111

ـ أي: كونه لمنصب الإمامة ـ حتّى فيما يسمّى في المصطلح الفقهيّ عادة بسهمالسادة. نعم، لا شكّ في أنّ من مهامّ الأئمّة(عليهم السلام) مراعاة الحاجات الاقتصاديّة لأولاد الرسول(صلى الله عليه وآله).

 

ما يتعلّق به الخمس

وقد جعلوه سبعة:

90 ـ الأوّل: الغنائم المأخوذة في القتال:

وقد فصّلوا بين القتال بإذن الإمام، فتكون الغنائم عندئذ ملكاً للمقاتلين الذين


غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾(1) فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله(صلى الله عليه وآله)وما كان لرسول الله(صلى الله عليه وآله)فهو للإمام. فقيل له: أفرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقلّ ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الإمام، أرأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله)كيف يصنع، أليس إنّما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإمام»(2). وعليه فللإمام(عليه السلام)أن يتصرّف بجميع الخمس كحقّ وحدانيّ للإمام. وهذا الكلام لم يكن يمكن أن نقوله في باب الزكاة; لأن الأقسام الستّة لم يكن شيء منها للإمام، ففرض عدم وجوب الاستيعاب لم يكن يؤدّي إلى نتيجة أن يكون الجميع للإمام، في حين أنّ الخمس لا إشكال في أنّ نصفه للإمام، فإن لم يجب الاستيعاب صحّ له أن يتصرّف في الكلّ بوصفه حقّاً وحدانيّاً لمنصب الإمامة.

فعلى تقدير أن يكون التقسيم في الآية سداسيّاً في عرض واحد ولم يكن تعدّد اللام بمعنى تعدّد المرتبة، فلتحمل الطائفة الدالّة على كون الخمس حقّاً وحدانيّاً للإمام على هذا المعنى.


(1) سورة الأنفال، الآية: 41.

(2) الوسائل، ب 2 من قسمة الخمس، ح 1

112

قاتلوا الكفّار بعد أخذ صفو المال للإمام، وأخذ الخمس من الباقي له(1)، فما يتبقّى يقسّم على المقاتلين بشرح راجع إلى محلّه، وما يكون قتالاً وغزواً لهم ابتداءً من قِبَل المسلمين من دون أمير أمّره الإمام(عليه السلام) وإذن لهم، فيكون عندئذ كلّ ما غنموه للإمام.

91 ـ وهذا الذي ذكرناه إنّما هو في المنقولات. وأمّا مثل الأراضي المفتوحة عَنْوةً التي هي ملك للمسلمين عامّة، فلا يتعلّق بها الخمس (2).


(1) لا إشكال في ذلك; فإنّ غنيمة الحرب هي المتيقّنة من آية الخمس: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم...﴾(1) سواء أخذنا بالتفسير السنّي للغنيمة وهي غنيمة الحرب أو بالتفسير الشيعي وهو مطلق الفائدة، فإنّ الأوّل قدر متيقّن بلا إشكال، وقد وردت الآية ضمن آيات الجهاد، بل في داخل نفس الآية ما هو شاهد على النظر إلى الحرب، وهو قوله تعالى: ﴿إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ﴾.

(2) المسألة ذات قولين بين أصحابنا(رحمهم الله) ولكنّنا نرى عدم تعلّق الخمس بالأراضي المفتوحة عنوة والتي يكون المتيقّن عندهم العامرة بشريّاً حين الفتح، ويدلّ على ذلك عدد من الروايات بعضها بما يشبه العموم وبعضها بالإطلاق.

أمّا ما يشبه العموم فكصحيح محمّد الحلبي «قال: سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن السواد ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين: لمن هو اليوم، ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، ولمن لم يخلق بعد...»(2)، والمقصود بالسواد أرض العراق أو المخضّر منها بالذات، سمّيت بذلك; لأنّ الجيش حينما دخلها بالفتح في زمن عمر بن الخطّاب رأوا هذه الأرض


(1) سورة الأنفال، الآية: 41.

(2) الوسائل، ب 21 من عقد البيع وشروطه، ح 4.

113


والتفاف شجرها سمّوها السواد(1)، إذن فهذه الكلمة كالعَلَم لأرض محدّدة بحدودها المشخّصة، فدلالتها على أنّها بكامل أجزائها للمسلمين تكون بما يشبه العموم.

ونحوه صحيح أبي الربيع الشامي عن أبي عبدالله(عليه السلام) «لا تشتر من أرض السواد شيئاً إلّا من كانت له ذمّة، فإنّما هو فيء للمسلمين»(2)، وأبو الربيع ممّن روى عنه البزنطي فنحكم بوثاقته، ولا يهمّنا فعلاً فهم معنى جملة: «إلّامن كانت له ذمّة» هل تعني: (إلّا لمن تقبّل الخراج على ذمّته)، أو تعني: (أنّ أهل الذمّة كانت تترك أراضيهم لهم لقبولهم الجزية، فيجوز شراؤها منهم)، أو تعني غير ذلك؟

وأمّا ما يكون بالإطلاق فمن قبيل:

1 ـ رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن عليّ بن أحمد بن أشيم (وقال الشيخ عنه: مجهول) عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر جميعاً قالا: «ذكرنا له الكوفة وما وضع عليها من الخراج وما سار فيها أهل بيته، فقال: من أسلم طوعاً تركت أرضه في يده واُخذ منه العشر ممّا سقي بالسماء والأنهار، ونصف العشر ممّا كان بالرشا فيما عمّروه منها، وما لم يعمّروه منها أخذه الإمام فقبّله ممّن يعمّره، وكان للمسلمين، وعلى المتقبّلين في حصصهم العشر ونصف العشر، وليس في أقلّ من خمسة أوساق شيء من الزكاة، وما اُخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى كما صنع رسول الله(صلى الله عليه وآله) بخيبر، قبّل سوادها وبياضها ـ يعني: أرضها ونخلها ـ والناس يقولون: لا تصلح قبالة الأرض والنخل، وقد قبّل رسول الله(صلى الله عليه وآله) خيبر، قال: وعلى المتقبّلين سوى قبالة الأرض العشر ونصف العشر في حصصهم...»(3).


(1) ولاية الفقيه للمنتظريّ، ج 3 ص 187 ـ 188.

(2) المصدر نفسه، ح 5.

(3) الوسائل، ب 72 من جهاد العدوّ، ح 1.

114


وسند الحديث وإن كان مجهولاً بعليّ بن أحمد بن أشيم ولكن ورد نفس المضمون أيضاً بسند الشيخ إلى أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: «ذكرت لأبي الحسن الرضا(عليه السلام) الخراج وما سار به أهله...»(1)، فلو احتملنا تعدّد الرواية بأن افترضنا أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى تارةً رواها بواسطة عليّ بن أحمد بن أشيم عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر جميعاً، فالسند الثاني تامّ، أمّا لو حدسنا وحدة الروايتين بقرينة وحدة السند والمضمون فكأنّه سقط عليّ بن أحمد بن أشيم من النقل الثاني خطأً، فالثاني أيضاً يسقط سنداً.

