31

ولا يجب أيضاً على دافع الزكاة الدفعُ من العين التي تعلّق بها الزكاة حينما تتّحد الزكاة والعين في الجنس كالشاة من الشياه، أو بنت لبون من آبال فيها بنت لبون، بل يجوز شراء فرد آخر، بل يجوز له دفع القيمة النقديّة.

ولا يجوز له دفع مقدار القيمة من جنس آخر(1) من تلقاء نفسه. نعم، يجوز بإذن حاكم الشرع.

17 ـ لو كانت الأنعام الزكويّة كلُّها صحيحة أو سليمة أو شابّة، أو كانت مختلطة من الصحيحة والمريضة، أو من السليمة والمعيبة، أو من الشابّة والهرمة، لم يجز لصاحب الزكاة اختيارُ المريضة أو المعيبة أو الهرمة (2).

 

الشرط الثاني: السوم.

18 ـ يشترط في تعلّق الزكاة بالأنعام أن تكون سائمة، والسوم يعني الرعي، وذلك في مقابل ما يسمّى بالمعلوفة، وهي التي تتغذّى بتهيئة العلف الخاصّ لها لا بالرعي.

وقد اشتهر بين الفقهاء المتأخّرين شرط آخر، وهو: أن لا تكون عوامل، وهذا


(1) أمّا جواز دفع القيمة فلصحيحتي البرقي وعليّ بن جعفر، إلّا أنّ موردهما ليست هي الأنعام (1)، ولا يبعد التعدّي عرفاً إلى الأنعام. وأمّا عدم جواز دفع مقدار القيمة من جنس آخر فلمقتضى القاعدة; لأنّ التعدّي من النقد الذي هو مورد النصّ إلى جنس آخر غير ممكن; لاحتمال اختصاص الحكم بالأوّل; لأنّ في النقد مرونة صالحة لخدمة مستحقّ الزكاة غير موجودة في الجنس الآخر.

(2) لصحيح أبي بصير. الوسائل، ب 10 من زكاة الأنعام، ح 3.


(1) الوسائل، ب 12 من زكاة الذهب والفضّة، ح 1 و2.

32

يعني أن لا تعدّ للركوب عليها، ولا لحمل الأثقال للنقل من مكان إلى مكان. وهذا التحميل كان متعارفاً في الإبل والبقر. أمّا الشاة فلا معنىً لفرضها عاملة.

فلو اجتمع السوم أي: الرعي مع عدم العمل ; إمّا لأنّها لا يمكن أن تعمل كما في الشاة، أو لأنّ مالكها لم يعدّها للعمل كما في الإبل والبقرة، فلا إشكال في تعلّق الزكاة بها (1).


(1) لا إشكال في عدم تعلّق الزكاة بغير السائمة; لصراحة الروايات في ذلك.

وإنّما الكلام في أنّه هل هناك شرط آخر غير السوم وهو عدم العمل كما ذهب إليه مشهور المتأخّرين، أو لا؟

الظاهر من أكثر الروايات أنّ الشرط واحد وهو عدم السوم، إلّا أنّه جعل السوم في بعض الروايات في مقابل العمل، فقد يفهم من ذلك أنّ السوم متقوّم بعدم العمل، وليس فقط بكون أكله بالرعي لا بالعلف، فيكون شرط عدم العمل من ضمن شرط السوم، كما يحتمل في ذلك أمر آخر، وهو: أن يكون جعل السوم في مقابل العمل من باب تلازم العمل عادة مع العلف، لا من باب نفي الزكاة عن الفرض النادر الذي أشرنا إليه من اجتماع العمل مع السوم.

والرواية الوحيدة التي يمكن أن تنزّل على كون عدم العمل شرطاً في عرض شرطيّة السوم هي ما تسمّى بموثّقة زرارة، عن أحدهما(عليهما السلام): «ليس في شيء من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، وكلّ شيء من هذه الأصناف من الدواجن والعوامل فليس فيها شيء...»(1). فقد يقال: إنّ الداجن يعني به المعلوف، وهذا يقابل السائم، والعامل عطف على الداجن، فهذه إشارة إلى شرطين عرضيّين.

إلّا أنّ هذه الرواية أيضاً ليس من الواضح دلالتها على شرطين، فيحتمل: إمّا أن يكون العامل والداجن قسمين من غير السائم، أي: أنّ السائم يقابلهما معاً، فالفرد النادر الذي


(1) الوسائل، ب 7 من زكاة الأنعام، ح 6.

33


أشرنا إليه من اجتماع العمل مع الرعي لا زكاة فيه لأنّه ليس سائماً. وإمّا أن يكون الحديث ناظراً إلى ما هو الغالب من تلازم العمل مع عدم الرعي، ففي ذلك الفرد النادر تثبت الزكاة لأنّه من السائم.

وعلى أيّ حال فالعيب السندي لهذه الرواية هو: أنّ في سندها سند الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضّال.

وأمّا باقي روايات الباب المثبتة للزكاة فكلّها واضحة في أنّها بصدد اشتراط أمر واحد وهو السوم، نعم هي اختلفت في ألسنتها بين عدّة ألسُن:

فمنها: ما جعلت السائمة في مقابل العوامل، وهي صحاح الفضلاء الخمسة الواردة تارةً في الإبل(1)، واُخرى في البقر(2)، وثالثة فيهما(3) وكلّها بلسان: ليس على العوامل شيء وإنّما الصدقة على السائمة الراعية، وفيها احتمالان:

أحدهما: أخذ عدم العمل في مفهوم السوم، وهذا يؤدّي إلى نتيجة أنّه لو اجتمع نادراً العمل مع الرعي لم يصدق السوم ولم تجب الزكاة.

وثانيهما: النظر إلى الفرض الغالب من استلزام العمل لعدم الرعي، وهذا يؤدّي إلى نتيجة ثبوت الزكاة في ذاك الفرض النادر.

وعلى كلّ تقدير لا يصحّ ما هو الظاهر من مشهور المتأخّرين من وجود شرطين عرضيين.

وهذه الطائفة لا تدلّ على نفي الزكاة عن الشاة غير السائمة; لاختصاصها بالإبل


(1) الوسائل، ب 7 من زكاة الأنعام، ح 1.

(2) المصدر نفسه، ح 2.

(3) المصدر نفسه، ح 5، ولعلّه تجميع بين الروايتين.

34


والبقر.

ومنها: ما جعلت السائمة في مقابل المعلوفة، وهي صحيحة زرارة: قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): هل على الفرس أو البعير تكون للرجل يركبها شيء؟ فقال: لا، ليس على ما يعلف شيء، إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأمّا ما سوى ذلك فليس فيه شيء»(1)، وهذه الرواية رغم ورودها في الفرس والبعير فيها نكتة تُتِمّ بشأ نها الإطلاق حتّى للشاة; وذلك لأنّ مفروض السؤال هو العمل، والعمل يلازم عادة العلف، وفي الجواب أخذ الإمام(عليه السلام) من موضوع مورد السؤال العلف وجعله موضوعاً للحكم. وهذا ظاهر في إعطاء كبرى تنطبق على مورد السؤال، وهي كبرى حكم العلف، وهذه الكبرى لا تتقيّد بقيد المورد وتشمل حتّى ما لا يتصوّر بشأ نه العمل وهي الشاة.

