3).
(3) الوسائل ج18 الباب11 من أبواب صفات القاضي ح9 ص101. وكتاب اكمال الدين واتمام النعمة الباب45 التوقيعات، التوقيع الرابع ص484 ط دار الكتب الاسلامية بطهران. وكتاب "الغيبة" للطوسي (ره) ص177 ط. مطبعة النعمان في النجف الأشرف.
والسند الثاني للرواية إلى اسحاق بن يعقوب يكاد يكون قطعياً، حيث يرويها جماعة(1) عن جماعة(2) عن الكليني، والطريق الأول يدعم ذلك. فيكون صدور هذه الرواية عن الكليني مورداً للاطمئنان الشخصي. والكليني (رحمه الله) يروي هذه الرواية عن الإمام (عليه السلام) بواسطة شخص واحد وهو اسحاق بن يعقوب. وعيب السند هو أن هذا الشخص لا اسم له في الرجال فيكون مجهولاً. الا أنه شخص حدث الكليني بورود توقيع إليه من صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فاحتمال الكذب أو التساهل: تارة يفرض في أصل دعوى صدور التوقيع إليه، وأخرى يفرض في بعض جمل التوقيع او خصوصياتها:
أما الفرض الأول فيبعده بعد احتمال أن يخفى على الكليني افتراء توقيع في زمانه، بدرجة لا يحتمل ذلك احتمالاً معتداً به بحيث
(2) عرفت أنهم جعفر بن محمد بن قولويه وأبو غالب الزراري وغيرهما.
وجاء في موضع آخر من كتاب "الغيبة" ص220 ذكرسند الحديث من دون ذكر متنه وفيه، بدلاً عن كلمة:"وغيرهما" كلمة: "وأبي محمد التلعكبري". هذا وكل هؤلاء الثلاثة ثقات اجلاء.
يردعه عن نقله. على الخصوص إذا لا حطنا أن التوقيع من الإمام صاحب الزمان (عليه السلام) لم يكن يخرج عادة إلا إلى الخواص، إذ المفروض أنه (عليه السلام) كان غائباً يتستر عن المجتمع وعن الخليفة، وكانت درجة التقية قد بلغت إلى حد بحيث حرم الإمام (عليه السلام) ذكر اسمه ولو حفاظاً على العائلة، لأنه إذا ذكر الاسم وقع الطلب. فكيف يتصور عادة خروج التوقيع إلى غير الخواص؟ أو كيف يفترض أن الكليني (رحمه الله) في زمانه لم يكن قادراً على تشخيص الخواص من غيرهم؟ أو كيف يتصور افتراء توقيع بكامله من قبل بعض الخواص؟
وأما الفرض الثاني فالتساهل في كيفية النقل ـ بعد فرض عدم البناء على الكذب والافتراء أساساً في فصل النص وفرض كونه من الخواص ـ يكون عادة لأحد فرضين:
فهو أما لمصلحة شخصية مهمة في تغيير ما، وهذه لا نتصورها في المقام.
وأما لعدم الضبط في النقل والتساهل فيه بعد فرض نسيان أو تردد وشك ونحو ذلك، وهذا عادة يكون في النقل الشفهي لافي الكتاب.
فبالإمكان دعوى الاطمئنان الشخصي بعدم الكذب في هذه الرواية من قبل اسحاق بن يعقوب، لا الكذب في أصل التوقيع، ولا الكذب
في بعض خصوصياته(1). هذا حال سند الحديث.
وأما دلالته فهي تامة على أساس ما يفهمه العرف بمناسبات المقام من اطلاق لقوله (عليه السلام): "فإنهم حجتي عليكم".
وهذا يعني الارجاع لرواة حديث أهل البيت (عليهم السلام) في كل مجال يحتاج فيه لمراجعة الإمام للاسترشاد أو تحديد الموقف العملي، لأنهم حجة الإمام على الناس، وهل هذا إلا الولاية العامة؟(2).
