606

وبالقاسم بن محمد المحتمل انطباقه على القاسم بن محمد الإصفهاني ولم تثبت وثاقته.

وعلى أيّ حال فهذه هي روايات الباب.

أمّا ما هي الوظيفة في المقام لدى تعارض البيّنتين في باب التداعي؟ فنبحث أوّلاً عمّا هو مقتضى القواعد في ذلك، وثانياً عن أنّ ما مضت من الروايات هل توجب علينا العدول عن مقتضى القواعد أو لا؟ وما هي حدود إيجابها للعدول عن مقتضى القواعد لو أوجبت؟

مقتضى القواعد

أمّا عن مقتضى القواعد لدى تعارض البيّنتين في باب التداعي فهنا تصويران لحقيقة التداعي في مثل توارد اليدين على مال واحد، يختلف حكم مقتضى القواعد فيه باختلاف هذين التصويرين:

التصوير الاول _ أن يقال: إنّ كلّ واحد منهما مدّعٍ في نصف المال ومنكر في النصف الآخر؛ لأنّ اليد المشتركة لا تنفذ إلا في جزء المال حسب نسبة اشتراك الأيدي، فهو بمقدار نصف المال يعتبر منكراً لحجّية يده في إثبات ملكيّته له، وبمقدار النصف الآخر يعتبر مدّعياً؛ لعدم حجّية يده فيه؛ فمقتضى القاعدة هو أن يطبّق كلّ واحد في المقام ما اخترناه في باب المدّعي والمنكر.

فمثلاً لو قلنا في باب المدّعي والمنكر عند تعارض البينتين بترجيح بيّنة الخارج؛ بحجّة أنّ البيّنة إنّما هي على المدّعي، فلا أثر لبيّنة المنكر إطلاقاً، فالنتيجة في المقام هي تنصيف المال بينهما؛ لترجيح يد كلّ واحد منهما في نصف المال، ولكن مختارنا في باب المدّعي والمنكر لدى تعارض البيّنتين لم يكن ذلك كما مضى.

أمّا لو أردنا الكلام بناءً على ما اخترناه في باب المدّعي والمنكر من تعارض

607

البيّنتين وتساقطهما والرجوع إلى يمين المنكر، فالنتيجة في المقام هي التحالف، فلو حلفا معاً قُسِّم المال بينهما؛ لأنّ كلّ واحد منهما منكر في النصف، فقد نفذ يمينه في النصف، ولو حلف أحدهما ونكل الآخر كان المال كلّه للحالف؛ لأنّ حلفه في النصف كان حقاً له من أوّل الأمر، وقد عاد الحلف في النصف الآخر إليه بنكول صاحبه، فله الحلف على كلّ المال وأخذه، ولو نكلا معا قُسِّم المال بينهما؛ لأنّ كلّ واحد منهما منكر في النصف، فقد استحقّ النصف بعد نكوله ونكول المدّعي عن القسم.

التصوير الثاني _ أن يقال: إنّ كلّاً منهما مدّعٍ لتمام المال، وليس مدّعياً في النصف ومنكراً في النصف الآخر.

ويمكن تقريب ذلك بأن يقال: إنّ اليد لا تدل على خصوص الملك بقدر سيطرتها على المال، بل تدل عقلائيّاً على صحّة مدَّعى ذي اليد ما لم تعارض بيد من يدعي خلافه، فلو أنّ أحدهما ادّعى ملكية تمام المال، والآخر نفى ملكيّة نفسه، فلا شكّ في أنّ يد الأول أمارة عرفاً على صحّة ما ادّعاه من ملكيّة تمام المال ما دام صاحب اليد الثانية أنكر ملكيّة نفسه. إذاً فلو ادّعى كلّ منهما ملكيّة تمام المال فقد وقع التعارض الكامل بين اليدين، وهما متداعيان في تمام المال، وليس كلّ منهما مدّعياً في النصف ومنكراً في النصف الآخر.

أمّا ما قد يقال: من أنّ اليدين حينما اجتمعتا فقد أثّر كلّ منهما في النصف من باب تأثير كلّ من السببين المجتمعين في نصف المسبّب عند إمكانيّة ذلك، كما هو الحال في توارد حيازتين على مال واحد. فهذا قياس مع الفارق، فإنّ تأثير السببين العقلائيّين كلّ منهما في النصف إنّما يكون عقلائيّاً في باب الإيجاد العقلائي، لا في باب الكشف، ففي باب الحيازة كانت الحيازة سبباً عقلائيّاً لإيجاد الملكيّة، فإذا تواردت حيازتان على مال واحد دفعةً واحدةً أثّرت كلّ واحدة منهما في النصف،

608

أمّا في باب الكشف وتعارض الأمارتين فالمرتكز العقلائي هو التساقط، لا كشف كلّ واحدة منهما عن النصف. وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ اليد أمارة على الملكيّة وكاشفة عنها، وليست موجدةً لها.

وعلى أيّ حال فإن سلّمنا بأنّ كلّ واحد منهما مدّعٍ في تمام المال فالبيّنتان قد تعارضتا وتساقطتا، وبعد تساقط البيّنتين تصل النوبة إلى التحالف، وذلك بأحد وجهين:

الأول(1)_ أن يقال: إنّ كلّ واحد منهما كما هو مدّعٍ لتمام المال كذلك هو منكر لملكيّة صاحبه، وعلى المنكر اليمين. فلو نفى ملكيّة صاحبه باليمين أثّرت يده في إثبات ملكيّته هو.

والثاني _ أن يتمسّك بإطلاق(2) مثل قوله: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»(3)، وقوله في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبداللّه (عليه السلام): «قال في كتاب علي (عليه السلام): إنّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى ربّه فقال: يا ربّ كيف أقضي فيما لم أرَ ولم أشهد؟ قال: أوحى اللّه إليه: احكم بينهم بكتابي، وأضفهم إلى اسمي، فحلّفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بيّنة»(4). خصوصاً إذا افترضنا أنّ قوله: «هذا لمن لم تقم له بيّنة» من قول المعصوم كما لعلّه المفهوم من واو العطف، وهذا قرينة على النظر إلى خصوص المدّعي؛ لأنّه هو الذي تتوقع منه البيّنة، كما أنّ أصل الرؤية والشهادة أيضاً تتوقّع


(1) هذا الوجه الأول لا يأتي فيما إذا كان المال خارجاً من يدهما.

(2) قد يناقش في إطلاق ذلك: بأنّه لم يعلم من هذا أنّه في فرض التداعي هل يتحالفان، أو يعيّن من عليه الحلف بالقرعة؟

(3) وسائل الشيعة، ج18، ص169، الباب 2 من كيفيّة الحكم، ح1.

(4) نفس المصدر، ص167، الباب الأول من كيفيّة الحكم، ح1.

609

عادةً بالنسبة للادّعاء، لا الإنكار الذي هو غالباً نفي بحت.