ومنها: ما أخذت السوم في موضوع وجوب الزكاة من دون ذكر مقابلتها بالعمل أو العلف من قبيل رواية زرارة (وفي سندها سند الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضّال) وفيها: «الإبل والبقر والغنم السائمة وهي الراعية...»(2).

وأمّا اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) فقد احتاط في تعليقه على منهاج الصالحين بنفي شرط السوم وشرط عدم العمل في وجوب الزكاة.

ولعلّ السبب في ذلك: أنّ التشويش الذي عرفته في روايات الزكاة من مقابلة السوم بالعمل تارةً، أو بالعلف اُخرى، أو عدم المقابلة ثالثة جعله يحتمل صحّة موثّقتي إسحاق بن عمّار النافيتين لأصل الشرط، قال في إحداهما: «سألته عن الإبل تكون للجمّال أو


(1) المصدر نفسه، ح 3.

(2) الوسائل، ب 8 ممّا تجب فيه الزكاة، ح 9.

35

ولو كانت سائمة وعاملة في وقت واحد، كما لو كانت تُحمل عليها الأثقالُ للنقل بين بلدين، والنقل كان عن طريق المرعى، وكان المرعى يكفيها فلم تكن بحاجة إلى أن تعلف، فالأحوط تزكيتها.

ولو كانت غير سائمة فلا إشكال في عدم تعلّق الزكاة بها.

19 ـ سخال الأنعام حينما تسوم مع الاُمّهات تعتبر سائمة ولو فرض اكتفاؤها بلبن الاُمّهات وعدم الارتزاق من علف الصحراء.

 

الشرط الثالث: مرور الحول عليها.

20 ـ يُشترَط في تعلّق الزكاة بالأنعام مرورُ الحول عليها في ملك المالك واجدة


تكون في بعض الأمصار أتجري عليها الزكاة كما تجري على السائمة في البرّيّة؟ فقال: نعم»(1). وفي نقل آخر (بسند فيه عبدالله بن بحر) قال: «سألت أبا عبدالله...»(2). وقال في الثانية: «سألت أبا إبراهيم(عليه السلام) عن الإبل العوامل عليها زكاة؟ فقال: نعم عليها زكاة»(3). وحمل الثانية على فرض اجتماع العمل مع الرعي والذي هو فرد نادر غير محتمل عرفاً. أمّا الاُولى فصريحة في نفي شرط السوم.

أقول: لو أمكن حملهما على الاستحباب أو على التقيّة ولو لقول نادر لدى السنّة، فبها ونعمت، وإلّا فعدم إفتاء المشهور بمضمونهما يسقطهما عن الوثوق.


(1) الوسائل، ب 7 من زكاة الأنعام، ح 7.

(2) الوسائل، ب 7 من زكاة الأنعام، ح 7.

(3) المصدر نفسه. ح 8.

36

لشرطي النصاب والسوم ـ اللذين مضى ذكرهما ـ طيلة الحول (1).

21 ـ ونقصد بمرور الحول عليها: بزوغ اثني عشر هلالاً عليها، فمثلاً: لو ملك النصاب في أثناء شهر رجب، فببزوغ هلال شهر رجب من السنة الثانية تثبت عليه الزكاة (2).

 


(1) لصحيح الفضلاء الخمسة(1)، وصحيح زرارة(2).

(2) هذا هو ما نفهمه من صحيح زرارة الوارد صدره في الوسائل، ب 12 من زكاة الذهب والفضّة، ح 2، ذيله في ب 11 منها ح 5.

وتنزّل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في تعليقه على منهاج الصالحين من الفتوى بكفاية دخول الشهر الثاني عشر إلى الاحتياط بذلك.

وهذا التنزلّ منه يحتمل فيه أمران:

الأوّل: أن يكون ناتجاً من احتمال أن يكون المقصود بالمال في الحديث: الذهب والفضّة، وليست الأنعام، فإنّ المال لو حمل على معناه المطلق شمل الغلاّت أيضاً، وهي غير مقصودة يقيناً; لأنّ زكاتها غير مشروط بالحول، والمعنى الآخر للمال المتعارف استعمال الكلمة فيه غير مطلق المال هي النقود. وعلى هذا الاحتمال فهذا التنزّل من الفتوى إلى الاحتياط يختصّ بباب الأنعام ولا يشمل النقود.

ولكن لا يبعد أن يكون المفهوم عرفاً من سياق الحديث تفسير حَوَلانِ الحول في باب الزكاة بدخول الشهر الثاني عشر، فيعمّ الحكم كلّ ما يشترط فيه حَوَلانِ الحول، وهي النقود والأنعام.

والثاني: أن يكون ناتجاً من حمل دخول الشهر الثاني عشر على ما لعلّه المشهور من دخوله بحسب عدد الأيّام، فمن كان رأس سنته اليوم الخامس عشر من رجب مثلاً ينتهي


(1) الوسائل، ب 8 من زكاة الأنعام، ح 1.

(2) الوسائل، ب 7 من زكاة الأنعام ح 3.

37


حوله في النصف من جمادى الثانية; لأنّه يدخل بذلك في الشهر الثاني عشر بحسب عدد الأيّام وإن كان ليس ببزوغ الهلال، وبناءً على هذا التفسير يلاقي الحديث بعض الاستبعادات لعلّها تؤدّي إلى التنزّل من الإفتاء بمضمونه إلى الاحتياط، من قبيل: أنّه لو كفى مجرّد دخول لحظة من الشهر الثاني عشر العددي فهل هذا الشهر استثني فقط من الحول الأوّل ولم يدخل في الحول الثاني، أو دخل أيضاً في الحول الثاني؟ وأثر ذلك: أنّنا لو امتلكنا النصاب في نصف رجب مثلاً فزكّينا المال في نهاية نصف جمادى الثانية ومع ذلك بقي المال على النصاب إلى السنة اللاحقة فعلى الأوّل يجب تزكية المال مرّة ثانية أيضاً في أوّل نصف جمادى الثانية; لأنّ المدّة الواقعة بين نصف جمادى الثانية ونصف رجب وإن كانت مستثناة من السنة الاُولى لكنّها رغم ذلك ليست داخلة في السنة الثانية، ورأس السنة الثانية عبارة عن نصف رجب أيضاً، ويتم الأحد عشر شهراً مرّةً اُخرى بحلول نصف جمادى الثانية، وعلى الثاني تتقدّم الزكاة في السنة الثانية بمقدار شهر; لأنّ أوّل السنة الثانية عبارة عن نصف جمادى الثانية كي لا يبقى الشهر الثاني عشر طافياً على الماء لا هو جزء من السنة الاُولى ولا من السنة الثانية، فإن أردنا أن نأخذ بالاحتمال الثاني أعوزنا الدليل; لأنّ الدليل إنّما أسقط الشهر الأخير ما عدا لحظة منه من السنة الاُولى ولم يلحقه بالسنة الثانية، وإن أردنا أن نأخذ بالاحتمال الأوّل تمثّل أمامنا استغراب بقاء شهر بالوسط طافياً على الماء.