الخامسة: ما رواه في الكافي عن محمد بن عبد الله (يعني الحميري) ومحمد بن يحيى (يعني العطار) جميعاً عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (يعني عثمان ابن سعيد العمري) (رحمه الله) عند أحمد بن اسحاق، فغمزني أحمد ابن اسحاق أن أسأله عن الخلف، فقلت له: يا أبا عمرو، إني أريد أن أسألك عن شيء، وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً، فإذا كان ذلك رفعت [وقعت خ ل] الحجة وأغلق باب التوبة، فلم يكُ ينفع نفساً أيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، فأولئك أشرار من خلق الله عز وجل، وهم الذين تقوم عليهم القيامة، ولكن أحببت أن ازداد يقيناً، وأن ابراهيم (عليه السلام)
(2) راجع الملحق رقم (5).
سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أو لم تؤمن؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن اسحاق عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته وقلت: مَنْ أعامل؟ أو عمّن آخذ؟ وقول مَنْ أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي؛ فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون.
وأخبرني أبو علي: أنه سأل أبا محمد (عليه السلام) عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك عني فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فانهما الثقتان المأمونان، فهذا قول امامين قد مَضَيا فيك. قال: فخَر أبو عمرو ساجداً وبكى، ثم قال: سل حاجتك. فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد (عليه السلام)؟ فقال: أي والله، ورقبته مثل ذا ـ. وأومأ بيده ـ. فقلت له: فبقيت واحدة. فقال لي: هات. قلت: فالاسم. قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أحلل ولا أحرم، ولكن عنه (عليه السلام)، فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً، وقسم ميراثه، وأخذه من لا حق له فيه، وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئاً، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك.
قال الكليني (رحمه الله): وحدثني شيخ من أصحابنا ـ ذهب
عني اسمه ـ أن أبا عمرو سأل أحمد بن اسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا(1).
وسند الحديث في منتهى درجة الاعتبار.
وأما دلالته فمبنية على أن نستفيد من كلمة "أطعه" "وأطعمهما" وجوب الاطاعة عندما يحكم العمري أو ابنه بحكم، وذلك بملاحظة أن أمر الإمام (عليه السلام) باطاعة العمري وابنه لا يختص بفرض روايتهما عن الإمام شيئاً أو افتائهما ـ على أساس كونهما فقيهين ـ بشيء، بل يشمل فرض ما إذا حكما ـ كولين للأمر، أو قل كممثلين للإمام (عليه السلام) ـ بشيء، ذلك لأن المصداق الحقيقي للإطاعة إنما يتجلى في الحكم دون الرواية والفتوى، إذ لا يعتبر الراوي أو المفتي ـ بما هو راوٍ أو مفتٍ ـ آمراً كي يطاع، بينما الحاكم يكون ـ بما هو حاكم ـ آمراً بما يحكم به. فتخصيص قوله (عليه السلام) "أطعه" أو "أطعهما" باطاعة الرواية أو الفتوى تخصيص بالفرد المتسامح فيه والمجازي للاطاعة، وهو أمر غير عرفي(2).
وطبعاً مورد الحديث وإن كان هو (العمري) و (ابنه)، ولكن
(2) راجع الملحق رقم (6).
يتعدى ـ بقرينة ما جاء فيه من تعليل الحكم بوثاقة العمري وابنه ـ إلى كل فقيه ثقة في نقل الأحكام وفهمها.
وبعد هذا كله، لنفترض عدم تمامية الروايات بهذا الصدد، اما من ناحية ضعف السند أو من جهة ضعف الدلالة، ومع هذا نقول ان من الممكن اثبات ولاية الفقيه بأحد تقريبين:
التقريب الأول:
ان من الواضح أن الشيعة كانوا ولايزالون بأمسّ الحاجة إلى ولي يدير شؤونهم حتى في حالة عدم قيام دولة اسلامية؛ فهناك مجالات كثيرة يُحتاج فيه لحكم الحاكم الشرعي ـ كما هو واضح ـ ولا يكفي في اشباعها أن يكون حكم الفقيه نافذاً في مجال القضاء والمرافعات أو تكون هناك ولاية شرعية للرجل العدل من المؤمنين في بعض الأمور ـ لو آمنا بذلك ـ.
والأطروحة الوحيدة التي يمكن استفادتها من الروايات لعلاج هذا الجانب ـ ولو بشيء من الريب في الدلالة أو السند ـ هي أطروحة ولاية الفقيه أو ولاية رواة الأحاديث.