2 ـ ورواية محمّد بن شريح المجهولة سنداً بعليّ بن الحارث وبكار بن أبي بكر قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن شراء الأرض من أرض الخراج؟ فكرهه، وقال: إنّما أرض الخراج للمسلمين، فقالوا له: فإنّه يشتريها الرجل وعليه خراجها؟ فقال: لا بأس، إلّا أن يستحيي من عيب ذلك»(2).

3 ـ صحيحة صفوان بن يحيى عن أبي بردة بن رجا (يكفي في وثاقته أنّ الراوي عنه صفوان بن يحيى) قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): كيف ترى في شراء أرض الخراج؟ قال: ومن يبيع ذلك؟! هي أرض المسلمين قال: قلت: يبيعها الذي هي في يده قال: ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟ ثُمّ قال: لا بأس، اشترى حقّه منها، ويحوّل حقّ المسلمين عليه، ولعلّه يكون أقوى عليها وأملأ بخراجهم منه»(3).

فهذه الروايات ونحوها يكون مقتضى إطلاقها أو عمومها عدم الخمس في الأراضي


(1) المصدر نفسه، ح 2.

(2) الوسائل، ب 21 من عقد البيع وشروطه، ح 9.

(3) الوسائل، ب 71 من جهاد العدوّ، ح 1.

115


المفتوحة عنوة.

إلّا أنّه تجب المقايسة بينها وبين أدلّة الخمس في الغنائم.

فنقول: إنّ أدلّة خمس الغنائم على قسمين:

القسم الأوّل: ما يكون من الواضح اختصاصه بالمنقولات; بدليل أنّه ذكر إخراج الخمس ثُمّ تقسيم الباقي بين المقاتلين، وهذا لا يشمل ما يكون ملكاً لعنوان المسلمين; لوضوح أنّه لا يقسّم بين المقاتلين، فلا يشمل الأرض الخراجيّة يقيناً، وذلك من قبيل صحيح معاوية بن وهب «قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): السريّة يبعثها الإمام فيصيبون غنائم، كيف تقسّم؟ فقال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم اُخرج منها الخمس لله وللرسول، وقسّم بينهم أربعة أخماس...»(1).

ونحوه مرسلة حمّاد(2)، وردت في الكافي بتفصيلها الكامل (ج 1 كتاب الحجّة، باب الفيء والأنفال، ح 4، صفحة 539 ـ 543 بحسب طبعة الآخوندي)، وفي التهذيب (ج 4 بحسب طبعة الآخوندي ح 366)، وصحيح هشام بن سالم(3)، وصحيح ربعي(4)، ورواية عبدالله بن سنان(5).

والقسم الثاني: ما يمكن دعوى شموله للأرضين، وذلك: إمّا بالعموم، وهو رواية أبي بصير عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «كلّ شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله فإنّ لنا خمسه...»(6). وسند الرواية ضعيف بعليّ بن أبي حمزة البطائني.


(1) الوسائل، ب 41 من جهاد العدوّ، ح 1.

(2) المصدر نفسه، ح 2.

(3) المصدر نفسه، ح 5.

(4) الوسائل، ب 1 من قسمة الخمس، ح 3.

(5) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 10.

(6) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 5.

116


أو بالإطلاق، وهي الآية المباركة: ﴿وَاعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُم مِنْ شَيء...﴾(1) وعدد من الروايات وهي:

1 ـ صحيح عبدالله بن سنان قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: ليس الخمس إلّا في الغنائم خاصّة»(2).

2 ـ مرسلة أحمد بن محمّد: «حدّثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء: من الكنوز والمعادن والغوص والمغنم الذي يقاتل عليه، ولم يحفظ الخامس»(3). والسند في غاية السقوط بالإرسال، والرفع، وعدم الانتهاء إلى المعصوم. والظاهر: أنّ الخامس هو الملاحة، بقرينة مرسلة حمّاد(4).

3 ـ مرسلة العيّاشي، عن سماعة عن أبي عبدالله وأبي الحسن(عليهما السلام) «قال: سألت أحدهما عن الخمس؟ فقال: ليس الخمس إلّا في الغنائم»(5). وهذه أيضاً ساقطة بالإرسال.

أمّا وجه المقايسة بين هذه النصوص أو قل: وجه العلاج، فيمكن أن يبيّن بعدّة وجوه، نقتصر على ذكر أهمّها:

الوجه الأوّل: ترجيح أدلّة الخمس; لأنّ فيها الكتاب. وأوّل مرجّح للأخبار المتعارضة هو موافقة الكتاب.


(1) سورة الأنفال، الآية: 41.

(2) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 1.

(3) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 11.

(4) المصدر نفسه، ح 4 و 9.

(5) المصدر نفسه، ح 15.

117


إلّا أنّه لو تمّ أيّ جمع دلاليٍّ من الوجوه الآتية فسيقدّم على هذا الوجه; لأنّ الترجيح بالكتاب يكون بعد فرض استحكام التعارض وعدم الجمع العرفي.

الوجه الثاني: ترجيح أدلّة الخمس أيضاً; وذلك لاشتمالها على العموم، وهو رواية أبي بصير: «كلّ شيء قوتل عليه...»(1)، فإنّ الأرض أيضاً شيء قوتل عليه، فهي داخلة في هذا العموم، فيتقدّم على كلّ المطلقات النافية للخمس.

وهذا الوجه إمّا مشتمل على الغفلة، أو على عدم قبول ما قلنا من أنّ استعمال العلَم أو ما يشبه العلَم في بعض الروايات الدالّة على نفي الخمس بعنوان «أرض السواد» المشيرة إلى أرض العراق يكون بمنزلة العموم.

ونحن نرفض هذا الوجه: أوّلاً لإيماننا بأنّ ما مضى من حديثي أرض السواد(2)يشبهان العموم، وثانياً لما قلناه من أنّ رواية أبي بصير ساقطة سنداً بعليّ بن أبي حمزة.

والوجه الثالث: يكون في صالح ترجيح نفي الخمس، وهو ما يظهر من بعض عبائر صاحب الحدائق من أنّ روايات تقسيم الغنيمة بعد التخميس على المقاتلين تدلّ على نفي الخمس في غير ما يقسّم، وهذا مقدّم على مجرّد الإطلاق في الآية المباركة(3).

ولنعم ما أورد عليه في الجواهر من أنّ غاية ما يقال في تلك النصوص: إنّها لم تدلّ على أكثر من تخميس ما يقسّم لا الدلالة على الاختصاص بما يقسّم، فيكفي إطلاق الآية المباركة الذي اعترف به للتخميس(4).


