478

8 ـ الحل المختار للإشكال:

الحلّ الثامن ـ ما هو المختار وهو ان هناك فرقاً بين تقييد متعلق العقد، وتعليق العقد على شيء، وجعل الالتزام بشيء شرطاً في ضمن العقد من دون ان يرجع إلى تقييد متعلقه أو تعليق العقد عليه فقد يقيّد متعلّق العقد بقيد كتقييد العبد بالكتابة وهذا القيد يفيد التحصيص إذا كان ما قيّد به كليّاً ويفيد الانحسار عن الانطباق على ما في الخارج على تقدير تخلّف القيد إذا كان ما قيّد به جزئياً وقد يجعل العقد معلّقاً على شيء كما لو جعل البيع معلّقاً على حرارة الهواء أو برودته وقد لا يكون هذا ولا ذاك وانّما يكون العاقد ملتزماً بذاك القيد ضمن التزامه بالعقد كما لو باعه العبد على أن يصليّ المشتري صلاة الليل أو اشترى منه العبد على أن يصليّ البائع صلاة الليل من دون أن يكون هذا قيداً في المتعلق أو يكون العقد معلّقاً عليه.

ولا أقصد بالالتزام ضمن الالتزام مجرّد الظرفية البحتة التعبيرية أو الزمنية لأحد الالتزامين بالنسبة للالتزام الآخر وانّما أقصد بذلك أن يكون هناك تقابلاً بين هذا الالتزام الضمني والتزام صاحبه بالعقد فكأنّ التزام البائع بالبيع مع التزام المشتري بصلاة الليل أو التزام المشتري بالشراء مع التزام البائع بالبيع أمران متقابلان جعل أحدهما مكافئة للآخر وعوضاً عن الآخر وهذا التقابل يساوق الثنائية والاستقلال فهما التزامان مستقلان متقابلان ولا يكون أحدهما قيداً في متعلّق الآخر أو معلّقاً عليه الآخر لانّ ذلك خلف الاستقلال والثنائية.

ففي القسم الأوّل وهو تقيد متعلق العقد بقيد يكون فقدان القيد لا محالة موجباً لفقدان متعلق العقد لانّ العقد تعلّق بالمقيد بما هو مقيّد لا بذات القيد ويرد هنا الإشكال بانّ ما وقع عليه العقد غير موجود وما هو موجود لم يقع عليه العقد.

وفي القسم الثاني وهو تعليق العقد عليه يلزم من فقدان المعلّق عليه فقدان

479

المعلّق لا محالة على انّ التعليق بذاته مبطل للعقد حسب ما اشتهر بين الأصحابحتى لو كان المعلّق عليه موجوداً.

وفي القسم الثالث لا يكون فساد أو تخلّف الالتزام الضمني موجباً لانعدام الالتزام بالعقد لانّه كان مستقلاً عنه غير معلّق عليه ولا كان متعلّقه مقيّداً به حسب الفرض نعم قد يقال إنّ رضاه بهذا الالتزام الذي صدر منه كان مبنيّاً على وفاء صاحبه بالالتزام الآخر فبفقدانه ينعدم الرضا وهذا رجوع إلى الصياغة الثانية للإشكال والتي لسنا الآن بصدد الجواب عليه.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّ المتعاقدين لو صرّحا بالمقصود فلا إشكال في ان كل قسم من الأقسام الثلاثة يلحقه حكمه وإلّا فهناك نكات عقلائية تؤثّر في تكوّن الظهور العرفي في الدلالة على المقصود وهي ما يلي:

1 ـ التعليق في العقد المالي (دون الاذني كالوكالة) بذاته خلاف المرتكزات العقلائية فما لم يكن نصّ أو قرينة على ذلك لا يحمل الكلام عليه.

2 ـ الوصف الإضافي لو كان حمله على تقييد المتعلق يستلزم افتراض مؤونة إضافية من مثل تقدير التقارن أو الالتحاق أو السبق يحمل على الشرط فمثلاً لو قال: بعتك العبد على أن تصلي صلاة الليل فهذا ظاهر في الشرط لانّ حمله على تقييد المتعلق يستدعي تقدير نسبة التقارن ونحوها بان يكون المقصود بعتك العبد المقارن لصلاتك بالليل مثلاً إذ بدون ذلك لا يعقل تقيد العبد بصلاة المشتري لعدم كونها وصفاً له وهذه مؤونة زائدة لا تفهم بالطبع إذن فالظاهر من هذا الكلام انّه التزم ببيع العبد ايّاه في مقابل ان يلتزم بصلاة الليل من دون تقييد للمتعلق.

3 و 4 ـ لو لم يكن حمل الوصف على تقييد المتعلق موجباً لتقدير نسبة إضافية كالتقارن وذلك كما في وصف الكتابة التي تصلح بنفسها قيداً للعبد المبيع

480

فعندئذ إن كان متعلق العبد كليّاً كما في قوله: بعتك عبداً كاتباً فهذا ظاهر في التقييددون الشرط فحمله على معنى بعتك عبداً واشترطت لك تطبيقه في مقام التسليم على الكاتب خلاف الظاهر، لان أخذ مؤونة التطبيق في المقام أخذ لمؤونة زائدة وبحاجة إلى النظر والقرينة، وإن كان متعلق العقد جزئياً كما في قوله: بعتك هذا العبد الكاتب فهذا ظاهر في الشرط دون التقييد وذلك لانّ التقييد وإن كان بالدقة العقلية أعمّ من التحصيص فقد يكون التقييد تحصيصاً وقد يكون حاسراً للموصوف عن الانطباق على الخارج نهائياً على تقدير تخلفه، ولكن التقييد بالنحو الثاني خلاف المرتكز العقلائي وانّما المرتكز العقلائي من التقييد هو الأوّل، فإذا جعل المتعلق جزئياً بالإشارة كان حمل الوصف على التقييد خلاف الظاهر، لانّ الجزئي لا يحصص (ولعل هذا هو المقصود ولو ارتكازاً لمَن قال باقوائية الإشارة) إذن فقوله: بعتك هذا العبد الكاتب محمول على معنى: بعتك هذا العبد واشترطت لك أن يكون كاتباً.

5 ـ وما قلناه من ان حمل الوصف في الجزئي الخارجي على التقييد الحاسر عن الانطباق نهائياً لدى التخلّف انّما هو في الوصف الجانبي، أمّا الوصف الجوهري فشدّة التصادق بالأهداف المطلوبة من الموصوف جعلته ظاهراً في التقييد.

وبكل ما ذكرناه ظهر الوجه في التفصيل بين توصيف الكليّ وتوصيف الجزئي بحمل الأوّل على التقييد حتى ولو كان الوصف جانبياً، بخلاف الثاني وظهر الوجه في التفصيل في توصيف الجزئي بين الوصف الجوهري والوصف الجانبي، ففي الأوّل يبطل البيع بالتخلّف لانّ التوصيف الجوهري تقييد حاسر للمفهوم عن الانطباق على ما في الخارج نهائياً لدى التخلّف، وفي الثاني لا يبطل

481

البيع لانّ مرجع التوصيف إلى الشرط والشرط التزام في مقابل التزام، والتقابليساوق الاستقلال فبزواله لا يزول الالتزام بالعقد.