ولعل هذا الريب في السند لم يكن موجوداً في عصر صدور النص وكذلك في الدلالة، بملاحظة الجو والأفكار التي كانوا يعيشونها ومدى الوضوح في الرؤية والقناعات المتوفرة لديهم والقرائن المساعدة لفهم المقصود.
وأزاء هذه الحقيقة نجد أنفسنا بين أحد فرضين:
الفرض الأول: أنه كان من الواضح لدى الشيعة في أيام الغيبة أو قبيلها ـ على أساس من تعليمات الأئمة ـ أن الاطروحة المختارة لهم (عليه السلام) في هذا الصدد هي ولاية الفقيه أو راوي الحديث، وإن كنا ـ صدفة ـ قد شككنا في السند ولم نستطع القبول به طبقاً للقواعد، مع احتمال أن يكون (اسحق بن يعقوب) مثلاً هو من خيرة المؤمنين في علم الله تعالى، أو لم تتم دلالة الحديث لدينا بحصول ريب فيه نتيجة نوع من الغفلة التي تحصل للراوي عند نقله الحديث بالمعنى مثلاً، أو لعدم احساسنا بجو النص وقرائنه وأمثال ذلك.
الفرض الثاني: وهو عدم كون هذه الاطروحة مفهومة لدى الشيعة عن أئمتهم (عليهم السلام).
ومما لا نشك فيه أن الفرض الثاني باطل، إذ لو كان هو الواقع لتوقعنا أن تنهال التساؤلات من قبل الشيعة قبيل الغيبة أو في أيام الغيبة الصغرى، حول المرجع في القضايا الحسبية والأحكام التي يحتاج فيها إلى ولي الأمر. وهذا يعني وجود أجوبة كثيرة من قبلهم (عليهم السلام) توضح أطروحة اخرى غير أطروحة ولاية الفقيه (ولو لم تكن هي الاطروحة الصحيحة) ولكان من الطبيعي وصول بعض هذه الأجوبة والروايات حول الاطروحة الأخرى الينا حتى ولو بأسانيد
ضعيفة مثلاً، أو مع وجود ريب في الدلالة، أو على الأقل كانت تنعكس علينا تلك الاطروحة الأخرى في فتاوى بعض الفقهاء القدامى، بينما لم تنعكس فيها أي أطروحة غير ولاية الفقيه، مما يوضح بطلان الفرض الثاني ويثبت الأول وهو المطلوب.
التقريب الثاني:
أنه ثبت أن الفقيه ولي اجمالاً، وذلك كما في باب القضاء، وهو ما دلت عليه مقبولة عمر بن حنظلة، وكذلك في باب الافتاء وتقليد الناس كما دلت عليه ادلة التقليد. وهذا المقدار من الولاية يكفي لأن يسمى عرفاً ولياً للأمر، وذلك في ظرف غيبة الإمام (عليه السلام) وعدم وجود وكيل منصوص عليه بالخصوص، وعدم وجود أطروحة أخرى للولاية.
وإذا صدق على الفقيه عنوان ولي الأمر كان مشمولاً لاطلاق قوله تعالى: ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾(1) فتتبت له الولاية العامة(2).
الجمع بين التقريبين
ويمكننا أن نجمع بين التقريبين ونجعلهما تقريباً واحداً بحيث يسد كل منهما ما يتصور من نقص في الآخر.
(2) راجع الملحق رقم (7).
ذلك أن النقص الذي قد يمكن ادعاؤه في التقريب الثاني هو أن يشكك في صدق ولي الأمر على الفقيه بمجرد ثبوت منصب الفتوى ومنصب الحكم في باب القضاء له، ولكن التقريب الأول ـ رغم نقصه الذي سنشير إليه من عدم تمامية الاطلاق فيه ـ يوسع من دائرة حاكميته. فإذا ضممنا دائرة حاكمية واسعة إلى دائرة منصب الفتوى فلا إشكال في كفاية المجموع ـ على الأقل ـ في صدق عنوان ولي الأمر عليه بملاحظة غيبة الإمام وعدم وجود وكيل خاص عنه، وبهذا يدخل في اطلاق الآية الشريفة.