وعلى أيّة حال هل لا نستغرب من أنّ روايات الزكاة كلّها أطلقت عنوان الحول ولم تدلّ رواية على كفاية أحد عشر شهراً زائداً لحظة واحدة عدا رواية واحدة وهي صحيح زرارة المشار إليه.

فلعلّ هذا كلّه أوجب تنزّل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من الفتوى إلى الاحتياط.

فإن كان هذا هو السبب لهذا التنزّل فلا يفرّق فيه بين زكاة الأنعام وزكاة النقود.

38

22 ـ إذا اختلّ بعض شروط الزكاة للأنعام في أثناء الحول، بطل الحول، كما إذا نقصت من النصاب، أو لم يتمكّن من التصرّف فيها، أو أبدلها بغير جنسها، أو وهبها لغيره في أثناء الحول.

ولو أبدلها بجنسها فالأحوط استحباباً عدم سقوط الزكاة عنه (1).

23 ـ ولو وهبها في أثناء الحول مع شرط إرجاعها إليه بعد ذلك فراراً من الزكاة، وجبت عليه الزكاة (2).

 


أمّا حسب ما نحن نفهم من صحيح زرارة من تفسير حَوَلانِ الحول ببزوغ اثني عشر هلالاً، فكلّ هذه الاستغرابات تتضاءل وتصبح الفتوى واضحة وسهلة.

(1) لاحتمال كون هذا هو المفهوم فيما ورد من صحيح زرارة الذي أشرنا إليه، حيث قال في تعليم طريقة الفرار الشرعيّة من الزكاة: «إنّما ذلك له إذا اشترى بها داراً أو أرضاً أو متاعاً»، ووجه جعل الاحتياط استحباباً: أنّ النصّ وارد في النقود لا الأنعام.

وقد يستفاد من هذا المقطع الذي مورده النقود أنّ تبديل نقد بنقد حتّى بغير الجنس، أي: الذهب بالفضة وبالعكس أيضاً، لا ينفع إذا كان بقصد الفرار، كما يشهد لذلك أيضاً موثّق إسحاق بن عمّار قال: «سألت أبا إبراهيم(عليه السلام) عن رجل له مئة درهم وعشرة دنانير أعليه زكاة؟ قال: إن كان فرّ بها من الزكاة فعليه الزكاة، قلت: لم يفرّ بها ورث مئة درهم وعشرة دنانير، قال: ليس عليه زكاة، قلت: فلا تكسر الدراهم على الدنانير ولا الدنانير على الدراهم؟ قال: لا»(1)، فهذا واضح في أنّه لو كان التبديل بنيّة الفرار انكسر أحد النقدين على الآخر.

(2) لصريح مقطع من مقاطع ما أشرنا إليه من صحيح زرارة حيث قال: «إذا سمّاها


(1) الوسائل، ب 5 من زكاة الذهب والفضّة، ح 3.

39

24 ـ لو ملك في أوّل الحول نصاباً، ثُمّ ملك في أثناء الحول عدداً آخر من نفس الجنس بنتاج أو شراء أو إرث أو غير ذلك، فالفروض التي يمكن أن تفرض في هذه الزيادة أحد أربعة فروض:

الفرض الأوّل: أن يفرض أنّ هذه الزيادة لو كانت في أوّل السنة كانت بمقدار العفو، كما إذا كان عنده أربعون من الغنم، وفي أثناء الحول ولدت أربعين، وقد مضى أنّ ما بعد الأربعين معفوّ عن الزكاة ما لم يبلغ مئة وواحداً وعشرين.

وهذا حكمه: أنّ الذي ملكه في أثناء السنة أيضاً يشمله العفو، ويبدأ في أوّل السنة الثانية بحول جديد.

الفرض الثاني: أن يفرض أنّ هذه الزيادة تكون نصاباً مستقلاًّ، كما إذا كانت عنده خمس من الإبل، فولدت في أثناء الحول خمساً اُخرى.

وهذا حكمه: أنّ الاُوليات تتنجّز زكاتها في آخر سنتها، والاُخريات أيضاً تتنجّز زكاتها في آخر سنتها التي تحين في أثناء الحول الثاني ; لأنّها بدأت في أثناء الحول الأوّل.

الفرض الثالث: أن يفرض أنّ هذه الزيادة لو كانت في أوّل السنة لكانت قد


هبة جازت الهبة، وسقط الشرط، وضمن الزكاة...» وإن كان مورد النصّ هو النقود.

أمّا الفرار عن الزكاة في النقود عن طريق سبك الحليّ(1) فالروايات فيها مختلفة، وروايات المنع لا تخلو من ضعف; لما فيها من سند الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضّال، وعلى فرض تكافؤ السند فلا أقلّ من البراءة عن وجوب الزكاة، والحمل على التقيّة أيضاً قريب.


(1) راجع الوسائل، ب 11 و 8 و 12 من زكاة الذهب والفضّة.

40

نقلت النصاب إلى نصاب جديد، كما إذا كانت عنده ثلاثون من البقر، وفي أثناء الحول ولدت عَشْرة، وقد مضى أنّ الأربعين هو النصاب الثاني للبقر.

وهذا حكمه: أنّ النصاب الأوّل يزكّى في نهاية الحول الأوّل، والزيادة تبقى معفوّاً عنها إلى حين زمان تزكية النصاب الأوّل، وبعد ذلك يلحظ النصاب الثاني للحول الثاني، ففي المثال الذي ذكرناه لو أدّى زكاة النصاب الأوّل من خارج ما كان يملكها من الأبقار، فبقي أربعون إلى نهاية الحول الثاني، وجبت زكاة النصاب الثاني لدى نهاية الحول الثاني، وكذلك لو فرضنا أنّ الزيادة كانت إحدى عَشْرة، فحتّى لو أدّى زكاة النصاب الأوّل من داخل الأبقار المملوكة بقي عنده أربعون، فلو استمرّ الأربعون إلى نهاية الحول الثاني وجبت زكاة النصاب الثاني.

الفرض الرابع: ما يتراءى فيه أنّ الزيادة تصلح نصاباً مستقلاًّ، وتصلح لنقل النصاب الأوّل إلى نصاب جديد، ومثاله: ما لو كان عنده عشرون من الإبل، وفي أثناء حولها ولدت ستّاً، فالزيادة مشتملة على خمس، وهي تصلح نصاباً، كما أنّ الستّ لو كانت اُضيفت إلى العشرين أوّل السنة انتقل العدد إلى نصاب جديد، وهو الستّ والعشرون.

