144

وذكر المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله): أنّ النقل لو كان متعلّقاً بطرف الحقّ كانصحيحاً، فإنّ ذا الحقّ يخرج الأرض المحجّرة من طرف إضافته الحقّيّة إلى طرف إضافة اُخرى. وأمّا نقل نفس الإضافة بذاتها فغير معقول، لأنّ الإضافات تتشخّص بأطرافها، فشخص العين قابل للنقل دون شخص الإضافة، فإذا اُريد نقل الإضافة فلا بدّ أن يكون النقل فيها بالعناية وبنظر الوحدة، فكأنّ الإضافة المنقولة من طرف نفسه إلى طرف غيره شخص تلك الإضافة، بينما واقع الأمر هو موت إضافة وخلق إضافة جديدة(1).

أقول: إن كان المقصود بذلك مجرّد بحث لفظيّ عن مثل كلمة (النقل) كي ترى أنّ الأصحّ هو التعبير بنقل طرف الإضافة أو التعبير بنقل الإضافة فلا كلام لنا في ذلك، وأمّا إن كان المقصود تصوير عمليّتين إحداهما نقل طرف الإضافة والاُخرى إفناء الإضافة الاُولى بين شخص وذاك الطرف وخلق إضافة جديدة بين شخص آخر وذاك الطرف وأنّ العمليّة الثانية يعبّر عنها بنقل الإضافة بالعناية فالواقـع أنّهما عمل واحد فلسفيّاً يصحّ التعبير عنه عرفاً بنقل الحقّ كما يصحّ التعبير عنه عرفاً بنقل متعلّق الحقّ.

 

تقسيم الحقّ إلى العيني والشخصي

ثمّ إنّه تعارف في فقه القانون الوضعيّ الحديث تقسيم الحقوق الماليّة إلى قسمين(2): الحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ.


(1) راجع تعليقته على المكاسب (فائدة في تحقيق حقيقة الحقّ): 11 - 12.

(2) راجع بهذا الصدد الوسيط 1 الفقرة 2 - 5، و 8، الفقرة 94 - 99، والفقه الإسلاميّ في ثوبه الجديد 3: الفقرة 5 ـ 14.

145

فالأوّل: هو الحقّ الذي يكون قائماً بين صاحب الحقّ والشيء المستحقّ،ويكون ذو الحقّ مسلّطاً بموجبه على ذلك الشيء مباشرة ومن دون وساطة شخص آخر في ممارسة السلطان على ذلك الشيء، ومثاله: حقّ الملكيّة، وحقّ السكنى، وحقّ الانتفاع، وحقّ الرهن، وما إلى ذلك.

والثاني: هي الرابطة القائمة بين شخصين، التي يمارس ذو الحقّ بموجبها سلطته على ما يريد بواسطة الشخص الآخر، أي بمطالبته إيّاه بإعطاء مايستحقّه من دَين أو عمل، أو الامتناع عن عمل من قبيل حقّ الدائن المقرضعلى المدين المقترض وحقّ المستأجر على الأجير. وقد وجد للبعض في داخل الفقه الوضعيّ اتّجاه إلى إنكار هذا التقسيم، وإرجاع كلّ الحقوق الماليّة إلى قسم واحد على خلاف في ذلك بين إرجاع الحقّ العينيّ إلى الحقّ الشخصيّ، وبالعكس.

 

إرجاع الحقّ العيني إلى الشخصي:

أمّا من أرجع الحقّ العينيّ إلى الشخصيّ فحاصل كلامه: أنّ الحقّ إنّما هو رابطة بين شخصين، ويكون الحقّ ثابتاً لشخص على شخص آخر حتى في ما يسمّى بالحقّ العينيّ، وليس الحقّ ثابتاً لشخص على العين، غاية ما هناك أنّ العين هو مورد حقّه ومحلّه، فحقّ الملكيّة مثلا محلّه ومتعلّقه الشيء المملوك، وذو الحقّ هو المالك، ومَن عليه الحقّ هم الناس كافّة عدا نفس المالك، إذ يجب عليهم جميعاً احترام هذا الحقّ.

فكما أنّ الحقّ الشخصيّ يشتمل على عناصر ثلاثة: ذو الحقّ، ومَن عليه الحقّ، ومتعلّق الحقّ، كذلك الحقّ العينيّ مشتمل على هذه العناصر الثلاثة، ولا

146

فارق جوهريّ بينهما. نعم، هما يختلفان في شيء غير جوهريّ، وهو أنّ المدين ـ أي مَن عليه الحقّ ـ في الحقّ الشخصيّ هو شخص معيّن أو أشخاص معيّنون، وفي الحقّ العينيّ هم جميع الناس عدا الدائن، ولهذا يمكن اعتبار الحقّ العينيّ حقّاً شخصيّاً عامّاً من حيث المدين.

وأجاب على ذلك الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوريّ بجوابين(1):

الجواب الأوّل: صحيح أنّ الحقّ العينيّ يشتمل على جانب عامّ، وهو أنّه يجب على الجميع احترامه ولا يجوز لهم هتكه، إلّا أنّ هذا ليس هو امتياز الحقّ العينيّ عن الحقّ الشخصيّ كما تخيّله صاحب الإشكال، فإنّ هذا ثابت حتى في الحقّ الشخصيّ، فحقّ المقرض على المقترض مثلا يجب على الناس جميعاً احترامه، ولا يجوز لأحد أن يحرّض المدين على الامتناع عن أداء الدَين مثلا، وإن فعل ذلك كان مسؤولا عن التدارك، فالحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ مشتركان في الجانب العامّ، ولكنّ الحقّ الشخصيّ يزيد على الحقّ العينيّ في أمر جوهريّ، وهو ثبوت الجانب الخاصّ من حيث المدين إلى هذا الجانب العامّ الذي تقدّم ذكره، ففي كلّ حقّ شخصيّ يوجد مدين معيّن أو مدينون معيّنون هم الذين يباشر الدائن سلطته على الشيء محل الحقّ بوساطتهم، ولا وجود لهؤلاء في الحقّ العينيّ، وهذا فرق جوهريّ ما بين الحقّين تترتّب عليه نتائج هامّة سيأتي ذكرها.

وإذا اعتدى شخص بالذات على الحقّ العينيّ فأصبح مسؤولا عن تداركه فهذا الشخص ليس مسؤولا بموجب الحقّ العينيّ ذاته، بل بموجب التزام شخصيّ


(1) الجواب الأوّل موجود في الجزء الأوّل من الوسيط: الفقرة 3، وكلا الجوابين موجودان في الجزء الثامن منه: الفقرة 97.

147

تولّد عن الخطأ الذي ارتكبه، ويكون إذن طرفاً لا في الحقّ العينيّ الموجود من قبل بل في الحقّ الشخصيّ الذي تولّد عن الخطأ.