أما النقص الموجود في التقريب الأول فهو أنه حيث لم يتمسك فيه باطلاق دليل لفظي معين تبقى أحياناً موارد للشك والترديد الذي لا يمكن رفعه بالاطلاق، ولكن بضم ذلك إلى الآية الشريفة ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ يتم لنا اطلاق لفظي.
تبين لنا مما مضى أن عمدة أدلة ولاية الفقيه ثلاثة:
1 ـ توقيع اسحاق بن يعقوب "أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة احاديثنا".
2 ـ رواية أحمد بن اسحاق بشأن العمري وابنه الآمرة بإطاعة العمري أو اطاعتهما، معللة ذلك بالوثاقة والأمانة.
3 ـ الآية الكريمة ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾، بعد افتراض صدق عنوان ولي الأمر (عند عدم وجود ولي آخر مطلق الولاية كالإمام) على الفقيه بسبب ثبوت منصب الفتوى والقضاء والولاية في دائرة واسعة.
إذن فلنبحث عن شروط الولاية على ضوء هذه الأدلة الثلاثة.
وعمدة الشروط أربعة:
ولم يرد عنوان الفقيه في هذه الأدلة، الا أنه لا إشكال في ضرورة اشتراطها:
أما باعتبار الدليل الأول فعلى أساس أن المفهوم عرفاً بالمناسبات من قوله (عليه السلام): "فأرجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا" هو النظر إلى جانب فهم الروايات والأحكام لا مجرد حفظ الرواية ونقل ألفاظها، وكونه ممن يحمل أسفاراً.
وأما باعتبار الدليل الثاني ـ وهو رواية أحمد بن اسحاق ـ فلأن المستفاد في الحقيقة من هذه الرواية (كما هو الحال في التوقيع أيضاً) هي أمور ثلاثة:
1 ـ حجية النقل والرواية.
2 ـ حجية الفتوى.
3 ـ منصب الولاية والحكم.
وقد علل الإمام (عليه السلام) ذلك بالوثاقة والامانة، ونحن نعرف أن الوثاقة في كل شيء بحسبه؛ ففي حجية الرواية تكفي الوثاقة في النقل ولو لم يكن فقيهاً وفاهماً للحكم من الروايات، لكن الوثاقة في الفتوى لا تكون إلا بالفقاهة والقدرة على استنباط الحكم الشرعي من الأدلة، وكذلك الوثاقة في الحكم وإعمال الولاية تتطلب البصيرة في الموضوعات والمصالح من ناحية وفي الحكم الشرعي من ناحية أخرى كي يصبح ثقة في حكمه؛ إذ لو فقد أي واحد من الأمرين لما عرف انه بماذا ينبغي أن يحكم، والبصيرة في الحكم الشرعي هي التي نقصدها بكلمة الفقاهة.
وأما آية ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر﴾ فلا يمكن أن يكون لها اطلاق ينفي شرط الفقاهة عن ولي الأمر، لأن ولي الأمر جعل موضوعاً في الآية الكريمة. أما من هو ولي الأمر؟ فلم تتحدث عنه الآية(1). وقد افترضنا أن ثبوت منصب القضاء والافتاء والولاية في دائرة واسعة ـ ثابتة عن غير طريق الآية ـ يكفي في صدق ولي الأمر على الفقيه في زمان غيبة الإمام كي يدخل في موضوع الآية الكريمة، أما غير الفقيه فلم تثبت له تلك الأمور(2).