وعندئذٍ إمّا أن يحلفا معاً، أو ينكلا معاً، أو يحلف أحدهما وينكل الآخر. فعلى الأخير يعطى المال للحالف، وعلى الأوّلين هل يقسّم المال بينهما، أو يلتجأ إلى القرعة؟

هناك وجهان للتقسيم:

الأول _ يختصّ بصورة ما إذا حلفا معاً، وهو أن يستظهر من دليل تحليفهما والقضاء بالأيمان أنّه لابدّ من إعمال كلّ واحد من الحلفين ولو في الجملة، وذلك بالتنصيف.

والثاني _ يشمل صورة نكولهما، وهو التمسّك بقاعدة العدل والإنصاف _ لو ثبتت _ بغضّ النظر عن روايات التقسيم في المقام؛ لأنّ كلامنا الآن وفق القواعد وبغضّ النظر عن روايات الباب. وسيأتي الكلام عن هذه القاعدة إن شاء اللّه، والواقع أنّه لا دليل على صحّة القاعدة في مثل المقام.

إذاً فمقتضى القاعدة في المقام إمّا هو التقسيم فيما لو حلفا بناءً على قبول الوجه الأول والقرعة فيما لو نكلا، أو القرعة في كلتا الصورتين بناءً على عدم قبول الوجه الأول.

هذا بناءً على دخول المقام في باب التداعي على كلّ المال.

والتحقيق: أنّ المقام داخل في باب الادّعاء في النصف والإنكار في النصف الآخر، وليس تداعياً على تمام المال.

وتوضيح ذلك: أنّ اليد وإن كانت أمارةً على ما يدّعيه ذو اليد، لكنّها في نفس الوقت أمارة أيضاً على ملكيّة ذي اليد ما لم ينفِ هو الملكيّة عن نفسه، ولذا لو مات أحد، ولم نعرف ما يدّعيه بشأن ما تحت يده من مال، حكمنا بدخوله في التركة. وهذه الأماريّة الثانية تتبعّض بتكاثر الأيدي، ولذا لو مات شخصان وكان هناك مال تحت

610

يدهما ولم نعرف ما يدّعيانه بالنسبة للمال، حكمنا بالشركة فيما بينهما على السواء.

إذاً فتتصور لكلّ من اليدين في ما نحن فيه دلالتان:

الأُولى: دلالتها على صحّة مدّعى صاحب اليد، وهو ملكيّته لتمام المال.

والثانية: دلالتها على مالكيّته للنصف.

فإذا افترضنا الدلالتين عرضيتين، فقد تعارضت الدلالات الأربع وتساقطت، ودخل المقام في باب التداعي على تمام المال، ولكن لا يبعد أن يقال: إنّ الدلالة الثانيّة مندكّة عند وجود الدلالة الأُولى، ولذا لا يحسّ لدى دعواه الملكيّة بأنّ هناك أمارتين على مالكيّة؛ إذاً فالدلالة الأُولى لكلّ من اليدين ساقطة بالتعارض، وتبقی الدلالة الثانية، وهي الدلالة على ملكيّة النصف، فيدخل المقام في باب الادّعاء في النصف والإنكار في النصف الآخر.

نعم، هذا كلّه فيما إذا كانت لكلّ منهما اليد على المال. وتبقى هنا فرضيّتان في باب التداعي لا يمكن إرجاعهما إلى الادّعاء في النصف والإنكار في النصف الآخر:

الأُولى _ ما إذا كان المال خارجاً عن أيديهما جميعاً. فهذا بابه باب التداعي على كلّ المال لا محالة، فإذا حلفا وصلت النوبة إلى التقسيم إعمالاً للحلفين، أو إلى القرعة، وإذا نكلا وصلت النوبة إلى القرعة لا التقسيم؛ إذ لم نؤمن بإطلاق قاعدة العدل والإنصاف، ولا يصدق في المقام كون كلّ واحد منهما مدّعياً في النصف ومنكراً في النصف الآخر.

والثانية _ ما إذا كان مصبّ الدعوى غير المال، كما لو تداعيا على الزوجة، فهنا أيضاً لا مجال لفرض الادّعاء في النصف والإنكار في النصف. وهنا لا يتصوّر التقسيم أصلاً، فينحصر الأمر بحسب مقتضى القواعد فيما لو حلفا أو نكلا في القرعة.

ويستخلص من كلّ ما مضى: أنّ الفروع المتصوّرة في باب التداعي مع تعارض

611

البيّنتين ثلاثة:

الأول _ ما لو كانت لهما اليد على المال: ومقتضى القاعدة في ذلك هو التحالف، فلو حلف أحدهما ونكل الآخر كان المال للحالف، ولو حلفا معاً أو نكلا معاً قُسِّم المال بينهما.

الثاني _ ما لو كان المال خارجاً عن أيديهما: ومقتضى القاعدة في ذلك هو التحالف، فلو حلف أحدهما ونكل الآخر كان المال للحالف، ولو حلفا معاً قُسِّم المال بينهما بناءً على إعمال الحلفين، واقترع بينهما بناءً على عدم إعمالهما، ولو نكلا معاً وصلت النوبة إلى القرعة.

الثالث _ ما لو كان مصبّ الدعوى غير المال، كما في الزوجة: ومقتضى القاعدة في ذلك هو التحالف، فلو حلف أحدهما دون الآخر كان الحقّ للحالف، ولو حلفا معاً أو نكلا معاً فالقرعة. هذا تمام الكلام بلحاظ القواعد.

مقتضى الروايات الخاصة

أمّا بلحاظ الروايات الخاصّة الماضية فنتكلم في هذه الفروع الثلاثة تباعاً:

حالة كون المال في يدهما

الفرع الأول _ ما لو كانت لهما اليد على المال وقد تعارضت البيّنتان، وقد عرفت أنّ مقتضى القاعدة هو التحالف، فلو حلف أحدهما دون الآخر أخذ الحالف المال، ولو حلفا أو نكلا قُسِّم المال بينهما، أمّا البحث على ضوء روايات الباب فنحن نجعل محور البحث ما مضى من حديث إسحاق بن عمّار عن أبي عبداللّه (عليه السلام): «أنّ رجلين اختصما إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) في دابّة في أيديهما، وأقام كلّ واحد منهما

612

البيّنة أنّها نَتَجَت عنده، فأحلفهما علي (عليه السلام) فحلف أحدهما، وأبى الآخر أن يحلف، فقضى بها للحالف، فقيل له: فلو لم تكن في يد واحد منهما وأقاما البيّنة، فقال: أُحلِّفهما، فأيُّهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف، فإن حلفا جميعاً جعلتها بينهما نصفين. قيل: فإن كانت في يد أحدهما وأقاما جميعاً البيّنة، قال: أقضي بها للحالف الذي هو في يده»(1).

وقد استفاد السيد الخوئي من هذا الحديث كلّ البنود الثلاثة التي استفدناها من مقتضى القاعدة(2)، وهي:

1_ يتحالفان، ولو حلف أحدهما دون الآخر أخذ المال كلّه. وهذاصريح الرواية.

2_ ولو حلفا قُسِّم المال بينهما.

3_ ولو نكلا قُسِّم المال بينهما.

