490

وبعد هذا نقول: هل المفروض كون هذا اللعب مصبّه خصوص الإتيان بالصلاة الاُخرى غير الواجبة، وهي الظهر مثلاً، أو المفروض كون مصبّه المجموع المركّب من الإتيان بكلّ منهما(1)؟ فإن كان المفروض هو الأوّل، لم يضرّ ذلك بالصلاة الواجبة، وهي الجمعة مثلاً؛ لأنّ اللعب غير منصبّ عليها، وإن كان المفروض هو الثاني، فالإتيان بصلاة الجمعة جزء اللعب، وهذا حاله حال اللعب المستقلّ بصلاة الجمعة ينافي القربة، ويبطل الصلاة(2).

وعلى أية حال، فقد تحصّل من تمام ما ذكرناه: أنّ الإطاعة الإجماليّة تكون في عرض الإطاعة التفصيليّة.

 

تنبيهات

 

بقي التنبيه على اُمور:

الأمر الأوّل: أنّه لو سلّمنا الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ في طول التفصيلىّ الوجدانىّ، كما ذهب إليه المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، فهل نسلّم ـ أيضاً ـ كونه في طول الامتثال التفصيلىّ التعبّدىّ، فلا يجوز التنزّل إليه إلّا بعد عدم التمكّن من التفصيلىّ التعبّدىّ أيضاً، أو لا؟ اختار المحقّق النائينيّ(رحمه الله) الطوليّة هنا أيضاً.

وتحقيق الكلام في ذلك: أنّ الأمر يختلف باختلاف مباني المنع عن الامتثال الإجمالىّ الماضية:

فعلى المبنى الأوّل: الذي اختاره المحقّق النائينىّ(رحمه الله) يختلف الحال باختلاف تقريري بحثه، فإن اقتصر فيه على ما جاء في تقرير الشيخ الكاظمىّ(رحمه الله): من دعوى أنّ الامتثال


(1) ينبغي أن يكون المفروض هو الثاني؛ إذ الفرد غير الواجب ليس مشخّصاً لدى الفاعل كي يقع داعي اللعب له في خصوصه.

(2) لايبعد أن يكون مقصود المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) من التفصيل بين اللعب بأمر المولى واللعب في كيفيّة الطاعة: أنّه متى ما كان أصل الإتيان بمتعلّق الأمر بداعي اللعب بما أمر به الشارع بعنوان كونه مأموراً به من قبله، فهذا استهزاء بأمر المولى، وهو القبيح والمبطل للصلاة، ومتى ما كان جامع الإتيان بمتعلّق الأمر بداعي القربة، ولكن كانت هناك كيفيّتان للإتيان القطعىّ به، وكان اختياره لأحدهما على الاُخرى بداعي اللعب، فهذا لا يؤدّي إلى الاستهزاء بأمر المولى كي يكون قبيحاً ومبطلاً. وهذا كلام متين.

491

الإجمالىّ لا حسن فيه مع التمكّن من الامتثال التفصيلىّ، أمكن إجراء هذه الدعوى فيما نحن فيه، فإنّ هذا ليس كلاماً برهانيّاً، وإنّما هي دعوى وجدانيّة، أمر تمديدها وتقصيرها بيد صاحب هذا الوجدان.

وإن استدلّ على ذلك بما في أجود التقريرات: من أنّ التحرّك عن احتمال الأمر مؤخّر رتبة عن التحرّك عن عين الأمر؛ لأنّ احتمال الأمر مؤخّر رتبة عن الأمر، فهذا الكلام لا يأتي فيما نحن فيه؛ إذ لو سلّم أنّ التحرّك في الامتثال التفصيلىّ الوجدانىّ يكون عن عين الأمر، وغضّ النظر عمّا مضى: من أنّ التحرّك فيه تحرّك عن العلم بالأمر الذي هو في طول الأمر أيضاً كالاحتمال، فمن الواضح فيما نحن فيه: أنّ التحرّك يكون عن احتمال الأمر. فلو علم إجمالاً ـ مثلاً ـ بوجوب الظهر أو الجمعة، وقامت أمارة تعبّديّة على وجوب الظهر، فصلّى الظهر، كان تحرّكه ناشئاً عن احتمال انطباق المعلوم بالإجمال واقعاً على الظهر.