(2) أما لو كان مدركنا للولاية العامة هو مقبولة عمر بن حنظلة فاشتراط الفقاهة أيضاً واضح؛ إذ قد جاء في نص الحديث: "ينظران من كان منكم قد روى
لا إشكال في أن المفهوم عرفاً بالمناسبات من اطلاقات أدلة الولاية ـ سواء كانت ولاية الفقيه أو ولاية الأب على أولاده الصغار أو غير ذلك ـ هو كونها لأجل تدارك نقائص المولّى عليه وفي الدائرة التي تحفظ فيها مصالحه، وهذا لا يكون إلا بكفاءة الولي في الدائرة التي يُعمل فيها الولاية؛ فالأب لو لم يكن كفوءاً بالنسبة لولده الصغير بشأن موضوع من المواضيع كانت ولايته غير فعلية في ذلك الموضوع، وليس فرض فعلية ولايته في ذلك الموضوع الا كفرض شمول ولايته لتصرفات ضررية في شؤون الطفل ومن دون أخذ مصالحه بعين الاعتبار. وكذلك الأمر تماماً في تولي أمور المسلمين وشؤونهم؛ فمن لا يتمتع بالكفاءة لعمل ضخم من هذا القبيل بأي سبب من الأسباب ليس له اعتناق هذه المسؤولية. إذن فلابد في ولاية من هذا القبيل من ثبوت الكفاءة بكامل العناصر الدخيلة في تحققها من وعي واطلاع والتفات وذكاء وقدرةٍ على اتخاذ التصميم اللازم وغير ذلك.
وهل يكفي لنفوذ الحكم التجزي في الاجتهاد أو لابد من الوصول إلى مرتبة الاجتهاد المطلق: راجع بهذا الصدد الملحق رقم (8).
على أننا عرفنا أن رواية أحمد بن اسحاق قد جاء فيها اشتراط الوثاقة، والوثاقة في الحكم تستدعي طبعاً الخبرة والكفاءة(1).
وتؤيد هذا الشرط رواية سدير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تصلح الامامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم(2).
كما يستفاد من روايات اشتراط العدالة في امامة الجماعة؛ فلئن كانت العدالة شرطاً في الامامة لصلاة الجماعة فما ظنك بإمامة
(2) أصول الكافي ج1، باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام ح8 ص407. وفي سند صالح بن السندي، ولم تثبت وثاقته إلا على مبنى السيد الخوئي حفظه الله، وهو يرى وثاقة كل ما جاء في أسانيد كامل الزيارات، فإن هذا الشخص قد ورد في كامل الزيارات الباب47 فيما يكره اتخاذه لزيارة الحسين بن علي عليهما السلام، الحديث2.
الأمة في حلها وترحالها والتصرف في مقدراتها(1) وتؤيد هذا الشرط رواية سدير الماضية.
قال تعالى: ﴿أو من يُنشَّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين﴾(2)
ولئن كانت نظرة الاسلام إلى المرأة أنها لا تبين الخصام فإنا لا نحتمل أن يسمح الاسلام للمرأة بأن تلي أمور المسلمين.
على أنه بعد أن كان المشهور أو المتسالم عليه في فتاوى الأصحاب اشتراط الذكورة في القضاء وأن الجمعة والجماعة ساقتطان عن المرأة، وكانت هذه المضامين موجودة في رواياتنا أيضاً ـ حتى ولو لم تتم أسانيدها ـ، مضافاً إلى ما في باب الشهادة من عدم مساواة المرأة للرجل، فأحياناً تكون امرأتان في قبال رجل واحد. كل هذا وأشباهه يجعلنا نحتمل ـ على أقل تقدير ـ أن تكون نصوص ولاية الفقيه في عصر صدورها منصرفة عن المرأة في ذهن العرف
(2) سورة الزخرف: الآية18.
المتشرع المتكون وقتئذ، فلا يحصل الجزم بتمامية الاطلاق ويكون المرجع هو اصالة عدم الولاية(1).
هذا، إضافة إلى أن رواية أبي خديجة في القضاء تامة سنداً وفيها: "انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإني قد جعلته قاضياً فتحاكموا إليه(2)". فهي تدل على اشتراط الرجولة في القضاء والحكم بين المترافعين، ويتعدى بالفهم العرفي أو عدم احتمال الفرق إلى كل منصب مستبطن للحكم والقضاء.
وكل هذا لا يعني ـ بالطبع ـ نظر الاسلام إلى المرأة نظرة ازدراء وتحقير أو سحقه لبعض حقوقها، بل هو يصدر عن مبدأ تقسيم العمل وإسناد كل شيء إلى من هو الأنسب بحاله.