(1) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 5.

(2) مضيا في صفحة 112 وأوّل صفحة 113.

(3) الحدائق، ج 12 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، ص 324 ـ 325.

(4) مستند العروة الوثقى، كتاب الخمس، ج1، ص11، طبعة المطبعة العلميّة بقم نقلاً عن الجواهر.

118


نعم، كان بإمكان صاحب الحدائق(رحمه الله) أن يقتصر من بين روايات التقسيم على مرسلة حمّاد، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن(عليه السلام): «يؤخذ الخمس من الغنائم، فيجعل لمن جعله الله له ويقسّم أربعة أخماس بين من قاتل عليه وولي ذلك... والأرضون التي اُخذت عنوة بخيل أو ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمّرها ويحيها...»(1).

ووجه الاستدلال بهذا الحديث هو: أنّ التقسيم قاطع للشركة، فهذا الحديث كالصريح في عدم الخمس فيما لا يقسّم بين المقاتلين.

إلّا أنّ عيب هذا الحديث إرساله.

الوجه الرابع: أنّ الدليل تامّ السند على إطلاق ثبوت الخمس للأرضين منحصر في الآية الشريفة وفي صحيح عبدالله بن سنان: «ليس الخمس إلّا في الغنائم خاصّة»(2).

أمّا الآية الشريفة وهي قوله: ﴿وَاعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ...﴾(3) فيمكن المناقشة في دلالتها بأنّ ظاهر الخطاب هو توجّهه إلى الشخصيّات الحقيقيّة وهم نفس المقاتلين، أو قل: المسلمون، لا الحقوقيّة وهي عنوان المسلمين، وهذا يوجب على الأقلّ احتمال أن يكون المقصود بالغنيمة ما يملكه الشخصيّات الحقيقيّة. أمّا الأرض التي هي ملك للمسلمين فلم يعلم دخولها في هذا الإطلاق.

وأمّا صحيح عبدالله بن سنان فلا ترد فيه المناقشة التي أشرنا إليها في الآية المباركة; لأنّه ليس بصيغة الخطاب، فقد يقال: إنّ كلمة «الغنائم» مطلقة تشمل الأرضين، إلّا أنّه يرد على الاستدلال به أمران:


(1) الوسائل، ب 41 من جهاد العدوّ، ح 2.

(2) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 1.

(3) سورة الأنفال، الآية: 41.

119


أحدهما: أنّ الرواية بصدد حصر الخمس في الغنائم، أي: نفيه عن غير غنائم الحرب، أو على الأقلّ عن أرباح المكاسب، والذي هو رأيٌ سُنّيّ، وليس رأياً شيعيّاً، وليس بصدد بيان حدود الغنيمة التي يتعلّق بها الخمس كي يتمّ الإطلاق.

وبكلمة اُخرى: أنّ ظاهر الرواية هو التركيز على عقد السلب وهو نفي الخمس عمّا عدا الغنيمة دون عقد الإيجاب، ففرض الإطلاق لها قابل للتأمّل.

والثاني: ما أشرنا إليه ضمن الأوّل: من أنّ مفاد الرواية رأيٌ سنّيّ. والرواية ساقطة في مقابل النصوص الصريحة في ثبوت الخمس في أرباح المكاسب; لترجيح تلك النصوص بمخالفة العامّة.

ولو فرضنا تعارضهما وتساقطهما سنداً للتباين بينهما، لم يبقَ دليل على ثبوت الخمس في الأرضين، فنرجع إلى إطلاقات كون الأراضي المفتوحة عنوةً للمسلمين، وننفي الخمس عنها.

الوجه الخامس: ـ عكس الوجه الثاني ـ ويثبت به تقديم دليل نفي الخمس; وذلك لأنّ أدلّة الخمس كلّها بالإطلاق ما عدا رواية أبي بصير الضعيفة بعليّ بن أبي حمزة البطائني، في حين أنّ أدلّة نفي الخمس فيها ما يكون بحكم العموم، وهي صحيحة محمّد الحلبي وصحيحة أبي ربيع الشامي الحاكمتان بأنّ أرض السواد للمسلمين(1)، حيث مضى: أنّ أرض السواد عَلَم أو كالعَلَم لأرض العراق، وشمول العلم لأجزائه يكون كالعموم، والعموم مقدّم بالأقوائيّة على الإطلاق، فتنفي بذلك الخمس من الأراضي المفتوحة عنوة.

الوجه السادس: أنّ الارتكاز العقلائي أو المتشرّعي أو هما معاً قائم على أنّ الضرائب إنّما تجعل على الأموال الخاصّة، ولا تجعل على الأموال العامّة، كالأوقاف العامّة. نعم،


(1) الوسائل، ب 21 من عقد البيع وشروطه، ح 4 و5.

120


مَن ملك ثمرة من ثمار الوقف العامّ تعلّقت به الضريبة، وهذا الارتكاز أو هذان الارتكازان كالقرينة المتّصلة الصارفة لإطلاق دليل الخمس عمّا يكون من الأموال العامّة، وعندئذ تصبح أدلّة ملكيّة المسلمين عموماً لتلك الأرضين حاكمة أو واردة على إطلاقات الخمس، وعلى عمومه لو كان.

نعم، لو استغلّ شخص قطعة من تلك الأرض بترخيص شرعيّ أو بتقبّلها من قبل الوالي بخراج، فملك الأثمار، تعلّق به زائداً على الزكاة الخمس لو زاد ما ملكه عن مؤونة السنة، وهذا خارج عن البحث.

بقي الكلام في عدّة اُمور:

الأمر الأوّل: هل إنّ ما ينتقل إلى المقاتلين ويتعلّق به الخمس هو جميع المنقولات، أو يختصّ بما حواه العسكر؟

هناك روايتان صريحتان باختصاص الحكم بما حواه العسكر:

الاُولى: مرسلة حمّاد: «وليس لمن قاتل شيء من الأرضين، ولا ما غلبوا عليه إلّا ما احتوى عليه العسكر»(1).

والثانية: رواية جميل بن درّاج عن أبي عبدالله(عليه السلام) «قال: إنّما تضرب السهام على ما حوى العسكر»(2).

والرواية الاُولى عيبها إرسالها.

والرواية الثانية ضعيفة بجعفر بن محمّد بن حكيم، وبمشكلة سند الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضّال، ولا دليل على وثاقة جعفر بن محمّد بن حكم عدا وروده في كامل


(1) الوسائل، كتاب الجهاد، ب 41، ح 2.

(2) المصدر نفسه، ح 7.

121

92 ـ ويشترط في امتلاك المقاتلين أن يكون القتال بإذن الإمام (1).