ولو فرض أنّ دليل حجّيّة الأمارة يجعل العلم والطريقيّة اعتباراً؛ فإنّ العلم الاعتباريّ لو كان له أثر، فأثره إنّما هو جعل هذا الاحتمال منجّزاً، لا كونه بالمباشرة موجباً للتحريك كالعلم الحقيقيّ؛ ولذا لو جعل شيء علماً اعتباراً أو تشريعاً، وكان العبد يقطع بمخالفة ذلك للواقع، لم يتحرّك نحو أثر المعلوم قطعاً.

وهذا الكلام الذي ذكرناه إنّما هو مشي على مباني المحقّق النائينيّ(رحمه الله). أمّا نحن فنقول ـ على ما سيظهر مفصّلاً إن شاء الله ـ: إنّ هذا الاحتمال كان منجّزاً بواسطة العلم الإجمالىّ، وأثر الأمارة إنّما هو سلب المنجّزيّة عن احتمال الطرف الآخر، ولا نجعل هذا إشكالاً مستقلّاً على المحقّق النائينىّ(رحمه الله) ؛ لعدم تماميّته على مبانيه(1).

وعلى المبنى الثاني: وهو وجوب الامتثال التفصيلىّ خطابيّاً أو غرضيّاً يمكن تطبيق المبنى على ما نحن فيه ـ أيضاً ـ بكلا تقريبيه، أعني: تقريب الاستدلال بالإجماع، وتقريب الاستدلال باحتمال الدخل في الغرض.


(1) الظاهر: أنّ الإشكال الأوّل ـ أيضاً ـ إشكال مبنائيّ؛ فإنّ المحقّق النائينىّ(رحمه الله)يرى أنّ العلم الاعتباريّ كالعلم الوجدانىّ رافع لموضوع قبح العقاب بلا بيان، وأنّ المقصود بالبيان هو الوصول والعلم، وللوصول والعلم فردان: فرد وجدانىّ، وفرد اعتبارىّ. فصحيح ما أورده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): من أنّ الأمارة إنّما تجعل الاحتمال منجّزاً؛ ولذا لو جعل المولى شيئاً علماً اعتباراً مع القطع بمخالفته للواقع، لم يكن محرّكاً، إلّا أنّ هذا ـ أيضاً ـ إشكال مبنائىّ، وليس بنائيّاً.

492

أمّا الأوّل: فلأنّ ما ذكر في كلماتهم من دعوى الإجماع على بطلان عمل تارك طريقي الاجتهاد والتقليد يشمل موارد الامتثال التعبّدىّ، كيف والتقليد ليس إلّا أخذاً بالتعبّد، وكذلك الاجتهاد غالباً.

وأمّا الثاني: فلأنّ من يحتمل دخل التفصيليّة في الغرض في الامتثال الوجدانىّ، قد يحتمل ذلك في الامتثال التعبّدىّ أيضاً، فيقدّمه على الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ.

وعلى المبنى الثالث: وأعني بذلك لزوم الامتثال التفصيلىّ؛ لكون الامتثال الإجمالىّ مع التمكّن من التفصيلىّ لعباً بأمر المولى، فهذا الوجه لا يتأتّى فيما نحن فيه(1)؛ إذ كيف يكون الامتثال الإجمالىّ في المقام لعباً؟ هل هو لعب في قبال التفصيلىّ التعبّدىّ، أو هو لعب في قبال الجمع بين التفصيلىّ التعبّدىّ والإجمالىّ؟

فإن قيل بالأوّل، ورد عليه: وضوح وجود داع عقلائىّ في الامتثال الإجمالىّ في المقام، وهو تحصيل القطع بامتثال الأمر الواقعىّ الذي لايحصل بالامتثال التفصيلىّ التعبّدىّ.