نعم، يبقى الإشكال بانّ الرضا كان مبنياً على هذا الالتزام الضمني وهذهِ هي الصياغة الثانية للإشكال التي نشرحها بعد ذلك (إن شاء الله) كما يبقى انّه ما هو الوجه في الخيار إذ لو كان الرضا غير ثابت بطل العقد غاية ما هناك ان يقال بإمكانية الإمضاء كما في بيع المكره أو الفضولي، ولو كان الرضا ثابتاً فلماذا الخيار؟! وهذا ما سنبحثه أيضاً (إن شاء الله).

هذا ولا يخفى انّه بناء على الوجه الذي اخترناه للحل يكون المقياس في تشخيص الوصف الجوهري أو الجانبي هو الأغراض العرفية والعقلائية في المعاملات، لا كون الوصف داخلاً في حقيقة الشيء أو خارجاً عنه.

وقد انتهينا إلى هنا من الجواب على الإشكال الأوّل وكان الوجه المختار للجواب غير كاف لحل الإشكال الثاني.

 

إشكال أنّ تخلّف الوصف يوجب فقدان الرضا:

الإشكال الثاني ـ انّ تخلّف الوصف يوجب فقدان الرضا، لانّ رضا المشتري بالعبد الذي وصف له بالكتابة مثلاً كان مبنيّاً على صدق الاتصاف، فإذا تخلّف الوصف فهو غير راض بشراء العبد فالمترقّب هو بطلان البيع.

وقد مضى انّ جواب المحقق الخراساني (رحمه الله) من مسألة تعدد المطلوب ووحدته لو تمّ فهو جواب على كلا الإشكالين إلّا انّه لم يتمّ.

نعم قد يتفق ان المشتري رغم انّه قيّد المبيع بكونه كاتباً تكون حالته النفسية بنحو يرضى بشراء العبد حتى لو لم يكن كاتباً، ولكنه اشترط الكتابة ازدياداً في طلب الخير، وهنا يكون الإشكال الثاني منتفياً لفعلية الرضا فيصح البيع بعد أن كان

482

الإشكال الأوّل منحلاً بما عرفته من رجوع ذكر الوصف الجانبي في المبيع الجزئي إلى الشرط، لكن يبقى هنا السؤال عن الوجه في ثبوت الخيار حيث يقال: لو كان الرضا ثابتاً فلماذا الخيار؟! ولو لم يكن ثابتاً فلماذا يفتى بصحّة البيع؟ !

وقد مضى أيضاً انّ الوجه الذي اختاره المحقق الاصفهاني (رحمه الله) لحلّ الإشكال الأوّل فرضه حلاًّ لكلا الإشكالين ومضى النقاش في ذلك. أمّا ما عالج به المحقق الاصفهاني مسألة الخيار فهو ان البيع وإن صح ولم يضرّ بصحته فقدان الوصف إمّا لاقوائية الإشارة مثلاً كما قيل، وإمّا لكون البيع متعلقاً بذات المقيّد وان ذات المقيّد لا ينتفي بانتفاء القيد كما اختاره هو (رحمه الله)، ولكن هذا لا يوجب عدم إخلال فقدان الوصف باللزوم أيضاً وذلك لانّ الخيار يكون بلحاظ نقض الغرض المعاملي، لا بلحاظ عدم تحقق المعقود عليه، فلأنّ المعقود عليه متحقق صحّ البيع، ولانّ الغرض المعاملي انتقض ثبت الخيار(1).

أقول: إنّ هذا المقدار من البيان لا زال غير كاف لتفسير الخيار إذ قد يقال ان نقض الغرض المعاملي إن كان على مستوى تخلّف الداعي فلماذا ثبت الخيار مع ان تخلف الداعي عادة لا يوجب الخيار؟! وإن كان على مستوى تخلّف الرضا فلماذا لم يبطل البيع؟! وإن كان المقصود شيئاً آخر فهو بحاجة إلى توضيح وبيان.

وعلى أيّة حال فالعمدة في الجواب على الإشكال الثاني وهو مشكلة الرضا وجهان:

1 ـ توفّر الرضا المعاملي:

الوجه الأوّل ـ ما ذكره المحقق النائيني (رحمه الله) في المقام(2) من انّ الرضا


(1) راجع تعليقة المحقق الاصفهاني على المكاسب 2: 89.

(2) في منية الطالب 2: 148.

483

المشروط في المعاملة ليس عبارة عن طيب النفس وارتياحها للمعاملة وانّما هوعبارة عمّا اسماه بالرضا المعاملي، وهو عبارة عن كون العقد والإنشاء عن اختيار لا عن إكراه أو جبر، فانتفاء الرضا في المقام ان قصد به انتفاء طيب النفس حيث لا يرغب المشتري نفسياً إلّا في العبد الكاتب مثلاً فهذا لا يضر بصحّة العقد، وإن كان المقصود به الرضا المعاملي، أي حصول العقد عن اختيار فهذا حاصل في المقام، لانّ الاختيار والرضا بهذا المعنى يتعلق بالتمليك المتقوّم بالصورة النوعية في شيئية الشيء ومالية المال لا بالأوصاف الجانبية.

واستشهد لعدم كون الرضاالمشروط في المعاملة بمعنى طيب النفس وارتياحها للمعاملة بانّه لو كان هذا هو الشرط في صحّة المعاملة لبطلت المعاملات التي تحصل على أساس الاضطرار من فقر وفاقة ونحو ذلك ممّا يؤدّي إلى ان يبيع الشخص بعض أثاثه رغماً على نفسه وبحرقة القلب لا بطيبه، وكذلك بطلت المعاملات التي تقوم على أساس دواع تتخلف كما لو اشترى الدواء لأجل ابنه الذي اعتقد كونه مريضاً ثم انكشف عدم ابتلائهِ بالمرض وهو لا يطيب نفساً بصرف المال في شراء الدواء بلا فائدة ولكنه حين المعاملة كان راضياً بها، بمعنى انّه لم يكن مجبوراً أو مكرهاً عليها بل صدرت المعاملة بمحض اختياره وكان هذا كافياً في صحّة المعاملة فكذلك الحال فيما نحن فيه فقد اشترى هذا العبد الذي اعتقده كاتباً بمحض اختياره ولم يجبره أحد على شرائه وهذا هو المقياس في الصحّة، نعم قد التزم له البائع ضمن التزامه بالبيع بكون العبد كاتباً وقد تخلّف هذا الالتزام الضمني وهذا انّما يوجب الخيار ولا يوجب اختلالاً في الالتزام الأوّل.

أقول: انّه (رحمه الله) وإن ربط حلّ مشكلة الرضا بالحلّ الذي ذكره في الجواب عن الإشكال الأوّل فقال هنا أيضاً ان الرضا تعلّق بالمبادلة الواقعة على الصورة

484

النوعية دون الأوصاف الجانبية، لكنه كان منتبهاً إلى انّ هذا وحده لا يكفي لحلّ مشكلة الرضا إذ قد يقول قائل بانّ طيب النفس كان مرتبطاً بوجه من الوجوه بكتابة العبد بالوجدان فأضاف في المقام نكتة اُخرى وهو دعوى ان الرضا المأخوذ شرطاً في المعاملات ليس بمعنى طيب النفس بل بمعنى الاختيار الذي هو في مقابل الإكراه والإجبار.

