492

علمه إلى أهله؛ إذ لا يحتمل فقهياً كون شهادة امرأتين بالاستهلال كشهادة رجلين. وستأتي في تضاعيف الأبحاث الآتية روايات أُخرى واردة في بعض الموارد الخاصّة.

شهادة المرأة في النكاح

المورد الثالث _ شهادة المرأة في النكاح: ويمكن تقسيم الروايات الواردة بهذا الصدد إلى خمس طوائف:

الأُولى: ما دلّ على قبول شهادة النساء في النكاح: من قبيل ما مرّ من حديث إبراهيم الخارقي أو الحارثي: «... وتجوز شهادتهنّ في النكاح...»، وقد ذكرنا عدم تماميّته سنداً. وما مرّ من حديث زرارة الضعيف سنداً أيضاً: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن شهادة النساء تجوز في النكاح؟ قال: نعم...». وما مضى من حديث أبي الصباح الكناني الضعيف سنداً أيضاً: «قال علي (عليه السلام): شهادة النساء تجوز في النكاح...».

والثانية: ما دلّ على عدم قبول شهادتهنّ في النكاح مطلقاً: وهو ما مضى من حديث السكوني: «شهادة النساء لا تجوز في طلاق ولا نكاح ولاحدود...» وقد مضى ضعف سنده ببنان بن محمد.

ولو تمّت الطائفتان سنداً ولم يمكن الجمع بينهما أمكن حمل الثانية على التقيّة؛ لما نقل من العامّة من القول بعدم نفوذ شهادة النساء في النكاح مطلقاً، أو إذا لم تُضَمّ إلى شهادة الرجال، ولعلّه يمكن أيضاً جعل الروايةِ التي سنذكرها _ إن شاء اللّه _ تحت عنوان الطائفة الثالثة قرينةً على حمل الثانية على التقيّة. وعلى أيّ حال فقد عرفت أنّ كلتا الطائفتين ضعيفتان سنداً.

الثالثة: ما دلّ على كفاية شهادة المرأتين في النكاح بلا رجل، وهو ما ورد عن داود بن الحصين _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن شهادة النساء

493

في النكاح بلا رجل معهن إذا كانت المرأة منكرة؟ فقال: لا بأس به، ثم قال: ما يقول في ذلك فقهاؤكم؟ قلت: يقولون: لا تجوز إلا شهادة رجلين عدلين، فقال: كذبوا _ لعنهم اللّه _ هوّنوا واستخفّوا بعزائم اللّه وفرائضه، وشدّدوا وعظّموا ما هوّن اللّه. إنّ اللّه أمر في الطلاق بشهادة رجلين عدلين، فأجازوا الطلاق بلا شاهد واحد، والنكاح لم يجيء عن اللّه في تحريمه عزيمة، فسنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) في ذلك الشاهدين تأديباً ونظراً لئلّا ينكر الولد والميراث وقد ثبتت عقدة النكاح، واستحلّ الفروج ولا أن يشهد. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الإنكار، ولا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين، فقلت: فأنّى ذكر اللّهُ تعالى قوله: ﴿فَرَجُلٌ وَاِمْرَأَتٰانِ﴾(1)، فقال: ذلك في الدين، إذا لم يكن رجلان فرجل وامرأتان، ورجل واحد ويمين المدّعي إذا لم يكن امرأتان، قضى بذلك رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) بعده عندكم»(2).

وما في هذا الحديث من كفاية شهادة امرأتين في النكاح بلا رجل بأن تكون شهادة امرأتين في قوّة شهادة رجلين أمر غير محتمل فقهياً سواء في ذلك فقه السنّة والشيعة، فلابدّ من ردّ علمه إلى أهله.

الرابعة: ما دلّ على التفصيل بين شهادة النساء في النكاح مع الرجل فتقبل، أو وحدهنّ فلا تقبل، من قبيل ما مضى عن محمد بن الفضيل: «سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) قلت له: تجوز شهادة النساء في نكاح أو طلاق أو رجم؟ قال: تجوز شهادة النساء فيما لا تستطيع الرجال أن ينظروا إليه وليس معهنّ رجل، وتجوز شهادتهنّ في النكاح إذا كان معهن رجل...» وقد مضى أنّه ضعيف سنداً. وما مضى


(1) البقرة: 282.

(2) وسائل الشيعة، ج18، ص265، الباب 24 من الشهادات، ح35.

494

عن أبي بصير _ بسند فيه علي بن أبي حمزة _: «... وتجوز شهادة النساء في النكاح إذا كان معهنّ رجل...». وما ورد عن الحلبي عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح، فقال: «تجوز إذا كان معهنّ رجل، وكان علي (عليه السلام) يقول: لأُجيزها في الطلاق. قلت: تجوز شهادة النساء مع الرجال في الدين؟ قال: نعم، وسألته عن شهادة القابلة في الولادة؟ قال: تجوز شهادة الواحدة، وقال: تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة. وحدّثني من سمعه يحدّث: أنّ أباه أخبره: أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) أجاز شهادة النساء في الدين مع يمين الطالب يحلف باللّه إنّ حقّه لحقّ»(1) وسند الحديث تام وإن كان فيه إبراهيم بن هاشم، فإنّ الصحيح وثاقة إبراهيم بن هاشم.

وقد استدلّ السيد الخوئي على وثاقة إبراهيم بن هاشم بوجوه:

1_ أنّه روى عنه ابنه علي في تفسيره كثيراً، وقد التزم في أوّل كتابه بأنّ ما يذكره فيه قد انتهى إليه بواسطة الثقات.

2_ أنّ السيد ابن طاووس ادّعى الاتّفاق على وثاقته؛ حيث قال عند ذكره رواية عن أمالي الصدوق في سندها إبراهيم بن هاشم: «رواة الحديث ثقات بالاتّفاق»(2).

3_ أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقم، والقمّيّون قد اعتمدوا على رواياته وفيهم من هو مستصعب في أمر الحديث، فلو كان فيه شائبة الغمز، لم يكن يتسالم على أخذ الرواية عنه وقبول قوله.

4_ أنّه وقع في أسانيد كامل الزيارات(3).

أقول: الوجه الرابع عندنا غير مقبول، كما أشرنا إليه مراراً. والوجه الثالث حدسي


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص258، الباب 24 من الشهادات، ح2.

(2) فلاح السائل، ص158، الفصل التاسع عشر.

(3) معجم الرجال، ج1، ص317 _ 318.