الزيارات والذي لا نبني على دلالته على الوثاقة.

والمهمّ بحدود ما يرجع إلى بحثنا: أنّه إن كانت المنقولات من غير ما حواه العسكر للإمام، فلا معنى لتخميسه، وإن كانت للمقاتلين تخمّس; لأدلّة خمس الغنيمة، فلا يبقى شيء من البحث عدا أنّها هل هي للإمام أو للمقاتلين؟ وهذا راجع إلى بحث الجهاد.

ولا بأس هنا بالإشارة إلى ما يمكن أن يقال من التفصيل بين ما إذا كانت الحرب دفاعيّة بحتاً، ثُمّ بعد أن انكسر العدوّ بدا لوليّ الأمر حينما رأى انتهاء قوّة العدوّ وكسر شوكته أن يستولي على بلد العدوّ وما فيه، فاستولى عليها من دون حرب اُخرى، فهنا يكون ما في البلد من الأنفال التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، فكلّها للإمام.

وما إذا كانت الحرب لفتح البلد، أو كانت في أصلها دفاعيّة، لكنّها انتهت إلى الحرب بين البلدين، ففتح المسلمون البلد، فكلّ الأموال المنقولة تكون عندئذ من الغنيمة وتخمّس، ويُوزَّع الباقي على المقاتلين من دون فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوِه; لإطلاق الآية المباركة وصحيحة ربعي(1) وصحيحة معاوية بن وهب(2).

(1) الأمر الثاني: هل يشترط في الحكم إذن الإمام، أو لا؟

وهنا أيضاً يمكن الاقتصار بقدر ما يرجع إلى بحث الخمس على القول بأنّه لو كانت الغنيمة في الحرب من دون إذن الإمام للإمام، فلا معنى للخمس، وإلّا فهي داخلة في أدلّة خمس الغنيمة. أمّا أنّه هل يشترط في الحرب الموجب لامتلاك المقاتلين إذن الإمام، أو لا؟ فهذا موكول إلى بحث الجهاد.

ولكن هنا أيضاً يمكن أن يقال على سبيل الإجمال: إنّ الدليل على شرط إذن الإمام


(1) الوسائل، ب 1 من قسمة الخمس، ح 3.

(2) الوسائل، ب 1 من الأنفال، ح 3.

122


صحيح معاوية بن وهب: «السريّة يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف يقسّم؟ قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم اُخرج منها الخمس لله وللرسول، وقسّم بينهم ثلاثة (أربعة خَ لَ) أخماس، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين، كان كلّ ما غنموا للإمام يجعله حيث أحبّ»(1).

ومرسلة الورّاق(2) صريحة في المقصود، إلّا أنّها ساقطة سنداً بالإرسال، مضافاً إلى جهالة الحسن بن أحمد بن يسار أو بشار.

والمهمّ هو ما عرفته من صحيح معاوية بن وهب. وللاستدلال به طريقان:

الأوّل: الاستدلال بمفهوم الشرط الوارد في صدر الحديث، وهو قوله: «إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام اُخرج منها الخمس...» ومفهومه: أنّه إن لم يكن مع أمير أمّره الإمام فكلّه للإمام.

وقد يعترض على ذلك بمعارضته لمفهوم الشرط الوارد في ذيل الحديث، وهو قوله: «وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام...» ومفهومه: أنّه إن قاتلوا عليها المشركين ليس كلّه للإمام بل كانت للمقاتلين حصصهم، وهذا بإطلاقه يشمل فرض القتال بلا إذن.

والجواب: أنّ الإذن كان مفروضاً في سؤال السائل، حيث فرض أنّ السريّة بعثها الإمام، فليس مفهوم الشرطيّة الثانية شاملاً لفرض القتال من دون إذن الإمام.

إلّا أنّ الإشكال الوارد على هذا الطريق من الاستدلال إشكال مبنائي من ناحية عدم إيماننا بمفهوم الشرط.


(1) الوسائل، ب 1 من الأنفال، ح 3.

(2) الوسائل، ب 1 من الأنفال، ح 16.

123


والثاني: الاستفادة من نكتة مفهوم الوصف، وهي ظهور القيد في الاحتراز، بل نصوصيّته في ذلك حينما لا تتصوّر نكتة اُخرى لذكر القيد.

ولا يرد على ذلك ما يقال من أنّ انتفاء الوصف يوجب انتفاء شخص الحكم دون سنخه، فإنّ هذا إنّما يرد في مثل: ماء الكرّ معتصم ممّا يحتمل فيه وجود شخص ثان للحكم، وهو اعتصام ماء المطر، أو الماء الجاري، أو ماء البئر ونحو ذلك. أمّا فيما نحن فيه فالأمر دائر لدى عدم الإذن بين أن تكون الغنيمة كلّها للإمام مطلقاً وأن يكون خمسها للإمام مطلقاً، فلو فرض عدم دخل للإذن في الحكم كان أخذه في لسان الإمام لغواً، ولو فرض دخله في الحكم ارتفع سنخ الحكم ـ لا محالة ـ بزوال الإذن، فالرواية شبه صريحة في المقصود.

ولكنّ الإشكال في المقام يأتي من ناحية ابتلاء الحديث بالمعارض، وهو حديث الحلبي وقسم من أخبار التحليل.

أمّا حديث الحلبي فهو ما رواه الشيخ بإسناده عن سعد، عن عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبدالله(عليه السلام)«في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة، قال: يؤدّي خمسها ويطيب له»(1)، فهذا الحديث دلّ على أنّ الغنيمة ليس عليها إلّا الخمس للإمام على رغم أنّ الحرب كانت تحت لوائهم، ولم تكن بإذن الإمام.

والعيب الموجود في سند الحديث هو في عليّ بن إسماعيل، فلو كان المقصود به الميثمي نبني على صحّته; لأنّ صفوان بن يحيى راو لكتابه، ولو كان المقصود به الدغشي فأيضاً روى عنه صفوان، ولو كان المقصود به عليّ بن إسماعيل بن عمّار فهو ثقة، ولكنّنا


(1) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 8.

124


نحتمل أن يكون المقصود به عليّ بن إسماعيل بن عيسى، ولا دليل على وثاقته إلّا وروده في كامل الزيارات، وهذا غير كاف عندنا في التوثيق.