وقد استفاد البندين الأخيرين من ضمّ قوله: «فأحْلَفهما علي (عليه السلام)» إلى قوله: «فقضى بها للحالف»ولم يشرح كيف استفاد التقسيم عند حلفهما أو نكولهما من ذلك.ولو فرض أنّنا استفدنا من قوله: «قضى بها للحالف» أنّ من يحلف يقضى له بحيث يدل على أنّهما لو حلفا قضي لهما، وهذا يعني التقسيم.

أقول: لو سلّمنا استفادة التقسيم من هذا الكلام في فرض حلفهما معاً، لا نعرف كيف استفاد التقسيم من هذا الكلام في فرض نكولهما معاً.

والواقع أنّنا نستطيع أن نستفيد التقسيم في ما لو حلفا معاً من قوله بعد ذلك: «فإن حلفا جميعاً جعلتها بينهما نصفين». صحيح أنّ هذه الفقرة وردت في فرض ما


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص182، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح2.

(2) مباني تكملة المنهاج، ج1، ص53.

613

إذا لم يكن المال في يد واحد منهما، ولكن إذا كان المقرّر في هذا الفرض التحالف ثم التقسيم عند ما يحلفان معاً، وكان المقرّر في فرض ثبوت اليد لكليهما التحالف، لم يرِد عرفاً احتمال عدم التقسيم بعد حلفهما معاً لمجرّد أنّ يدهما كانت على المال، فإنّ ثبوت اليدين على المال _ لو لم يساعد على التقسيم بعد الحلف _ لا يحتمل مانعيّته عن ذلك؛ إذاً فالعرف يتعدّى من فرض عدم اليد إلى فرض ثبوت يدهما على المال.

أمّا فرض نكولهما معاً فلم يعرف حكمه من هذا الحديث، فلو بقينا نحن وهذا الحديث تمسّكنا في فرض النكول بما حقّقناه وفق مقتضى القاعدة، وهو التقسيم.

هذا، وصاحب الجواهر (رحمه الله) ناقش في التمسّك برواية إسحاق بن عمّار في المقام بأنّه خبر واحد، وفي سنده ما فيه، والمشهور نقلاً وتحصيلاً على خلافه، فلا يصلح مقيّداً لما دلّ على التنصيف بدون التحالف.

وقد خرّج (رحمه الله) ما نسبه إلى المشهور من التنصيف بدون التحالف تارةً على مقتضى القاعدة باعتبار توارد اليدين الدالّ على الشركة، فيؤخذ في كلّ نصف ببيّنة الخارج، وأُخرى على مقتضى النصوص بلحاظ روايات التقسيم. وأبطل الأول _ وهو التخريج بمقتضى القاعدة _ بأنّ يد كلٍّ منهما على الكلّ، لا النصف، وبأنّ الظاهر عدم اندراج بيّنة كلّ منهما تحت ما دلّ على تقديم بيّنة المدّعي؛ لأنّ في كلّ منهما عنوان المدّعى عليه باعتبار اليد، وبأنّ العمل بنصف ما تشهد به بيّنة كلّ منهما ليس عملاً ببيّنة الخارج ضرورة كون المشهود به الجميع، ثم أمر بالتأمّل(1).

أقول: أمّا سند رواية إسحاق بن عمّار فأظنّ أنّ نقاش صاحب الجواهر فيه ناظر إلى غياث بن كلوب، ولكن يستفاد من كلام الشيخ في العدّة توثيقه. وأمّا إفتاء


(1) الجواهر، ج 40، ص 412.

614

المشهور بخلافه _ حسب ما يقول صاحب الجواهر (رحمه الله) _ فلا يوجب سقوطه؛ لعدم وضوح كونه لأجل الإعراض عنه بحيث يوجب نفي وثوقنا عن الحديث إلى حدّ يسقط سنداً، فلعلّهم إنّما لم يفتوا به لأنّهم فهموا التعارض بين الأخبار، فرجّحوا غيره، أو رجعوا بعد التساقط إلى مقتضى القاعدة، واعتقدوا أنّ مقتضاها هو التقسيم بعد الحلف. وعليه فحديث إسحاق بن عمّار ليس ساقطاً سنداً.

وأمّا ما أورده من الإشكالات على كون مقتضى القاعدة هو التنصيف بلا تحالف فضعيف، وقد عرفت منّا أنّ المقام داخل في باب الادّعاء في النصف والإنكار في النصف، فلا محالة تكون بيّنة كلّ منهما بيّنةً للخارج بالنسبة لنصف المال.

نعم، الصحيح في إبطال كون مقتضى القاعدة هو التنصيف بلا تحالف ما مضی منّا من عدم ترجيح بيّنة الخارج، وأنّ بيّنتي المدّعي والمنكر تتعارضان وتتساقطان، فتصل النوبة إلى الحلف.

وأمّا ما ذكره من أنّ روايات التقسيم في المقام تقتضي التنصيف بلا تحالف فالصحيح أنّ تلك الروايات تقيّد برواية إسحاق بن عمّار التي دلّت على التقسيم بعد التحالف.

نعم، هناك رواية واحدة من روايات التقسيم لم تدل على التنصيف، وإنّما دلّت على التقسيم حسب رؤوس الشهود، وهي ما مضى من رواية السكوني، ولكن لم يعمل بها أحد إطلاقاً ممّا يسلب الوثوق بالحديث إلى حدّ السقوط.

بقيت في المقام روايات القرعة، والصحيح أنّها لا تعارض رواية إسحاق بن عمّار؛ لأنّها تحمل _ باستثناء رواية سماعة _ على غير باب الأموال، وذلك تخصيصاً لها برواية إسحاق بن عمّار التي دلّت في باب الأموال على التحالف والتقسيم.

وقد ذكر هذا الحمل السيد الخوئي بالنسبة لرواية عبدالرحمان بن أبي عبداللّه عن

615

أبى عبداللّه (عليه السلام) قال: «كان علي (عليه السلام) إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود، عدّتهم سواء وعدالتهم، أقرع بينهم على أيّهما تصير اليمين»، فقد ذكر: أنّ هذه الرواية تحمل على غير باب الأموال تخصيصاً لها برواية إسحاق بن عمّار(1).

ولكن المقتنص من كلماته قبل هذا(2): أنّ رواية عبدالرحمان بن أبي عبداللّه واردة في المورد الذي تكون الأكثريّة العدديّة مرجّحة لإحدى البيّنتين، ففي ذاك المورد لو تمّت الأكثريّة العدديّة كان اليمين على من كانت بيّنته أكثر، ولو لم تتمّ الأكثريّة العدديّة بأن تساوتا وصلت النوبة إلى القرعة لتعيين من عليه الحلف، والمورد الذي تكون الأكثريّة العدديّة مرجّحة في نظر السيد الخوئي _ على ما يفهم من مباني تكملة المنهاج _ هو مورد المدّعي والمنكر حينما لايكذِّب المنكرُ المدّعي، بل يدّعي الجهل بالحال وأنّ المال انتقل إليه من غيره بإرث ونحوه(3)، وذلك عملاً برواية أبي بصير الماضية(4).