وإذا فصلنا الإشكال الثاني عن الإشكال الأوّل نهائياً كانت النكتة التي أضافها في المقام جواباً كاملاً على الإشكال الثاني غير محتاج إلى ربطه بحل الإشكال الأوّل.

وتوضيح المقصود: انّ الإشكال الثاني تارة نُضمّنه روح الإشكال الأوّل بان نقول: إنّ رضاه تعلق بالعقد الواقع على الكاتب ولم يتعلق بالعقد الواقع على غير الكاتب وهذا يعني النظر ضمناً إلى مسألة ان العقد تعلّق بالكاتب لا بغيره وهو الإشكال الأوّل، وهذهِ الروح المضمَّنة في المقام جوابها عين الجواب الذي يختار لحلّ الإشكال الأوّل كلّ على مسلكه، فالمحقق النائيني مثلاً يجيب بانّ العقد وقع على الصورة النوعية لا الأوصاف الجانبية، وغيره يجيب بشكل آخر.

واُخرى نتكلّم في مسألة الرضا إلى المشكلة الإضافية التي تبقى مع أكثر أجوبة الإشكال الأوّل وهي شهادة الوجدان بان طيب النفس مرتبط بوجه من الوجوه بالكتابة فلا بد من معرفة حقيقة هذا الارتباط كي نرى هل يضرّ ذلك بصحّة البيع بسبب فقدان الوصف الذي ارتبط به طيب النفس أو لا؟

وهذا الإشكال تكفي في حله النكتة الإضافية التي ذكرها المحقق النائيني لو تمت وهي ان الرضا المشترط في صحّة البيع انّما هو الاختيار في مقابل الإكراه والإجبار لا طيب النفس وان الاختيار موجود في المقام، وهذا لا يختلف حاله

485

باختلاف كون الوصف جانبياً أو جوهرياً فحتى في تخلّف الوصف الجوهري لا شك في انّ المشتري لم يكن دخوله في المعاملة نتيجة للإكراه والإجبار بل كان باختياره محضاً، والقول بانّه انّما رضى بشراء صورة نوعية غير موجودة في المقام رجوع إلى روح الإشكال الأوّل.

والمقصود من هذا البيان في المقام هو أنّ عدم قبولنا بجواب المحقق النائيني على الإشكال الأوّل لا يضرّ بقبول جوابه على الإشكال الثاني بقدر حلّ المشكلة الإضافية، فالإشكال الأوّل قد مضى منّا حلّه بوجه من الوجوه فلم تبق إلّا المشكلة الإضافية في المقام وهي شهادة الوجدان بارتباط طيب النفس بوجه من الوجوه بالكتابة، فلو قبلنا بالنكتة الإضافية التي ذكرها المحقّق النائيني لحلّ ذلك فقد انتهينا من كلا الإشكالين. أمّا ما ذكره (رحمه الله) لتفسير الخيار من كونه نتيجة طبيعية لتخلّف الالتزام الضمني فهو لا زال يحمل غموضاً في المقام إذ لقائل أن يقول: إنّه ما معنى ضمنية هذا الالتزام؟ فإن كان معناه مجرّد الظرفية البحتة بمعنى انّ الالتزام الثاني اُنشىء صدفة ضمن الالتزام الأوّل من دون علاقة له بالالتزام الأوّل فلا مبرر لكون التخلّف عنه موجباً للخيار من النسبة للالتزام الأوّل، وإن كان معناه نوع ارتباط له بالالتزام الأوّل فما هو هذا الارتباط الذي لا يؤدّي تخلّفه إلى فقدان الالتزام الأوّل، ولا إلى فقدان الرضا الذي هو شرط في صحّة البيع وفي نفس الوقت يؤدّي إلى الخيار؟ !

أمّا تعليقنا على أصل النكتة التي بيّنها المحقق النائيني (رحمه الله) فهو: ما المقصود من طيب النفس الذي قال عنه المحقق النائيني: ليس هو المراد بالرضا المشترط في باب العقود وانّما المراد به ما يقابل الإكراه والجبر هل المقصود تلك الرغبة والحالة النفسية التي تحصل للنفس تجاه شيء ولو بلحاظ الكسر والانكسار بين

486

المصالح والمفاسد المتزاحمة كطيب النفس المتعلق بشرب الدواء رغم مرارتهلأجل ما فيه من خاصية الشفاء، أو المقصود هي الرغبة الناشئة من المصلحة بلا أيّ مزاحم؟

فإن كان المقصود هو الثاني مع الاعتراف باشتراط الأوّل فلا شك بضرورة الفقه في أن طيب النفس بهذا المعنى الثاني ليس شرطاً في المعاملات وهو أمر نادر الحصول في هذا العالم المليء بالتزاحمات بين المصالح ومصالح اُخرى وبين المصالح والمفاسد، ولكن صاحب الإشكال في المقام يحسّ بان طيب النفس بالمعنى الأوّل الناشئ من نتيجة الكسر والانكسار بين المصالح والمفاسد المتزاحمة أيضاً مرتبط بوجه من الوجوه في كثير من الأحيان بالوصف المفقود فربّما نرى ان المشتري لا يرغب في العبد غير الكاتب حتى بعد الموازنة بين المصالح والمفاسد ولذا لو علم بكونه غير كاتب لما أقدم على الشراء فهو لا يرغب حتى بهذا المعنى من الرغبة إلّا في العبد الكاتب.

وإن كان المقصود هو الأوّل فهو يقول: إنّ طيب النفس الناتج عن الكسر والانكسار بين المصالح والمفاسد أيضاً ليس شرطاً في باب العقود ورد عليه:

(أولاً) انّه ليس من الصحيح الاستشهاد لذلك بوضوح صحّة مثل المعاملات التي تصدر من الإنسان نتيجة للفقر والفاقة ورغماً على حاجته الملحّة في ما اضطرّ إلى بيعه إذ من الواضح انّ طيب النفس بالمعنى الناتج عن الكسر والانكسار في المصالح ثابت هنا، فهو يرى انّ ما يجنيه من فائدة الثمن الذي يحصل عليه بهذا البيع اهمّ ممّا يخسره ببيع العين التي هو محتاج إليها.