495

لا يبعد إفادته للعلم أو الاطمئنان، وعلى كلّ حال فكلّ من يحصل له الاطمئنان به فهو حجّة له. والوجه الثاني صحيح، فإنّ فرض الاتّفاق من قبل طبقة علي بن طاووس على وثاقة شخص من الرواة الواقعين في زمن الأئمّة المتأخّرين (عليهم السلام) يورث القطع بوثاقته أو بثبوت وثاقته بسند تام على الأقلّ. وبه نصحّح أيضاً محمد بن موسى ابن المتوكّل، فإنّه وارد في نفس سند الحديث الذي ادّعى علي بن طاووس (رحمه الله) الاتّفاق على وثاقة كلّ من وقع فيه. والوجه الأول أيضاً صحيح لشهادة صاحب الوسائل (رحمه الله) الذي له سند تام إلى تفسير علي بن إبراهيم برواية علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه مباشرةً منضمّاً إلى شهادته بالعبارة(1) التي تنسب إلى علي بن إبراهيم في أوّل تفسيره التي تدل _ على الأقلّ _ على وثاقة كلّ من روى عنه في تفسيره مباشرةً.

أمّا ما يوجد اليوم باسم تفسير علي بن إبراهيم، فهو _ على ما يبدو من مطالعته _ ما جمعه تلميذ له بتركيب بين تفسير علي بن إبراهيم وغيره، ولهذا يقول أحياناً مع الانتهاء من حديث: «رجع إلى حديث علي بن إبراهيم»، أو ما شابه ذلك من العبائر(2). وهذا التلميذ وهو أبو الفضل العبّاس بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر (عليه السلام) ليس له ذكر في كتب الرجال. فلو أحسنّا الظنّ بهذا الكتاب وأغفلنا عدم وجود سند لنا إلى النسخ الموجودة فعلاً، فغاية ما يفترض ثبوته كونه كتاباً لتلميذ من تلاميذ علي بن إبراهيم جمع فيه بين تفسير أُستاذه وغيره، وعندئذٍ


(1) راجع وسائل الشيعة، ج20، ص124 بحسب طبعة ربّاني شيرازي. ونصّ عبارة صاحب الوسائل ما يلي: « ويفهم توثيقه يعني إبراهيم بن هاشم من تصحيح العلّامة طرق الصدوق، ومن أوّل تفسير ولده علي بن إبراهيم حيث قال: ونحن ذاكرون ومخبرون ما انتهى إلينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض اللّه‏ طاعتهم ».

(2) راجع الذريعة للشيخ آقا بزرگ الطهراني (رحمه الله)، الجزء الرابع، ص302_307.

496

يبقى احتمال كون التعبير المعروف في أوّل التفسير الذي يفترض دليلاً على وثاقة كلّ من ورد في أسانيد تفسير علي بن إبراهيم عبارة من عبائر هذا التلميذ الذي لم يثبت توثيقه لا عبارة صادرة من علي بن إبراهيم، ولكن عرفنا كون هذا عبارة لعلي بن إبراهيم في تفسيره عن طريق صاحب الوسائل (رحمه الله) الذي له سند تام إلى تفسير علي ابن إبراهيم.

الخامسة: ما دلّ على عدم نفوذ شهادة النساء بلا رجال في النكاح مع السكوت عن شهادتهنّ مع رجل، وهو ما عن إسماعيل بن عيسى قال: «سألت الرضا (عليه السلام) هل تجوز شهادة النساء في التزويج من غير أن يكون معهنّ رجل؟ قال: لا هذا لا يستقيم»(1). وسند الحديث غير تام.

والذي يبدو بعد العرض لهذه الروايات هو أنّ المعتمد هي الطائفة الرابعة المفصّلة بين شهادة النساء في النكاح مع رجل وشهادة النساء فيه وحدهنّ، فتنفذ الأُولى دون الثانية. ولو كانت الطائفة الأُولى والثانية صحيحتين لكانت هذه الطائفة شاهدةً للجمع بينهما بحمل الأُولى على ما إذا كان معهنّ رجل، وحمل الثانية على ما إذا لم يكن معهنّ رجل، كما أنّ الطائفة الخامسة لم تدل على شيء يعارض التفصيل المذكور، وإنّما تعرّضت صريحاً لأحد طرفي التفصيل، وإن لم يكن ذلك تلويحاً بالطرف الآخر فهو سكوت لا يضرّنا.

نعم، الطائفة الثالثة تعارض التفصيل؛ لأنّها دلّت بصدرها على نفوذ شهادة النساء بلا رجل في النكاح، وبذيلها على نفوذ شهادة امرأتين في النكاح.

وقد يخطر بالبال تقديمها على روايات التفصيل وحمل روايات التفصيل على


(1) وسائل الشيعة ، ج18، ص266، الباب 24 من أبواب الشهادات، ح39.

497

التقيّة؛ لأنّ العامّة بين قائل بعدم نفوذ شهادة النساء في النكاح مطلقاً، وقائل بالتفصيل الوارد في تلك الروايات، فرواية داود بن الحصين هي المخالفة للعامّة.

ولكن قد عرفت أنّ ظاهر رواية داود بن الحصين لا يمكن الأخذ به؛ لعدم إفتاء أحد بكون المرأة في الشهادة على النكاح كالرجل، فإن أمكن حملها _ ولو بقرينة عدم إمكان جعل المرأة في الشهادة فقهيّاً كالرجل _ على نفوذ شهادة امرأتين بمعنى كونها كشهادة رجل واحد، ولابدّ من ضمّ امرأتين أُخريين إليهما أو رجل، فقد يتمّ ما قلناه من تقديم رواية داود بن الحصين على روايات التفصيل بمخالفة العامّة، وإن قلنا: إنّ هذا الحمل غير عرفي _ ولو بلحاظ سياق مجموع الحديث كما ليس ببعيد _ ردّ علم رواية داود بن الحصين إلى أهلها، وسقطت عن الحجّية، وبقي التفصيل بلا معارض.