أقول: إنّ رواية عبدالرحمان لم تأخذ في موضوع الحكم بالقرعة مرجّحيّة العدد؛ بحيث يجب علينا مسبقاً أن نعرف ما هي موارد الترجيح بالعدد ثم تطبِّق على تلك الموارد قانون القرعة حينما لا يوجد ترجيح بالعدد، وإنّما الرواية دلّت بالصراحة على حكم القرعة، وأشارت في عرض هذه الدلالة إلى أنّه مع زيادة إحدى البيّنتين على الأُخرى عدداً لا تصل النوبة إلى القرعة، وعليه فلا بأس بالأخذ بإطلاق الرواية في المتداعيين اللذين وقع التعارض بين بيّنتيهما، فلا تختصّ القرعة بالمورد الخاص من


(1) مباني تكملة المنهاج، ج1، ص54.

(2) نفس المصدر ، ص52.

(3) نفس المصدر، ص50 _ 51.

(4) وسائل الشيعة، ج18، ص181، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح1.

616

المدّعي والمنكر الذي ذكره السيد الخوئي، بل مقتضى إطلاق نقل الإمام الصادق (عليه السلام) الناشى‏ء من ترك التفصيل، حينما ذكر قضاء علي (عليه السلام) بداعي تفهيم الحكم الشرعي عن طريق بيان قصّة قضاء علي (عليه السلام) هو ثبوت القرعة في غير ذاك المورد أيضاً، وكذلك رواية أبي بصير وإن كان صدرها دالّاً على الترجيح بالأكثريّة العدديّة في مورد خاصّ من موارد المدّعي والمنكر _ كما سبق منّا شرحه _ ولكنّه ذكر بعد ذلك: «أنّ علياً (عليه السلام) أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت البيّنة لهؤلاء أنّهم أنتجوها على مذودهم، ولم يبيعوا، ولم يهبوا، وقامت البيّنة لهؤلاء بمثل ذلك، قضى علي (عليه السلام) بها لأكثرهم بيّنةً، واستحلفهم»، وهذا أيضاً يدل بالإطلاق بملاك ترك التفصيل على عدم اختصاص الترجيح بالأكثريّة العدديّة ووقوع اليمين على صاحب البيّنة الأكثر عدداً بما إذا كانت البغلة في يد أحدهما دون الآخر، أو بالمورد الخاص من المدّعي والمنكر الذي سبق ذكره في صدر الحديث.

وعلى أيّ حال فرواية عبدالرحمان كباقي روايات القرعة تحمل على غير باب الأموال تخصيصاً لها برواية إسحاق بن عمّار.

والنتيجة هي أنّه في باب الأموال حينما تكون للمتداعين اليد على المال، وتساوت البيّنتان لابدّ من تحليفهما، فإذا حلفا قُسِّم المال بينهما. وهذا ثابت بمقتضى القواعد وبمقتضى رواية إسحاق بن عمّار، ولكن لو كانت إحدى البيّنتين أكثر عدداً من الأخرى وجّه اليمين إلى خصوص من يمتلك البيّنة الأكثر عدداً، وذلك عملاً برواية أبي بصير. ومن هنا انتهينا إلى أمر يخالف مقتضى القاعدة؛ إذ لم يكن مقتضى القاعدة الترجيح بالأكثر عدداً.

بقي الكلام في رواية سماعة، التي دلّت على القرعة في باب الأموال؛ حيث روى عن أبي عبداللّه (عليه السلام): أنّه قال: «إن رجلين اختصما إلى علي (عليه السلام) في دابّة، فزعم

617

كلّ واحد منهما أنّها أُنتجت على مذوده، وأقام كلّ واحد منهما بيّنة سواءً في العدد، فأقرع بينهما سهمين، فعلّم السهمين كلّ واحد منهما بعلامة، ثم قال: اللّهم ربّ السماوات السبع، وربّ الأرضين السبع، وربّ العرش العظيم، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، أيّهما كان صاحب الدابّة وهو أولى بها، فأسألك أن يُقرع ويَخرُج سهمُه، فخرج سهمُ أحدهما، وقضى له بها»(1).

وهذه الرواية إذا قسناها إلى رواية إسحاق بن عمّار رأينا أنّ رواية إسحاق دلّت على تحليفهما وإعطاء المال للحالف، وتنصيفه بينهما إذا حلفا معاً سواء كانت لهما اليد على المال، كما هو محل الكلام فعلاً، أو كان المال خارجاً عن أيديهما، وعليه فتحمل رواية سماعة على فرض نكولهما عن اليمين تقديماً للخاصّ على العام، ولعلّ هذا هو السرّ في أنّ القرعة فرضت في هذا الحديث على تعيين الواقع، لا على تعيين من عليه الحلف، وهي الرواية الوحيدة التامّة سنداً الدالّة على الحلف لتعيين الواقع، فالروايات التي دلّت على القرعة لتعيين من عليه الحلف _ والتي حملناها على غير باب الأموال _ إنّما فرضت القرعة لتعيين الحالف باعتبار أنّه لم يحلّف أحدهما قبل القرعة، وهذه الرواية الواردة في باب الأموال _ والمحمولة على فرض نكولهما _ إنّما فرضت القرعة لتعيين الواقع، لا تعيين من عليه الحلف باعتبار أنّهما قد حُلّفا ونكلا.

ومن هنا وصلنا إلى نتيجة أُخرى على خلاف مقتضى القاعدة، وهي أنّه بعد نكولهما نلتجى‏ء إلى القرعة، بينما كان مقتضى القاعدة هو التقسيم.

وخلاصة ما وصلنا إليه من النتائج في الفرع الأول _ وهو ما لو كانت لهما اليد على المال وأقاما معاً البيّنة _ ما يلي:


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص185، الباب 12 من كيفية الحكم، ح12.

618

أوّلاً _ لو كانت إحدى البيّنتين أكثر عدداً كان صاحب البيّنة الأكثر عدداً بمنزلة المنكر، فيوجّه الحلف إليه، فإن حلف كان له المال، وإن نكل وجّه الحلف إلى الآخر، فإن حلف كان له المال، وإن نكل أعطي المال لصاحب البيّنة الأكثر عدداً.

وثانياً _ لو تساوت البيّنتان حُلّفا، فلو حلف أحدُهما دون الآخر كان المال للحالف، ولو حلفا معاً قُسِّم المال بينهما.

وثالثاً _ لو تساوت البيّنتان وحُلِّفا ونكلا التجأنا إلى القرعة لتعيين من له المال وهذا ليس تخصيصاً لقاعدة: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»، فإن المفهوم من ذلك ليس هو أنّهما لو نكلا توقّف القضاء مثلاً، وإنّما المفهوم منهما أنّ القاضي لا يتعدّى البيّنة واليمين، أمّا لو انتفيا معاً فوصول الأمر إلى القرعة لا ينافي تلك القاعدة.

حالة كون المال خارجاً عن يدهما

الفرع الثاني _ ما لو كان المال خارجاً من أيديهما معاً، وقد تعارضت البيّنتان، وقد عرفت أنّ مقتضى القاعدة هو التحالف، فلو حلف أحدهما دون الآخر كان المال له، ولو حلفا أو نكلا فالقرعة.