(وثانياً) انّه ليس من الصحيح إنكار اشتراط طيب النفس بهذا المعنى في العقود، فادلّة اشتراط كون التجارة عن تراض وعدم حِلّ مال المؤمن إلّا بطيب نفسه تدلّ لا محالة على اشتراط هذا المستوى من الرضا وطيب النفس والواقع انّ

487

طيب النفس بهذا المعنى ملازم للاختيار المقابل للإكراه والجبر فوضوح عدمالإكراه والجبر في المقام آية وجود طيب النفس بهذا المستوى، إذ لو لم يطب نفساً بالمعاملة لم يكن له داع إلى إيجادها ما دام غير مكره أو مجبور على ذلك، والاختيار الذي هو في مقابل الإكراه والجبر اخصّ من طيب النفس بهذا المعنى، فانّ المكره أيضاً يطيب نفساً بما يفعله حين ما يفعل ذلك لا من دون اختيار بل درأً للخطر الذي توعّد به فهنا أيضاً طيب النفس بلحاظ الكسر والانكسار بين المصالح والمفاسد موجود إلّا انّ هذا الطيب لا يكفي لصحّة العقد فانّ المفهوم بمناسبات الحكم والموضوع من دليل شرط الطيب والرضا هو الطيب والرضا غير القائمين على أساس الإكراه والإجبار فصحيح انّ الشرط في العقود هو الاختيار المقابل للإكراه لا طيب النفس لكن لا بمعنى انّه قد يكون الاختيار المقابل للإكراه، ولا يكون طيب النفس الذي يتحقق ولو بلحاظ الكسر والانكسار في المصالح والمفاسد، بل بمعنى انّه قد يكون طيب النفس بهذا المعنى ولا يكون الاختيار المقابل للإكراه وذلك فيما إذا كان طيب نفسه لأجل الفرار من الخطر المتوعّد به على تقدير عدم الخضوع للعقد وعندئذ يكون العقد باطلاً إمّا بدليل نفي الإكراه أو بدليل شرط الرضا في العقود.

إذن فالمهم في حلّ اللغز في المقام هو ان نعرف كيف يمكن الجمع بين وجدانين:

أحدهما يحكم بانّ المعاملة صدرت بمحض الاختيار ومن دون إكراه أو إجبار ونحن نعلم انّها لم تكن مقيّدة بوجود الوصف لما عرفناه في حل الإشكال الأوّل من انّ الوصف كان شرطاً لا قيداً وانّ الشرط التزام متقابل مع الالتزام بالعقد وانّ التقابل يقتضي استقلال أحد المتقابلين عن الآخر.

488

والثاني يحكم بانّ طيب النفس كثيراً ما يكون مرتبطاً بوجه من الوجوه بحصول الوصف ولذا لو علم بفقدانه لما أقدم على شراء المتاع مثلاً؟ وليست طريقة الحل ان نفترض تفكيكاً بين الرضا بمعنى طيب النفس وبين الاختيار بمعنى عدم الإكراه والإجبار بان يقال: إنّه قد يحصل الثاني دون الأوّل ويقال إنّ شرط صحّة العقد هو الثاني دون الأوّل.

ومن هنا نتحوّل في حلّ اللغز إلى الوجه الثاني.

2 ـ الرضا يدور مدار الوصول:

الوجه الثاني ـ هو الوجه المختار، وهو انّ الرضا وإن كان في كثير من الموارد مرتبطاً بالوصف المطلوب فلا يرضى إلّا بالعبد الكاتب مثلاً ولكن ارتباطه بواقع الوصف لا بوصوله انّما يعقل بمعنى التحصيص في الكليّ، فهو قد يرضى بالعبد الكاتب ولا يرضى بالعبد غير الكاتب، أمّا سريان الرضا من الحصّة المقيدة بوصف إلى الجزئي فلا يدور مدار واقع الوصف وانّما يدور مدار وصوله ـ ولو ببعض درجات الوصول ـ ولو خطأً وذلك لانّ الرضا والشوق والحبّ والبغض والكراهة ونحو ذلك من الاُمور القلبية يستحيل دورانها مدار واقع وصف ما بغير معنى التحصيص فمن تعتقد كونه صديقاً لك مثلاً تحبّه ولو كان في واقعه من الدّ أعدائك، ومن تعتقد كونه عدوّاً لك مثلاً تبغضه ولو كان في واقعه من أخلص أحبّائك، ومن تراه متصفاً بصفات الإنسانية من الرحمة والإحسان والنبل والشهامة تحبّه ولو كان في الواقع على خلاف تلك المواصفات وكذا العكس، وعليه ففي ما نحن فيه لو اشترى العبد المعيّن خارجاً معتقداً بكونه كاتباً بحيث لم يكن يرضى به لولا كتابته فصحيح انّ رضاه مرتبط بوجه من الوجوه بوصف الكتابة لكن هذا الارتباط ليس إلّا بنحوين:

489

الأوّل: ان رغبته ورضاه انّما تعلّقا بالحصّة الكاتبة ولم يتعلّقا بالحصّة غير الكاتبة.

والثاني: انّ هذا الرضا سرى من الحصّة الكاتبة إلى الجزئي الذي وقع عليه البيع بتوسط اعتقاده بوصف الكاتبية فيه لا بتوسط ثبوت واقع الوصف لما عرفت من استحالة دوران أمثال هذهِ الحالات النفسية مدار الواقع بغير معنى التحصيص.

وهذا البيان يمكن صياغته بصياغة أوسع بحيث يشمل حتى فرض تعلّق العقد بالكليّ مع أخذ تواجد الوصف شرطاً في مقام التسليم لا قيداً لمتعلّق العقد كما لو باعه عبداً كلياً غير مقيّد بالكتابة بشرط ان يطبّقه لدى التسليم على عبد كاتب فهنا لم يكن المبيع جزئياً ولكن هنا بالدقّة ينطبق أيضاً ما ذكرناه من قاعدة ان سريان الحبّ والرضا من الحصّة المقيّدة بوصف إلى المصداق الجزئي انّما يكون دائراً مدار وصول الوصف ببعض درجات الوصول ولو خطأً، وليس دائراً مدار واقع الوصف.

وتوضيح ذلك: انّ تحقق الكتابة في الفرد الذي سيطبّق عليه الكليّ لدى التسليم انّما أخذ شرطاً لا قيداً، ومعنى كونه شرطاً هو الالتزام من قِبَل البائع بذلك في مقابل التزام المشتري بالعقد وتقابل الالتزامين يساوق استقلال كل واحد منهما عن الآخر، فلو أخلف البائع التزامه لم يبطل التزام المشتري بالعقد لانّه كان مستقلاً عن ذاك الالتزام ولم يكن مقيّداً ومحصّصاً به ولكن رغبته انّما تعلّقت في عالم الحصص بتلك الحصّة من الالتزام بالعقد المقارنة لالتزام البائع ووفائه بالشرط فهو غير راض إلّا بهذا إلّا انّ الرضا والرغبة قد سريا من هذهِ الحصّة إلى هذا الالتزام الصادر منه بالفعل وهو مصداق جزئي لكليّ الالتزام بسبب اعتقاده بكون البائع صادقاً في التزامه وكون وصف المقارنة المطلوبة متحقّقاً خارجاً لا

490

بسبب واقع تحقّق الوصف.

وهذان الارتباطان للرضا بالوصف موجودان تماماً في موارد تخلّف الدّاعي فمَن اشترى دواء باعتقاد كون ابنه مريضاً يكون رضاه متعلّقاً بكليّ بذل المال في مقابل الدواء الذي يحتاجه ابنه المريض، ولم يتعلّق رضاه ببذل المال في مقابل الدواء الذي لا يحتاجه ابنه ولكن سرى رضاه إلى البذل الذي وقع منه بواسطة اعتقاده بانّه من القسم الأوّل فرضى بالبيع، فتخلّف الوصف فيما نحن فيه يكون من هذهِ الناحية تماماً من قبيل تخلّف الداعي، ويكون الرضا المطلوب في صحّة البيع حاصلاً ولأجل رضاه بذلك نرى انّه يقدم عليه من دون إكراه أو إجبار ويصحّ البيع.