وهذا حكمه حكم الفرض الثالث، أي: أنّ النصاب الأوّل يزكّى في نهاية حوله، وإذا بقي النصاب الثاني إلى نهاية الحول الثاني، فعليه زكاة النصاب الثاني (1).


(1) والوجه في ذلك هو: أنّ أصل هذا الفرض هو فرض صوري ومرجعه الحقيقي إلى الفرض الثالث; لأنّ الخمس أو قل: الخمس والعشرين إنّما تصلح نصاباً بشرط عدم زيادة الواحد، ومعه لا تصلح إلّا لتبديل النصاب، فلو كانت في أوّل السنة لأبطلت النصاب

41

ثانياً: زكاة النقدين.

25 ـ كان النقد الرائج في عصر المعصومين(عليهم السلام)عبارة عن الذهب والفضّة، وقد وضعت الشريعة عليهما الزكاة مشروطة بشروط ثلاثة زيادة على الشروط العامّة الماضية:

الأوّل: النصاب، وهو في الذهب عبارة أوّلاً عن عشرين ديناراً، والدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفيّ، فإن زاد على هذا المبلغ كان على كلّ أربعة دنانير ـ وهي ثلاثة مثاقيل صيرفيّة ـ زكاة، وكلّ ما يقلّ عن أربعة دنانير يكون معفوّاً عن الزكاة. ولو لم يبلغ كلّ الذهب مقدار عشرين ديناراً، فكلّه يعفى عن الزكاة.

وفي الفضّة عبارة أوّلاً عن مِئتي درهم، ثُمّ كلّ أربعين درهماً، وهنا أيضاً كلّما نقص من النصاب كان معفوّاً عنه. والدرهم يساوي 21⁄40 مثقالاً صيرفيّاً.

ومبلغ الزكاة في كلّ هذا عبارة عن 1⁄40 من النصاب.


السابق أو النُصُب السابقة وحوّلت المبلغ إلى نصاب جديد، والآن وقد جاءت الإضافة في أثناء الحول فلا هي تُغيّر زكاة المبلغ الماضي لأنّها لم تكن في أوّل السنة، فعليه أن يزكّي النصاب السابق في آخر الحول، ولا هي تُثبّت زكاة النصاب الجديد إلّا بعد نهاية الحول الثاني لو بقي النصاب إلى ذاك الحين، إذن فتبقى الزيادة لحين نهاية الحول الأوّل تحت العفو، ولا يمكن أن تتحقّق زكاة النصاب الثاني في أثناء الحول الثاني; لأنّه يلزم من ذلك اشتراك المبلغ السابق في زكاتين من دون أن يمضي عليه حولان، في حين أنّه لا تتعلّق بمال لسنة واحدة الزكاة من وجهين; لصحيح زرارة: «لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد»(1).


(1) الوسائل، ب 7 ممّن تجب عليه الزكاة، ح 1.

42

والثاني: أن يكون منقوشاً بسكّة المعاملة، وكان ذلك استطراقاً لكونه نقداً رائجاً في السوق، فالحُليّ المسبوك الذي لا يكون نقداً رائجاً في السوق لا زكاة عليه.

والثالث: مضيّ الحول عليه واجداً لشرائطه بالمعنى الذي مضى من مضيّ الحول على الأنعام.

ولو احتال أحد في تبديل قسم من ماله من الذهب إلى الفضّة أو بالعكس ليختلّ النصاب فيهرب من الزكاة، وجبت عليه الزكاة.

أمّا لو كان تركّب ماله من الذهب والفضّة مصادفة من غير احتيال فلم يبلغ الذهب ولا الفضّة النصاب، فلا شيء عليه.

26 ـ أمّا في زماننا هذا فالذهب أو الفضّة المسكوكان بسكّة المعاملة: إمّا غير موجود بيد الناس، وإمّا نادر الوجود. والنقد الرائج عبارة عن الأوراق الاعتباريّة المألوفة في هذا الزمان. وأمر تعلّق الزكاة بها وعدمه، وكذلك أمر تعيين نصابها يكون بيد وليّ أمر المسلمين حيث تقتضيه المصلحة على حسب نظر وليّ الأمر (1).


(1) يمكن الاستدلال على ثبوت الزكاة على النقود الورقيّة المألوفة اليوم ببعض الروايات من قبيل:

1 ـ صحيحة الحسن بن عليّ الوشّاء عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) «قال: قيل لأبي عبدالله(عليه السلام): لأيّ شيء جعل الله الزكاة خمسة وعشرين في كلّ ألف ولم يجعلها ثلاثين؟ فقال: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ جعلها خمسة وعشرين أخرج من أموال الأغنياء بقدر ما يكتفي به الفقراء، ولو أخرج الناس زكاة أموالهم ما احتاج أحد»(1).


(1) الوسائل، ب 3 من زكاة الذهب والفضّة، ح 1.

43


2 ـ صحيح الأحول «أنّه سأل أبا عبدالله(عليه السلام): كيف صارت الزكاة من كلّ ألف خمسة وعشرين درهماً؟ فقال: إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ حسب الأموال والمساكين فوجد ما يكفيهم من كلّ ألف خمسة وعشرين، ولو لم يكفهم لزادهم»(1).

وهذان الخبران الصحيحان واردان في خصوص زكاة النقدين; بدليل أنّ حصّة الزكاة المقدّرة فيهما وهي الواحد من أربعين إنّما هي في النقدين دون الأنعام والغلاّت، فهذا دليل على أنّ زكاة النقد وحده بقدر 1⁄40 يكفي الفقراء، أفلا تستظهر من ذلك أنّ شريعة الإسلام الخالدة جعلت في النقود أيّاً كانت الزكاة بقدر واحد من أربعين؟! وأنّ ذكر النقدين بمعنى الذهب والفضّة في تأريخ النصوص كان من باب اختصاص النقد بهما في ذاك التأريخ لا لخصوصيّة فيهما؟!

ويبقى في مقابل هذا الاستظهار استبعاد تعلّق الزكاة بالنقود الاُخرى المخترعة في الأعصر المختلفة غير الذهب والفضّة; لأنّها لو كانت هي أيضاً متعلّقة للزكاة لكان المترقّب: إمّا تعيين نصابها من قبل الشريعة، أو جعل نصاب واحد للذهب والفضّة كي يعرف أنّ هذا النصاب هو نصاب النقد على الإطلاق، وكان ذكر الذهب والفضّة من باب المثال ومن باب تعارفهما في ذاك العصر، وكلّ هذا لم يكن، فلم يرد في الشريعة نصاب مطلق للنقد، ولم يوحّد نصاب الذهب والفضّة، فأوّل نصاب للذهب هو عشرون ديناراً أو عشرون مثقالاً، وزكاته نصف دينار، وفيما زاد في كلّ أربعة دنانير عشر دينار، أي: واحد من أربعين منها، وأوّل نصاب للفضّة هو مئتا درهم وزكاتها خمسة دراهم، وكلّما زاد أربعون كان فيها درهم واحد.