وإن قيل بالثاني، ورد عليه: أنّ الاقتصار على الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ في مقابل الجمع بينه وبين التفصيلىّ التعبّدىّ اقتصار على الأقلّ مؤونة في مقابل الأكثر، والأخفّ مؤونة في مقابل الأثقل. وهذا مشتمل على داع عقلائىّ، وليس لعباً.

فمثلاً: لو دار الأمر بين أن يعمل ابتداءً بالاحتياط بالجمع بين الظهر والجمعة، وأن يحصّل أوّلاً أمارة على وجوب أحدهما بالتعيين، ثُمّ يجمع بينهما، فمن الواضح: أنّ الأوّل أقلّ وأخفّ، وليس اختياره لعباً. وإن اتّفق أنّه لم تكن في تحصيل الأمارة أىّ مؤونة ومشقّة، كان اختيار كلّ واحد منهما في قبال الآخر اختياراً لأحد أمرين متساويين في المؤونة في قبال الآخر، ولا معنىً للحكم على أحدهما بكونه لعباً.

الأمر الثاني: أنّ المستشكلين في الامتثال الإجمالىّ يعترفون بعدم الإشكال فيه في موردين:

الأوّل: فرض عدم التمكّن من الامتثال التفصيلىّ.

وهذا واضح؛ لعدم تأتّي شيء من الوجوه السابقة فيه: فلا يأتي فيه ـ مثلاً ـ إشكال


(1) نعم، لو فرض كون تفصيليّة الامتثال من صميم الامتثال، وممّا يدعو إليه نفس التكليف، فقد تدّعى مثل هذه الدعوى فيما نحن فيه أيضاً.

493

تأخّر الانبعاث من احتمال الأمر عن الانبعاث من نفس الأمر؛ إذ المفروض عدم التمكّن من الانبعاث من نفس الأمر، ولا إشكال اللعب، كما هو واضح، ولا دخل لتفصيليّة الامتثال في الخطاب أو الغرض؛ إذ لو احتملنا دخلها في ذلك، فلا نحتمل دخلها بمستوى دخل الطهارة الحدثيّة بناءً على سقوط الصلاة عن فاقد الطهورين، وغاية الأمر فرض دخلها على حدّ دخل سائر الأجزاء والشرائط غير الركنيّة، أي: التي تسقط بالعجز.

نعم، بناءً على بعض مبان ضعيفة في مقام الاستشكال في الامتثال الإجمالىّ ـ تركنا فيما سبق ذكرها؛ لكونها في غاية الضعف ـ يسري الإشكال في المقام.

مثلاً: لو كان مبنى الإشكال اعتبار قصد الوجه(1) بالنحو الذي يقوله المتكلّمون، كان الإشكال سارياً. ولا يهمّنا تفصيل الكلام في ذلك.

الثاني: فرض عدم وجوب الامتثال عقلاً، كما لو كان الحكم استحبابيّاً، أو كان الحكم احتماليّاً غير معلوم إجمالاً مع وجود المؤمّن في قبال الاحتمال.

ولكن الواقع: أنّ الإشكال على بعض المباني يسري في المقام، كما لو كان مبنى الإشكال هو لزوم اللعب؛ إذ لا يفرّق ـ في كون التكرار لعباً بأمر المولى مع التمكّن من الامتثال التفصيلىّ ـ بين فرض وجوب الامتثال وعدمه(2).

الأمر الثالث: قد عرفت أنّ الحقّ كون الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ في عرض الامتثال التفصيلىّ لافي طوله.

وأمّا الامتثال الإجمالىّ التعبّدىّ، فهو ـ أيضاً ـ في عرض الامتثال التفصيلىّ؛ لما مضى: من بطلان تمام مباني الإشكال. فلو دلّت البيّنة أو أصالة الطهارة أو غير ذلك على طهارة أحد الثوبين، كفت الصلاة في كليهما على وجه التكرار، وإن كان متمكّناً من الامتثال التفصيلىّ.