لا يقال: إن لم يمكن الأخذ بذيل الحديث الدالّ على كفاية شهادة امرأتين في ثبوت النكاح فلم لا نأخذ بصدر الحديث الدالّ على كفاية شهادة النساء وحدهنّ بلا رجال المحمول على شهادة أربع نساء؛ للعلم بأنّ المرأة نصف الرجل في الشهادة، ويقدّم ذلك على روايات اشتراط نفوذ شهادة النساء في النكاح بكونها مع شهادة رجل، وذلك لمخالفته للعامّة وموافقة تلك الروايات لفتاوى قسم منهم؟

فإنّه يقال: لو كان الحديث نقلاً لكلام الإمام باللفظ لأمكن أن يقال بأنّنا نأخذ بصدر الحديث بعد حمله على شهادة أربع نساء؛ لأنّ الذيل الذي هو قرينة على إرادة كفاية شهادة امرأتين ساقط، ونقطع بعدم صدوره من الإمام، فإمّا أنّ الحديث لم يكن مذيّلاً بذيل أو كان مذيّلاً بذيل لا يدل على كفاية شهادة امرأتين، فلا مانع من الأخذ بصدر الحديث مثلاً، ولكن بما أنّ الأحاديث عادةً نقل بالمعنى فالراوي لا يروي نصّ الكلام، وإنّما يروي المفاد، ومفاد هذا الحديث إنّما هو كفاية شهادة امرأتين في

498

النكاح، وهذا المفاد ساقط جزماً حسب الفرض، فلا يمكن الأخذ بصدر الحديث، فإنّه لم يستقرّ لصدر الحديث ظهور مستقل عن الذيل.

شهادة النساء في الهلال

المورد الرابع _ شهادة النساء في الهلال:

وقد دلّت روايات عديدة على عدم قبول شهادتهنّ فيه، مضى بعضها ويوجد غير ما مضى أيضاً، من قبيل ما عن حماد بن عثمان _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال، ولا يقبل في الهلال إلا رجلان عدلان»(1). هكذا جاء في التهذيب(2).

وفي الاستبصار: «لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال، ولا في الطلاق إلا رجلان عدلان»(3).

وتدل على ذلك أيضاً روايات عديدة تامّة السند مذكورة في الباب الحادي عشر من أحكام شهر رمضان من الوسائل وهي الروايات (رقم 1 و2و3 و7 و8 و9) إلا أنّ فى سند الأخيرة علي بن السندي، ولم تثبت وثاقته.

وهناك حديث واحد قد يستفاد منه التفصيل بين هلال شهر رمضان فتقبل فيه شهادة المرأة الواحدة، وهلال الفطر فلا تقبل فيه شهادة النساء، وهو ما ورد عن داود بن الحصين _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام): قال: «لا تجوز شهادة النساء في الفطر إلا شهادة رجلين عدلين، ولا بأس في الصوم بشهادة النساء ولو امرأة


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص262، الباب 24 من الشهادات، ح17.

(2) ج6، ح724.

(3) ج 3، ح 96.

499

واحدة»(1).

ويمكن المناقشة في دلالة الحديث بحمله بقرينة قوله فيه: «لا بأس» على إرادة استحباب الاحتياط والاستظهار ونحو ذلك، كما حمله على ذلك الشيخ الطوسي (رحمه الله) في التهذيب(2) والاستبصار(3).

ولو لم يتمّ هذا النقاش فلابدّ من تأويله أو ردّ علمه إلى أهله؛ للقطع الفقهي بعدم قبول شهادة امرأة واحدة في الهلال.

شهادة النساء في الطلاق

المورد الخامس _ شهادة النساء في الطلاق.

وقد مرّت عليك ضمن الأحاديث الماضية روايات عديدة تدل على عدم نفوذ شهادتهنّ في الطلاق.

نعم، ورد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) وعن أبي بصير وسماعة والحلبي عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في المكاتب يعتق نصفه هل تجوز شهادته في الطلاق؟ قال: «إذا كان معه رجل وامرأة»(4). وعن الحلبي قال: «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول في المكاتب... _ إلى أن قال _: قلت: أرأيت إن أُعتق نصفه تجوز شهادته في الطلاق؟ قال: إن كان معه رجل وامرأة جازت شهادته»(5). والأسانيد كلّها تامّة.


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص266، الباب 24 من الشهادات، ح36، وج7، ص211، الباب 11 من أحكام شهر رمضان، ح15.

(2) ج6، في ذيل الحديث726.

(3) ج3، في ذيل الحديث98.

(4) وسائل الشيعة، ج18، ص256، الباب 23 من الشهادات، ح11.

(5) نفس المصدر، ص255، ح6.

500

ولئن أمكن فرض النسبة بين هذه الأحاديث وبعض الأحاديث السابقة عموماً مطلقاً بأن يقال: إنّ هذه تدل على نفوذ شهادة المرأة في الطلاق إذا كان معها رجل، فيقيّد بها ما دلّ على عدم نفوذ شهادتها في الطلاق مطلقاً، لكن يوجد في الأحاديث السابقة ما لا يمكن تقييده بهذه الروايات، من قبيل ما مضى عن الحلبي عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه سئل عن شهادة النساء في النكاح، فقال: «تجوز إذا كان معهنّ رجل، وكان علي (عليه السلام) يقول: لا أُجيزها في الطلاق...». فهذا بقرينة المقابلة لجواز شهادتهنّ مع الرجل في النكاح صريح في عدم نفوذ شهادتهنّ في الطلاق حتى مع الرجل. فهاتان طائفتان متعارضتان، ولا يمكن ترجيح إحداهما على الأُخرى بمخالفة العامّة، وذلك لأنّ كلّاً منهما مطابق لبعض العامّة ومخالف لبعضهم الآخر على ما قال الشيخ في الخلاف من أنّ مالكاً والشافعي والأوزاعي والنخعي قالوا بعدم نفوذ شهادة النساء في الطلاق، والثوري وأبا حنيفة وأصحابه قالوا بثبوت الطلاق بشاهد وامرأتين(1).

وبالإمكان ترجيح ما دلّ على عدم نفوذ شهادة النساء في الطلاق حتى مع الرجل على روايات محمد بن مسلم وأبي بصير وسماعة والحلبي بموافقة تلك للكتاب ومخالفة هذه للكتاب بناءً على أن نستظهر من آية الطلاق _ التي هي خطاب للرجال: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهٰادَةَ لِلّٰهِ﴾(2)_ شرط الذكورة في نفوذ الشهادة في الطلاق، وليس فقط في صحّة الطلاق لدى شاهدين عدلين؛ باستظهار أنّ هذا الشرط في الطلاق كان كمقدّمة لأجل أداء الشهادة عند النزاع.


(1) راجع الخلاف، ج3، ص326، كتاب الشهادات، المسألة 4.

(2) الطلاق:2.