سبب الخيار في فقهنا عند تخلّف الوصف:

وأمّا ثبوت الخيار في المقام فله نكتتان إحداهما غير مطردة في تمام موارد محل الكلام والثانية مطردة في تمام موارده:

أمّا النكتة الاُولى ـ فهي تخلّف الداعي القائم على أساس التغرير فصحيح انّ تخلّف الدّاعي بشكل عام لا يوجب الخيار فمَن اشترى دواء لابنه باعتقاده مريضاً ثم انكشف خلافه لم يكن له خيار الفسخ، ولكن لو كان انبعاث هذا الداعي على أساس التغرير كما لو كان بائع الدواء هو الذي أومى إليه بمرض ابنه فهنا لا إشكال في ثبوت الخيار عقلائياً وبالتالي ثبوته شرعاً على أساس الإمضاء المنكشف بعدم الردع، أو على أساس قاعدة نفي الضرر، وفي ما نحن فيه إذا فرض انّ البائع هو الذي وصف عبده بالكتابة مثلاً وغرّر المشتري بذلك انطبقت عليه قاعدة الرجوع إلى من غرّه وثبت بها الخيار.

وهذا كما نرى ـ ليس مطرداً في تمام الموارد فقد يتّفق انّه لم يكن تغرير من

491

قِبَل البائع كما لو تورّط البائع والمشتري في عرض واحد في خطأ الاعتقاد باتّصاف هذا العبد بالكتابة ولم يكن البائع هو الذي أوحى إلى المشتري بذلك وقد يتّفق انّ المشتري كان راضياً بشرائه حتى لو لم يكن كاتباً وان اشترط الكتابة تكثيراً للخير فليس التغرير هو الذي ورّطه في الالتزام بالعقد.

وأمّا النكتة الثانية ـ فهي ما عرفت من انّ قيد الوصف في المقام راجع إلى الشرط، بمعنى التزام مرتبط بالتزام العقد، وارتباطه به يعني تقابله معه أي انّ الالتزام بالعقد من أحد الطرفين مقابل ومكافأ بالتزام الآخر بالشرط، والتقابل يساوق الاستقلال فبتخلّف المشترط عليه لا يبطل الالتزام بالعقد ولكن بما انّ الالتزامين كانا متقابلين أي كان كل منهما كجزاء للآخر وكبدل له ومكافئة له فالتخلّف عن أحدهما يسمح عقلائياً للآخر بالتخلّف سنخ ما نراه في المالين اللّذين وقعا عوضاً ومعوّضاً فأخلف أحدهما في تسليم المال فيكون للآخر أيضاً حق التخلّف، والحاصل انّ الالتزامين إذا كانا متقابلين فوجوب الوفاء بهما أيضاً متقابلان في نظر العقلاء أي لا يجب الوفاء بأحدهما إلّا في مقابل وفاء الآخر، فلو أخلف من عليه الشرط لم يجب على الآخر الوفاء بالعقد وجاز له فسخه وهذا معنى الخيار فإذا تبيّن في المقام عدم اتصاف العين بالوصف المطلوب فقد وقع التخلّف عن الشرط وهذا يوجب الخيار عقلائياً وبالتالي يوجب الخيار شرعاً إمّا بالإمضاء المنكشف بعدم الردع أو بقاعدة نفي الضرر لانّ سلب الحقّ العقلائي عنه يعتبر ضرراً عليه.

هذا. وذكر السيد الخوئي (رحمه الله) بياناً آخر لثبوت الخيار في موارد تخلّف الشرط غير ما ذكرناه من انّ تقابل الالتزامين يوجب التقابل في وجوب الوفاء بهما أيضاً وهو انّ الشرط بعد أن لم يكن راجعاً إلى تعليق العقد على تحقّق الشرط

492

لا بد أن يكون التعليق فيه في الالتزام بالوفاء بالعقد وإتمامهِ، فحقيقته جعل الخيار على تقدير التخلّف ولهذا يثبت الخيار بتخلّف الشرط(1).

أقول: كأنّ السيد الخوئي رأى انّ للشرط ارتباطاً لا محالة بالعقد وليست النسبة بينهما مجرّد نسبة الظرفية والمظروفية البحتة من دون ارتباط معنوي بينهما وبما انّ هذا الارتباط المعنوي بينهما ليس عبارة عن تعليق العقد على الشرط فانحصر عنده الأمر في أن يكون الارتباط عبارة عن تعليق الوفاء بالالتزام على الشرط أو عن جعل الخيار عند تخلّف الشرط وهذا الكلام لو صحّ عقلائياً فلازمه عدم وجوب وفاء المشروط عليه بالشرط في ارتكاز العقلاء لانّ واقع ما التزم به انّما هو عبارة عن تحقّق الخيار لدى عدم الاتيان بالعمل الفلاني، وليس عبارة عن نفس ذلك العمل بينما من الواضح في الارتكاز العقلائي ان من حقّ المشروط له إلزام المشروط عليه بالوفاء بالشرط، وإن لم يف بالشرط كان له الخيار، فلو كان مرجع الشرط عقلائياً إلى ما يقوله من مجرد جعل الخيار على تقدير التخلّف أو تعليق الوفاء بالعقد على الوفاء بالشرط لم يكن بالإمكان تفسير ما هو المركوز عقلائياً من وجوب الوفاء بالشرط الذي كان ضمن ا لعقد.

إذن فلا بد للشرط من تفسير آخر يحفظ ارتباطه بالعقد مع اشتماله على عنصر التزام المشروط عليه بالشرط من كتابة العبد أو عمل من الأعمال أو أي شيء آخر لا مجرّد جعل الخيار على تقدير عدم تحقّق الشرط.

نعم لو كان الشرط سنخ شرط لا يشتمل على التزام العاقد بشيء ولم يكن راجعاً إلى تعليق العقد عليه انحصر تفسيره بإرجاعه إلى جعل الخيار على تقدير


(1) المحاضرات 2: 140.

493

عدمه، مثاله ما لو اشترى من الصيدلي دواءً بشرط كون ابنه مريضاً وافترضنا عدم رجوعه إلى تعليق العقد على مرض ابنه فهذا تفسيره الوحيد هو شراء الدواء مع فرض الخيار على تقدير عدم كون ابنه مريضاً إذ لا يحتمل هنا إرادة التزام البائع بكون ابن المشتري مريضاً.

هذا مضافاً إلى انّ إرجاع الشروط إلى جعل الخيار أو تعليق الالتزام بالوفاء بالعقد على تلك الشروط غير كاف لتفسير الارتباط المعنوي للشرط بالعقد.

