لو فسخت المرأة بالعيب قبل الدخول فهل لها نصف المهر أو لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قد يقال: إنّ مقتضى القاعدة بعد الإجماع سقوط المهر. لأنّها إنّما ملكت نصف المهر بالعقد فمن الطبيعي أن يسقط ذلك بسقوط العقد.
إلّا أنّ هذا المقدار من البيان لايكفي؛ لأنّ المهر لو كان عوضاً حقيقيّاً في مقابل نفس الزوجة أو بضعها في العقد من قبيل مقابلة الثمن بالثمن في البيع صحّ أن يقال: إنّ معنى الفسخ رجوع كلّ من العوضين إلى محلّه الأوّل، ولكن الأمر ليس كذلك وإنّما التقابل في عقد النكاح بين الزوج والزوجة في تحقّق العلقة الزوجيّة، وقد ثبت أنّ المهر أو نصفه يملك بسبب العقد، أمّا أنّه هل رجع بالفسخ بعد أن تمّ امتلاك نصف المهر على الأقلّ بالعقد أو لم يرجع، فلم يتّضح بهذا البيان.
وبالإمكان أن يستدلّ على نفي المهر لدى الفسخ قبل الدخول بأنّه لاإشكال بحسب النصوص في عدم المهر لدى الفسخ من قبل الزوج قبل الدخول، من قبيل:
صحيحة أبي عبيدة الحذّاء عن أبي جعفر في العَفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة: «تردّ على أهلها من غير طلاق... وإن لم يكن دخل بها فلا عدّة عليها ولا مهر»(1).
وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله في امرأة دلّست عيباً هو بها: قال: «يؤخذ المهر منها، ولا يكون على الذي زوّجها شيء»(2).
ورواية عليّ بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن امرأة دلّست نفسها لرجل هي رتقاء قال: «يفرّق بينهما ولا مهر لها»(3).
وحديث أبي الصباح في القرناء عن أبي عبدالله: «تردّ على أهلها صاغرة ولا مهر لها»(4).
وحديث غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن عليّ في رجل تزوّج امرأة فوجدها برصاء أو جذماء قال: «إن لم يدخل بها ولم يتبيّن له فإن شاء طلّق و إن شاء أمسك، ولا صداق لها، وإذا دخل بها فهي امرأته»(5).
ووجه الاستدلال بهذه الروايات: أنّه لئن كان الفسخ من قبل الزوج يسقط المهر ففي فسخ الزوجة يكون الأمر بطريق أولى.
وهذا أيضاً يقبل المناقشة بمنع ثبوت الأولويّة؛ وذلك بإبداء احتمال أنّ سقوط المهر في مورد تلك الروايات لعلّه كان بنكتة أنّ التدليس كان من قبلها أو أنّ العيب كان فيها، فلا يعلم بذلك أنّه لو كان العيب في الرجل واضطرّت المرأة إلى الفسخ لذلك لم يكن لها نصف المهر.
وقد يستدلّ على سقوط المهر بخبر السكوني عن جعفر عن أبيه قال: «قال عليّ في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها زوجها قال: يفرّق بينهما ولا صداق لها؛ لأنّ الحدَث كان من قبلها»(1).
ووجه الاستدلال بهذا الحديث هو التمسّك بعموم التعليل في قوله: «لأنّ الحدَث كان من قبلها»، فهذا يدلّ على أنّه متى ما كان الحدَث من قبلها سقط المهر، وفي المقام حدَث الفسخ كان من قبلها.
إلّا أنّ ضعف هذا الوجه واضح، فإنّ المقصود بالحدَث في الرواية عيب الزنا، وفيما نحن فيه يكون العيب من قبل الرجل لا من قبل المرأة. هذا إضافة إلى ضعف سند الحديث.
ويبدو بهذا العرض أنّ العمدة في سقوط المهر هو التسالم والإجماع.
نعم، يستثنى من ذلك الفسخ لأجل العنن؛ لثبوت النصّ في ذلك بثبوت نصف المهر لها، وهو ذيل صحيح أبي حمزة عن أبي جعفر: «واُعطيت نصف الصداق ولا عدّة عليها»(2).
وأمّا ما دلّ على ثبوت تمام المهر ـ وهو: خبر عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر(عليهما السلام) في عنّين دلّس نفسه لامرأة ما حاله؟ قال: «عليه المهر ويفرّق بينهما إذا علم أنّه لايأتي النساء»(3) ـ فهو ضعيف سنداً بعبدالله بن الحسن.
أمّا التعدّي من العنن إلى سائر العيوب فيدفعه احتمال الخصوصيّة بنكتة أنّ العنّين يعاشرها سنة ويستفيد منها بسائر الاستمتاعات غير الدخول.