501

ولو لم يقبل هذا الكلام، وانتهى الأمر إلى التعارض والتساقط رجعنا إلى مقتضى الأصل الأوّلي الذي نقّحناه وهو عدم نفوذ شهادة النساء.

شهادة النساء في الوصيّة

المورد السادس _ شهادة النساء في الوصيّة: والروايات فيها على ثلاث طوائف:

الأُولى _ ما دلّ على عدم نفوذ شهادة النساء في الوصيّة، من قبيل ما مضى عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله قال: « سألته عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة، أتجوز شهادتها، أم لا تجوز؟ فقال: تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة» وسند الحديث ضعيف بمعلى بن محمد كما مضى.

وما مضى عن عبد الرحمان _ أيضاً _ قال: « سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة، تجوز شهادتها؟ قال: تجوز شهادة النساء في العذرة والمنفوس. وقال: تجوز شهادة النساء في الحدود مع الرجل ». وقد مضى أنّ سند الحديث تام.

وما مضى عن عبداللّه بن سنان أو سليمان في امرأة حضرها الموت وليس عندها إلا امرأة أتجوز شهادتها؟ فقال: «لا تجوز شهادتها إلا في المنفوس والعذرة». وقد مضى سقوطه سنداً بتردد الراوي بين عبداللّه بن سنان وعبداللّه ابن سليمان.

وما عن محمد بن إسماعيل بن بزيع _ بسند تام _ قال: «سألت الرضا (عليه السلام) عن امرأة ادّعى بعض أهلها أنّها أوصت عند موتها من ثلثها بعتق رقيق لها، أيعتق ذلك وليس على ذلك شاهد إلا النساء؟ قال: لا تجوز شهادة النساء في هذا»(1).

الثانية _ ما دلّ على نفوذ شهادة النساء في الوصيّة من قبيل ما عن محمد بن قيس


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص266، الباب 24 من الشهادات، ح40.

502

_ بسند تام _ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّة لم يشهدها إلا امرأة، فقضى أن تجاز شهادة المرأة في ربع الوصيّة»(1). وفي نقل آخر مشابه أضاف: «إذا كانت مسلمة غير مريبة في دينها»(2).

وما عن ربعي _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في شهادة امرأة حضرت رجلاً يوصي، فقال: «يجوز في ربع ما أوصى بحساب شهادتها»(3). وجاء في نقل آخر: «حضرت رجلاً يوصي ليس معها رجل»(4).

وما عن أبان _ بسند ضعيف _ بعبداللّه بن محمد بن عيسى الملقّب ببنان عن أبي عبداللّه (عليه السلام) أنّه قال: «في وصيّة لم يشهدها إلا امرأة فأجاز شهادتها في الربع من الوصيّة بحساب شهادتها»(5).

وما عن الحلبي _ بسند تام _ قال: «سُئل أبو عبداللّه (عليه السلام) عن امرأة ادّعت أنّه أوصي لها في بلد بالثلث وليس لها بيّنة قال: تصدّق في ربع ما ادّعت»(6) بناءً على تفسير اللام بمعنى (إلى).

وما عن يحيى بن خالد الصيرفي (أو الحسين بن خالد الصيرفي) عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: «كتبت إليه في رجل مات وله أُمّ ولد وقد جعل لها سيّدها شيئاً في حياته ثم مات، فكتب (عليه السلام): لها ما أثابها به سيّدها في حياته معروف لها ذلك،


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص261، ح15. و ج83، ص369، الباب 22 من الوصايا، ح4.

(2) نفس المصدر، ج13، ص269، الباب 22 من أحكام الوصايا، ح3.

(3) نفس المصدر، ص261، ح16.

(4) نفس المصدر، ص395، الباب 22 من أحكام الوصايا، ح1.

(5) نفس المصدر، ص396، ح2.

(6) نفس المصدر، ح5.

503

تقبل على ذلك شهادة الرجل والمرأة والخدم غير المتهمين»(1). والحديث رواه في الوسائل عن الفقيه باسم يحيى بن خالد الصيرفي، ولكنّه ورد في الكافي(2) والتهذيب(3) باسم الحسين بن خالد الصيرفي، وهو الوارد اسمه في كتب الرجال. وعلى أيّ حال فقد روى عنه الحديث ابن أبي عُمير الذي لا يروي إلا عن ثقة، فسند الحديث تام، ولا يبعد نظر الحديث إلى الوصيّة لا الهبة بقرينة أنّه عبّر بتعبير: «جعل لها سيّدها» لا بتعبير: «وهب لها سيدها».

وقال صاحب الوسائل _ بعد هذا الحديث مباشرةً نقلاً عن الفقيه _: «وفي رواية أُخرى: إن كانت امرأتين تجوز شهادتهما في نصف الميراث، وإن كنّ ثلاث نسوة جازت شهادتهنّ في ثلاثة أرباع الميراث، وإن كنّ أربعاً جازت شهادتهنّ في الميراث كلّه»(4).

وهذا يوهم ورود حديث في نفوذ شهادة النساء في افتراض وارثٍ بشكل عامّ كما ورد في الوصيّة، وفيما ليس للرجال النظر إليه وغير ذلك، بينما الموجود في الفقيه هو ذكر هذه الرواية في ذيل حديث آخر، وذلك بالشكل التالي:

روى الحسن بن محبوب عن عمر بن زيد قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن رجل مات وترك امرأة وهي حامل، فوضعت بعد موته غلاماً، ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض، فشهدت المرأة التي قبّلتها به أنّه استهل وصاح حين وقع إلى الأرض، ثم مات بعد، فقال: على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام»، وفي


(1) نفس المصدر، ص268، ح47.

(2) ج7، ص29، باب الوصيّة لأُمهات الأولاد، ح2.

(3) ج9، ح878.

(4) وسائل الشيعة، ج18، ص268، الباب 24 من الشهادات، ح48.

504

رواية أُخرى: «إن كانت امرأتين، يجوز شهادتهما في نصف الميراث، وإن كنّ ثلاث نسوة جازت شهادتهنّ في ثلاثة أرباع الميراث، وإن كنّ أربعاً، جازت شهادتهنّ في الميراث كلّه»(1).

وبهذا يتّضح أنّ الحديث لم يكن وارداً في الميراث بشكل مطلق، وإنّما هو وارد في استهلال الغلام، أي: في مورد لا يمكن للرجال النظر. وعلى أيّ حال فالحديث ساقط بالإرسال.