الأعلمية في باب الولاية والحكم تختلف عنها في باب الإفتاء والتقليد؛ فالأعلمية في الإفتاء عبارة عن كون الأعلم أجود استنباطاً للحكم الشرعي من الأدلة، بينما الأعلمية في الحكم لا ترتبط بجودة الذهن في استنباط الحكم الشرعي فحسب، بل يؤثر فيها أيضاً مدى جودة الفهم الاجتماعي والسياسي والاطلاع على المواضيع
(2) الوسائل ج18 الباب1 من أبواب صفات القاضي ح5 ص4.
الخارجية.
وإطلاقات أدلة ولاية الفقيه خالية عن قيد الأعلمية، ولكن يظهر أثر الأعلمية في الحكم عند تعارض الحكمين، كما يظهر أثر الأعلمية في الفتوى عند تعارض الفتويين.
ذلك: أن الأصل في تعارض الفتويين أو الحكمين هو التساقط، وعدم الاعتداد بشيء منهما، ولكن إذا كان أحدهما أعلم وأعلى مستوى من الآخر بدرجة كبيرة ـ بحيث لم يوجب هذا التعارض فقدان الوثوق برأي الأعلم ـ بقيت فتوى الأعلم على حجيتها، على ما هو موضح في بحث الاجتهاد والتقليد. هذا في الفتويين المتعارضتين.
أما الحكمان المتعارضان فقد يكون التعارض في الحكم الذي له جهة الكشف عن الحكم الشرعي كالحكم بالهلال، وأخرى يكون التعارض في الحكم الذي لم يكن الا لملء منطقة الفراغ بإعمال الولاية كتحديد الاسعار.
ففي القسم الأول يتقدم رأي الأعلم إذا كان الفارق في المستوى بينهما كبيراً، بحيث لم يكن هذا التعارض موجباً لفقدان رأي الأعلم لكاشفيته عرفاً، بينما أصبح رأي الآخر فاقداً للوثوق المطلوب.
وفي القسم الثاني يكون الحكم غالباً(1) كاشفاً عن ملاك يلحظه
الحاكم فيما حكم به. وهنا أيضاً يتقدم رأي الأعلم عندما تكون درجة الفرق كبيرة، لأن الرأي الآخر يفقد الوثوق المطلوب بخلاف هذا الرأي، وقد عرفنا فيما سبق أن دليل الولاية مقيد بالوثوق(1) بينما رأي الأعلم لم يفقد الوثوق المطلوب، فدليل الحجية شامل لهذا الرأي فحسب ولا يشمل كلاًّ من الرأيين كي يتعارضا ويتساقطا، فلا يعتدّ بأي منهما.
ونشير هنا إلى ما سوف يأتي ان شاء الله تعالى من أنه ليس المفروض عادة في دولة إسلامية تعارض الحكام في حكمهم، بل الفقهاء المتصدون للأمور يجب عليهم في الحالات الاعتيادية ابراز رأي واحد للأمة يتخذونه عن طريق التشاور والوصول إلى الاتفاق أو الترجيح بالأعلمية أو غير ذلك، لأن مصلحة الأمة تكون عادة في توحيد ما يبرز من رأي، وتجب على ولي الأمر ملاحظة مصالح المولّى عليه.
يمكن عرض البيعة للبحث على أحد صعيدين:
الأول: افتراض أن البيعة عقد تحصل به الولاية لمن بويع عليها ممن لا دليل على ولايته لولا البيعة. وقد عرفنا أن الولاية هي أساس الحكومة، إذن فالبيعة تصلح أن تكون أساساً للحكومة وإقامة الدولة.
وخير دليل على نفوذ البيعة بهذا الشكل هو قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود﴾(1). وروايات نفوذ الشرط، من قبيل رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المسلمون عند شروطهم، كل شرط خالف كتاب الله عز وجل فلا يجوز(2).
وهذا في الحقيقة يرجع إلى العقد الاجتماعي الذي بحثناه في القسم الأول من هذا الكتاب، وخلاصة ملاحظاتنا عليه هي:
1 ـ أن العقد أو الشرط لا يحلل الحرام في الإسلام ولا يعطي كثيراً من الاختيارات، من قبيل اختيار اقامة الحدود وغير ذلك لمن لم تكن له، بينما الولاية التي تكفي أساساً لاقامة الدولة هي الولاية
(2) الوسائل ج12 ب6 من أبواب الخيار ح2 ص353.