ولكن رواية إسحاق بن عمّار دلّت على أنّه لو حلف أحدهما كان المال له، ولو حلفا قُسّم المال بينهما، ورواية سماعة دلّت في فرض النكول على القرعة، ورواية أبي بصير دلّت على الترجيح بأكثريّة إحدى البيّنتين عدداً _ كما مضى شرح كلّ ذلك في الفرع الأول _ إذاً فالفرع الأول والثاني وإن اختلف الحكم فيهما بمقتضى القواعد، ولكن اتّحد الحكم فيهما بمقتضى الروايات. فهنا أيضاً نقول:

أوّلاً _ لو كانت إحدى البيّنتين أكثر عدداً كان صاحبها بمنزلة المنكر، ويتّجه إليه الحلف.

619

وثانياً _ لو تساوتا حُلّفا، فلو حلف أحدهما كان المال له، ولو حلفا قُسِّم المال بينهما.

وثالثاً _ لو نكلا عن اليمين مع تساوي البيّنتين اتّجهنا إلى القرعة.

حالة التداعي في غير المال

الفرع الثالث _ ما لو كان النزاع على غير المال من قبيل الزوجة وقد تعارضت البيّنتان، وقد عرفت أنّ مقتضى القاعدة في ذلك هو التحالف، لا لإطلاق: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»، فإنّه لا ينفي القرعة على تعيين الحالف، ولا لأنّ كلّاً منهما ينكر ما يدّعيه الآخر؛ إذ لا قيمة للإنكار مع عدم اليد على المال، فإنّ مجرّد نفي ما يقوله الآخر لا يثبت ما يريده، بل لما مضى من حديث سليمان بن خالد: «احكم بينهم بكتابي وأَضِفْهم إلى اسمي، فحلّفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بيّنة»(1)، بناءً على أنّ العرف يتعدّى من فرض عدم البيّنة إلى فرض سقوطها بالتعارض، فإن حلفا أو نكلا فالقرعة لتعيين من له الحقّ.

ولكن روايات القرعة التي مضى حملها على غير المال قد دلّت على أنّ المرجع في هذا الفرع هو القرعة لتعيين من عليه الحلف. وفي حديث عبدالرحمان بن أبي عبداللّه(2) إشارة إلى الترجيح بالأكثريّة العدديّة، أي: إنّ من كانت بيّنته أكثر عدداً كان بحكم المنكر ويوجّه الحلف إليه. ويدل على ذلك ما مضى من رواية أبي بصير(3)؛ فإنّها وإن كانت واردةً في الأموال، لكن لا يحتمل عرفاً كون الترجيح بالأكثريّة العدديّة


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص167، الباب الأول من كيفيّة الحكم، ح1.

(2) نفس المصدر، ص183، ح5.

(3) نفس المصدر، ص182، ح1.

620

لتعيين من عليه الحلف ثابتاً في الأموال وغير ثابت في غيرها، فالحكم بتحليفهما معاً الوارد في حديث إسحاق بن عمّار يحتمل اختصاصه بباب الأموال القابلة للتقسيم لو حلفا معاً، ويحتمل عندئذٍ اختصاص الترجيح بالأكثريّة بغير الأموال؛ إذ لا يمكن فيه التقسيم لو حلفا معاً، فلا يرد الترجيح في الأموال، بل يحلّفان ويقسّم المال بينهما، ولكن احتمال العكس غير وارد؛ بأن يرجّح في الأموال صاحب البيّنة الأكثر عدداً لليمين، ولا يرجّح في غير باب الأموال؛ وعليه فيتعدّى من مورد رواية أبي بصير إلى ما نحن فيه.

بقي هنا أمران:

الأول: أنّ الترجيح بالأكثريّة العدديّة بمعنى توجيه الحلف إلى صاحب البيّنة الأكثر عدداً أُشير إليه في رواية عبدالرحمان بن أبي عبداللّه ورواية سماعة(1). وذُكر بشكل واضح في رواية أبي بصير، أمّا الترجيح بالأعدليّة فلم يرِد في حديث غير ما قد تشعر به رواية عبدالرحمان بن أبي عبداللّه؛ حيث جاء فيها: «كان علي (عليه السلام) إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدّتهم سواء وعدالتهم، أقرع بينهم...» فقد تشعر كلمة «عدالتهم» بالترجيح بالأعدليّة.

ولكن هذا لا يزيد على إشعار، وليس بمستوى الظهور؛ فإنّ الوصف ليس له مفهوم، وذكره وإن كان يدل على وجود فائدة ونكتة فيه، ولكن يكفي فائدةً ونكتةً لذكر ذلك أنّهما لو لم تكونا متساويتين في العدالة بأن لم تثبت عدالة إحداهما وثبتت عدالة الأُخرى، كان الحقّ لمن امتلك البيّنة التي عدّلت، فإذا لم تتمّ دلالة رواية عبدالرحمان على الترجيح بالأعدليّة قلنا: لو صادف أنّ إحدى البيّنتين كانت أعدل


(1) وسائل الشيعة، ج18،ص185، الباب الأول من كيفيّة الحكم، ح12.

621

من الأُخرى، ولكن الأُخرى كانت أكثر عدداً، رجعنا إلى إطلاق رواية أبي بصير الراجعة إلى باب الأموال التي تعدّينا منها إلى ما نحن فيه لإثبات الترجيح بالأكثريّة العدديّة، فإنّها تشمل بإطلاقها فرض أعدليّة البيّنة الأقلّ عدداً. ولو صادف أنّ إحدى البيّنتين كانت أعدل من الأُخرى وكانتا متساويتين في العدد، رجعنا إلى إطلاق الروايات التي دلّت في تعارض البيّنتين في التخاصم المتساويتين عدداً على الرجوع إلى القرعة في تعيين من عليه الحلف. أمّا ما ورد من الترجيح بالأعدليّه في باب تعارض بيّنة الفرع وبيّنة الأصل(1)، فلا يمكن التعدّي من مورده إلى المقام لاحتمال الفرق بينهما في الحكم.

الثاني: أنّ بعض روايات القرعة دلّت على القرعة لتعيين الواقع، لا لتعيين من عليه الحلف، ولكنّها لا تعارض الروايات التي تمسّكنا بها في المقام لإثبات القرعة لتعيين من عليه الحلف، فإنّ روايات القرعة لتعيين الواقع في هذا الباب ثلاث:

الأُولى: ما مضى من رواية سماعة، وهي واردة في باب الأموال، وقد مضى حملها بالتخصيص على فرض نكول الطرفين؛ إذاً لا مجال في موردها إلا للقرعة على تعيين الواقع دون تعيين من عليه الحلف، فهذه الرواية أجنبيّة عمّا نحن فيه.

والثانية: مرسلة داود بن أبي يزيد العطّار الماضية الواردة في النزاع على الزوجة(2).

والثالثة: رواية عبداللّه بن سنان الماضية الواردة في رجلين اختصما في دابّة(3).

وهاتان الروايتان ساقطتان سنداً، على أن الرواية الثالثة لو تمّت سنداً لحملت أيضاً _ بقرينة رواية إسحاق بن عمّار _ على فرض نكولهما عن الحلف في باب


(1) راجع نفس المصدر، ص299 _ 300، الباب 46 من الشهادات.