وادّعى السيّد الخوئيّ(رحمه الله)(1) أنّ عليّ بن إسماعيل في هذه الطبقة ينصرف إلى عليّ بن إسماعيل بن عيسى، وذكر على ذلك قرينتين:

القرينة الاُولى: أنّ الصدوق(قدس سره) ذكر في مشيخته سنده إلى حريز مرّتين: مرّة في ذيل ذكر سنده إلى زرارة، وهو: أبي، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسى بن عبيد والحسن بن ظريف وعليّ بن إسماعيل بن عيسى كلّهم، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، ومرّة اُخرى مستقلاًّ عن سنده إلى زرارة، وهو: أبي ومحمّد بن الحسن ومحمّد بن موسى المتوكّل، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن عليّ بن إسماعيل ومحمّد بن عيسى ويعقوب بن يزيد والحسن بن ظريف، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز. وهذا كما نرى يستخلص منه نفس السند المذكور في ذيل سنده إلى زرارة مع التعبير عن عليّ بن إسماعيل بن عيسى بعليّ بن إسماعيل من دون التصريح بكلمة ابن عيسى ممّا يشهد على أنّ مطلقه في هذه الطبقة منصرف إلى ابن عيسى.

والقرينة الثانية: أنّه ذكر الصدوق في المشيخة سنده إلى إسحاق بن عمّار وهو: أبي، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن عليّ بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار. فبقرينة وحدة الراوي عنه في كلا الموردين وهو عبدالله بن جعفر الحميري نفهم أنّ مقصوده من عليّ بن إسماعيل وعليّ بن إسماعيل بن عيسى واحد. فيبدو أنّ المطلق في هذه الطبقة ينصرف إلى عليّ بن إسماعيل بن عيسى.

وأمّا أخبار التحليل فنقصد منها هنا ذاك القسم الناظر إلى غنائم الحرب: إمّا بقرينة ذكر


(1) راجع معجم الرجال، ترجمة عليّ بن إسماعيل بن عيسى.

125


تزكية الولادة وعدم خبثها كتعليل لتحليل الخمس ممّا يشهد للنظر إلى الجواري المسبيّات في الحرب، من قبيل بعض روايات الباب الرابع من الأنفال من الوسائل(1). وإمّا بقرينة ذكر صفو المال كما في الحديث 14 من نفس الباب، فلو لا أنّ باقي الغنيمة للمقاتلين وأنّ المقدار الذي لهم هو الخمس لم يكن يكفي تحليل الخمس، وهذا يدلّ على أنّ حكم الغنيمة فيما إذا كانت الحرب بإذن الإمام أو بلا إذنه واحد.

والسيّد الخوئيّ(رحمه الله) لم يلتفت إلى نكتة جعل أخبار التحليل معارضة لدليل شرط الإذن، ولكنّه التفت إلى معارضة رواية الحلبي الماضية لذلك، وبما أنّه كان بانياً على وثاقة عليّ بن إسماعيل بن عيسى لوروده في كامل الزيارات، فلم يمكنه النقاش في سند الحديث، فاحتاج في الجواب عن هذه الرواية إلى النقاش الدلالي.

وذكر لذلك نقاشين(2):

أحدهما: ما نقله عن صاحب الجواهر من حمل الرواية على تحليل ما عدا الخمس من الغنيمة التي أصابها في لوائهم رغم أنّها جميعاً له(عليه السلام)، فالرواية لا تدلّ على عدم شرط الإذن كي تعارض دليل شرط الإذن.

وأورد السيّد الخوئيّ على ذلك بأنّ هذا يعني حمل الرواية على التحليل الولائي، وهذا خلاف ظاهر كلام الشارع في كونه حكماً تشريعيّاً، لا ولائيّاً.

أقول: بما أنّه(عليه السلام) يكون متقمّصاً كلا القميصين، أعني: قميص الشرع وقميص الولاية، فلا نستطيع أن ندّعي على العموم: أنّ كلامه(عليه السلام)ظاهر في الحكم الشرعي ما لم تقم قرينة على كونه حكماً ولائيّاً، بل إنّ الأمر يختلف باختلاف المناسبات التي تتحكّم في الظهور،


(1) الحديث 3 و5 و10 و15 و16 و19 و20.

(2) راجع مستند العروة الوثقى، ج 1، ص 20 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

126


فلو كانت المناسبة أو القرينة تقتضي الحمل على الحكم الولائي حمل عليه.

ولو كانت القرينة أو المناسبة تقتضي الحمل على الحكم الشرعي حمل عليه، كما لو كان السؤال راجعاً إلى أحكام الصلاة والصوم، فإنّ المناسبات تحكم بأنّ جوابه(عليه السلام) حكم شرعيّ، أو أنّ السؤال رغم أنّه كان راجعاً إلى الجانب الماليّ المناسب للحكم الولائي أيضاً، لكنّ الجواب كان ظاهراً في قضيّة كلّيّة عامّة غير محدودة بزمان ولا مكان، هذه المناسبة تقتضي أيضاً أن يكون ظاهر الجواب هو الحكم الشرعي; لأنّ الحكم الولائي لا يمكن أن يكون على شكل القضيّة الحقيقيّة العامّة الشاملة لكلّ زمان ومكان; لأنّه يدور مدار المصالح الوقتيّة، وهي تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان.

وما نحن فيه لا يكون من قبيل المثال الأوّل أو الثاني، فالسؤال يكون عن قضيّة ماليّة منسجمة للحكم الولائي كانسجامها للحكم الشرعيّ، والجواب لم يكن بصيغة القضيّة الحقيقيّة الشاملة لكلّ زمان ومكان، وإنّما قال: يؤدّي ـ يعني: هذا العامل في لوائهم ـ خمساً ويطيب له الباقي، فلعلّ هذا حكم من يأخذ الغنيمة من خلفاء الجور في زمن عدم بسط يد الإمام، وهذا يناسب أن يكون حكماً ولائيّاً بتحليل الأربعة أخماس له على رغم كون الغنيمة كلّها للإمام، كما يناسب أن يكون حكماً تشريعيّاً، وبما أنّ الإمام(عليه السلام) متقمّص بكلا القميصين فلا نرى نكتة لظهور الكلام في كونه حكماً تشريعيّاً، وبالتالي لا تثبت المعارضة مع دليل اشتراط الإذن، فيبقى دليل اشتراط الإذن ثابتاً على حجيّته. نعم، لو كنّا ونسخة الوسائل التي ورد فيها «يؤدّي خمسنا» كان هذا ظاهره أنّ خمس الغنيمة لهم وليس كلّ الغنيمة، فيدلّ على أنّ باقي الغنيمة شرعاً للمقاتلين، ولكنّ الموجود في التهذيب(1): «يؤدّي خمسها».


(1) ج 4، ح 357، ص 124 بحسب طبعة الآخوندي.

127

93 ـ وإذن الوليّ الفقيه في عصر الغيبة يحلّ محلّ إذن الإمام في عصر


وعلى أيّ حال، فهذا الجواب إن صحّ عن خبر الحلبي، فهو كما ترى لا يمكن إسراؤه إلى أخبار تحليل خمس الغنيمة; لأنّ تلك الأخبار ظاهرها: أنّ المشكلة كانت في الخمس، فحلّله الإمام، ولو كان الحكم الشرعي عبارة عن أنّ غنيمة الحرب غير المأذونة كلّها للإمام كان المفروض به(عليه السلام)أن يحلّل أصل الغنيمة لا خمسها.