وهناك استبعاد آخر في تعلّق الزكاة بالنقود الورقيّة، وهو: أنّ الذهب والفضّة لو كانا


(1) المصدر نفسه، ح 2.

44


منظورين في عصر النصوص بما هما نقد لكان المترقّب تعلّق الزكاة بالقاسم المشترك بينهما، وأن يكون كلّ واحد منهما مصداقاً لعنوان واحد من العناوين الزكويّة وهو النقد، وهذا يقتضي أنّه لو كان أحد يملك شيئاً من هذا وشيئاً من ذاك والمجموع يكون بقدر النصاب لكانت عليه زكاة، في حين أنّ النصوص تدلّ على أنّه لا ينكسر أحدهما على الآخر، وأنّ لكلّ واحد منهما حسابه الخاصّ، فلو كان كلّ واحد منهما أقلّ من النصاب لم يتعلّق بهما الزكاة برغم فرض بلوغ المجموع مبلغ النصاب، إلّا إذا كان ذلك بتبديل عمدي فراراً من الزكاة(1).

ويمكن الجواب على الاستبعاد الأوّل بأنّه ورد في الروايات ما يدلّ على أنّ الأصل في النقد في عصر النصّ فرض هو الدرهم، وأنّ جعل النصاب في الذهب عبارة عن عشرين مثقالاً ثُمّ أربعة دنانير إنّما كان بنكتة أنّ الدينار كان يساوي عادةً وقتئذ عشرة دراهم.

ففي صحيح الحلبي قال: «سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن الذهب والفضّة: ما أقلّ ما يكون فيه الزكاة؟ قال: مئتا درهم، وعدلها من الذهب». وفي صحيح محمّد بن مسلم قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الذهب كم فيه من الزكاة؟ قال: إذا بلغ قيمته مئتي درهم فعليه الزكاة»(2). وحملهما على أنّ الأصل في نصاب الذهب عشرون ديناراً، وإنّما عبّر بمئتي درهم لأنّ عشرين ديناراً كان يطابق مئتي درهم خلاف الظاهر، وإنّما الظاهر منها وبالأخصّ الأخير هو العكس، وهو أنّ الأصل في النصاب هو ما يساوي مئتي درهم، فإن عبّر في باقي الروايات بعشرين مثقالاً كان ذلك لأجل تساوي عشرين ديناراً لمئتي درهم.


(1) الوسائل، ب 5 من زكاة الذهب والفضّة، ح 1 و 3.

(2) الوسائل، ب 1 من زكاة الذهب والفضّة، ح 1 و 2.

45


وعليه فبعد استظهارنا من روايات كفاية واحد من الأربعين من النقد لإشباع الفقراء أنّ الزكاة تكون على كلّ نقد رائج في زمانه تصبح النتيجة: أنّ مقياس النصاب في ذاك النقد هو نصاب الدرهم، أي: قيمة مئتي درهم رائج في عصر النصّ.

ويمكن الجواب عن الاستبعاد الثاني بأنّه من المحتمل أنّ ما ورد عنهم(عليهم السلام) في عدم كسر الذهب على الفضّة، ولا العكس، وعدم التركيب منهما في النصاب إنّما كانت بنكتة: أنّ الذهب والفضّة لم يكونا متمحّضين في النقديّة البحت كما هو الحال في أوراق اليوم، بل كان كلّ منهما متاعاً أيضاً، فأمر أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بأن لا يكسر أحدهما في تحقيق النصاب على الآخر، وأن يحسب لكلّ واحد منهما حسابه الخاصّ. ويؤيّد ذلك: أنّه في فرض التركيب على أساس التحايل على الزكاة أمرت موثّقة إسحاق بثبوت الزكاة(1). وأمّا أوراق اليوم فهي متمحّضة في النقديّة، وليست أمتعة في جنب ما لها من ماليّة، وعليها زكاة النقد المتمثّلة في واحد من أربعين في نصاب ما يساوي قيمة مئتي درهم أوّلاً، ثُمّ كلّما يساوي أربعين درهماً ثانياً وإلى الأخير.

هذا غاية ما يمكن أن يقال لتقوية فكرة تعلّق الزكاة بنفس التشريع الأوّلي للزكاة بالأوراق النقديّة المألوفة اليوم، إلّا أنّ هذا يكلّفنا ما هو خلاف شبه المسلّم الفقهي، فإنّ النتيجة انتهت إلى أنّ نصابي الزكاة والفضّة واحد وهو قيمة مئتي درهم ثمّ قيمة أربعين درهماً، وإنّما عبّر في الروايات عن نصاب الذهب بعشرين مثقالاً ثُمّ أربعة دنانير لتساويهما نصاب الدرهم، في حين أنّ من شبه القطعي لفقهنا كون ذلك هو النصاب الأصلي للذهب، وليكن تقارب القيمتين حكمةً في جعل نصاب الذهب ذلك، وليحمل صحيحا الحلبي ومحمّد بن مسلم على الحكمة، ومسألة صعود ونزول قيمة الذهب


(1) الوسائل، ب 5 من زكاة الذهب والفضّة، ح 3.

46


بالقياس إلى الدرهم وبالعكس، كان مألوفاً في عصر النصّ. والمظنون أنّ هذه كانت هي الحكمة في اشتراط بيع الصرف بالتقابض في المجلس، وكذلك الجودة والرداءة في الجنس كانت مألوفة وقتئذ، وكان هذا هو الداعي في تبديل الذهب بالذهب أو الفضّة بالفضّة مع الاختلاف في الوزن، فمنع الأئمّة(عليهم السلام) عن ذلك.

وبعد كلّ هذا نرجع مرّة اُخرى لنقول: لو كانت النقود الورقيّة اليوم مشمولة لوضع رسول الله(صلى الله عليه وآله) الزكاة على النقود لكان يجب: إمّا وضع نصاب لها، أو وضع نصاب واحد للنقدين; كي يعرف أنّ باقي النقود المستجدّة بالمستقبل تلحق بهما، أو تفرض زكاة مستقلّة لها بلا نصاب، وكلّ هذا لم يكن.

وهناك نقطة ضعف اُخرى في هذا الطرز من الاستدلال، وهو: أنّ فرض كفاية مجرّد زكاة النقدين في ذاك الزمان لحاجة الفقراء وقتئذ بعيد; لأنّ النقدين إنّما كان تجب الزكاة فيهما بعنوانهما بشرط حبسهما عن التجارة والتبادل، في حين أنّ هذا لم يكن يتحقّق إلّا من قبل من يريد أن يكتنز أو يدّخر النقد، وما كان أسهل في الغالب منع النقد عن تعلّق الزكاة به بعدم كنزه أو ادّخاره إلّا بأن يسبكه ويخرجه عن كونه منقوشاً أو نقداً رائجاً، وعليه فالظاهر أنّ النظر فيما مضى من صحيحي الحلبي ومحمّد بن مسلم إلى مجموع زكاة الذهب والفضّة وزكاة مال التجارة حيث تُقدّر زكاة مال التجارة أيضاً بواحد من أربعين، فالخارج من تلك الروايات ليس إلّا باقي الأعيان الزكويّة من الأنعام والغلاّت ممّا لا تُقدّر زكاتها بواحد من أربعين.