الجواب الثاني: أنّ الحقّ العينيّ غير متقوّم في عناصره بالمدين أو المدينين حتى بلحاظ عموم الناس، وصحيح أنّه يجب على الناس كافّة احترام الحقّ العينيّ لذي الحقّ، لكن هذا إنّما يكون بعد استكمال هذا الحقّ لجميع عناصره وقيامه حقّاً كاملا مستوفياً لجميع مقوّماته، فهذا الاحترام إذن ليس عنصراً من عناصر الحقّ العينيّ، ولا يوجد مدين بالحقّ العينيّ هو عنصر من عناصر هذا الحقّ، بينما يوجد مدين في الحقّ الشخصيّ هو أحد عناصره.

أقول: إنّ ما افترضوه من عدم وجود المدين في الحقوق العينيّة لا ينافي ما مضى منّا من أنّ كلمة (الحقّ) اُشربت لغويّاً النظر إلى مَن عليه الحقّ لا في الملك ولا في الحقوق الاُخرى.

أمّا في الملك فيكفي في رفع التنافي أن يقال: إنّنا لم نكن نصطلح على الملك بالحقّ، فنحن وإن قلنا: إنّ الحقّ ـ بناءً على كونه أمراً اعتباريّاً ـ هو في روحه ملكيّة ضعيفة ولكنّنا أشرنا إلى فارق لغويّ بين الملك والحقّ، وهو إشراب كلمة (الحقّ) النظر إلى من عليه الحقّ دون كلمة (الملك). نعم، قلنا: إنّ وجود الآخرين المملوك عليهم كان دخيلا كحيثيّة تعليليّة في جعل الملك، لكن هذا لا يعدو أن يكون حيثيّة تعليليّة، وبما أنّ الملك يفترض في الفقه الغربيّ حقّاً من الحقوق إذن فقد حصلوا على حقٍّ غير مأخوذ فيه عنصر المدين.

وأمّا في الحقوق العينيّة الاُخرى كحقّ الرهن أو حقّ الفسخ أو حقّ الشفعة فالمفروض عندنا تقوّمها بمن عليه الحقّ من شخص خاصّ، وهو الراهن أو المفسوخ عليه العقد أو المشتري. بينما ذكر السنهوريّ في جوابه الأوّل: أنّ

148

الحقوق الشخصيّة لا تشتمل على الجانب الخاصّ من حيث المدين. وذكر في جوابه الثاني: أنّ الحقوق الشخصيّة لا تتقوّم أصلا بالمدين حتى بلحاظ عموم الناس.

ولكن مع ذلك لا تنافي بين هذه الكلمات وما ذكرناه، وذلك بلحاظ الفرق بيننا وبينهم في المصطلحات. فنحن كنّا نقصد بمن عليه الحقّ المتقوّم به حقّ الرهن أو الفسخ أو الشفعة الراهن أو المفسوخ عليه أو المشتري بلحاظ أنّ الحقّ متعلّق بما يملكه ومحدِّد لصلاحيّاته في التصرّف الناتجة من مالكيّته. وهم يقصدون بنفي تقوّم هذه الحقوق بمن عليه الحقّ أو عدم وجود المدين في هذه الحقوق أنّ صاحب الحقّ يمارس سلطته على هذه الأعيان مباشرة لا بواسطة ممارسة السلطة على شخص مّا. وهذا صحيح. هذا، وسيأتي إن شاء الله أنّ الدكتور السنهوريّ أنكر دخول مثل الشفعة في الحقّ سواء العينيّ أو الشخصيّ.

 

إرجاع الحقّ الشخصي إلى العيني:

وأمّا من أرجع الحقّ الشخصيّ إلى الحقّ العينيّ فحاصل كلامه: أنّه حان الآن وقت النظر إلى الحقّ الشخصيّ لا باعتباره رابطة بين الشخصين، بل باعتباره عنصراً من عناصر الذمّة الماليّة ومنفصلا عن المدين، وهذا ما يقتضيه تقدّم المعاملات وسرعة تداول الأموال وتصحيح حوالة الدَين، فتتجرّد القيمة الماليّة للحقّ الشخصيّ عن شخص الدائن وعن شخص المدين، وبذلك يقرب الحقّ الشخصيّ من الحقّ العينيّ، وهذا هو المذهب المادّيّ في الالتزام.

وأجاب عليه الدكتور السنهوريّ(1): بأنّنا لا ننكر على المذهب المادّيّ


(1) راجع الوسيط الجزء 1: الفقرة 4، والجزء 8: الفقرة 98.

149

للالتزام انتشاره ومسايرته للتطوّر القانونيّ الحديث، ولكنّنا نقول: إنّ هذا لا يؤدّي إلى هدم التمييز بين الحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ، فيبقى الفارق جوهريّاً بين الحقّين حتى إذا نظرنا إليهما من حيث متعلّق الحقّ وهو أنّ الدائن يمارس في الحقّ العينيّ سلطته على متعلّق الحقّ مباشرة دون وسيط بينهما، بخلاف الحقّ الشخصيّ، فليس للدائن فيه إلّا سلطة غير مباشرة على متعلّق الحقّ، ولا يستعمل هذه السلطة إلّا بوساطة المدين.

ورغم ما يتراءى من وضوح الفرق بين الحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ قد يقع نوع من الخلط أو التقارب بينهما من قبيل ما يسمّى عندهم بالالتزام العينيّ(1).

ووجه هذه التسمية هو أنّ كلمة (الالتزام) تشير إلى جانب شخصيّة الحقّ، لأنّ الالتزام هو العنوان المضايف للحقّ الشخصيّ، فكلّ حقّ شخصيّ بالقياس إلى الدائن حقّ، وبالقياس إلى المدين التزام. وكلمة (العين) تشير إلى علاقة هذا الحقّ بعين معيّنة، وهذا في الموارد التي يكون الالتزام الثابت على المدين التزاماً بعمل للدائن يجب إيقاعه بلحاظ عين مملوكة للمدين، من قبيل ما افترضوه من أنّ كلّ مالك يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة، وتكون نفقات التحديد شركة بينهما.

ومثل هذا الالتزام يوافق الالتزام الشخصيّ من حيث إنّه يجبر مديناً معيّناً نحو دائن معيّن على أداء عمل معيّن، لكنّه يوافق الحقّ العينيّ في أنّه يتركّز الالتزام العينيّ في عين معيّنة بالذات، وأنّه يدور مع ملكيّة هذه العين أينما دارت، فلو انتقلت الأرض المجاورة مثلا إلى شخص آخر تحوّل الالتزام بوضع الحدّ إلى


(1) راجع الوسيط 8: الفقرة 100 وآخر الفقرة 99.

150

ذاك الشخص، وأنّ المدين يستطيع أن يتخلّص من التزامه بتركه العين أو التخلّي عنها.

 

إلحاق بعض الحقوق إلى العيني أو الشخصي:

ثمّ إنّ الدكتور عبد الرزاق السنهوريّ ذكر: أنّ الشفعة ليست حقّاً وأنّ الشفيع إنّما يطالب بملكيّة العقار المشفوع فيه، فهو لا يطالب بالشفعة، وإنّما يطالب بالملكيّة، وقد كان اعتبار الشفعة حقّاً هو الذي حيّر بعض الفقهاء ودفعهم إلى التساؤل: هل الشفعة حقّ عينيّ أو حقّ شخصيّ؟ والواقع أنّها ليست بحقّ عينيّ ولا بحقّ شخصيّ، وإنّما هي كالعقد سبب من أسباب كسب الملكيّة، وإذا كانت المناقشة لا تجوز في اعتبار العقد حقّاً عينيّاً أو حقّاً شخصيّاً كذلك لا تجوز المناقشة في اعتبار الشفعة هذا أو ذاك(1).