وتوضيح ذلك: انّنا ننقل الكلام عندئذ إلى جعل الخيار لنرى هل انّ هناك ارتباطاً معنوياً بين جعل الخيار في هذا العقد ونفس هذا العقد أو ان ارتباطهما عبارة عن مجرّد الظرفية والمظروفية مع كون العقد هو متعلّق الخيار فيرجع جعل الخيار إلى شرط ابتدائي بحت من قبيل ما لو جعلا الخيار في بيع بعد تمامية ذاك البيع فالفرق فقط في انّ علاقة الظرفية والمظروفية بينهما منتفية في مثال جعل الخيار بعد البيع وثابتة في ما نحن فيه؟

فان فرض الثاني، أي انّ العلاقة بين العقد وجعل الخيار انّما هي علاقة الظرفية والمظروفية قلنا:

أولاً: انّ الشرط الابتدائي البحت غير لازم لدى العقلاء فكيف يثبت الخيار؟ !

وثانياً: لا شك في انّه لو باعه شيئاً بشرط الخيار وقَبِل المشتري ذلك بلا شرط الخيار ثبت الإحساس بعدم تطابق الإيجاب والقبول ولو على مستوى الشروط واحتجنا إلى البحث الآتي من ان عدم تطابقهما في الشروط هل يضر بالعقد أو لا، بينما على الظرفية البحتة من الواضح التطابق الكامل بين الإيجاب والقبول وعدم وجود أي خلل في العقد

494

وثالثاً: لو فسّرنا ارتباط شرط الخيار بالعقد بمجرّد علاقة الظرفية والمظروفية فلم لا نفسّر كل الشروط بهذا التفسير بأن يكون كل شرط ضمن العقد عبارة عن الإلزام والالتزام بذاك الشرط في ظرف العقد بلا حاجة إلى إرجاع جميع الشروط إلى شرط الخيار؟ ! !

وان فرض الأوّل وهو ان هناك نوع علاقة معنوية بين شرط الخيار والعقد وراء مجرّد الظرفية البحتة فلا بد من التفتيش عن تلك العلاقة فلعلّها تصدق ابتداء في سائر الشروط الضمنية بلا حاجة إلى إرجاعها إلى شرط الخيار.

والصحيح ما عرفته منّا من انّ العلاقة المعنوية الموجودة بين الشرط الضمني والعقد هو تقابل الالتزامين وكون أحدهما بمنزلة العوض عن الآخر والتقابل يحفظ الاستقلال من ناحية فلا يفسد العقد بفساد الشرط أو بالتخلّف عنه ويؤدي إلى الخيار من ناحية اُخرى باعتبار انّ التقابل بين الالتزامين موضوع للتقابل بين الوفائين في الوجوب. أي انّ وجوب وفاء أحدهما بما التزم مشروط بوفاء الآخر بما التزم.

وعلى أيّة حال فقد اتضح بهذا العرض ان لثبوت الخيار عند تخلّف وصف مطلوب ملاكين بينهما عموم من وجه:

الأوّل ـ ملاك التغرير بإيحاء أمر لم يكن الطرف الآخر ليقبل الدخول في العقد لولاه.

والثاني ـ ملاك تخلّف الشرط.

فقد لا يكون شرط بين البائع والمشتري ولكن التغرير ثابت وذلك على أساس انّ البائع غرّر المشتري بإيحائه إليه بكون العبد كاتباً مثلاً فوثق المشتري بذلك ولم ير حاجة للشرط فأوقع العقد على هذا العبد الجزئي معتقداً كتابته فهنا

495

يثبت الخيار بالملاك الأوّل دون الثاني.

وقد لا يكون البائع مغرّراً للمشتري بل كانا معاً متورّطين في الخَطأ في عرض واحد ولكن العقد تمّ بشرط الكتابة، أو غرّره بدعوى ثبوت الوصف ولكن المشتري كان راضياً بالعقد حتى مع عدم الوصف ومع ذلك اشترط الوصف طلباً لزيادة الخير فهنا يثبت الخيار بالملاك الثاني دون الأوّل.

وقد يثبت الملاكان معاً كما لو اشترط المشتري على البائع وصف الكتابة وأوحى إليه البائع بثبوت هذا الوصف.

ومتى ما انتفى الملاكان دخل الأمر في تخلّف الداعي الذي لا يوجب الخيار ـ إلّا فيما سيأتي من الاستثناء ـ كما لو اشترى عبداً بتخيّل كونه كاتباً وكان داعيه إلى هذا الشراء هو الاستفادة من كتابته، ولم يكن هذا الخطأ بوحي من البائع ولا كان بينهما اتفاق على شرط الكتابة ثم تبيّن انّه ليس كاتباً فهنا لا خيار له.

سبب الخيار في الفقه الوضعي عند تخلّف الوصف:

إلّا أنّه ورد في الفقه الوضعي المقياس لثبوت الخيار في المقام بشكل آخر يختلف عما ذكرناه.

وقد نقل في الوسيط(1) مقياسين لذلك ناسباً لأحدهما إلى: كثير من الفقهاء، والآخر إلى التقنين المصري الجديد:

أمّا ما نسبه إلى كثير من الفقهاء فهو انّ المقياس للخيار هو كون الغلط مشتركاً بين المتعاقدين، فالعقد عندئذ وإن كان صحيحاً لانّ الإرادة موجودة ولكن له الخيار، لانّ إرادته معيبة بمعنى قيامها على أساس الغلط، وصحيح انّ


(1) راجع الوسيط 1: 331 ـ 340، الفقرة 175 ـ 177.

496

هذا السبب للخيار موجود في فرض الغلط الفردي أيضاً، أي ما إذا اختص الغلط بمن قامت إرادته على أساسه، والآخر كان يعلم بواقع الحال إلّا انّ الذي يمنع عن الحكم بالخيار في هذا الفرض هو انّ الحكم بالخيار في ذلك يؤدّي إلى تزعزع التعامل ولم يأمن أي متعاقد ان يرى العقد الذي اطمأن إليه قد انهار بدعوى الغلط يقدمها الطرف الآخر وهو بعد لم يدخل في سريرته فيعلم انّ رضاءه كان قد صدر عن غلط ! إذن فينبغي تخصيص الخيار بالغلط المشترك، ذلك انّ المتعاقد الآخر إذا اشترك معه في الغلط فمن العدل ان يقره على بطلان العقد لسبب هو نفسه قد اشترك فيه، ولا يعود هناك وجه للتذمّر من تقلقل المعاملات وعدم استقرارها.

وعلّق على ذلك السنهوري بان هذه النظرية لا تتمشّى مع المنطق ولا تتفق مع العدالة، ثم هي ليست ضرورية لتحقيق الغرض العملي المقصود وهو استقرار المعاملات إذ يمكن الوصول إلى هذا الغرض من طريق آخر.

أمّا انّ النظرية لا تتمشى مع المنطق فظاهر لانّ الغلط يفسد رضاء من وقع فيه ولو لم يشترك الآخر معه في الغلط فيجب منطقيّاً إبطال العقد سواء وقع المتعاقد الآخر في هذا العقد أو لم يقع.

وأمّا انّ النظرية لا تتفق مع العدالة فيظهر ذلك إذا فرضنا انّ الغلط لم يكن مشتركاً ولكن المتعاقد الذي صدر منه رضاء صحيح كان يعلم بالغلط الذي وقع فيه المتعاقد الآخر وتركه مسترسلاً في غلطه دون ان ينبهه إلى ذلك، فالغلط في مثل هذهِ الحالة يكون فردياً وليس من شأنه ان يبطل العقد طبقاً لنظرية الغلط المشترك.