وإذا كان الأمر كذلك فالمفهوم من روايات تعليل تعيين الزكاة في واحد من أربعين بعلم الله بأنّ ذاك يكفي في إشباع الفقراء هو وجوب زكاة مال التجارة، وهذا ما لا تُفتي به الشيعة عادةً.

ولا أجد شيئاً يسكن إليه القلب أفضل من أن يقال: إنّ وضع الزكاة على النقود وكذلك

47


وضع الزكاة على مال التجارة كان مبدئيّاً بروح وضع ما يكفي لتأمين حال الفقراء، وقد شخّص الإسلام أنّ واحداً من أربعين يكفي بالشكل المعتاد للفقراء وترك أمر النقود المستجدّة، وكذلك أمر تصعيد حكم زكاة التجارة من الاستحباب إلى الوجوب لوليّ أمر المسلمين في كلّ حين.

وليس وضع الزكاة على شيء جديد بدعاً بعد أن صدر المؤشّر على ذلك من مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) بوضعه على الخيل العتاق الراعية في كلّ فرس في كلّ عام دينارين وجعل على البرازين (وهي التركية من الخيل وخلافها العراب) ديناراً(1).

بقي في المقام أمران آخران ينبغي إلفات النظر إليهما بسبب تعاليق اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)على منهاج الصالحين للسيد الحكيم رضوان الله عليه:

الأمر الأوّل: ذكر اُستاذنا الشهيد(قدس سره) في تعليقة على منهاج الصالحين في زكاة النقدين: أنّ المناط في تعلّق الزكاة بالنقدين ليس هو كونهما مسكوكين بسكّة المعاملة، بل المناط اتّخاذهما نقداً رائجاً بأيّ نحو كان.

أقول: السبب في هذه الفتوى أحد أمرين:

الأوّل: خبر يونس بن عبدالرحمن عن عليّ بن يقطين عن موسى بن جعفر(عليهما السلام): «لا تجب الزكاة فيما سبك فراراً به من الزكاة، ألا ترى أنّ المنفعة قد ذهبت، فلذلك لا تجب الزكاة»(2). فهذا شاهد على أنّ النكتة في شرط السكّة أن تكون قابلة للانتفاع بها كنقد، فإذا ذهبت المنفعة سقطت الزكاة، وهذا دليل على أنّ المقياس كونه نقداً رائجاً وليس كونه مسكوكاً.


(1) الوسائل، ب 16 ممّا تجب فيه الزكاة، ح 1.

(2) الوسائل، ب 11 من زكاة الذهب والفضّة، ح 2 و 3.

48


إلّا أنّ الخبر ضعيف سنداً بإسماعيل بن مرار.

والثاني: مجرّد استظهار أنّ ذكر النقش أو نحوه في الرويات كان استطراقاً إلى كون الذهب والفضّة نقداً رائجاً.

الأمر الثاني: ذكر أيضاً اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في تعليقه على منهاج الصالحين ما نصّه:

«هنا كلام في أنّ زكاة النقدين هل يختصّ بخصوص ما يسمّى بالنقود، أو أنّ المقصود من النقدين فيها كلّما تمحّض في الماليّة: إمّا بطبيعة النقود أو بعناية إعداده للتجارة كالسلع التجاريّة، ولكن يشترط في وجوبها في تلك السلع على القول به مضيّ الحول على السلعة بعينها؟».

أقول: الظاهر أنّه(رحمه الله) ينظر في كلامه هذا إلى روايات من هذا القبيل:

1 ـ صحيح إسماعيل بن عبدالخالق: «قال: سأله سعيد الأعرج وأنا أسمع فقال: إنّا نكبس الزيت والسمن نطلب به التجارة، فربما مكث عندنا السنة والسنتين هل عليه زكاة؟ قال: إن كنت تربح فيه شيئاً أو تجد رأس مالك فعليك زكاته، وإن كنت إنّما تربّص به لأ نّك لا تجد إلّا وضيعة فليس عليك زكاة حتّى يصير ذهباً أو فضّة، فإذا صار ذهباً أو فضّة فزكّه للسنة التي اتّجرت بها»(1).

2 ـ وصحيح محمّد بن مسلم قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل اشترى متاعاً فكسد عليه وقد زكّى ماله قبل أن يشتري المتاع متى يزكّيه؟ فقال: إن كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة، وإن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال، قال: وسألته عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها؟ فقال: إذا حال عليه الحول فليزكّها»(2).


(1) الوسائل، ب 13 ممّا تجب فيه الزكاة، ح 1.

(2) المصدر نفسه، ح 3.

49


3 ـ ورواية خالد بن الحجّاج الكرخي قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الزكاة، فقال: ما كان من تجارة في يدك فيها فضل ليس يمنعك من بيعها إلّا لتزداد فضلاً على فضلك فزكّه، وما كانت من تجارة في يدك فيها نقصان فذلك شيء آخر»(1).

4 ـ وموثّقة سماعة قال: «سألته عن الرجل يكون عنده المتاع موضوعاً فيمكث عنده السنة والسنتين وأكثر من ذلك، قال: ليس عليه زكاة حتّى يبيعه، إلّا أن يكون اُعطي به رأس ماله فيمنعه من ذلك التماس الفضل، فإذا هو فعل ذلك وجبت فيه الزكاة، وإن لم يكن اُعطي به رأس ماله فليس عليه زكاة حتّى يبيعه وإن حبسه ما حبسه، فإذا باعه فإنّما عليه زكاة واحدة»(2).

5 ـ ورواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبدالله(عليه السلام) «في رجل اشترى متاعاً فكسد عليه متاعه وقد كان زكّى ماله قبل أن يشتري به هل عليه زكاة أو حتّى يبيعه؟ فقال: إن كان أمسكه التماس الفضل على رأس المال فعليه الزكاة»(3).

6 ـ رواية أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا تأخذنّ مالاً مضاربةً إلّا مالاً تزكّيه أو يزكّيه صاحبه. وقال: إن كان عندك متاع في البيت موضوع فاُعطيت به رأس مالك فرغبت عنه فعليك زكاته»(4).

فكأنّ اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) احتمل في هذه الروايات أن يكون المقصود تعلّق الزكاة برأس المال الموضوع سنةً باعتبار افتراض توسعة في مفهوم النقد، فكأنّ هذا نقد


(1) المصدر نفسه، ح 5.

(2) المصدر نفسه، ح 6.

(3) المصدر نفسه، ح 4.

(4) صدره في ب 15 ممّا تجب فيه الزكاة من الوسائل، ح 3، وذيله في ب 13 منها، ح 7.

50


حبس سنة لكن بشرط حبس نفس السلعة بعينها سنة كما هو مفاد هذه الروايات، فلو قلنا في زكاة النقود أو الأنعام بأنّ تبديل العين بنفس الجنس لا يسقط الزكاة ففي هذه التوسعة لفكرة النقود لا يتم ذلك.