وذكر أيضاً: كثيراً مّا يناقش الفقهاء هل الشفعة حقّ عينيّ أو هي شيء غير ذلك؟ كما يتناقشون في طبيعة الحيازة وهل هي حقّ عينيّ؟ ونحن لا نتردّد في الإجابة على هذه المسائل بما قدّمناه، فلا الشفعة ولا الحيازة حقّ عينيّ أو شخصيّ، بل هما واقعتان قانونيّتان تدخلان في أسباب كسب الملكيّة، فهما إذن ليستا بحقوق، بل هما مصدر للحقوق، ولا يصحّ أن يقال عن أيٍّ منهما إنّه حقّ عينيّ أو حقّ شخصيّ بالقدر الذي لا يصحّ أن يقال به إنّ العقد ـ وهو أيضاً مصدر للحقوق ـ حقّ عينيّ أو حقّ شخصيّ. والأهمّية العمليّة لعدم اعتبار الشفعة حقّاً أنّه لا يجوز لدائني الشفيع أن يستعملوا الشفعة باسم مدينهم(2).


(1) انظر الوسيط 8: الفقرة 105.

(2) الوسيط 1: الفقرة 33، الهامش.

151

أقول: لا إشكال في أنّ الشفعة تختلف عن العقد في أن العاقد لا يعقد رغم أنف الطرف الآخر، بل يعقد برضاه، بخلاف الشفيع الذي يطالب ببطلان البيع رغم البائع. وكذلك الشفعة تختلف عن العقد وعن الحيازة في أنّ ممارسة العقد أو الحيازة جائزة لكلّ أحد بخلاف الشفعة التي لا تكون إلّا للشريك، فلو فرضت الشفعة حقّاً عينيّاً أو شخصيّاً لا ينقض بالعقد أو الحيازة. وأمّا أنّ الشفيع يطالب بملكيّة العقار لا بالشفعة فيرد عليه:

أوّلا: أنّ الشفيع لا يطالب بملكيّة العقار وإنّما يطالب بالجامع بين ملكيّة العقار ورجوعه بالفسخ إلى البائع، ومن هنا كان وسطاً بين الحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ؛ لأنّ الفسخ عمل يلزم به البائع وتملّك العقار أمرٌ متعلّق بالعين.

وثانياً: أنّه لو كان الشفيع يطالب بملكيّة العقار لكانت الشفعة عبارة عن حقٍّ أن يمتلك لا أنّها تخرج عن كونها حقّاً، ولا ينقض بالعقد أو الحيازة، لما عرفت من أنّهما لا يختصّان بشخص دون شخص، بخلاف حقّ الشفعة.

وذكر السنهوريّ ـ بعد تثبيته لعدم كون الشفعة حقّاً ـ: والذي ضلّل الناس في أمر الشفعة هو أنّها تجعل الشفيع بالنسبة إلى العين المشفوع فيها في منزلة مَن له الحقّ في أنْ يمتلكها، وهذه منزلة وسط بين مجرّد الرخصة في التملّك حيث يكون الشخص أجنبيّاً عن الشيء، وحقّ الملكيّة الكامل حيث يكون للشخص حقّ عينيّ في الشيء. ونظير ذلك شخص صدر له إيجاب البيع، فهو أيضاً في منزلة وسطى بين من له مجرّد الرخصة في الشراء قبل صدور الإيجاب وبين المشتري الذي أصبح مالكاً عند تمام البيع(1).


(1) الوسيط الجزء 1، الفقرة 33، الهامش.

152

أقول: إنّ الفرق بين الشفعة وقبول القابل بعد صدور الإيجاب هو أنّللموجب أن يرجع من إيجابه قبل قبول القابل، وللأجنبيّ أن يتّفق مع الموجب ويشتري منه العين قبل قبول القابل، ولكنّ الشفيع ليس لأحد أن يزاحمه في إعمال حقّه.

وأمّا ما ذكره من أنّه لا يجوز لدائني الشفيع أن يستعملوا الشفعة باسم مدينهم فلدى إرادة حمله على معنىً معقول ينبغي أن يكون إشارة إلى شرط من شروط المعنى المصطلح عليه بالحقّ الماليّ، وهو أن يكون الحقّ الماليّ قابلا للانتقال على الأقلّ إلى الدائنين، بمعنى أن يتمكّنوا من الاستفادة الماليّة من حقّ مدينهم، كما هو حاصل في حقّ الرهن، فمن حقّ دائني المرتهن لدى تفليسه الاستفادة من العين المرهونة. وليس الأمر كذلك في الشفعة أو خيار الفسخ، فإنّ فرض هذا الشرط في معنى الحقّ المالي صحّ ما يقوله الدكتور السنهوريّ من أنّ الشفعة ليست حقّاً عينيّاً ولا حقّاً شخصيّاً.

هذا كلّ ما أردنا بيانه هنا لتوضيح مصطلح الحقّ العينيّ والشخصيّ في الفقه الغربيّ.

 

ثمرات الفرق بين الحقّ العيني والشخصي:

أمّا الثمرات التي ترتّب على تقسيم الحقّ إلى العينيّ والشخصيّ فلعلّ من أهمّها ما يلي:

1 ـ لصاحب الحقّ العيني تتبّع العين في حقّه أينما انتقلت، وذلك إمّا بمعنى أنّ العين متى ما تنتقل من حيازة شخص إلى حيازة شخص آخر يكون لصاحب الحقّ تتبّع العين أينما كانت. فمالك العين مثلا له أن يقيم الدعوى على اليد الأخيرة لدى تعاقب أيد متعدّدة على العين المغصوبة، وله أن يفرض سيطرته على

153

العين وإن كان صاحب اليد الأخيرة يتضرّر بذلك؛ لأنّه اشتراها من صاحب اليد السابقة بثمن مّا باعتقاد كونه مالكاً لها. نعم، لصاحب اليد الأخيرة الرجوع إلى من قبله، وهكذا إلى أن يستقرّ الضمان على الغاصب.

وإمّا بمعنى أنّ العين متى ما تنتقل من ملكيّة شخص إلى ملكيّة شخص آخر فصاحب الحقّ يتتبّعها بحقّه. فالعين المرهونة مثلا إذا انتقلت من المالك الأوّل إلى أيّ مالك آخر كان للمرتهن حقّ افتراضه وثيقة لدَينه وحقّ استيفاء دَينه منه، وتبدّل المالك مهما تكرّر لا يؤثّر على ذلك، بينما لا يتصوّر التتبّع في الحقّ الشخصيّ.

2 ـ أنّ لصاحب الحقّ العينيّ أن يتقدّم على جميع الدائنين الشخصيّين في تقاضي حقّه من الشيء، فالمرتهن مثلا يتقدّم في استيفاء حقّه من العين على الغرماء الشخصيّين، ولا يكون اُسوة الغرماء(1).