(2) نفس المصدر، ص184، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح8.

(3) نفس المصدر، ص186، ح15.

622

الأموال، واحتمال الفرق بين باب الأموال وغير باب الأموال وارد، بأن تكون الوظيفة في باب الأموال تحليفهما، فلو حلفا قُسّم المال بينهما، ولو لم يحلفا لم يبق مجال لتعيين من عليه الحلف بالقرعة، فتكون القرعة لا محالة لتعيين الحقّ، وأمّا في غير باب الأموال فلا يمكن التقسيم لدى حلفهما معاً، فلعلّ هذا هو السبب في أنّه يعيّن من عليه الحلف بالقرعة.

والرواية الثانية لو تمّت سنداً لأمكن تقييدها بما دلّ على أنّ القرعة لتعيين من عليه الحلف، وذلك لأنّ الرواية قالت: «فمن خرج سهمه فهو المحقّ، وهو أولى بها» وهذا مطلق يشمل فرض الحلف وفرض عدم الحلف، فيمكن أن يقيّد الإطلاق بأن يقال: «فمن خرج سهمه فهو المحقّ، وهو أولى بها لو حلف».

ولا يخفى أنّه لو عمل بظاهر هذه الرواية من أنّ القرعة تكون على تعيين من له الحقّ بلا حلف، فهي ليست معارضة لروايات القرعة على الحلف فحسب، بل تعارض أيضاً رواية: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»(1)، وكما يمكن تقييد تلك بهذه فيقال في خصوص ما نحن فيه بأنّ القضاء بالقرعة، لا بالبيّنة واليمين، كذلك يمكن تقييد هذه بتلك بأن يقال: إنّ القرعة إنّما هي لتعيين من عليه اليمين، ومع فرض التعارض والتساقط نرجع إلى الروايات التي دلّت على القرعة على الحلف.

وقد تحمل رواية سماعة ورواية عبداللّه بن سنان على أنّ القرعة بما أنّها كانت من قبل الإمام المعصوم، ولا تخطأ صحّت القرعة على الواقع؛ لأنّها تزيل الشكّ نهائيّاً، وهذا لا ينافي كون وظيفةِ القاضي، بما هو قاضٍ غير معصوم، القرعةَ على تعيين من عليه الحلف.


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص161، الباب 12 من كيفيّة الحكم،ح 1.

623

إلا أن حمل عمل الإمام على جوانب غيبيّة ومخصوصة بالإمام (عليه السلام) غير عرفي، بالأخصّ أنّ الإمام المعصوم هو الراوي للقصّة عن إمام معصوم آخر، وظاهر نقله للقصّة عن الإمام المعصوم أنّه بصدد بيان المقياس القضائي والوظيفة القضائية بهذا النقل لا بصدد مجرّد نقل القصّة.

ولو فرض العجز عن الجمع بين الروايات بالوجوه السابقة فقد يجمع بينها بالتخيير بين الاقتراع على اليمين والاقتراع على الواقع.

وعلى أيّ حال فقد عرفت أنّ روايتي داود بن أبي يزيد العطّار وعبداللّه بن سنان ساقطتان سنداً، ورواية سماعة تامّة سنداً، لكنّها واردة في باب الأموال ومحمولة على ما بعد النكول، بينما روايات القرعة على اليمين لا علاقة لها بفرض النكول ومحمولة على غير باب الأموال، فلا تضارب بينهما أصلاً.

والنتيجة المستخلصة من بحثنا في الفرع الثالث، وهو تعارض البيّنتين في الترافع على غير المال، هي:

أوّلاً، لو كانت إحدى البيّنتين أكثر عدداً اعتبر صاحبها بمنزلة المنكر، فيوجّه الحلف إليه، وبعد النكول يوجّه الحلف إلى خصمه، وبعد نكوله يحكم لصالح من كانت بيّنته أكثر عدداً.

وثانياً، لو تساوت البينتان عيّن من عليه الحلف بالقرعة، فلو حلف كان الحقّ له، ولو نكل رجع الحلف إلى خصمه، ولو نكل الخصم ثبت الحقّ للأوّل.

هذا تمام الكلام في الفروع الثلاثة لتعارض البيّنتين في باب التداعي، وقد تحصّل من ذلك أنّه عندما كانت إحداهما أكثر عدداً وجّه الحلف إلى صاحب البيّنة الأكثر عدداً، وعند التساوي يحلّفان في باب الأموال، وبعد النكول يعيّن الحقّ بالقرعة، وفي غير باب الأموال يعيّن من عليه الحلف بالقرعة.

624

ولا بأس بأن نلحق بذلك بحثين:

البحث الأول: في التداعي مع تعارض البيّنتين تعارضاً غير مستحكم.

البحث الثاني: في التداعي من دون تعارض بين البيّنتين، فإنّ هذا وإن كان خروجاً عن المقام لكن بما أنّ جذور البحث فيه هي نفس الجذور التي بحثناها تحت عنوان تعارض البيّنتين في التداعي فلا بأس بتتميم الفائدة بتفريع فروع التداعي، ولو أجّلنا هذا البحث لمناسبة أُخرى لاحتجنا إلى استذكار جذور البحث التي بحثناها هنا، فالأولى أن نبحثه هنا رغم خروجه عن المقام:

حكم التعارض غير المستحكم

أمّا البحث الأول _ فنقصد بالتعارض غير المستحكم ما إذا أمكن الجمع بين مفاد البيّنتين، ولكن في نفس الوقت لو خُلّينا نحن وكلّ واحدة منها لكانت النتيجة العملية التي تتطلب كلٌّ من البيّنتين مخالفة للنتيجة التي تتطلبها الأُخرى، من قبيل ما لو ادّعى أحدهما أنّ هذه الدار له وأقام على ذلك البيّنة، وادّعى الآخر أنّه ورثها من أبيه ولا يدري كيف كان أمرها وأقام على ذلك البيّنة، فالنتيجة العملية التي تتطلبها البيّنة الأُولى هي أنّ الدار للأول، كما أنّ النتيجة العملية التي تتطلبها البيّنة الثانية هي أنّ الدار للثاني ظاهراً، وفي نفس الوقت لم يستحكم التعارض بين البيّنتين؛ لاحتمال صدقهما معاً بأن يكون أبو الثاني هو الذي غصب الدار من الأول.

وقد مضى فيما سبق عند الكلام في التعارض بين بيّنة المدّعي وبيّنة المنكر: أنّه لو كانت الدار في يد مدّعي الإرث، فمدّعي الإرث وإن كان منكراً في الحقيقة؛ لأنّه له اليد على المال، لكنه يشبه المدّعي؛ لأنّه لم يكذّب مدّعي الملكيّة، وادّعى الإرث من أبيه، ومضى هناك أنّ النص الخاص دلّ في مثل المقام:

625

أوّلاً _ على أن أكثرهم بيّنةً يُستحلَف.