(1) لو احتملنا دخل قصد الوجه والتمييز في العبادة بمعنىً لم يمكن هنا، فلانحتمل دخله في فرض العجز: بأن يكون حال العاجز عنه حال فاقد الطهورين بناءً على سقوط الصلاة عنه. وأنا أحتمل أنّ هذه القطعة من الكلام ذكرها شهيدنا الغالي(رحمه الله) في المقام اشتباهاً، وأنّها راجعة إلى الأمر الأوّل، وهو كون الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ في طول التفصيلىّ التعبّدىّ وعدمه؛ إذ يمكن القول هناك بأنّ الامتثال التفصيلىّ التعبّدىّ يحفظ الوجه والتمييز، ومعه لا تصل النوبة إلى الإجمالىّ الذي لا ينحفظ فيه الوجه أو التمييز.

(2) وبعض الوجوه لا يجري في المقام كالإجماع. أمّا عدم حسن الامتثال الإجمالىّ مع التمكّن من التفصيلىّ فإن كان بالوجدان، فأمره إلى صاحب الوجدان، وإن كان ببرهان طوليّة احتمال الأمر مع نفس الأمر، فهو يأتي في المقام.

494

نعم، قد يفترض أنّ دليل التعبّد إنّما أثبت التعبّد في فرض انسداد باب العلم وعدم التمكّن من تحصيله، فيكون الامتثال الإجمالىّ التعبّديّ ـ عندئذ ـ في عرضالامتثال التفصيلىّ التعبّديّ فحسب، ولايكون في عرض الامتثال التفصيلىّ الوجدانىّ، كما لا يكون في عرض الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ ـ أيضاً ـ إذا كان دليل التعبّد غير شامل لفرض التمكّن من العلم ولو إجمالاً. وهذا غير مرتبط بما نحن فيه.

والخلاصة: أنّ الامتثال الإجمالىّ التعبّدىّ في نفسه ليس في طول التفصيلىّ، بل في عرضه. أمّا عدم صحّته أحياناً في قبال الامتثال الوجدانىّ، فهو مطلب آخر.

ويستثنى من صحّة الامتثال الإجمالىّ التعبّدىّ مورد واحد.

توضيح ذلك: أنّ دليل التعبّد تارة ينصبّ على مورد معيّن، ثُمّ يقع الاشتباه، كما لو دلّت البيّنة أو أصالة الطهارة على طهارة ثوب معيّن، ثُمّ وقع الاشتباه بينه وبين ثوب آخر. وهنا لا إشكال في جواز الصلاة مرّتين: مرّة في هذا الثوب، ومرّة في الثوب الآخر؛ فإنّ هذا يؤدّي إلى العلم بالصلاة في ثوب محكوم بالطهارة تعبّداً.

واُخرى يفرض تردّد مورده من أوّل الأمر بين ثوبين مثلاً، وهذا يتصوّر على نحوين:

الأوّل: أن يكون لمورده نحو تعيّن في الواقع بغضّ النظر عن ذلك الحكم، بحيث يمكن لمن يعلم الغيب أن يشير إليه معيّناً ولو فرض كذب الدليل، كما لو كان أحد الثوبين ملكاً لزيد، ووقع الاشتباه بين ما هو ملك زيد وما ليس ملكه، والبيّنة أو أصالة الطهارة دلّت على طهارة الثوب الذي هو ملك لزيد. وهنا ـ أيضاً ـ يجوز تكرار الصلاة في الثوب؛ إذ بذلك يحصل له العلم بأنّه قد صلّى في ثوب محكوم بالطهارة واقعاً.

الثاني: أن لا يكون لمورده تعيّن كذلك بحيث لو كان الدليل كاذباً، لم يمكن حتّى لعلّام الغيوب أن يشير إلى فرد معيّن، ويقول: (هذا هو مصبّ الدليل)، كما لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الثوبين، واحتمل نجاستهما معاً، ولم يمكن للثوب المعلوم نجاسته أىّ تعيّن من قبل غير تلك النجاسة، ودلّت أصالة الطهارة على طهارة الثوب الآخر، أو دلّت البيّنة

495

على طهارة غير ما علمت نجاسته من دون فرض أىّ تعيّن له بغير هذا العنوان. فلو فرض في الواقع كلاهما نجساً، لم يكن لمصبّ الأصل أو البيّنة تعيّن في الواقع.