ويترتب على ذلك انّه ما لم يكن هناك تدليس من المتعاقد الآخر ولنفرض انّه وقف موقفاً سلبياً محضاً فانّ العقد يكون صحيحاً لا مطعن فيه، وبديهي انّ هذهِ

497

النتيجة تصطدم العدالة فانّه إذا كان عدلاً ان يبطل العقد في حالة اشتراك الطرفين في الغلط فالأولى ان يبطل العقد إذا انفرد أحد المتعاقدين بالغلط وكان الآخر يعلم ذلك ولم ينبّهه إليه.

وأمّا انّ النظرية ليست ضرورية لاستقرار التعامل فانّ ذلك يظهر في وضوح لو أخذنا بنظرية الغلط الفردي واقتصرنا على اشتراط أن يكون المتعاقد الآخر متصلاً بهذا الغلط على الوجه الذي سيبيّن في الرأي الثاني.

أقول: كأن ملاحظة السنهوري الاُولى والثالثة تشكّلان إشكالاً واحداً وهو انّه حينما يمكن حفظ استقرار التعامل بالقدر المطلوب مع القول بالخيار في الغلط الفردي وجب منطقياً إبطال العقد لانّ رضاءه مشوب على أي حال بالغلط، أمّا لو فصلت الملاحظة الثالثة عن الاُولى لكان لصاحب نظرية الغلط المشترك ان يجيب عليها بانّه صحيح انّ مقتضى الطبع الأولي للمنطق هو ثبوت الخيار لدى الغلط الفردي ولكن منعنا عن القول به ضرورة حفظ استقرار التعامل، كما انّه لا يبقى مجال للملاحظة الاُولى لو قلنا بالإرادة الظاهرة فانّ الإرادة الظاهرة لم تكن مشوبة إلّا إذا ضمّمنا إليها أيضاً ما يحل محل الملاحظة الثالثة وهي توضيح انّه يكفي في مشوبية الإرادة الظاهرة كون المتعاقد الآخر متصلاً بهذا الغلط.

وأمّا ما نسبه إلى التقنين المصري الجديد فهو كفاية الغلط الفردي الذي يتصل به المتعاقد الآخر بمعنى انّه يكفي ثبوت الغلط ولو فردياً ولكن إذا كان المتعاقد الآخر لم يشترك في هذا الغلط وجب ـ حتى تمتنع مفاجأته بدعوى الغلط ـ أن يكون على علم به، أو أن يكون من السهل عليه ان يتبيّنه وهذا ما تقضي به المادّة [120] من التقنين الجديد المصري فهي تنصّ على انّه (إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له ان يطلب إبطال العقد إن كان المتعاقد الآخر قد

498

وقع مثله في الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه ان يتبيّنه).

وعلّل السنهوري ذلك(1) بانّ الغلط إذا لم يكن مشتركاً وفاجأ المتعاقد الذي وقع في الغلط المتعاقد الآخر بدعوى الغلط ولزم ان نبطل العقد بناء على مبنى الإرادة الباطنة فانّ المتعاقد الآخر حسن النية لا ذنب له فلماذا يبتلى بمشكلة عدم استقرار التعامل؟! والمخطئ هو المتعاقد الأوّل الذي أهمل في كشف نيّته ولم يجعل المتعاقد الآخر يتبيّن أو يستطيع ان يتبيّن ما شاب إرادته من غلط فوجب عليه التعويض وتدارك ضرر عدم استقرار التعامل وخير تعويض في هذهِ الحالة بقاء العقد صحيحاً وبكلمة اُخرى انّ الإرادة الباطنة وإن كانت مشوبة بالغلط ولكن هذا المورد من الموارد التي غلب فيها جانب الإرادة الظاهرة حفظاً لاستقرار التعامل ولا يستقيم هذا التعليل إلّا إذا كان المتعاقد الآخر لا علم له بالغلط وليس من السهل عليه ان يتبيّنه، أمّا إذا كان عالماً بالغلط وانّه هو الدافع إلى التعاقد فلا حق له في الشكوى من إبطال العقد لانّه يكون سيّئ النيّة، وإذا لم يكن عالماً بالغلط ولكن كان من السهل ان يتبيّنه وان يتبيّن انّه هو الدافع إلى التعاقد فلا حقّ له كذلك في الشكوى من إبطال العقد لانّه يكون مقصّراً، ويخلص لنا من كل ذلك ان الغلط الجوهري لا يجعل العقد قابلاً للإبطال إلّا إذا كان غلطاً مشتركاً أو كان غلطاً فردياً يعلمه المتعاقد الآخر أو يسهل عليه ان يتبّينه.

فإذا تحددت نظرية الغلط على هذا النحو فانّها لا تتنافى مع استقرار التعامل ذلك لانّ المتعاقد الذي وقع في الغلط لا يدع للمتعاقد الآخر سبيلاً للزعم بانّه


(1) ما نقلته هنا مستخلص من مجموع ما جاء في الوسيط في المتن وفي التعليق تحت الخط، الصفحة 335، الفقرة 176.

499

فوجئ بطلب إبطال العقد فقد ثبت انّ هذا المتعاقد الآخر كان مشتركاً في الغلط، أو كان يعلم به، أو كان من السهل عليه ان يتبيّنه، وهو في الاُولى حسن النيّة ولكن مقتضى حسن نيّته ان يسلِّم بإبطال العقد، وهو في الثانية سيّئ النيّة والإبطال جزاء لسوء نيّته، وهو في الثالثة مقصّر وتعويض التقصير الإبطال.

وغنيٌّ عن البيان انّنا إذا اشترطنا أن يكون المتعاقد الآخر متصلاً بالغلط على النحو المتقدّم فانّ ذلك يعني أن يكون على بيّنة أيضاً من ان هذا الغلط الجوهري هو الدافع إلى التعاقد كما سبق القول. انتهى ما أردتُ نقله عن الوسيط.

أقول: إنّ الفرق الأساسي في المقام بين النظرة الفقهية للفقه الغربي والنظرة الفقهية للفقه الإسلامي هو انّ الفقه الغربي يرى انّ العيب الذي ادّى إلى قابلية العقد للإبطال يكمن في نفس الإرادة، فالإرادة لانّها كانت معيبة كان أثر ذلك قابلية العقد للإبطال ولو كانت مفقودة كان أثر ذلك بطلان العقد ففي المقام حيث انّ الإرادة موجودة فالعقد صحيح وحيث انّها قائمة على أساس الغلط فهي معيبة فالعقد قابل للإبطال.

ومن هنا نرى انّ الفقه الغربي أخذ يبحث عمّا هو المبرّر لعدم الخيار في موارد الغلط الفردي، أو في موارد الغلط غير المتصل بالمتعاقد الآخر، أو في موارد ما يسمّيه فقهاء الإسلام بتخلّف الداعي رغم انّ الإرادة هنا أيضاً معيبة بمعنى كونها قائمة على أساس الغلط فبرّروا ذلك بضرورة استقرار التعامل، أو بان المقياس هو الإرادة الظاهرة.