وثانياً _ على أنّه لو وقع التصريح بما ينفي التعارض المحتمل بأن قال مدّعي الملكية: إنّ أبا هذا الذي يدّعي الإرث هو الذي غصب الدار منّي مثلاً، نفذت بيّنة المدّعي وكانت الدار له.

وكان النص الخاص عبارة عن رواية أبي بصير قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن الرجل يأتي القوم فيدّعي داراً في أيديهم ويقيم البيّنة، ويقيم الذي في يده الدار البيّنة أنّه ورثها عن أبيه، ولا يدري كيف كان أمرها، قال: أكثرهم بيّنةً يُستحلَف وتُدفَع إليه... قال: فسألته حينئذٍ فقلت: أرأيت إن كان الذي ادّعى الدار قال: إنّ أبا هذا الذي هو فيها أخذها بغير ثمن، ولم يقم الذي هو فيها بيّنة، إلا أنّه ورثها عن أبيه، قال: إذا كان الأمر هكذا فهي للذي ادّعاها، وأقام البيّنة عليها»(1).

أقول: وأضيف هنا أمراً ثالثاً، وهو أنّه لو تساوت البيّنتان ولم يقع التصريح بما ينفي التعارض المحتمل فلا يبعد القول بأن المرجع هو تحليفهما، فلو حلف أحدهما أخذ الدار، ولو حلفا معاً قُسِّمت بينهما، ولو نكلا معاً عُيِّن الواقع بالقرعة.

والوجه في ذلك: أنّ ما ورد في رواية أبي بصير من قوله: «أكثرهم بيّنةً يُستحلَف» وإن كان وارداً في خصوص ما إذا كانت إحدى البيّنتين أكثر عدداً، ولكن لا يبعد أن يكون المفهوم من ذلك عرفاً: أنّ ذا اليد المدّعي للإرث اعتبر في المقام كأ نّه مدّعٍ، وليس منكراً؛ أي: إنّ المورد كأنّه مورد التداعي، لا مورد المدّعي والمنكر؛ ذلك لأنّ المركوز متشرّعيّاً أنّ الحلف في باب المدّعي والمنكر إنّما هو على المنكر، فلو تشخّص المنكر من المدّعي فالحلف عليه، ولو كانا على حدّ سواء في الادّعاء والإنكار فهو


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص181، الباب 12 من كيفية الحكم، ح1.

626

الذي قد ورد فيه ما يدل على أنّ الأكثريّة العدديّة للبيّنة تجعله بمنزلة المنكر، فمعنى قوله: «أكثرهم بيّنةً يستحلف» هو أنّ مدّعي الإرث لا يعتبر في المقام منكراً رغم أنّه صاحب اليد، بل هو كالمدّعي، ولهذا نلتجئ إلى الترجيح بالأكثريّة العدديّة لتشخيص من عليه الحلف، فلو تمّ هذا الاستظهار كان المفهوم من الحديث عرفاً: أنّ هذا المورد ملحق بباب التداعي، سواء كانت هناك أكثريّة عدديّة أو لم تكن، وسواء كانت هناك بيّنةً أو لم تكن، وكون الأكثر بيّنةً هو الذي يعتبر بمنزلة المنكر ويستحلف إنّما هو نتيجة أنّ المورد دخل في باب التداعي، لا أنّ إلحاقه بباب التداعي خاصّ بخصوص فرض الأكثريّة العدديّة في البيّنة، أو أنّه أُلحق به في خصوص الترجيح بالعدد لا غير.

وبكلمة أُخرى: أنّ موضوع روايات تحليفهما والتقسيم والقرعة مركّب من ثلاثة أجزاء:

أحدها _ اختلاف البيّنات والتخاصم، ويكفي في صدق ذلك حرفيّاً الاختلافُ الواقع في المقام بينهما في النتيجة العمليّة.

والثاني _ كون المورد مورد التداعي، لا المدّعي والمنكر؛ لاختصاص بعضها من أوّل الأمر بذلك، وتخصيص البعض الآخر _ وهي بعض روايات القرعة _ بما دلّ في المدّعي والمنكر على غير ذلك، ورواية أبي بصير تكفّلت _ بحسب الفهم العرفي _ لإدخال المقام _ ولو تعبّداً وتنزيلاً _ في باب التداعي، أو يقال في إطلاق روايات القرعة: إنّه لم يخرج منها من أوّل الأمر بالتخصيص إلا المدّعي والمنكر الصريحين في التكاذب، أي: غير الشبيهين بباب التداعي.

والثالث _ أن لا يكون مجال في نظام القضاء للجمع بين البيّنتين وخصم النزاع بذلك؛ إذ لو كان مجال لذلك فالعرف يرى بارتكازه تقدم ذلك على أدلّة أحكام البيّنتين المختلفتين، وفي المقام رواية أبي بصير دلّت على أنّه لا مجال لذلك، وإن

627

كان لولا رواية أبي بصير لأمكن لقائل أن يقول: نحن نجمع بين البيّنتين ونصدّق الشهادة على أنّ هذا ورث من أبيه، ولا يدري كيف كان أمر الدار، ونصدّق أيضاً الشهادة على أنّ الآخر هو المالك للدار، وبالتالي نخصم النزاع بالحكم في صالح مدّعي الملك، ولكن رواية أبي بصير دلّت على المقارعة بين البيّنتين، وبهذا تمّ موضوع روايات التحليف والتقسيم والقرعة لتعيين الواقع. أمّا لو بقينا مُصرّين على أنّ رواية تحليفهما والتقسيم إنّما وردت في المتداعيين الحقيقيين، وأنّ رواية أبي بصير لم تجعل مدّعي الإرث بمنزلة المدّعي كي يلحق المورد حكماً بتلك الروايات، وإنّما دلّت تعبُّداً على أنّ البيّنتين تتقارعان في المقام، وأنّ الأكثريّة مرجّحة، فعندئذٍ نقول: إنّ العرف لا يتعقّل اختصاص التقارع بخصوص فرض وجود الأكثريّة؛ إذاً ففي فرض التساوي يكون المرجع هو روايات تعيين القرعة لمن عليه الحلف، فإنّنا وإن خصصناها فيما سبق بغير باب الأموال، لكن هذا التخصيص إنّما كان بروايتي إسحاق وغياث(1). ورواية غياث وصدر رواية إسحاق أخرجا المتداعيين في باب الأموال، وذيل رواية إسحاق أخرج المدّعي والمنكر في باب الأموال اللذين هما متكاذبان صريحاً، لا أن يكون أحدهما يدّعي الملك والآخر يدّعي الإرث، فهذا بعد فرض عدم إلحاقه بالمتداعيين المتكاذبين يبقى تحت إطلاق روايات القرعة لتعيين من عليه الحلف.

ولكن الظاهر أنّ استظهارنا الأول أقوى من هذا، فالصحيح هو ما قلناه من تحليفهما وإعطاء المال لمن حلف، والتقسيم لو حلفا، والقرعة لتعيين الواقع لو نكلا.

هذا كلّه ما أردنا إضافته هنا في حكم فرض تساوي البيّنتين مع عدم التصريح


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص182، الباب 12 من كيفيّة الحكم، ح2 و3.