وعلى أيّ حال فلو كان مصدر هذا الاحتمال من قبل اُستاذنا الشهيد(قدس سره)عبارة عن هذه الروايات فهي خاصّة بفرض ما إذا كان ادّخار المال رغماً على أنّه كان يأتي له بالربح أو برأس المال لو كان يتّجر به، أمّا لو حبسه لأجل أنّه لم يكن يأتي له حتّى برأس المال فلا شيء عليه.

وعلى أيّة حال فاستظهار كون هذه الروايات توسعة في موضوع النقد في رأيي ضعيف، والأقوى استظهار كونها من روايات مال التجارة، الأمر الذي كان مألوفاً لدى السنّة فيلحقها حكم روايات مال التجارة المحمولة على الاستحباب.

هذا. والظاهر أنّ اُستاذنا الشهيد(قدس سره) جمع بين الاحتمالين اللذين طرحناهما من كون هذه الروايات موسّعة لعنوان زكاة النقدين، وكونها من روايات زكاة التجارة، فهو(قدس سره)يحتمل أنّ زكاة مال التجارة الواجبة في مذهب أهل البيت هي زكاة المال الذي حبس للاتّجار وبهدف الربح، لا بهدف الإتيان برأس المال وبقي سنة كاملة على هذه الحال، وفرض ذلك توسعة لزكاة النقد كي لا تنصدم هذه الروايات بروايات حصر رسول الله(صلى الله عليه وآله)الزكاة في تسع، والشاهد على ما أقول من أنّه(قدس سره)معترف بكونها ناظرة إلى زكاة مال التجارة، إلّا أنّه يفسّر مال التجارة بالمال المحبوس سنة للتجارة تعليقه(قدس سره) على منهاج الصالحين للسيّد الحكيم في المقصد الثاني من بحث الزكاة المرقّم برقم 13 والمرقّم برقم 23.

ويرد عليه: أنّه لم يكن تمام الموضوع في زكاة الذهب والفضّة نقديّتهما، بل كان لجنس الذهب وجنس الفضّة دخل في الحكم كما هو الحال في باقي الأعيان التسعة،

51

ثالثا: زكاة الغلاّت الأربع.

27 ـ تجب الزكاة في الغلاّت الأربع، وهي: الحنطة والشعير والتمر والزبيب.

28 ـ وقت تعلّق الزكاة بالغلاّت هو وقت بدوِّ الصلاح، أي: عند اشتداد الحبّ في الحنطة والشعير، وعند الاحمرار والاصفرار في ثمر النخيل، وعند انعقاده حِصْرماً في ثمر الكرم (1).

 


بدليل اختلاف نصاب أحدهما عن الآخر، وبدليل أنّ المجموع المركّب منهما لو بلغ النصاب لم يكن عليه شيء، فروايات حصر رسول الله(صلى الله عليه وآله) الزكاة في تسع تدلّ على حصرها في الأعيان التسع، ومال التجارة بما هو مال التجارة ليس منها.

(1) هذا هو الرأي المشهور. والرأي الآخر هو: أنّ وقت تعلّقها عبارة عن زمان صدق عنوان الحنطة، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب، وقيل: العنب، كما ورد في تعبير السيّد في العروة ولعلّ مدركه ورود التعبير بالعنب في بعض الروايات(1).

ولعلّ رأي المشهور والرأي الثاني يتّحدان في الحنطة والشعير; إذ لا يبعد أن يكون اشتداد الحبّ فيهما مع صدق عنواني الحنطة والشعير متّحدين في الزمان.

نعم، الفرق واضح في التمر والزبيب، فإنّ صدق هذين العنوانين يتأخّر لحين تيبّسهما.

ومدرك الرأي الثاني واضح، وهو أخذ العناوين الأربعة في كثير من روايات زكاة الغلاّت من قبيل ما ورد في الوسائل، ب 8 ممّا تجب فيه الزكاة، وب 1 من زكاة الغلاّت.

وخير مدرك للرأي الأوّل روايات الخرص(2) منضمّاً إلى ما ثبت في التأريخ من أنّ الخرص في زمن رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان لدى بدوّ الصلاح بهدف تضمين صاحب الزرع والأشجار لحصّة الزكاة، ولم يكن لذلك معنىً لولا تعلّق الزكاة من ذاك الوقت. ومسألة


(1) راجع الوسائل، ب 1 من زكاة الغلاّت، ح 1 و 7 و 11، وب 3، ح 3.

(2) الوسائل، ب 12 و19 من الغلاّت.

52

29 ـ ويشترط في وجوب الزكاة في الغلاّت الأربع زائداً على الشرائط العامّة الماضية شرطان:

الأوّل: النصاب، وهو عبارة عمّا يقارب ـ بحسب وزن الكيلو المتعارف في زماننا ـ ثمانمئة وثمانية وأربعين كيلو غرام تقريباً، وتحديده الدقيق بالكيلو متعذّر علينا. ويستثنى من التمر القسم الرديء الذي لا يُرغب فيه عادة، فلا تجب زكاته، ولا يدخل في النصاب.

وكذلك يستثنى من ذلك ما يتركه من التمر للحارس من عذق أو عذقين أو نحو


الخرص شبه المتّفق عليها بين الشيعة والسنّة ما عدا أبي حنيفة والثوري اللذين قالا بعدم جواز الخرص بحجّة أنّه رجم بالغيب(1).

وإذا دار الأمر بين دليل الرأي الثاني ـ وهي الروايات المشتملة على العناوين الأربعة للغلاّت ـ ودليل الرأي الأوّل وهو المشهور، تقدّم دليل الرأي الأوّل على دليل الرأي الثاني; لأنّ دليل الرأي الثاني وإن كان صريحاً في تعلّق الزكاة بالعناوين الأربعة لكنّه لا ينفي تقدّم تعلّق الزكاة بزمن سابق إلّا بالإطلاق، وهذا الإطلاق ينفى بدليل رأي المشهور، فإنّ دليل رأي المشهور لا يستفاد منه عدم تعلّق الزكاة بعنوان التمر أو الزبيب كي يقال: إنّ هذا خلاف ظاهر أخذ تلك العناوين; إذ بالإمكان افتراض أنّها في بدوّ صلاحها تكون الزكاة متعلّقة بها، وتبقى الزكاة متعلّقة بها بعناوينها الجديدة حينما يصدق عليها عنوان التمر والزبيب، والأثر العملي لذلك: أنّها لو كانت حين بدوّ الصلاح غير مملوكة كما لو كان مالكها الأصلي معرضاً عنها، وقلنا: إنّ الإعراض يسقط الملكيّة ثُمّ ملكت بالحيازة وهي قائمة على اُصولها تمراً أو زبيباً وجب على المالك الثاني زكاتها على رغم أنّه لم يكن مالكاً حين بدوّ الصلاح; وذلك لأنّ نفس هذين العنوانين موردان للزكاة.