وثانيهما: هو الجواب الذي اختاره السيّد الخوئيّ(قدس سره) في المقام من أنّ الإذن لعلّه كان أمراً مفروغاً عنه; لما ثبت من إمضائهم(عليهم السلام) ما كان يصدر من خلفاء الجور في عصرهم من الغزو والجهاد مع الكفّار، وإذنهم العامّ في ذلك.

أقول: وتشهد لذلك القصّة المعروفة من اشتراك الحسن(عليه السلام) مع بعض خلفاء الجور في الحرب بأمر أبيه أمير المؤمنين(عليه السلام).

وهذا الجواب يمكن إسراؤه إلى أخبار التحليل.

الأمر الثالث: في حكم غنائم الحرب في عصر الغيبة.

والحرب التي تفترض مع الكفّار يمكن أن تفترض بإحدى فرضيّات ثلاث:

الفرضيّة الاُولى: أن نفترضها غير مشروعة كما لو كانت الحرب ابتدائيّة من قبل المسلمين لأجل فتح البلاد للإسلام مع فرض الإيمان بعدم جواز ذلك في عصر الغيبة.

الفرضيّة الثانية: أن نؤمن بمبدأ ولاية الفقيه، وتكون الحرب بقيادته، وتكون مشروعة سواء كانت شرعيّتها نتيجة كونها حرباً دفاعيّةً مثلاً أو نتيجة إيماننا حتّى بالحرب الابتدائيّة في عصر الغيبة.

الفرضيّة الثالثة: أن تكون الحرب مشروعة كالحرب الدفاعيّة، ولكن من دون قيادة الوليّ الفقيه سواء كان ذلك لأجل عدم الإيمان بولاية الفقيه أو لأجل أنّ الفقيه لم يتصدّ لذلك، ولكن المؤمنين اضطرّوا إلى الدفاع.

أمّا الفرضيّة الاُولى: وهي فرضيّة عدم مشروعيّة الحرب، فالحكم فيها واضح; فإنّ هذه هي الحرب بغير إذن الإمام يقيناً، وقد مضى: أنّ الغنيمة كلّها تعتبر من الأنفال، وتكون للإمام، وليست للمقاتلين.

128

الحضور (1).

94 ـ وإذا كانت الحرب في عصر الغيبة مشروعة لكونها دفاعيّة، ولم يوجد الوليّ الفقيه المشرف، فمشروعيّتها تحلّ محلّ إذن الإمام (2).


(1) وأمّا الفرضيّة الثانية: وهي فرضيّة الحرب المشروعة وبإشراف الوليّ الفقيه، فالذي يتبادر إلى الذهن ابتداءً هو: أنّ إذن الوليّ الفقيه يحلّ محلّ إذن الإمام، فيكون خمس الغنيمة للإمام، والباقي للمقاتلين.

إلّا أنّ الشبهة التي يمكن طرحها في المقام هي: أنّ امتلاك الأربعة أخماس من قبل المقاتلين لم يكن حكماً ولائيّاً، بل كان حكماً شرعيّاً، فكيف تثبته في المقام بمبدأ ولاية الفقيه، فإنّ هذا المبدأ يفترض الفقيه كالإمام في الأحكام الولائيّة دون الأحكام الشرعيّة، فتقسيم الأربعة أخماس على المقاتلين لا يمكن إسراؤه إلى المقام، وخمس الغنيمة للإمام بلا إشكال: إمّا بوحده أو ضمن تمام الغنيمة، ولا يحلّ الفقيه محلّ الإمام في أخذ هذا الخمس إلّا بعنوان الحسبة.

والخلاصة: أنّ الأحكام في المقام تكون من قبيل التكبير سبعاً على جنازة النبيّ(صلى الله عليه وآله)وتزويجه بتسع، وإيجاب صلاة الليل عليه، وجواز دخول المسجد جنباً أو الإجناب فيه بالنسبة للإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)والزهراء(عليها السلام) حيث إنّ الرسول(صلى الله عليه وآله)سدّ أبواب المسجد إلّا بابه إلى غير ذلك من الأحكام المختصّة بالمعصوم، فهل نقول: إنّ ما للإمام للفقيه في عصر الغيبة فنثبت له هذه الأحكام وأمثالها؟!

والجواب: أنّه بمقتضى مناسبات الحكم والموضوع يفهم العرف في المقام أنّ تقسيم الأربعة أخماس على المقاتلين وأخذ الخمس للإمام حيث تكون الحرب بإذن الإمام كان مرتبطاً بالإمام بوصفه وليّاً، فإذنه إذن للوليّ، وتجاوزه تجاوز للوليّ، فدليل ولاية الفقيه يحكم على كلّ ذلك، وليس هذا من قبيل مختصّات الرسول كوجوب صلاة الليل وغيره ممّا لا يثبت للفقيه بدليل ولايته.

(2) وأمّا الفرضيّة الثالثة: وهي فرضيّة الحرب المشروعة، ومن دون إذن الفقيه أو من

129

دون الإيمان بولاية الفقيه أساساً كما في الدفاع، فهل يمكن القول في ذلك بامتلاك المقاتلين للأربعة أخماس أو لا؟

يمكن الاستدلال لصحّة امتلاكهم لها بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: أن يدّعى: أنّ العرف يفهم: أنّ المقصود بإذن الإمام إسباغ الشرعيّة على الحرب، ومع وجود الإمام لا شرعيّة للحرب إلّا بإذنه، فإذا أصبحت الحرب شرعيّة في أيّام الغيبة ولو من باب أنّها كانت دفاعيّة، فالخمس للإمام والأربعة أخماس للمقاتلين.

الوجه الثاني: أن يفترض حمل الإمام في دليل شرط إذن الإمام على القائد الشرعيّ والذي لا بدّ منه في الحرب، سواء كان قد عيّن ذلك بمبدأ ولاية الفقيه أو بمبدأ الإيمان بالشورى في تعيين الوليّ، أعني بذلك: شورى الاُمّة، أو لم يكن هذا ولا ذاك، ولكن المؤمنين الذين اضطرّوا إلى الحرب الدفاعيّة توافقوا بينهم على قائد عدل كان لا بدّ منه ولو على أساس الحسبة.

الوجه الثالث: هو الملجأ الوحيد لو لم نثق بأحد الوجهين الأوّلين، وهو التمسّك بإطلاق الآية الشريفة: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ...﴾(1); إذ لو كان خمسها لله وللرسول فالباقي للمقاتلين، وإطلاق صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبدالله(عليه السلام): «سألته عن الغنيمة فقال: يخرج منها خمس لله، وخمس للرسول، وما بقي قسّم بين من قاتل عليه وولي ذلك»(2)، فإنّ المقيّد لهذه الإطلاقات إنّما هو صحيح معاوية بن وهب: «إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام...»(3)، والتقييد بذلك ليس بمفهوم الشرط;


(1) سورة الأنفال، الآية: 41.