ولنرجع الآن إلى ما كنّا فيه من روايات الوصيّة:

الثالثه _ ما دلّ على التفصيل بين ما إذا كان معهنّ رجل فتنفذ وما إذا لم يكن معهنّ رجل فلا تنفذ، وهو ما عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: «كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن (عليه السلام): امرأة شهدت على وصيّة رجل لم يشهدها غيرها، وفي الورثة من يصدّقها، وفيهم من يتّهمها فكتب لا، إلا أن يكون رجل وامرأتان، وليس بواجب أن تنفذ شهادتها»(2). وإبراهيم بن محمد الهمداني لم تثبت وثاقته، وإن كان وكيلاً للناحية.

ويمكن الجمع بين هذه الروايات بوجوه، إلا أنّ شيئاً منها لا يستوعب كلّ الروايات:

منها _ جعل الرواية الأخيرة _ بعد فرض تصحيحها سنداً لكون إبراهيم بن محمد الهمداني وكيلاً للناحية مثلاً _ شاهد جمع بين الطائفتين الأُوليين بتقييد ما دلّ على عدم نفوذ الشهادة بما إذا لم يكن معهنّ رجل وما دلّ على النفوذ بما إذا كان معهنّ رجل.


(1) الفقيه، ج3، ح101 و102.

(2) وسائل الشيعة، ج18، ص265، الباب 24 من الشهادات، ح34، وج13، ص397، الباب 22 من أحكام الوصايا، ح8.

505

وهذا الجمع _ لو تمّ سند رواية إبراهيم بن محمد الهمداني _ لا يستوعب كلّ الروايات؛ لأنّ في الروايات الدالّة على النفوذ ما هو وارد في المرأة وحدها، وهي الرواية الأُولى والثانية منها.

ومنها _ أنّه بعد إسقاط رواية إبراهيم بن محمد الهمداني بضعف السند تبقى الطائفتان الأُوليان، ونقيّد الأُولى بالثانية؛ لأنّ الأُولى مطلقة، والثانية خاصّة بالوصيّة في المال، فإنّها بين ما ذكر في السؤال فيها فرضُ المال كما في الرواية الأخيرة، وبين ما يحمل على المال بقرينة ما ذكره الإمام (عليه السلام) من التنفيذ في الرابع كما في باقي الروايات، فتختصّ الطائفة الأُولى الدالّة على عدم النفوذ بالوصيّة في غير المال.

وهذا الجمع أيضاً لا يستوعب كلّ الروايات؛ لأنّ في الروايات الدالّة على عدم النفوذ ما هو وارد في الوصيّة في المال كرواية ابن بزيع، بل لعلّ هذا الجمع غير عرفي بلحاظ جميع روايات عدم النفوذ؛ لأنّ تخصيصها بوصيّة راجعة إلى غير المال كالوصيّة بالدفن في مكان معيّن مثلاً _ لو قيل بنفوذها _ تخصيص بفرد نادر، والوصيّة بالولاية لا تتصور في المرأة؛ إذ لا ولاية لها.

ومنها _ أن نحمل الطائفة الأُولى الدالة على عدم النفوذ على معنى عدم نفوذ شهادة المرأة بقدر نفوذ شهادة الرجل بقرينة روايات النفوذ التي دلّت على نفوذ شهادة المرأة بمقدار نصف شهادة الرجل.

وهذا الجمع أيضاً لا يستوعب رواية ابن بزيع التي فرضت أنّ الميّت امرأة ماتت ضمن نساء. وحملها على خصوص فرض كون النساء أقلّ من أربعة وإرادة عدم النفوذ في كلّ الوصيّة _ لأنّ المرأة نصف الرجل _ غير عرفي، بل إنّ هذا الحمل لا يتمّ حتى في الروايات السابقة على رواية ابن بزيع الدالّة على حصر قبول شهادة النساء في العذرة والمنفوس، بناءً على أنّ قبول شهادة النساء في العذرة والمنفوس لا يعني

506

كون شهادة المرأة فيها كشهادة الرجل، إنّما يعني قبول شهادتها فيها بمعنى أن تكون شهادتها نصف شهادة الرجل؛ إذاً فنفي قبول شهادتها في تلك الروايات في الوصيّة يعني نفي قبول شهادتها حتى بمقدار نصف شهادة الرجل.

وإذا استحكم التعارض بين الروايات وصلت النوبة إلى حمل الطائفة الأُولى والثالثة على التقيّة؛ لأنّ العامّة بين من يفتي بعدم نفوذ شهادة النساء في الوصيّة مطلقاً ومن يفصّل بين ما إذا كان معهنّ رجل وما إذا لم يكن. فالطائفة الثانية هي المخالفة للعامّة، وهي الدالّة على النفوذ. فنفتي بنفوذ شهادة النساء في الوصيّة في خصوص المال؛ لأنّ روايات النفوذ واردة في المال.

شهادة النساء في الدين

المورد السابع _ شهادة النساء في الدَين:

فقد دلّت الآية الكريمة وبعض الروايات على نفوذ شهادة رجل وامرأتين في الدَين، قال اللّه تعالى في آية الدَين: ﴿وَاِسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَاِمْرَأَتٰانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدٰاهُمٰا فَتُذَكِّرَ إِحْدٰاهُمَا الْأُخْرىٰ وَلاٰ يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا...﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكْتُموُا الشَهَادَةَ وَمَنْ يَكتُمْهَا فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُه﴾(3).

وقد مضى حديث الحلبي التامّ سنداً: «تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين؟ قال: نعم»، ومضى أيضاً حديث داود بن الحصين: «قلت: فأنّى ذَكَرَ اللّهُ تعالى قولَه: ﴿فَرَجُلٌ وَاِمْرَأَتٰانِ﴾؟ فقال: ذلك في الدين...».

بل قد ورد أيضاً ما دلّ على نفوذ شهادة النساء في الدين بلا رجل، وهو ما عن


(1) البقرة: 282 _ 283.

507

الحلبي _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه(عليه السلام) قال: «إنّ رسول اللّه أجاز شهادة النساء في الدَين وليس معهنّ رجل»(1). وقد فهم السيد الخوئي من هذا الحديث الإطلاق لفرض شهادتهنّ بلا يمين المّدعي وشهادتهنّ مع يمينه، ولو تمّ هذا الفهم كان الحديث معارضاً للآية الكريمة التي قيّدت قبول شهادة النّساء بوجود رجل معهنّ، إلا أنّ السيد الخوئي قيّد حديث الحلبي بحديث آخر للحلبي تام السند أيضاً عن أبي عبداللّه (عليه السلام): «أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدَين يحلف باللّه إنّ حقّه لحقّ»(2).