وحينئذ لو كانت مثبتات ذاك الدليل حجّة كما هو الحال في البيّنة، جاز تكرار الصلاة في الثوبين؛ إذ يثبت ـ عندئذ ـ بالملازمة أنّه صلّى في ثوب محكوم بالطهارة تعبّداً، أمّا لو لم تكن مثبتاته حجّة كما في أصالة الطهارة، فلايجزي تكرار الصلاة في الثوبين؛ إذ لا تنفعه أصالة الطهارة في المقام شيئاً، لابمدلولها الالتزامىّ ولابمدلولها المطابقىّ: أمّا الأوّل فلأنّ المفروض عدم حجّيّة مثبتاتها، وأمّا الثاني فلأنّ من المحتمل أن لايكون لموردها تعيّن حتّى في الواقع، فلانستطيع أن نحكم بثبوت الطهارة لثوب وقعت فيه الصلاة(1).

هذا تمام الكلام فيما كان ينبغي التعرّض له في بحث العلم الإجمالىّ في مرحلة الامتثال. وذكر هنا بعض اُمور اُخرى لايهمّنا التعرّض له. وبهذا تمّ الكلام في القطع.

 


(1) قد يقال باستحالة ثبوت الحجّيّة للأصل في المقام؛ لعدم إحراز صحّة الإشارة إلى فرد معيّن عند الله وإجراء الأصل بالنسبة إليه.

والواقع: أنّه لااستحالة في المقام؛ فإنّ الحكم الظاهرىّ روحه عبارة عن إبراز درجة اهتمام المولى بغرضه، وبالإمكان أن تكون درجة اهتمام المولى بغرضه في المقام بنحو لا يرضى بالاقتصار على صلاة واحدة في أحد الثوبين، ولكنّه يرضى بتكرار الصلاة في الثوبين على رغم احتمال نجاستهما، ولا يطالب بالاحتياط التامّ، وحينئذ يبقى البحث إثباتيّاً كي نرى أنّ شيئاً من هذا القبيل هل يمكن إبرازه عرفاً بلسان إجراء أصالة الطهارة في الثوب الآخر غير معلوم النجاسة، على الرغم من أنّه بالدقّة العقليّة لم يثبت وجود ثوب آخر لاحتمال عدم تعيّن معلوم النجاسة في الواقع، وبالتالي عدم تعيّن الثوب الآخر، أو أنّ إبراز ذاك المطلب بهذا اللسان غير عرفىّ؟ وهل مثل قوله: كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر يشمل عرفاً هذا المعنى، أو لا؟ والظاهر: أنّه عرفىّ، وأنّ الدليل يشمله، فيجري الأصل، ويثبت الإجزاء.

وقد يقال: إنّ المقدار الذي يصل إليه العرف إنّما هو نفي تعدّد النجاسة، وهذا أثره إنّما هو عدم تنجّز نجاستين على المكلّف. فلو كانا مائعين، وشربهما المكلّف، لم يعاقب إلّا عقاباً واحداً. أمّا صحّة الصلاة فترتبط بثبوت طهارة ثوب صلّى فيه أو نفي نجاسته، وهذا لا يثبت إلّا بالملازمة غير الحجّة في باب الاُصول، إلّا أنّ الأظهر هو ما ذكرناه؛ فإنّ العرف بعد العلم بنجاسة أحد الثوبين يجري أصالة الطهارة في الثوب الآخر، ويقول: (إنّنا صلّينا في الثوب الآخر)، وإن كان هذا بالتدقيق الفلسفىّ مناقشاً باحتمال عدم التعيّن في الواقع لعنوان: (الثوب الآخر).