(2) الوسائل، ب 41 من جهاد العدوّ، ح 5.

(3) الوسائل، ب 1 من الأنفال ح 3.

130

لعدم إيماننا به، بل بنكتة مفهوم الوصف، ومفهوم الوصف يتحدّد بالحدّ الذي لولاه للغى ذكر الوصف، فلا إطلاق له لزمان الغيبة وعدم وجود الإمام ولا الوليّ، بل موضوعه خاصّ بفرض وجود الإمام أو الوليّ; لأنّ ما فرض في أصل السؤال هو السريّة يبعثها الإمام، فتبقى الإطلاقات بالنسبة للحرب الدفاعيّة في زمن عدم الوليّ على حالها، ولكن هذا الوجه إنّما يفيد بناءً على تسليم الملازمة بين رجوع الخمس للإمام وتقسيم الباقي على المقاتلين، أمّا حينما لا يكون حكم التقسيم فالكلّ للإمام.

وبالإمكان المناقشة في ذلك في الحروب الدفاعيّة البحت، فإنّ الآية المباركة التي تشمل بإطلاقها الحروب الدفاعيّة البحت بسبب أنّ المورد لا يخصّص الوارد إنّما دلّت على التخميس ولم تدلّ على التقسيم، وروايات التقسيم كلّها واردة في الغزو لا في الدفاع البحت، فعليك بمراجعة روايات التقسيم على المقاتلين(1)، ففي صحيح معاوية بن وهب وهو الحديث الأوّل، وفي مرسلة حمّاد وهو الحديث الثاني توجد عدّة قرائن على الاختصاص بالغزو من قبيل قوله: «ويقسّم أربعة أخماس بين من قاتل عليه وولي ذلك»، ومن قبيل قوله: «ليس لمن قاتل شيء من الأرض»; فإنّ المقاتلة في الدفاع البحت إنّما هي لدفع المهاجمين ودحضهم وإن استلزمت قهراً حصول غنائم، وليست على الغنائم، وكذلك ليس في الدفاع البحت فتح الأرضين، وكذلك صحيح عبدالكريم بن عتبة وهو الحديث الثالث من الباب مختصّ بالغزو; بدليل الحديث عن الجزية، وبدليل كلمة: «من قاتل عليه»، وفي الدفاع البحت لا توجد جزية ولا المقاتلة على الغنيمة، وكذلك صحيح هشام بن سالم وهو الحديث الخامس من الباب مختصّ بالغزو; بقرينة قوله: «بين من قاتل عليه وولي ذلك» وكذلك موثّقة سماعة وهو الحديث السادس من


(1) الوسائل، ب 41 من جهاد العدوّ.

131

95 ـ أمّا ما يؤخذ غِيلة من الكفّار أو النواصب فيجب تخميسه من دون استثناء مؤونة السنة (1).


الباب خاصّ بالغزو; لأنّها تحكي عن فعل رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حربه من إخراجه للنساء في الحرب يداوين الجرحى، وعليك بمراجعة باقي الروايات.

وأمّا روايات حرب البغاة في قصّة الجمل لو دلّت على أنّه كان يجوز لأمير المؤمنين(عليه السلام)سبيهم وتقسيم غنائهم، فهي أيضاً تعتبر بمعنىً من المعاني فتحاً للبصرة.

ولكنّنا نعود مرّةً اُخرى ونقول: يمكن دعوى: أنّ المفهوم عرفاً من دليل شرط الإذن إسباغ المشروعيّة على الحرب، والحرب الدفاعيّة مشروعة حتّى مع عدم وجود الوليّ، كما أنّه يمكن النقاش في تسمية حرب الجمل حرباً فاتحة، بل هي دفاعيّة بحتة لهجوم البغاة واستيلاء الحقّ على البصرة لم تكن إلّا بمعنى نجاح الدفاع كاملاً، فبناءً على استفادة جواز تقسيم الغنيمة من روايات حرب البغاة ـ وإن لم يفعلها الإمام(عليه السلام)لمصلحة ـ يكون ذلك مؤيّداً لعدم الفرق في الحكم بين الغزو والحرب الدفاعيّة.

(1) بقي الكلام في قسم ثالث من الغنيمة غير غنيمة الغزو، وغير غنيمة الحرب الدفاعيّة، وهي ما لو أغار عدد من المسلمين على الكفّار لأخذ أموالهم فحسب من غير غزو للبلاد ولا دفاع عن بلاد المسلمين، وذلك من قبيل عدوّ كافر يصطلم فيؤخذ ماله، وكذلك الناصب الذي لا حرمة لماله، وقد ورد في ذلك حديثان:

الأوّل: صحيحة عليّ بن مهزيار المفصّلة والمكاتبة(1) وفيها قوله(عليه السلام): «ومثل عدوّ يصطلم فيؤخذ ماله».

والثاني: صحيحة حفص بن البختري(2) عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «خذ مال الناصب


(1) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 5.

(2) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس، ح 6.

132


حيثما وجدته، وادفع إلينا الخمس».

وأصل تعلّق الخمس بهكذا غنيمة لا إشكال فيه; على الأقلّ لهاتين الصحيحتين، وإنّما الكلام في أنّ هذه الغنيمة هل تعتبر غنيمة حرب، فيتعلّق بها الخمس مباشرة، أو هي غنيمة بمعنى مطلق الفائدة، فتستثنى منها مؤونة السنة؟

ذكر السيّد الخوئيّ(قدس سره): أنّ غنيمة الحرب الواردة في الآية التي أمرت بتخميسها من دون استثناء المؤونة لا تشمل هذه; لأنّ المقصود بالغنيمة في الآية وروايات خمس الغنيمة هي الاغتنام الناتج من القتال والمتحصّل من الغلبة بالمقاتلة لا مطلق السيطرة على المال كيف ما اتّفق، ليشمل مثل السرقة والخديعة، ويعضده: أنّ مكاتبة عليّ بن مهزيار عدّت هذه الغنيمة ضمن أمثلة مطلق الفائدة، والتي نعلم أنّ الخمس فيها يكون بعد استثناء مؤونة السنة(1).

أقول: ونحن نكمّل بيان السيّد الخوئيّ أو نوجّهه كالتالي:

إن فسّرت الغنيمة في الآية بالتفسير الشيعي المعروف وهو مطلق الفائدة، إذن فالفائدة بمعناها العامّ قد استثنيت منها مؤونة السنة، وإن فسّرت بمعنى غنيمة الحرب فهذه ليست منها.