628

بما ينفي التعارض المحتمل بأن لا يقول: كان أبوه هو الذي أخذ المال منّي بلا ثمن، وإلا فقد عرفت أنّ الحكم هو الأخذ ببيّنة من يدّعي الملك.

ونضيف هنا أيضاً: أنّه لو انعكس الأمر بأن كانت الدار في يد مدّعي الملكية لا في يد مدّعي الإرث، فهنا من الواضح أنّ مدّعي الملكية يعتبر منكراً ويوجّه الحلف إليه بمقتضى القاعدة، وبيّنة مدّعي الإرث لاتصنع شيئاً؛ لارتكاز أنّ بيّنة المدّعي الذي يصرّح بمعارضة المنكر في الدّعوى _ لو كانت _ تتساقط مع بيّنة المنكر، وتصل النوبة إلى يمين المنكر _ كما عرفت فيما مضى _ فلا تمنع بيّنة عن يمين المنكر، فعدم منعها عن ذلك فيما نحن فيه بطريق أولى؛ لأنّ المدّعي لا يكذّب المنكر صريحاً، بل يقول: ورثتها من أبي، ولا أدري كيف كان أمرها. ولا فرق في هذه المسألة بين ما لو صرّح مدّعي الملكيّة بما ينفي التعارض المحتمل، كما لو قال: إنّ أبا هذا الذي يدّعي الإرث هو الذي غصب الدار منّي، أو لم يصرّح بذلك.

والآن نبدأ بما أردنا بحثه من فرض التداعي مع تعارض البيّنتين تعارضاً غير مستحكم، ونذكر تحت هذا العنوان فروعاً ثلاثة:

حالة كون المال في يدهما

الفرع الأول _ لو كانت الدار في يدهما معاً، وأقام أحدهما البيّنة على الملك، والآخر على الإرث ولا يدري كيف كان أمرها. وهنا لو صرّح مدّعي الملكية بما يرفع التعارض بين البيّنتين بأن قال: إنّ أبا هذا هو الذي أخذ الدار منّي بلا ثمن، فلا إشكال في أنّه يؤخذ ببيّنة مدّعي الملك عملاً بالقاعدة مع تحليفه؛ لأنّه يعتبر في نصف الدار منكراً، ولم يصرّح بذلك. فهنا نقول: لئن كانت بيّنة الإرث تعتبر معارضة لبيّنة الملك حينما لم تكن لمدّعي الملك يد على المال كما هو مورد الحديث، فالعرف لا يحتمل أنّ مجرّد

629

اشتراك مدّعي الملك في اليد يرفع المعارضة بين البيّنتين، فإنّ العرف لا يتعقّل دخل ثبوت اليد وعدمه في معارضة البيّنتين وعدمها، فإذا ثبت التعارض بين البيّنتين هنا، ولهما اليد على المال دخل المورد في روايات الترجيح وتحليفهما والتقسيم والقرعة، فالنتيجة هي أنّ أكثرهما بيّنةً يُستحلف، ومع التساوي يحلّفان، فلو حلف أحدهما أخذ المال، ولو حلفا معاً قُسّم المال، ولو نكلا معاً فالقرعة لتعيين الواقع. وصحيح أنّ روايات التحليف والتقسيم وردت في فرض التكاذب الصريح، لكن لا يحتمل عرفاً الفرق بين ذاك المورد وهذا المورد بعد أن أثبتت رواية أبي بصير تقارع البيّنتين.

حالة كون المال خارجاً عن يدهما

الفرع الثاني _ لو لم تكن لأحدهما يد على المال أصلاً وأقام أحدهما البيّنة على الملك، والآخر على الإرث وهنا نقول: لئن كانت بيّنة الإرث تقارع بيّنة الملك حينما كان مدّعي الإرث منكراً في واقعه لكونه ذا اليد، لا يحتمل عرفاً زوال التقارع حينما أصبح مدّعياً حقيقة لعدم اليد؛ إذ لا يتعقّل العرف دخلاً لثبوت اليد وعدمه في كون البيّنتين متعارضتين وعدمه. وعندئذٍ يأتي في هذا الفرع مع عدم التصريح بما ينفي التعارض المحتمل عين ما ذكرناه في الفرع الأول، فنقول: إنّ أكثرهما بيّنةً يستحلف، ومع التساوي يحلّفان، ويعطى المال للحالف، ولو حلفا قسّم المال بينهما، ولو نَكَلا عُيِّن الواقع بالقرعة، ولو صرّح _ مثلاً _ بأنّ أبا هذا الذي في يده المال أخذه منّي بلا ثمن نفذت بيّنة مدّعي الملك على القاعدة، وهنا لا حاجة إلى اليمين.

حالة التداعي في غير المال

الفرع الثالث _ لو كان النزاع على غير المال كالزوجيّة، فأحدهما ادّعى الزوجية الواقعية، وأقام البيّنة عليها، والآخر ادّعى الزوجيّة الظاهرية، وأقام البيّنة عليها، فهنا

630

_ أيضاً _ لا يبعد أن يقال: إنّه لو صرّح مدّعي الزوجيّة الواقعية بما يرفع التعارض المحتمل بين البيّنتين فمقتضى القاعدة أنّ هذا يرفع موضوع البيّنة الأُخرى، ولو لم يكن تصريح من هذا القبيل قلنا: إنّ رواية أبي بصير الدالّة على تقارع البيّنتين في مثل المقام وإن وردت في باب الأموال، لكنّا نتعدّى عرفاً من ذلك إلى غير باب الأموال، وبذلك يثبت في المقام حكم البيّنتين المتعارضتين في المتداعيين في غير باب الأموال ممّا نقّحناه سابقاً من توجيه اليمين إلى أكثرها بينةً، ومع التساوي إلى من تعيّنه القرعة.

وخلاصة الكلام في كلّ هذه الفروع: أنّنا نستفيد من رواية أبي بصير أنّ الذي لا يكذّب المدّعي، بل يدّعي ما ينتهي إلى حكم ظاهري على خلاف ما يريده المدّعي يعتبر مدّعياً ولو حُكماً، وأنّ بيّنتيهما تتعارضان وتتقارعان ما لم يكن تصريح بما ينفي التنافي المحتمل، أمّا مع التصريح بذلك فيفترض عدم التنافي بينهما نهائياً، ونلغي خصوصيّة مورد رواية أبي بصير، فإنّ العرف لا يتعقّل دخل وجود البيّنة، أو أكثريته، أو مجرّد كون القضيّة ماليّة في عدّ الشخص مدّعياً أو منكراً، وكذلك لا يتعقّل دخل ذلك، أو دخل ثبوت اليد أو عدمه في عدّ البيّنتين متعارضتين أو غير متعارضتين.

حكم التداعي من دون تعارض البيّنة

وأمّا البحث الثاني _ وهو التداعي من دون تعارض بين البيّنتين. فنذكر تحت هذا العنوان فروعاً:

حالة كون المال في يدهما

الفرع الأول _ لو كانت لهما معاً اليد على المال وهما يدّعيان الملكيّة من دون تعارض في البيّنات، فإمّا أن نفترض أنّ أحدهما يمتلك البيّنة دون الآخر، أو نفترض