والظاهر أنّهما رواية واحدة، فهما معاً واردان عن ابن أبي عُمير عن حمّاد عن الحلبي عن الصادق (عليه السلام) عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله). والمتن واحد باستثناء ذكر قيد اليمين في أحدهما دون الآخر، ولا يخفى أنّ عدم ذكر قيد اليمين لا يشكّل إطلاقاً للحديث، فإنّ الحديث قضيّة في واقعة، فقولُه: «إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) أجاز شهادة النساء في الدين وليس معهنّ رجل» نقلٌ لواقعة وقعت، ولا يدل على أنّه لم يضمّ في تلك الواقعة يمين المدّعي إلى شهادة النساء حتى يقيّد أحد النقلين بالنقل الآخر. نعم، لابدّ _ على أيّ حال _ من تكميل أحد النقلين بالنقل الآخر لمعرفة تمام المقصود.

شهادة النساء في الرضاع

المورد الثامن _ الرضاع:

وإنّما يعتبر هذا مورداً مستقلاً بناءً على عدم إدراج ذلك في ما لا يجوز للرجال النظر إليه بنكتة إمكانية النظر من قبل المحارم، وإلا فهو مشمول لمطلقات نفوذ


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص262، الباب 24 من الشهادات، ح20، وص267، ح43.

(2) نفس المصدر، ص198، الباب 15 من كيفية الحكم، ح3.

508

شهادة النساء فيما لا يجوز للرجال النظر اليه.

وعلى أيّ حال فقد ورد ما يمكن أن يستدلّ به على نفوذ شهادة النساء في الرضاع، وهو ما عن ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبداللّه (عليه السلام) في امرأة أرضعت غلاماً وجارية «يعلم ذلك غيرها؟ قال: لا. قال: فقال: لا تُصدَّق إن لم يكن غيرها»(1)؛إذ يمكن القول: إنّها تدل بمفهومها على أنّها تُصدَّق إن كان معها غيرها، إلا أنّ الرواية ساقطة سنداً.

فالصحيح: أنّنا إن لم ندخل الرضاع تحت عنوان ما لا يجوز للرجال النظر إليه، فلا دليل على نفوذ شهادة النساء فيه.

كما أنّنا لو أدخلنا الرضاع تحت ذاك العنوان فلا دليل على استثنائه من إطلاقات نفوذ شهادة النساء فيما لا يجوز للرجال النظر إليه.

نعم، ورد في شهادة المرأة الواحدة على الرضاع ما دلّ على عدم نفوذها، وهذا _ كما ترى _ لا يدل على عدم نفوذ شهادة النساء في الرضاع، وذلك من قبيل نفس الرواية الماضية _ أي مرسلة ابن بكير _ ومن قبيل رواية صالح بن عبداللّه الخثعمي: «كتبت إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) أسأله عن أُمّ ولد لي ذكرت أنّها أرضعت لي جارية، قال: «لا تقبَلْ قولَها ولا تُصدِّقْها»(2). وسند الحديث غير تام، فإنّ صالح بن عبداللّه الخثعمي لم تثبت وثاقته.

نعم، وردت رواية ابن أبي عُمير عن صالح بن عبداللّه، ولكن لم نعلم كونه هو، ونفس الحديث ورد بسند غير تام _ أيضاً _ بعنوان «سألت أبا الحسن» بما يقاربه في


(1) وسائل الشيعة، ج14، ص304، الباب 12 ممّا يحرم بالرضاع، ح3.

(2) نفس المصدر، ح4.

509

المضمون(1). وعدم تماميّة السند يكون بصالح بن عبداللّه الخثعمي _ أيضاً _ وبغيره.

وعن الحلبي _ بسند تام _ عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن امرأة تزعم أنّها أرضعت المرأة والغلام ثم تنكر بعد ذلك فقال: تصدَّق إذا أنكرت ذلك. قلت فإنّها قالت، وادّعت بعدُ: بأنّي قد أرضعتها قال: لا تصدَّق ولا تنعم»(2). وعدم قبول شهادتها في مورد هذا الحديث طبيعي حتى بناءً على دخول الرضاع في عنوان ما لا يجوز للرجال النظر إليه:

أوّلاً _ لأنّها تناقضت في كلام، فقد يسقطها ذلك عن العدالة.

وثانياً _ لأنّها امرأة واحدة.

وقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه أنّ روايات باب الرضاع لا تفيدنا شيئاً لا نفياً ولا إثباتاً، فالميزان إنّما هو دخوله تحت عنوان ما لا يجوز للرجال النظر إليه أو عدم دخوله تحت هذا العنوان.

التعدّي في الحكم إلى الرجل في بعض الفروع

وفي ختام البحث عن الموارد الخاصّة التي عرفت ورود روايات خاصّة بشأن شهادة النساء فيها لا بأس بالإشارة إلى أنّه قد ورد في ثلاثة موارد من هذه الموارد الخاصّة ما دلّ على التبعيض في المشهود به بنسبة قيمة شهادة المرأة، فبشهادة امرأة واحدة يثبت الربع مثلاً، وتلك الموارد هي: مورد القتل، ومورد الإرث في استهلال الطفل، ومورد الوصيّة في المال.

ويقع الكلام في أنّه هل يمكن التعدّي من المرأة إلى الرجل بأن يثبت النصف


(1) نفس المصدر، ص304، ح2.

(2) وسائل الشيعة، ص303، ح1.

510

بشهادة رجل واحد أو الربع على الأقل؛ بدعوى: أنّ عدم احتمال كون شهادة الرجل أضعف من شهادة المرأة يجعل العرف يتعدّى من المرأة إلى الرجل، أو لا يمكن التعدّي؟

بالإمكان أن يقال في مورد الاستهلال: إنّ أكثر روايات الباب إنّما دلّت على نفوذ شهادة القابلة، ولم تدل على نفوذ شهادة المرأة بشكل مطلق؛ كي يقال بتعدّي العرف إلى شهادة الرجل، ومن المحتمل فرض خصوصيّة للقابلة التي شغلها وعملها الإشراف على وضع الولادة والولد.