امّا الفقه الإسلامي فلا يقسّم الإرادة إلى معيبة بعيب يوجب الخيار وغير معيّبة بل الإرادة متى ما كانت موجودة مع تواجد سائر الشروط صحّ العقد وإلّا بطل العقد، وفي باب الإكراه يكون العقد باطلاً في رأي الفقه الإسلامي لفقدان

500

الرضا بالمعنى المقابل للإكراه، وإن ثبتت الإرادة بمعنى ما يقابل صدور العمل من دون اختيار أو بمعنى الرغبة الموجودة حتى مع الإكراه دفعاً للخطر في عمل لم يكن الإكراه بمستوى سلب الاختيار فانّ العامل عندئذ يعمل بإرادته تخلصاً من الخطر المتوعّد به أو قل إنّنا نقصد بالإرادة التي هي شرط في صحّة العقد طيب النفس بالمعنى المقابل للإكراه لا بمعنى مجرّد القصد الذي يمتاز به العمل الاختياري عن العمل غير الاختياري، ولا بمعنى الرغبة أو الرضا الناتج عن قصد التخلّص من خطر المكره، وان شئت فعبّر بانّ عيب الإرادة في الفقه الإسلامي الذي لا يفقدها وانّما يعيبها هو الإكراه وانّ جزاء عيب الإرادة هو البطلان لا الخيار.

وعلى أيّة حال فالخيار في الفقه الإسلامي لا يستند إلى كون الإرادة معيبة بقيامها على أساس الخطأ ولذا لم يبحثوا عن المبرّر لعدم الخيار في موارد ما اسموه بتخلّف الداعي وانّما بحثوا عن نكتة الخيار في موارد تخلّف الوصف المذكور في متن العقد مثلاً وبرّروه بمثل تخلّف الالتزام الضمني أو تخلّف الغرض المعاملي أو غير ذلك وقد عرفت انّنا نرى نكتتين للخيار كلتاهما غير مسألة كون الإرادة معيبة بقيامها على أساس الغلط احداهما التغرير والاُخرى تخلّف الشرط.

وهذا المنهج الإسلامي أوفق بالمرتكزات العقلائية من المنهج الغربي وذلك لانّ المنهج الغربي لا يستطيع ان يفسّر الخيار في المقام تفسيراً يطابق المرتكزات العقلائية على مسلك الإرادة الباطنة الذي هو أحد المسلكين في الفقه الغربي، وتفسير ذلك باستقرار التعامل لا يوضّح لنا الفرق بين هذا المقام وسائر الموارد التي أخذوا فيها بالإرادة الباطنة فإن كان الحفاظ على استقرار التعامل هو المنهج العام وكان هو الذي ادّى إلى العدول في المقام إلى الأخذ بالإرادة الظاهرة

501

فالمترقب هو المصير إلى إعطاء الأصالة للإرادة الظاهرة وهو خلف هذا المسلك وإلّا فما هو السرّ في خصوص المقام بالتوجّه إلى فكرة استقرار التعامل واستثنائه من بين الموارد الاُخرى التي اُسّست الأحكام فيها على أساس الإرادة الباطنة؟ !

وبكلمة اُخرى نحن نرى انّ الفقه الغربي بكلا مسلكيه في باب الإرادة أطبق على قابلية العقد للإبطال في مورد الغلط المتصل بالمتعاقد الآخر أو ـ على الأقل ـ الغلط المشترك وان اختلافهم في كون الأصالة للإرادة الباطنة أو للإرادة الظاهرة لم يؤثّر على فكرة قابلية العقد للإبطال في المقام، فلو أردنا ان نفترض ذلك مطابقاً لمرتكزات عقلائية كامنة في النفوس دون مجرّد تعبّد واجتهاد من قِبَل المشرّعين فهو يكشف لا محالة عن وجود نكتة اُخرى للخيار وقابلية العقد للإبطال غير نكتة كون الإرادة معيبة بقيامها على أساس الغلط لانّ هذهِ النكتة لا تفسّر لنا الفرق بين الغلط المشترك والغلط الفردي أو الغلط المتصل بالمتعاقد الآخر والغلط غير المتصل به على مدرسة الإرادة الباطنة مع انّنا نرى انّ اختلاف المدرستين لم يؤثّر على ما يختار في المقام.

وإذا قسنا النتيجة التي توصّلنا إليها إلى ما ذكروه من الغلط المشترك رأينا انّ النسبة بينهما عموم من وجه، فربما يكون التغرير أو الشرط موجوداً ولا يكون الغلط مشتركاً بل كان صاحبه على علم وعمد في ما فعل فهنا يثبت الخيار رغم عدم الاشتراك في الغلط كما قال به أصحاب نظرية الغلط المتصل به المتعاقد الآخر بل قال به حتى أصحاب نظرية الغلط المشترك لكن تحت اسم آخر غير اسم الغلط وهو اسم التدليس، كما انّ خيار التدليس وارد في فقهنا الإسلامي أيضاً وربما يكون الغلط مشتركاً وقد وقعا في الغلط في عرض واحد ولم يكن تغرير ولا شرط وهنا لا نلتزم بالخيار خلافاً لما قالوه.

502

وإذا قسنا النتيجة التي توصّلنا إليها بما أضافوه من كفاية علم المتعاقد الآخر بغلط صاحبه أو كون تبيّنه سهلاً عليه قلنا: إنّه ربما يكون العلم أو سهولة التبين ثابتاً له ولكنه لم يكن هو المغرّر ولا كان هناك شرط وجود الوصف بينهما وهنا لا مبرّر لدينا للخيار.

ثم انّ صاحب الوسيط نقل في المقام(1) عن التقنين المصري الجديد المادة [124] انّه: (1 ـ ليس لمَن وقع في غلط ان يتمسّك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النيّة. 2 ـ ويبقى بالأخص ملزماً بالعقد الذي قصد ابرامه إذا أظهر الطرف الآخر استعداده لتنفيذ هذا العقد) والمقصود بالبند الأوّل ما يشمل فرض ما إذا لم يكن البائع مثلاً محققاً للوصف أو الشرط المطلوب بالذات ولكنّه كان مستعداً لتدارك الضرر الحاصل من فقد الوصف بحيث يتحقّق كل الأغراض التي قصدها المشتري كما مثّل له في الوسيط بمَن اشترى أرضاً وهو يعتقد انّ لها منفذاً إلى الطريق العام ثم يتضح انّها محصورة فيعرض عليه البائع النفقات التي يقتضيها حصوله على حق المرور إلى الطريق العام ممّا يحقّق له كل الأغراض التي قصد إليها فيأبى إلّا إبطال البيع فلا يجاب المشتري إلى طلبه. والمقصود بالبند الثاني خصوص ما إذا استعد البائع لتحقيق الوصف أو الشرط المطلوب وتنفيذ العقد حرفيّاً ونقل في الوسيط تحت الخط عن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للتقنين المصري بصدد المادّة [124] التمثيل له بمَن يشتري شيئاً معتقداً خطأً أن له قيمة أثرية مرتبطاً بعقد البيع وعرض البائع استعداده لأن يسلّمه نفس الشيء الذي انصرفت نيّته إلى شرائه فهنا ليس للمشتري حق الإبطال.


(1) راجع الوسيط 1: 340 ـ 341، البند 178.