والواقع أنّنا إن قصدنا بالثمرة الأثر الشرعيّ المتفرّع على الفرق بين الحقّين فالمفروض أن تكون الثمرة من قبيل الثمرة الثانية دون الاُولى، فإنّ الاُولى لا تعدو أن تكون فارقاً موضوعيّاً بين الحقّين لا ثمرة شرعيّة مترتّبة على الفرق بينهما، فمتعلّق الحقّ حينما يكون عيناً خارجيّة فهذه العين تقبل الانتقال خارجاً من حيازة إلى اُخرى، أو أنّ ملكيّة هذه العين تنتقل من شخص لآخر، والحقّ يبقى ملتصقاً بها. أمّا متعلّق الحقّ الشخصيّ فقوامه بنفس الحقّ، ولا وجود له خارجيّ منفصلا عن عالم الحقّ والالتزام كي يفترض تنقّله من حيازة إلى حيازة، أو من ملكيّة إلى ملكيّة كي نرى هل يتبعه الحقّ أو لا يتبعه.


(1) راجع بشأن آثار الحقّين الوسيط 1: الفقرة 6، و 8: الفقرة 115 - 120، والفقه الإسلاميّ في ثوبه الجديد 3: الفقرة 12.

154

وأمّا إن قصدنا بالثمرة مطلق الفارق المبرّر لتقسيم الحقّ بنكتة تنظيم أبواب الفقه وترتيبها فلا بأس بذكر الثمرات التي تكون من قبيل الثمرة الاُولى.

ونقل الاُستاذ مصطفى الزرقاء(1) عن كتاب «نظرية العقد» للدكتور السنهوريّ قوله:

إنّ الشريعة الإسلاميّة لا يستشعر فيها بهذا التمييز بين الحقّ العينيّ والشخصيّ إلّا في بعض عبارات تأتي عرضاً في موضوعات مختلفة ميّز فيها فقهاء المسلمين بين حقّ يتعلّق بالعين وحقّ لا يتعلّق بها، ولكنّه تمييز غير واضح، ولم يعقّب عليه الفقهاء تعقيباً يتّفق مع أهمّـيّته، ولم تصغ منه نظريّة ممهّدة كما فعلت في النظريات الاُخرى للفقه الإسلامي وإن كان الفقهاء قد رتّبوا لحقّ الرهن مثلا حقّ التقدّم ونوعاً من حقّ التتبّع.

وأجاب على ذلك الاُستاذ مصطفى الزرقاء بقوله:

أمّا أنّ فقهاء المسلمين لم يصوغوا نظريّة ممهّدة مستقلّة للتمييز بين الحقّ الشخصيّ والحقّ العينيّ فنعم، وهذا راجع إلى اختلاف مبنى الترتيب والصياغة بين الفقه الإسلاميّ والفقه الأجنبيّ.

فالفقه الأجنبيّ يقوم ترتيبه على أساس تقسيم أحكامه إلى زمرتين منفصلتين:

1 ـ زمرة أحكام الحقوق الشخصيّة، وتشمل على النظريّة العامّة للالتزامات ثمّ أحكام العقود المسمّـاة.

2 ـ زمرة أحكام الحقوق العينيّة، وتسمّى نظريّة الأموال، ومن ثمّ برز للنظر هذا التمييز بين الحقّين العينيّ والشخصيّ في الفقه الأجنبيّ والقوانين المصوغة منه، لأنّ هذا التمييز هو أساس ترتيب الفقه الأجنبيّ كلّه.


(1) في كتاب الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد 3: الفقرة 15.

155

أمّا الفقه الإسلاميّ فإنّ ترتيبه وصياغته يقومان على أساس سرد مصادر الحقوق والالتزامات وبيان أحكامها ونتائجها في كلّ مصدر بحسب أحواله، فلم يبق مجال لأن يظهر تمييز فقهاء الفقه الإسلاميّ بين الحقّين العينيّ والشخصيّ إلّا في فروع الأحكام المتفرّقة لمن يتتبّعها.

وإذا كان فقهاؤنا لم يتّخذوا هذا التمييز بين نوعي الحقّ أساساً لترتيب فقههم ـ كما فعل علماء القانون الأجنبيّ ـ فليس في ذلك أبداً دلالة على عدم تمييز فقهائنا بين نوعي الحقّ وطبيعتهما تمييزاً ذاتيّاً، إذ العبرة في هذا التمييز لفروع الأحكام لا للترتيب.

وهذا ممّا دعانا إلى صياغة فقهنا على غرار نظريّة الالتزامات القانونيّة.

والواقع أنّ فقهاءنا قد ميّزوا بين الحقّين في جميع المسائل التي يقتضي هذا التمييز فيها اختلاف الأحكام، ولهم في ذلك أنظار دقيقة جدّاً.

فمن ذلك الأمثلة التي تقّدمت(1) ومن ذلك أيضاً تصريح فقهائنا بأنّ المبيع المعيّن إذا استحقّ من يد المشتري ينتقض عقد البيع السابق فلا يكلّف البائع إعطاء المشتري مثل المبيع الذي استحقّ من يده، بل يستردّ المشتري ما دفع من الثمن، لأنّ حقّ المشتري عينيّ متعلّق بعين المبيع، فباستحقاق المبيع استحال تنفيذ البيع، فيبطل.

أمّا إذا استحقّ الثمن من يد البائع فلا ينتقض البيع، ولا يستردّ البائع المبيع وإن كان قائماً، وإنّما يرجع على المشتري بمثل الثمن المستحقّ، لإنّ أصل الثمن حقّ شخصيّ للبائع في ذمّة المشتري(2)، فإذا وفّاه إيّاه بمبلغ معيّن فاستحقّ هذا


(1) يشير بذلك إلى أمثلة ذكرها في الفقرة 12 من كتابه.

(2) ينظر إلى الفرض الغالب في الخارج من كون الثمن كلّيّاً.

156

المبلغ من يد البائع تبيّن عدم صحّة وفاء الثمن، فيوفيه المشتري مجدّداً بمبلغ آخر.

ومن ذلك أيضاً ما صرّحوا به في بحث الحقوق التي تتعلّق بالتركة وترتيب استيفائها، فقد قالوا: إنّ الحقوق منها ما يتعلّق بعين التركة كالدَين المتعلّق بالمرهون والمأجور(1)، وأرش جناية العبد الجاني في حياة مولاه، والمبيع المحبوس بالثمن(2)، والعبد المأذون بالتجارة إذا لحقته ديون ثمّ مات المولى ولا مال له سوى هذا العبد(3).

ومنها ما يتعلّق بماليّة التركة كالديون العاديّة التي على الميّت.

فالنوع الأوّل يقدّم استيفاؤه على نفقات التكفين إلّا إذا كان الحقّ قد تعلّق بالعين بعد صيرورتها تركة كالعين الموصى بها، فإنّ تنفيذ الوصيّة بها عندئذ يؤخّر عن التكفين.

وأمّا النوع الثاني فإنّ التكفين يقدّم عليه مطلقاً....