ويرد على ذلك: أنّ مجرّد عدم كون هذه الغنيمة غنيمة حرب لا يكفي لاستثناء المؤونة من هكذا غنيمة، بل لا بدّ من مراجعة تفصيليّة لروايات استثناء المؤونة لنرى: هل هي خاصّة بأموال التجارة والصناعة والزراعة وما أشبه ذلك، أو تشمل هكذا غنيمة؟

والواقع: أنّ روايات استثناء مؤونة السنة على قسمين:

القسم الأوّل: ما يختصّ بأرباح التجارة والصناعة ونحوها كصحيحة عليّ بن أبي


(1) راجع مستند العروة، كتاب الخمس، ج 1، ص 24 بحسب طبعة المطبعة العلميّة بقم.

133


راشد(1)، ورواية عليّ بن محمّد أو محمّد بن عليّ النيسابوري(2)، وهو رجل مجهول، وذيل مكاتبة عليّ بن مهزيار الماضية(3)، وصحيحة إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ المفسِّرة للمكاتبة التي مضت الإشارة إليها(4).

والقسم الثاني: ما قد يدّعى فيه الإطلاق أو العموم، وهي روايات ثلاث:

الاُولى: رواية محمّد بن الحسن الأشعري قال: «كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام): أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب، وعلى الصنّاع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه: الخمس بعد المؤونة»(5). ولكنّنا لم نرَ دليلاً على توثيق محمّد بن الحسن الأشعري.

والثانية: رواية إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ: إنّ في توقيعات الرضا(عليه السلام) إليه: أنّ الخمس بعد المؤونة(6).

وقد عدّ إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ من أصحاب الرضا والجواد والهادي(عليهم السلام)، وكان وكيلاً لبعضهم حتّى عدّ وكيلاً للناحية، فلو تمّ هذا في إثبات وثاقته صحّ سند الحديث، وإلّا ـ كما قاله السيّد الخوئي(قدس سره) من أنّ الوكالة لا تستلزم الوثاقة ـ فالسند غير تامّ.

وأمّا دلالة الحديث على الإطلاق فغير تامّة; لأنّ المظنون: أنّ توقيع الرضا(عليه السلام) كان جواباً على


(1) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 3.

(2) ح 2، من نفس الباب.

(3) ح 5، من نفس الباب.

(4) ح 4، من نفس الباب.

(5) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 1.

(6) الوسائل، ب 12 من تلك الأبواب، ح 2.

134

96 ـ الثاني: المَعْدِن (1).


سؤال ونحن لا نعرف السؤال، ولعلّه شيء يضرّ بإطلاق الجواب، فيدخل ذلك في احتمال القرينة المتّصلة، وهو يوجب الإجمال، فلعلّ السؤال كان عن حكم تعلّق الخمس بأرباح المكاسب مثلاً.

والثالثة: صحيحة ابن أبي نصر قال: «كتبت إلى أبي جعفر(عليه السلام): الخمس اُخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب(عليه السلام): بعد المؤونة»(1).

وهذه الرواية أفضل الروايات الثلاث من ناحية السند.

ولكن بالإمكان المناقشة في إطلاق هذه الرواية، لأنّ ابن أبي نصر صاغ السؤال بصياغة شخصيّة، فلم يسأل عن كلّي الخمس: هل هو بعد المؤونة أو قبل المؤونة؟ بل سأل عن حكمه الشخصي: هل يخرج الخمس قبل المؤونة أو بعدها؟ ومن المحتمل أنّ وضعه الشخصي كان واضحاً من أنّ لديه ما هو المألوف وقتئذ من الأموال المتعارفة لا من غنيمة الغيلة أو السرقة من العدوّ.

(1) لا إشكال إجمالاً في الفقه الشيعي في وجوب الخمس في المعدن; وذلك لأحد وجوه:

الأوّل: التمسّك بإطلاق الآية المباركة: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم...﴾(2) حسب التفسير المألوف لدى الشيعة للغنيمة بمطلق الفائدة: إمّا من باب الأخذ بالمعنى اللغوي للغنيمة ودعوى: أنّ ورود الآية في مورد الجهاد لا يصرفها إلى غنيمة الجهاد، وإمّا من باب تفسير الآية بمطلق الفائدة في عدد من الروايات، كحديث وصايا النبيّ(صلى الله عليه وآله) لعليّ(3)، ورواية حكيم مؤذّن بني عيس(4) وعمدتها صحيحة عليّ بن مهزيار الطويلة(5).


(1) المصدر نفسه، ح 1.

(2) سورة الأنفال، الآية: 41.

(3) الوسائل، ب 5 ممّا يجب فيه الخمس، ح 3.

(4) الوسائل، ب 4 من الأنفال، ح 8.

(5) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 5.

135


والثاني: التمسّك بما دلّ على أنّ الخمس في كلّ ما أفاد الناس، والعمدة في ذلك موثّقة سماعة(1).

والثالث: الروايات الخاصّة الواردة في باب المعدن، من قبيل روايات الباب 2 و3 ممّا يجب فيه الخمس من الوسائل.

وأوّل سؤال يواجهنا في هذا الباب هو: أنّ تعلّق الخمس بالمعدن هل هو من باب تعلّق الخمس بمطلق الفائدة كما استفدنا تعلّق الخمس به من إطلاق الآية لو سُلّم؟ أو من مثل موثّقة سماعة: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن الخمس فقال: في كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير»(2)؟ أو هناك موضوعيّة للمعدن بالذات للروايات الخاصّة الواردة بشأ نه؟ن بالذات للروايات الخاصّة الواردة بشأ نه؟

والواقع: أنّ الروايات الخاصّة الواردة بشأ نه ليس كلّها دليلاً على افتراض موضوعيّة خاصّة للمعدن، فمثلاً في صحيح محمّد بن مسلم(3) قد حكم الإمام(عليه السلام) بوجوب الخمس في المعدن في مقابل سؤال السائل عنه، وهذا لا يدلّ على أنّ هناك خصوصيّة فيه.

ولكن هناك روايات يمكن أن تستظهر منها الخصوصيّة في عنوان المعدن من قبيل روايات الخمس في خمسة أشياء(4) وإن كانت جميعاً غير نقيّة السند، وسيأتي إن شاء الله ذكر الرواية الواردة في ب 3 منها ح 7 وهي نقيّة السند، ومن قبيل صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلّ ما كان ركازاً ففيه الخمس، وقال: ما عالجته بمالك ففيه ـ ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفّى ـ الخمس»(5).

 


(1) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 6.

(2) الوسائل، ب 8 ممّا يجب فيه الخمس، ح 6.

(3) الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 1.

(4) الوسائل، ب 2 ممّا يجب فيه الخمس.

(5) الوسائل، ب 3 ممّا يجب فيه الخمس، ح 3.