ومثل قوله _ في ما مضى عن محمد بن مسلم _: «سألته تجوز شهادة النساء وحدهنّ؟ قال: نعم، في العذرة والنفساء» وإن كان يشمل غير القابلة، لكنّه لم يدل على نفوذ شهادة امرأة واحدة في الربع، وإنّما دلّ على أصل نفوذ شهادة النساء وحدهنّ. أمّا الروايات الدالّة على نفوذ شهادة امرأة واحدة، فهي تختصّ غالباً بالقابلة، وهي كما يلي:

1_ ما مضى من حديث عمر بن يزيد التامّ سنداً قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن رجل مات، وترك امرأته وهي حامل، فوضعت بعد موته غلاماً، ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض، فشهدت المرأة التي قبّلتها أنّه استهلّ وصاح حين وقع إلى الأرض، ثم مات، قال: على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام». وفي رواية أُخرى: «إن كانت امرأتين يجوز شهادتهما في نصف الميراث، وإن كنّ ثلاث نسوة جازت شهادتهن في ثلاثة أرباع الميراث، وإن كنّ أربعاً جازت شهادتهنّ في الميراث كلّه. وذيل الحديث ساقط سنداً، ولو تمّ كان المحتمل فيه فرض تعدّد القابلة.

2_ ما مضى من حديث عبداللّه بن سنان التامّ سنداً: «... وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس»، وإن قيل: إنّ المفهوم من إطلاق هذا الحديث هو نفوذ شهادة

511

القابلة في كلّ الميراث، قيّد بما دلّ على أنّ نفوذها يكون بقدر الربع.

3_ ما عن سماعة _ بسند تام _ قال: «قال: القابلة تجوز شهادتها في الولد على قدر شهادة امرأة واحدة»(1).

4_ ما عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «شهادة القابلة جائزة على أنّه استهلّ، أو برز ميّتاً إذا سئل عنها، فعدّلت»(2).

5_ ما عن عبداللّه بن سنان _ بسند تام _ قال: «سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول: تجوز شهادة القابلة في المولود إذا استهلّ وصاح في الميراث، ويُورَّث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة. قلت: فإن كانت امرأتين؟ قال: تجوز شهادتهما في النصف من الميراث»(3). ويحتمل كون المقصود من قوله: «فإن كانت امرأتين» فرض قابلتين.

6_ ما عن عبداللّه بن علي الحلبي _ بسند تام _ أنّه سأل أبا عبداللّه (عليه السلام) عن شهادة القابلة في الولادة؟ قال: «تجوز شهادة الواحدة وشهادة النساء في المنفوس والعذرة»(4). والظاهر أنّ هذا الحديث في واقعه جزء من حديث الحلبي الذي مضى ذكره في أحاديث شهادة النساء في النكاح. وعلى أيّ حال فقد يقال: إنّ قوله: «تجوز شهادة الواحدة» يدل بالإطلاق على نفوذ شهادة الواحدة في الولادة وإن لم تكن هي القابلة، وكون السؤال عن القابلة لا يضرّ بالإطلاق؛ لأنّ المورد لا يخصِّص الوارد.

ولكنّ الصحيح أنّ المورد لا يمنع عن إطلاق الوارد أو عمومه بعد تماميّة مقتضي


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص263، الباب 24 من الشهادات، ح23.

(2) نفس المصدر، ص266، ح38.

(3) نفس المصدر، ص268، ح45.

(4) نفس المصدر، ح 46.

512

الإطلاق أو العموم، لكن حينما لا يوجد عموم، ولا توجد نكتة عرفيّة تدل على أوسعيّة الوارد من المورد يكون المورد صالحاً للقرينية على عدم الاطلاق، والعدول عن كلمة القابلة إلى كلمة الواحدة ليس قرينةً على أوسعيّة الوارد من المورد؛ لاحتمال كونه بنكتة إرادة التنصيص على نفوذ شاهد واحد. نعم، لو قلنا: إنّ أصل افتراض اختصاص الحكم بالقابلة غير عرفي، فهمنا الإطلاق من كلّ روايات الباب.

7_ ما مضى من مرسلة (تحف العقول): «وأمّا شهادة المرأة وحدها التي جازت فهي القابلة، جازت شهادتها مع الرضا، فإن لم يكن رضا، فلا أقلّ من امرأتين...» وهذه ضعيفة سنداً ودلالةً؛ إذ ربط نفوذ شهادة الواحدة بالرضا يكون أدلّ على عدم النفوذ منه على النفوذ.

8 _ ما مضى عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال: تجوز شهادة امرأتين في استهلال». والسند ضعيف بيزيد بن إسحاق.

وهاتان الروايتان الأخيرتان واضحتان في عدم الاختصاص بالقابلة في فرض كون الشاهد عبارة عن امرأتين. وقد يقول قائل: إنّه لو ورد الحديث في امرأة واحدة، تعدّينا بالأولويّة إلى رجل واحد بقدر الربع، ولكن لوورد الحديث في امرأتين لا نتعدّى إلى رجل واحد لعدم العلم بالأولويّة أو المساواة، وعلى أيّ حالٍ فقد عرفت أنّهما ضعيفتان سنداً.

9_ ما مضى عن محمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام) «... فلذلك لا تجوز شهادتهنّ إلا في موضع ضرورة مثل شهادة القابلة وما لا يجوز للرجال أن ينظروا إليه...».

وقوله: «إلا في موضع ضرورة»، وكذلك قوله: «... وما لا يجوز للرجال أن ينظروا إليه» وإن كانا لا يختصّان بالقابلة فيدلّ الحديث على نفوذ شهادة النساء غير القوابل في الجملة، لكنّ كلامنا فعلاً في خصوصيّة نفوذ شهادة امرأة واحدة، وعدم الحاجة

513

إلى التعدّد في إثبات الربع، ولم يدل شيء في هذا الحديث على ذلك إلا قوله: «مثل شهادة القابلة»، وهذا خاصّ بالقابلة.

لا يقال: إنّ ظهور الكلام في كون علّة نفوذ شهادة القابلة هي الضرورة _ لعدم وجدان الرجال _ يعمِّم الحكم لغير القابلة.

فإنّه يقال: إنّ الضرورة إنّما هي علّة للانتقال إلى القابلة كامرأة، أي علّة للانتقال من الرجال إلى النساء. وأمّا عدم الحاجة إلى التعدّد في إثبات الربع، فهذا لا يعلّل بالضرورة التي تعني عدم وجدان الرجال.