والعلّة هي أنّ هذا النوع الثاني حقوق شخصيّة على الميّت لا تتعلّق بعين معيّنة من التركة ليكون لاستيفائها امتياز ورجحان...»(4).

أقول ـ بعد ترك البحث عن كلّ فرع من الفروع التي أشار إليها ـ إنّ ما ذكره من تمييز الفقه الإسلاميّ تمييزاً دقيقاً بين الحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ صحيح.


(1) يشير إلى دعوى أنّ المستأجر من حقّه أن يستوفي دينه من منفعة العين المأجورة على تقدير ما ذهب إليه الفقه الحنفيّ من انفساخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين.

(2) يشير إلى الرأي القائل بثبوت حقّ الفسخ للبايع عند عدم تسليم الثمن وهو حقّ عينيّ متعلّق بعين المبيع.

(3) يعني بناءً على تعلّق الديون عندئذ بنفس العين وهي العبد.

(4) الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد 3: الفقرة 15.

157

نعم، التسمية بهذه الأسامي إنّما وردت في الفقه الغربي. وفي الفقه الإسلامي حقوق ماليّة تتعلّق بالأعيان الخارجيّة ـ كالملكيّة، وحقّ الرهن، وحقّ الفسخ، وما إلى ذلك ـ وهي التي تقابل مصطلح الحقّ العينيّ في الفقه الغربيّ، وحقوق ماليّة تتعلّق بالذمّة ـ كحقّ المقرض على المقترض، أو حقّ المالك على من أتلف العين، أو على الغاصب الذي تلفت العين في يده، وحقّ المستأجر على الأجير ـ وهي تقابل مصطلح الحقّ الشخصيّ في الفقه الغربيّ. وقد ذكر الفقهاء آثار كلّ فرع من هذه الفروع في محلّه.

وهناك حقوق ثالثة تتعلّق بالعهدة ولا تتعلّق بالذمّة، من قبيل حقّ نفقة الابن على الأب أو العكس، ومن قبيل انشغال العهدة بأداء أعيان خارجيّة لم تدخل الذمّة لكونها أموالا حقيقيّة ثابتة في وعاء الخارج لا رمزيّة كي يكون وعاؤها الذمّة، من قبيل وجوب تسليم المشتري للثمن إلى البائع، أو وجوب تسليم البائع للمبيع إلى المشتري، أو وجوب أداء الأمانة، أو وجوب ردّ الغاصب ما غصبه إلى صاحبه، وما إلى ذلك، فهذه كلّها التزامات من طرف وحقوق من طرف آخر.

ولو اُريد إدراج هذه الاُمور في أحد القسمين الشخصيّ والعينيّ من الحقوق فهي ملحقة بالحقّ الشخصيّ، وأنا لم أجد ـ بقدر فحصي الناقص ـ فيما يترجم عن الفقه الغربيّ حينما يتعرّضون لشرح الحقّ الشخصيّ والعينيّ وضوحاً لإدراج أمثال هذه الحقوق في المقسَم وإلحاقها بالحقّ الشخصيّ، لكن إذا ضممنا عدّهم لأمثال هذه الاُمور في الالتزامات حيث قالوا مثلا: إنّ العقد سبب لالتزام المشتري بتسليم الثمن والتزام البائع بتسليم المبيع، إذا ضممنا ذلك إلى ما افترضوه من أنّ الالتزام والحقّ الشخصيّ متضايفان ـ فكلّ حقّ شخصيّ في طرف الدائن يعتبر التزاماً من طرف المدين، وكل التزام في طرف المدين يعدّ حقّاً

158

شخصيّاً من طرف الدائن ـ كانت النتيجة افتراض أمثال هذه الالتزامات حقوقاً شخصيّة لمن فرضت هذه الالتزامات فى صالحه ولأجله.

 

حقوق الابتكار

وهناك قسم ثالث للحقوق الماليّة لا يدخل في الحقّ العينيّ ولا في الحقّ الشخصيّ ذكره الاُستاذ مصطفى الزرقاء حيث قال:

«وهناك نوع ثالث حديث من الحقوق الماليّة أوجدَته أوضاع الحياة المدنيّة والاقتصاديّة والثقافيّة الحديثة، ونظّمته القوانين العصريّة والاتّفاقات الدوليّة، يسمّيه بعض القانونيّين: (الحقوق الأدبيّة) كحقّ المخترع والمؤلّف وكلّ منتج لأثر مبتكر فنّيّ أو صناعيّ، فإنّ لهؤلاء حقّاً في الاحتفاظ بنسبة ما اخترعوه أو أنتجوه إليهم، وفي احتكار المنفعة الماليّة التي يمكن استغلالها من نشره وتعميمه. ومثله العلامات الفارقة الصناعيّة والعناوين التجاريّة وامتيازات إصدار الصحف الدوريّة، كلّ ذلك بشرائط وحدود تقرّرها القوانين المحلّيّة والاتّفاقات الدوليّة.

فهذا النوع من الحقوق لم يكن معروفاً في الشرائع القديمة؛ لأنّه وليد العوامل والوسائل المدنيّة والاقتصاديّة الحديثة.

وهو لا يدخل في الحقوق العينيّة؛ لأنّه لا يرد مثلها مباشرة على شيء مادّيٍّ معيّن، كما أنّه لا يدخل في الحقوق الشخصيّة؛ لأنّه لا يفرض تكليفاً خاصّاً على شخص معيّن آخر غير صاحب الحقّ.

والقصد من إقرار هذه الحقوق إنّما هو تشجيع الاختراع والإبداع، كي يعلم مَن يبذل جهده فيهما أنّه سيختصّ باستثمارهما، وسيكون محميّاً من الذين يحاولون أن يأخذوا ثمرة ابتكاره وتفكيره ويزاحموه في استغلالها.

159

وفي الشرع الإسلاميّ متّسع لهذا التدبير تخريجاً على قاعدة المصالح المرسلة في ميدان الحقوق الخاصّة.

وقد رجّحنا أن نسمّي هذا النوع (حقوق الابتكار) لأنّ اسم (الحقوق الأدبيّة) ضيّق لا يلائم مع كثير من أفراد هذا النوع، كالاختصاص بالعلامات الفارقة التجاريّة، والأدوات الصناعيّة المبتكرة، وعناوين المحالّ التجاريّة ممّا لا صلة له بالأدب، والنتاج الفكري. أمّا اسم (حقّ الابتكار) فيشمل الحقوق الأدبيّة كحقّ المؤلّف فى استغلال كتابه، والصحفيّ في امتياز صحيفته، والفنّان في أثره الفنّيّ من الفنون الجميلة، كما يشمل الحقوق الصناعيّة والتجاريّة ممّا يسمّونه اليوم بالملكيّة الصناعيّة، كحقّ مخترع الآلة، ومبتدع العلامة الفارقة التي نالت الثقة، ومبتكر العنوان التجاري الذي أحرز الشهرة...»(1).