(1) راجع كتاب الزكاة للشيخ المنتظريّ ج 1، ص 354 ـ 355.

53

ذلك (1)، وذلك حقّ استحبابيّ للحارس.

والثاني: أن يكون مالكاً لتلك الثمار والحبوب وهي قائمة على اُصولها.

وهذا غير شرط الملك الذي يعتبر من الشروط العامّة، فلو ملك إحدى الغلاّت بعد انقطاعها عن اُصولها بشراء أو غيره، وبلغت النصاب، لم يجب عليه شيء على رغم ثبوت الشرط العامّ، وهو الملك، وإنّما تجب عليه الزكاة لو ملكها في حين ارتباطها باُصولها، سواءٌ كان ذلك بسبب ملك الاُصول، أو بشرائه للثمار، أو بعنوان حِصّة المزارعة، أو بأيّ شكل آخر (2).

30 ـ وعلى أساس ما مضى: من أنّ وقت تعلّق الزكاة هو زمان بدوِّ الصلاح، أعني: اشتداد الحبّين، وانعقاد الحِصْرم، واصفرار أو احمرار ثمر النخل، فالزكاة ستكون على مالكها في هذا الزمان، ولو باعها بعد ذلك بطل البيع في حِصّة الزكاة، إلّا بإمضاء وليّ أمر الزكاة، ولم تكن على المشتري زكاة اُخرى ولو بلغت حِصّته النصاب.

 


(1) راجع الوسائل، ب 1 من زكاة الغلاّت، ح 3، وب 8 منها، ح 4.

(2) والدليل على هذا الشرط ما هو المفهوم عرفاً ومتشرّعيّاً من روايات التفصيل في العُشر ونصف العشر بين ما لو سقيت بمثل النواضح والدوالي فنصف العشر، أو بمجرّد وضع الطبيعة من مطر أو نهر أو عين ماء ونحوها فالعشر(1)، فإنّ هذه الفوارق تلحظ عرفاً في الأثمار القائمة على اُصولها دون الأثمار المجذوذة، وبعد الجذّ لا يفرّق بين تمر وتمر، أو زبيب وزبيب.

ويشهد لذلك أيضاً التعبير بالنخل الوارد في بعض الروايات، ثُمّ عطف العنب عليه(2).


(1) راجع الوسائل، ب 4 من زكاة الغلاّت.

(2) راجع الوسائل، ب 1 من زكاة الغلاّت، ح 7 و 11، وب 3 منها، ح 3.

54

أمّا لو فرضنا عدم وجود مالك لها حين بدوِّ الصلاح ; لإعراض من قِبَل المالك الأصليّ مثلاً، ثُمّ امتلكها شخص بعد ذلك والثمار قائمة على اُصولها، فقد ثبتت الزكاة على المالك الثاني (1).

31 ـ ونحن وإن قلنا: إنّ وقت تعلّق الزكاة هو زمان بدوّ الصلاح، فإنّ المقياس في النصاب إنّما هو اليابس منها، فلو كان الرطب بقدر النصاب لكن ينقُص منه حينما يصبح تمراً، وكذلك العنب كان بمقدار النصاب ولكنّه ينقُص منه حينما يصبح زبيباً، فلا زكاة فيهما (2).

32 ـ ومبلغ الزكاة فيما سقاه البشر بمثل الدلو والدلاء والنواضح ونحو ذلك هو نصف العُشْر، وفيما سقته الطبيعة بنهر أو عين ماء أو مطر أو امتصاص عرُوق الزرع والشجر من الأرض ونحو ذلك هو العُشْر.

أمّا لو اشترك الأمران فسقاه البشر حيناً وسقته الطبيعة اُخرى، فإن غلب أحدهما الآخر بشكل يستند عرفاً السقي إلى أحد الأمرين، فذاك هو المقياس في


(1) لأنّ إطلاقات تعلّق الزكاة بالعناوين الأربعة غير قاصرة عن إثبات الزكاة عليها، وإنّما خرج منها فرض تملّك الثمار بعد انفصالها عن اُصولها ولا مقيّد لها بأكثر من ذلك.

(2) وذلك لأنّه ورد التعبير عن نصاب الغلاّت في الروايات بعنوان خمسة أوساق(1)، والوسق اسم لحمل البعير ولم يعهد الحمل عليه إلّا في اليابس، هذا مضافاً إلى أنّ النصاب نسب في الروايات إلى تلك العناوين الأربعة، فهي التي يجب أن تصل إلى النصاب، وفي خصوص العنب قد ورد في صحيحة سليمان بن خالد: «والعنب مثل ذلك حتّى يكون خمسة أوساق زبيباً»(2).


(1) راجع الوسائل، ب 1 من زكاة الغلاّت.

(2) الوسائل، ب 1 من زكاة الغلاّت، ح 7.

55

الأمر، فلو كان سقيُ الطبيعة هو الذي يغطّي عرفاً سقيَ البشر، كان مبلغ الزكاة هو العُشْر، ولو كان العكس فمبلغ الزكاة هو نصف العُشْر، ولو اشتركا من دون مستوىً ملحوظ بهذا الشكل في أحد الجانبين، كانت الزكاة في نصف الغلاّت عُشْراً، وفي النصف الآخر نصفَ عُشْر (1).

33 ـ ولو زادت الغلّة على النصاب وجب إخراج الزكاة من الزيادة أيضاً، فلا نصاب ثان يعفى ما بينهما إلى حين الوصول إلى النصاب الثاني.

34 ـ وآخر وقت لوجوب إخراج الزكاة عبارة عن زمان تصفية الحنطة والشعير، واجتذاذ التمر، واقتطاف الزبيب إن لم يُؤخِّر المالك ذلك عن وقته الطبيعيّ.

وهذا في التمر والزبيب يكون لدى افتراض إبقائهما على الشجر إلى حين الجفاف، أمّا لو اقتطفا حينما يكونان رطباً وعنباً، واُريد بهما التشميس والتجفيف بعد الاجتذاذ، فيجوز عندئذ تأخير إخراج الزكاة إلى حين التشميس والتجفيف(2).


(1) وذلك لصحيح معاوية بن شريح(1)، ولا يوجد في سنده من يتوقّف لأجله عدا معاوية بن شريح والذي لم يرد نصّ بتوثيقه، ولكنّنا نعالح ذلك بكون الراوي عنه لهذه الرواية ابن أبي عمير، ولا فرق في النتيجة بين أن نفترض أنّ معاوية بن شريح هو معاوية بن ميسرة بن شريح القاضي كما حدسه الشيخ المنتظريّ(2)، أو نفترض التغاير بينهما كما جزم به السيّد الخوئيّ(قدس سره)في ترجمته للاسمين في معجم الرجال.

(2) والدليل على جواز تأخير الإخراج لهذا الزمان ـ على رغم أنّ وقت تعلّق الزكاة


(1) الوسائل، ب 6 من زكاة الغلاّت.

(2) الزكاة، ج 2، ص 25.