العامة المشتملة أحياناً على حق تحليل ما كان حراماً بطبعه(1)، وعلى كثير من الاختيارات. فنحن نعلم من فقه الاسلام أن العقد والشرط إنما ينفذان في حدود الأحكام الأولية للاسلام، وهذا غير الولاية.
2 ـ كيف يصح تنفيذ هذا العقد أو الشرط على أقلية لم توافق عليه مثلاً؟!
3 ـ ماذا نصنع بشأن من لم يكن موجوداً حين العقد، كي يتم العقد بشأنه من قبله أو قبل وليه، ثم وجد؟!
4 ـ لم يذكر في الكتاب العزيز أو السنة الجواب على العشرات من الاسئلة التي تطرح لأجل فهم حدود البيعة وشروطها، فما هي الكمية من الناس التي تكفي للبيعة كي تثبت بذلك امارة المسلمين؟ وعند الاختلاف، هل الترجيح بالكم أو الكيف؟ وما إلى ذلك.
وقد يتمسك لاثبات أن البيعة تمنح الولاية على المسلمين، وأنه يجب الوفاء بها ولا يجوز نكثها، بعدة روايات لو صحت سنداً ودلالة لما أفادتنا لتأسيس الحكم، لما عرفناه من الملاحظة الرابعة. والروايات كما يلي:
1 ـ ما جاء في الخصال عن ماجيلويه عن عمّه عن هارون عن ابن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام): أن النبي (صلى الله عليه وآله)
قال: ثلاث موبقات: نكث الصفقة، وترك السنة، وفراق الجماعة. وثلاث منجيات: تكفّ لسانك، وتبكي على خطيئتك، وتلزم بيتك(1).
2 ـ ما جاء في البحار نقلاً عن المحاسن عن عبد الله بن علي العمري عن علي بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: ثلاث موبقات: نكث الصفقة، وترك السنة، وفراق الجماعة(2).
وهاتان الروايتان ضعيفتان سنداً.
3 ـ ما جاء في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من فارق جماعة المسلمين ونكث صفقة الإمام جاء إلى الله تعالى أجذم(3). وفي بعض النسخ "صفقة الإبهام".
وفي البحار نقل هذه الرواية تارة عن (الكافي) بالنحو الذي نقلناه(4)، وأخرى عن (المحاسن) عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي
(2) البحار، ج2 ب33 من كتاب العلم ح25 ص266.
(3) أصول الكافي ج1 باب ما أمر النبي صلى الله عليه وآله بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ ح5 ص405.
(4) راجع البحارج27 ب3 من كتاب الامامة ح9ص72.
الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من خلع جماعة المسلمين قدر شبر خلع ربق الاسلام من عنقه، ومن نكث صفقة الإمام جاء إلى الله أجذم(1). إلا أن سند العلامة المجلسي (رحمه الله) إلى المحاسن غير معلوم، ولا يهم ذلك بعد أن كانت الرواية موجودة في الكافي بالنحو الذي عرفت.
نعم، يوجد في سند الحديث أبو جميلة، وقد قال الغضائري بشأنه "ضعيف كذاب يضع الحديث؛ حدثنا أحمد بن عبد الواحد قال حدثنا علي بن محمد بن الزبير قال حدثنا علي بن الحسن بن فضال قال سمعت معاوية بن حكيم يقول سمعت أبا جميلة يقول: أنا وضعت رسالة معاوية إلى محمد بن أبي بكر" الا أنه لا عبرة بهذا التضعيف.
وقال النجاشي في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي "روى عنه جماعة غمز فيهم ضعفوا منهم عمرو بن شمر ومفضل بن صالح…". ولعل هذه العبارة لا تدل على شهادة النجاشي بوجود تضعيف صحيح بشأن أبي جميلة مفضل بن صالح، وقد روى عنه الثلاثة الذين شهد الشيخ الطوسي (رحمه الله) أنهم لا يروون الا عن ثقة، وهم: محمد ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر.
وعلى أي، فالمفهوم عرفاً من هذه الروايات الواردة في أجواء زمان الخلفاء وقتئذ أنها واردة بشأن عدم جواز مفارقة جماعة المسلمين