 

التبرير الشرعي لحقّ الابتكار:

أقول: بما أنّنا لا نؤمن بمبدأ المصالح المرسلة بحرفيّتها التي يؤمن بها الاُستاذ الزرقاء فبالإمكان استبداله بمبدأ ولاية الفقيه. فالوليّ الفقيه متى ما يرى المصلحة الاجتماعيّة بالمستوى المبرّر لإلزام المجتمع بأمثال هذه الحقوق يعمل ولايته في تثبيت ذلك، فإذا حرّم مثلا على الناس أن يطبعوا تأليف شخص مّا بلا إذنه صحّ للمؤلّف أن يأخذ مبلغاً من المال ممّـن يريد الطبع لقاء إذنه له بذلك، ولو طبع بلا إذنه فرض عليه بمبدأ ولاية الفقيه دفع ثمن حقّ الطبع إلى المولّف، كما تفرض الضرائب على الناس بمبدأ الولاية.

أمّا لو غضضنا النظر عن إعمال وليّ الأمر صلاحيّته لتثبيت هذه الحقوق


(1) الفقه الإسلاميّ في ثوبه الجديد 3: الفقرة 11، الهامش.

160

فهل يمكن إثباتها في المقام في فقهنا الإسلاميّ أوْ لا؟

يمكن ذكر عدّة أوجه لإسباغ الشرعيّة على هذه الحقوق بحسب الفقه الإسلاميّ:

الوجه الأوّل: التمسّك بالارتكاز العقلائيّ الدالّ على امتلاك هذه الحقوق بعد عدم ورود الردع.

وهذا الوجه بهذا المقدار يتبادر إلى الذهن الإيراد عليه بأنّ هذا الارتكاز العقلائيّ ارتكاز حديث لم يكن في زمن المعصوم كي يدلّ عدم الردع على إمضائه بناءً على دلالة عدم الردع على إمضاء الارتكاز حتى غير المترجم إلى العمل، وقد مضت منّا الإشارة إلى أنّ التوسّع الجديد في الارتكازات لا يثبت إمضاؤه بعدم الردع، ولا يقاس ذلك بالتوسّع في المصاديق من قبيل ارتكاز مملّكيّة الحيازة الثابت في زمن المعصوم والمقتصر في عالم الصدق الخارجيّ وقتئذ على الحيازات اليدويّة أو الحيازة بالآلة اليدويّة، بينما توجد اليوم مصاديق جديدة للحيازة وهي الحيازات الواسعة بالأدوات الصناعيّة الحديثة، ففي مثل ذلك يمكن أن يقال: إنّ عدم الردع دلّ على إمضاء كبرى الارتكاز، واليوم يطبّق الحكم المستفاد من إمضاء الارتكاز على مصاديق جديدة لم تكن وقتئذ.

أمّا في ما نحن فيه فارتكاز ثبوت الحقّ في مثل حقّ الطبع والنشر وجميع الحقوق الأدبيّة أو حقوق الابتكار ارتكاز جديد، لا يكون عدم الردع عنه في زمان المعصوم دليلا على إمضائه.

إلّا أنّه بالإمكان أن توجّه دعوى التمسّك بالارتكاز في المقام بأن يقال: إنّ التوسّع في ما نحن فيه توسّع في تطبيق ارتكاز ثابت في زمن المعصوم، أي أنّه وجدت للقضيّة المرتكزة مصاديق جديدة، وليس توسّعاً في نفس الارتكاز.

161

وتوضيح ذلك: أنّه مضى في بحث الملكيّة أنّ المناشئ الأوّليّة للملكيّة الاعتباريّة في ارتكاز العقلاء أمران: الحيازة، والعلاج أو الصنع، فالحيازة توجب ملكيّة الأشياء المنقولة، والعلاج أو الصنع يوجب ملكيّة الأشياء غير المنقولة، كما في إحياء الأرض أو تعميرها، أو حفر عين الماء، أو ما شابه ذلك. وهنا نقول: إنّ العلاج أو الصنع لا يختصّ بالأشياء المادّيّة غير المنقولة بل يتحقّق في الاُمور المعنويّة، فمؤلّف الكتاب يكون صانعاً لتلك الشخصيّة المعنويّة وهي شخصيّة الكتاب بوجوده التجريديّ، وقد يكون تعب عليها أكثر من تعب محيي الأرض أو معمّرها، أو حافر العين وأمثالهم، وقد يكون صنعه وعلاجه أشدّ وأقوى من صنعهم وعلاجهم، وقد لا يختصّ علاج صاحب الكتاب بمجرّد التأليف والتبويب والجمع والترتيب، بل تكون له إبداعات حديثة وابتكارات جديدة خلقها وضمّنها الكتاب.

والكبرى المركوزة في الذهن العقلائيّ إنّما هي مملكيّة الصنع والعلاج بالمعنى الشامل لصنع الاُمور المعنويّة، غاية ما هناك أنّ الأفراد المعنويّة لم تكن موجودة في زمن المعصوم ووجدت في الأزمنة المتأخّرة، وهذا يعني التوسّع في المصداق والتطبيق لا في أصل الارتكاز.

والصحيح: أنّ هذا الوجه غير تامّ، فإنّ أمثال هذه العلاجات المعنويّة والصنع المعنويّ كانت موجودة في زمن المعصوم ولو بمستوىً منخفض وضيّق، فهناك تأليفات في ذاك الزمن وهناك إبداعات راقية وقتئذ بالقياس إلى زمانها، ولكن لم يكن هناك ارتكاز امتلاكها من قبل مؤلّفها أو مبدعها، أو نشكّ ـ على الأقلّ ـ في وجود ارتكاز من هذا القبيل وقتئذ. وكان السبب في عدم هذا الارتكاز عدم الشعور بحاجة إلى اعتبار ملكيّة من هذا القبيل، إذ لم يكن مجال

162

لاستغلال ذاك الأمر التجريدي المصنوع، إذ لا طباعة وقتئذ ولا قدرة على سعة النشر، ولا على تقليد الفنون والصناعات بشكل واسع، وقد حصلت الحاجة حديثاً إلى اعتبار هذه الملكيّة بسبب تطوّر الأوضاع والأدوات واتّساع القدرات وانفتاح أبواب كثيرة للاستغلال، فهنا حصل للعقلاء ارتكاز الملكيّة للأمر التجريديّ المعنويّ بصنعه وعلاجه، وفيما سبق لم يكن الارتكاز إلّا على مملكيّة العلاج في الاُمور المادّيّة، ولا أقلّ من احتمال ذلك، فالقضيّة إذن راجعة إلى حصول التوسّع في الارتكازات، وليست راجعة إلى التوسّع في دائرة المصاديق.

والوجه الثاني: أن يقال: إنّ ملكيّة الإنسان لأعماله وذممه وجوارحه وأعضائه ونتائج أعماله ليست ملكيّة اعتباريّة، بل هي ملكيّة تكوينيّة بمعنى السلطة التكوينيّة عليها، ولم يرَ العقلاء حاجة إلى جعل السلطة الاعتباريّة في هذه الموارد لكفاية السلطة التكوينيّة فيها عن الاعتباريّة في نظرهم. وهذه الملكيّة التكوينيّة موضوع لحقّ الاختصاص والأولويّة للإنسان على تلك الأعمال والنتائج، لا تمسّكاً بالارتكاز القائل بذلك كي يعود المحذور ويشكّك في ثبوت هذا الارتكاز في مورد الكلام في زمن المعصوم، بل تمسّكاً بروايات عدم جواز التصرّف في مال الغير من قبيل ما ورد في توقيع على يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمريّ (رحمه الله) من قول الإمام صاحب الزمان عجّل الله فرجه الشريف: «لا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه»(1).

ومن قبيل ما ورد عن سماعَة وعن زيد الشحّام عن أبي عبد الله (عليه السلام)عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، فإنّه لا


(1) الوسائل 6: 377، الباب 3، من الانفال، الحديث 6.

163

يحلّ دم امرىء مسلم ولا ماله إلّا بطيبة نفسه»(1).

فإذا ثبتت هذه الأولويّة للإنسان بالقياس لنتائج أعماله قلنا: إنّ الكتاب مثلا بوجوده التجريديّ المعنويّ يكون من نتائج صاحب الكتاب فهو مملوك له ملكيّة تكوينيّة لا اعتباريّة، والتصرّف فيه بمثل الطبع بغير إذنه مثلا تصرّف في مال الناس ومنهيّ عنه بحكم تلك الروايات. وكذلك تشمله أدلّة المعاملات في غير ما تشترط فيه العينيّة كالمبيع مثلا.

والجواب ـ بعد تسليم شمول روايات النهي عن مال الغير وأدلّة المعاملات لما هو مملوك بالملكيّة التكوينيّة لا الاعتباريّة ـ: أنّ المملوك بالملكيّة التكوينيّة التي هي بمعنى السلطنة التكوينيّة إنّما هو نفس الأعمال لا نتائجها التي تنفصل عن الإنسان وتخرج عن اختيار الإنسان تكويناً، وليس حال الكتاب مثلا بمعناه التجريديّ بعد أن أوجده المؤلّف وجسّده في الكتاب الخارجيّ الذي يصل إلى يد كلّ أحد بالقياس إلى المؤلّف إلّا كحال الدار المبنيّة بالقياس إلى من بناها، ولا سلطة تكوينيّة لصاحب الدار على الدار، ولا للمؤلّف على الكتاب، وكلاهما بحاجة إلى السلطة الاعتباريّة الارتكازيّة، وإذا انتهينا إلى الارتكاز فقد انتهينا إلى الوجه الأوّل الذي عرفت جوابه.

الوجه الثالث: أن يقال بأنّ أولويّة الإنسان بعمله وبنتائج عمله أمر عقليّ، وليست مجرّد ارتكاز عقلائيّ. نعم، الإنسان إنّما يكون أولى بعمله وبنتائج عمله بالقياس إلى الناس الآخرين لا بالقياس إلى المولى سبحانه والشريعة الإسلاميّة،


(1) ورد الحديث عن سماعة في الوسائل 3: 424، الباب 3 من مكان المصلّي، الحديث 1، وورد عن سماعة وعن زيد الشحّام في الوسائل 19: 3، الباب 1 من قصاص النفس، الحديث 3.

164

فلو وصل حكم من الشريعة الإسلاميّة بالتسليم أمام استغلال الآخرين لعمله ونتيجة عمله يسلّم بذلك، ويكون وصول هذا الحكم مغيّراً للموضوع، لأنّ ما أدركه العقل كان عبارة عن أولويّته بعمله وبنتاج العمل في قبال الآخرين فقط، وهذا لا ينافي استغلال الآخرين لذلك بحكم واصل من الشريعة الإسلاميّة، لعدم الأولويّة في قبال المولى.

إذن فالاستغلال ـ على هذا الأساس ـ موضوع جديد يتحقّق بوصول الحكم الشرعيّ، ونحن لم يصلنا حكم شرعيّ من هذا القبيل، فموضوع الحكم العقليّ باق على حاله، أي أنّ استغلال الآخرين لنتيجة عملنا التأليفيّ أو الفنيّ أو نحو ذلك استغلال غير ناشئ من حكم المولى، فهو لا يجوز لحكم العقل بأولويّة الإنسان على عمله ونتاجه من الآخرين.

والصحيح: أنّنا إن سلّمنا حكم العقل وكونه مغيّى بالحكم الشرعيّ الواصل فإنّما هو في مورد السلطنة التكوينيّة كما في الأعمال لا أكثر من ذلك. وأمّا في دائرة نتائج الأعمال فلا يوجد عدا حكم العقلاء وارتكازهم، فنعود مرّة اُخرى إلى الوجه الأوّل الذي عرفت عدم تماميّته.

الوجه الرابع: التمسّك بقاعدة «لا ضرر ولا ضرار» لأنّ استغلال نتيجة عمل المؤلّف أو الفنّان أو نحوهما إضرار به، فهو منفيّ بهذه القاعدة.

والجواب: أنّ الضرر في باب الأموال والحقوق ليس إلّا عبارة عن سلب المال والحقّ، فصدقه يتوقّف على تماميّة امتلاك المال والحقّ، وهو أوّل الكلام. ولو ثبت الحقّ في المقام في الرتبة السابقة على التمسّك بلا ضرر بوجه شرعيّ لم نحتج إلى قاعدة لا ضرر. أمّا إثبات الحقّ في الرتبة السابقة بالارتكاز فهو رجوع إلى الوجه الأوّل.

165

الوجه الخامس: أنّ المعاملات التي تقع عند العقلاء على أمثال هذه الحقوق معاملات عقلائيّة داخلة في مثل إطلاق ﴿اوفوا بالعقود﴾(1).

والجواب: أنّنا إن سلّمنا بدلالة (اوفوا بالعقود) على صحّة العقد أو وجدنا إطلاقاً آخر يناسب المقام فالإطلاق إنّما يتمّ بعد ثبوت الماليّة والحقّ شرعاً، إذ لا شكّ أنّ العقد يجب أن يقع على ما هو داخل في ملك العاقد أو حقّه في نظر التشريع الذي استقينا منه قاعدة وجوب الوفاء بالعقد، فإذا كان الحقّ والمال ثابتاً عقلائيّاً فقط ثبتت صحّة العقد عقلائيّاً لا شرعاً، إلّا بمعونة الارتكاز، وهو رجوع إلى الوجه الأوّل. وإذا كان ذلك ثابتاً شرعاً ثبتت صحّة العقد شرعاً، ومع الشكّ في ذلك يكون التمسّك بمثل ﴿اوفوا بالعقود﴾ تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.

 

حقّ السرقفليّة

وفي ختام بحثنا عن الحقّ لا بأس بالكلام عمّا تعارف في هذه الأيّام ممّا يسمّى بالسرقفليّة، فنقول:

 

مقتضى القواعد العامّة:

لا إشكال في أنّ المالك له ـ بالعنوان الأوّليّ ـ الخيار في قبول بقاء المستأجر بعد انتهاء مدّة الإيجار في الحانوت مثلا، وتجديد العقد معه إذا أراد مع تصعيد مبلغ الاُجرة وعدمه، وتبديل المستأجر بمستأجر آخر، أو ترك الإيجار نهائيّاً، فبإمكانه نقل هذا الحقّ إلى المستأجر لقاء مبلغ باسم السرقفليّة مع إعطائه صلاحيّة نقل ذلك إلى المستأجر الثاني، وهكذا.


(1) المائدة: 1.

166

وقد يناقش في ذلك(1) بأنّ الأصل لدى الشكّ في الحقّ والحكم أو في قابليّة الحقّ للنقل أو الإسقاط هو عدم القابليّة للنقل أو الإسقاط، إذن فليس للمالك نقل هذا الحقّ إلى المستأجر. نعم، له أخذ مبلغ باسم السرقفليّة من المستأجر بعنوان القرض المشترط في ضمن عقد الإيجار، أو كجزء من إيجار الشهر الأوّل مثلا.

ويرى صاحب هذا النقاش أنّه بإمكاننا تثبيت النتائج المطلوبة في فكرة حقّ السرقفليّة بأحد طريقين:

الأوّل: أن يشترط المستأجر على المالك في ضمن عقد الإيجار أن يعمل بما يرغبه المستأجر من عدم تصعيد مبلغ الإيجار، وعدم إخراجه بعد انتهاء المدّة من الحانوت، وتجديد الإيجار منه بنفس المبلغ، أو إيجاره بنفس المبلغ من أيّ شخص آخر يتّفق معه المستأجر الأوّل، وأن يتعامل مع المستأجر الجديد نفس تعامله مع المستأجر الأوّل، ويكون من حقّ المالك أن يأخذ مبلغ السرقفليّة من المستأجر الأوّل بعنوان جزء من الإيجار في الشهر الأوّل مثلا، كما يكون من حقّ المستأجر الأوّل أن يأخذ المبلغ من المستأجر الثاني مقابل أن لا يزاحمه في إيجار المالك للحانوت إيّاه، إذ كانت من حقّه ـ بمقتضى شرطه مع المالك ـ هذه المزاحمة فيأخذ منه المبلغ كشرط أو جعالة أو من قبيل الهبة المعوّضة، عوضها عدم مزاحمته إيّاه.

والثاني: أن يشترط المستأجر على المالك توكيله في تجديد الإيجار على نفسه بنفس المبلغ وإيجاره على شخص آخر ـ لو أراد ـ بنفس المبلغ مع تفويض


(1) راجع المسائل المستحدثة للسيّد الروحاني: 21 - 28.

167

نفس الأمر إلى المستأجر الجديد، ويأخذ المالك من المستأجر بإزاء هذه الوكالة مبلغ السرقفليّة، كما أنّه من حقّ المستأجر الأوّل أن يأخذ مبلغ السرقفليّة من المستأجر الجديد مقابل تفويض الأمر إليه.

وهذه الوكالة لا تقبل العزل لأنّها لزمت بشرطها في ضمن العقد اللازم.

وإذا مات الوكيل انتقلت هذه الوكالة إلى ورثة الوكيل، لأنّ لها قيمة وماليّة. ولو لم نقبل بهذا الإرث أمكن شرط وكالة الورثة بعد موت المورّث في ضمن العقد أيضاً.

وإذا مات الموكّل بقي المستأجر على وكالته، لأنّ الوكالة لا تنفسخ بموت الموكّل، سيّما في الوكالة اللازمة كما في المقام.

أقول: لو سلّمنا عدم انفساخ الوكالة بموت الموكّل فإنّما هو فيما يبقى تحت ملك الموكّل بعد موته، لكونه من الثلث الذي استبقاه في ملكه بالوصيّة مثلا. أمّا دعوى بقاء الوكالة فيما خرج عن ملك الموكّل فغريبة.

وأمّا دعوى انتقال الوكالة بالإرث إلى ورثة الوكيل بعد موته لأنّ لها ماليّة فهذه أيضاً غير صحيحة، فإنّ المقصود بالخير في مثل قوله: ﴿إن ترك خيراً﴾(1)هو الأمر الذي يكون قائماً بعد موت الميّت، لاستقلاله الخارجيّ عن الميّت، وعدم كونه أمراً إضافيّاً متقوّماً بالميّت كالملك أو الحقّ أو الوكالة، وبهذا يصدق عنوان الترك في قوله: ﴿إن ترك خيراً﴾. فهذا العنوان إنّما صدق بلحاظ متعلّق الملك أو الحقّ أو الوكالة، لا بلحاظ نفس هذه العناوين الإضافيّة. وعنوان المال والخير وما شابه ذلك أيضاً يراد به متعلّق هذه الإضافات لا نفسها، والمفهوم عرفاً


(1) البقرة: 180.

168

من انتقال المال الخارجيّ من عين أو منفعة إلى الوارث انتقاله في عالم الملكيّة أو في عالم الملكيّة والحقّ، وليس في عالم مطلق الإضافات بما فيها الوكالة مثلا.

وعلى أيّة حال، فنحن لسنا بحاجة في تصحيح نتائج فكرة حقّ السرقفليّة إلى ما ذكره من التخريجات، وذلك لأنّ نقاشه الأساس في الأمر بأصالة عدم قبول الإسقاط والنقل في كلّ ما شككنا في كونه حقّاً أو حكماً، أو شككنا في قبوله للنقل والإسقاط لا نقبل انطباقه على المقام، وذلك لما مضى منّا في شرح مقياس قبول الحقّ للنقل أو الإسقاط، فلا إشكال في أنّ المالك كان له ـ بالعنوان الأوّليّـ حقّ التصرّف في ماله وتعيين مصيره بتجديد الإيجار وعدمه، وتبديل المستأجر وعدمه، وتصعيد مبلغ الاُجرة وعدمه. وهذا الحقّ قابل للإسقاط والنقل كما يظهر بمراجعة ما مضى منّا في ضابط ذلك، لأنّ هذا الحقّ إنّما كان لمصلحة المالك، وله أن يرفع اليد عن المصلحة، وليس متقوّماً عرفاً بعنصر خاصّ بالمالك من قبيل حقّ الولاية، أو الوصاية التي جعلت لشخص الوليّ أو الوصيّ لخصوصيّة فيه، فلا معنى لنقلها إلى غيره.

إذن فيصحّ للمالك نقل هذا الحقّ إلى المستأجر الأوّل، أو نقل المستأجر هذا الحقّ إلى مستأجر جديد، وله أن يجعل ذلك لقاء مبلغ السرقفليّة. وهذه معاملة برأسها، أو تكون شرطاً ضمن عقد الإيجار، ولا حاجة إلى إرجاعها إلى الجعالة أو الهبة المعوّضة أو القرض.

وإذا تمّ نقل هذا الحقّ ثمّ مات المستأجر المنقول إليه، فإن فهمنا من دليل الإرث انتقال متعلّق الحقّ إلى الوارث في عالم الحقّ كما ينتقل في عالم الملك فلا إشكال، وإلّا فينحصر حلّ الإشكال بالنسبة للوارث بتعميم الشرط في ضمن عقد الإيجار بأن يشترط ثبوت هذا الحقّ للوارث بعد موت المستأجر.