هذا تمام الكلام في النكتة التي أردنا إبرازها لعدم التعدّي إلى الرجال في روايات الاستهلال، وهو اختصاص روايات ثبوت الربع بالقابلة، فصحيح أنّ الاستهلال يثبت بشهادة النساء مطلقاً، ولكنّه مشروط بالتعدُّد وكونهنّ أربع نساء.

أمّا ثبوت الربع أو النصف فلا يكون إلا بالقابلة، ومع احتمال خصوصيّة في القابلة لا يتعدّى إلى الرجال.

وهذه النكتة إن لم تُقبل بدعوى: أنّ العرف لا يفهم اختصاص الحكم بالقابلة _ وإن كانت هي المذكورة في الأحاديث _ وإنّما يفهم منها نفوذ شهادة امرأة واحدة في الربع، لم يبعد القول _ بحسب الفهم العرفي المشوب بالجوّ المتشرّعي _ بالتعدّي من المرأة إلى الرجل بإثبات نصف الإرث بشهادة الرجل الواحد، ولو احتملت تماميّة هذه النكتة كفى في عدم التعدّي.

وأمّا روايات نفوذ شهادة المرأة الواحدة في دية القتل فقد مضت روايتان:

أُولاهما _ تامّة السند، وهي ما عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في غلام شهدت عليه امرأة أنّه دفع غلاماً في بئر فقتله، فأجاز شهادة المرأة بحساب شهادة المرأة».

514

والثانية _ غير تامّة سنداً، وهي ما عن عبداللّه بن الحكم: «سألتُ أبا عبداللّه (عليه السلام) عن امرأة شهدت على رجل أنّه دفع صبيّاً في بئر فمات؟ قال: على الرجل ربع دية الصبي بشهادة المرأة».

ويمكن هنا _ أيضاً _ إبداء نكتة لعدم تعدّي العرف من المرأة إلى الرجل، وهي أنّ الرجل ثبت بحقّه نفوذ شهادته مع يمين ولي الدم المدّعي في تمام الدية، فلا يلزم من عدم نفوذ شهادته في الربع أو النصف _ مثلاً _ كونه أقلّ شأناً من المرأة أو المرأتين، أي أنّ مجرد كون شهادة الرجل الواحد في معرض النفوذ الكامل بالضم إلى يمين المدّعي لعلّه كافٍ في أن لا يرى العرف التعدّي من نفوذ شهادة امرأة واحدة في الربع إلى نفوذ شهادة الرجل الواحد في الربع أو النصف.

ويمكن أن تثار بوجه هذا الكلام عدّة مناقشات:

الأولى _ أنّ نفوذ شاهد واحد مع اليمين لا يشمل المقام؛ لاختصاصه بباب الدَين، لما عن أبي بصير _ بسند تام _ قال: «سألت أبا عبداللّه (عليه السلام) عن الرجل يكون له عند الرجل الحقّ، وله شاهد واحد؟ قال: فقال: كان رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) يقضي بشاهد واحد ويمين صاحب الحقّ، وذلك في الدين»(1).

وقد اعترف السيد الخوئي بظهور الحديث في اختصاص الحكم بباب الدين، إلا أنّه ذكر: أنّنا نرفع اليد عن هذا الظهور، ونحمله على مجرّد حكاية أنّ فعل رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) كان في الدَين. أمّا الحكم فهو يشمل مطلق الحقوق، وذلك بدليل ما عن محمد بن مسلم _ بسند تام _ عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس. فأمّا ما كان من حقوق اللّه (عزوجل)


(1) وسائل الشيعة، ج18، ص193، الباب 14 من كيفيّة الحكم، ح5.

515

أو رؤية الهلال، فلا»(1). وقد اعتبر السيد الخوئي هذا الحديث صريحاً في الإطلاق، وسيأتي منّا _ في محلّه _ أنّ هذا ليس عدا إطلاق قابل للتقييد.

والصحيح ما نسب إلى المشهور من أنّ هذا الحكم ليس ثابتاً في مطلق الحقوق، ولا هو خاصّ بباب الدين؛ كي لا يشمل ما نحن فيه، بل هو ثابت في مطلق الحقوق الماليّة.

وقد أورد السيد الخوئي على هذا الرأي بأنّ الروايات بين مخصِّص للحكم بباب الدَين ومعمِّم للحكم لمطلق الحقوق، ففرض تخصيصه بالحقوق الماليّة لا وجه له.

وهذا الكلام في غير محله؛ لما مضى من الحديث الوارد في قصّة درع طلحة(2) المشتملة على اعتراض أمير المؤمنين (عليه السلام) على شريح بنفوذ شاهد واحد مع اليمين، مع أنّ المورد ليس مورد الدين وإنّما هو مورد مالي، فلو أنّ أحداً ناقش في الرواية الدالّة على نفوذ شاهد ويمين في مطلق الحقوق _ إما من حيث السند، أو بدعوى كون إطلاقه مقيَّداً بمقيِّد _ لم يتحتَّم عليه تخصيص الحكم بباب الدين، بل بإمكانه تعميم الحكم لمطلق الحقوق المالية بقرينة رواية درع طلحة.

بل قد يدّعى: أنّ العرف يتعدّى من تمام روايات نفوذ الشاهد الواحد مع اليمين في الدين(3) إلى مطلق الحقّ المالي، لعدم احتماله لخصوصيّة في الدين من بين الحقوق الماليّة.

الثانية _ ما يختصّ بالقتل العمدي، وهو أنّ نفوذ شاهد واحد مع اليمين خاصّ بالحقوق الماليّة. وهذا لا يشمل فرض القتل إذا كان عمديّاً؛ لأنّ الثابت فيه إنّما هو


(1) نفس المصدر، ص195، ح12.

(2) نفس المصدر، ص194، ح6.

(3) نفس المصدر، ح1 و3 و10 و11.

516

القصاص، لا الدية، وما دلّ على نفوذ شهادة امرأة واحدة في ربع الدية حكم تعبّدي، فإن تعدّينا منه إلى الرجل ثبت ربع الدية أو نصفها بشهادة رجل واحد، وإلا لم تنفذ شهادته مع يمين المدّعي؛ لعدم كون الحق ماليّاً، بل حتى لو قلنا بكون نفوذ شاهد واحد مع اليمين يشمل غير الحقوق الماليّة لا إشكال في أنّه لا يشمل القصاص في القتل العمدي؛ لأنّ ثبوت ذلك له نظامه الخاص يأتي بيانه في المستقبل إن شاء اللّه.

ويمكن الجواب على ذلك بأن يقال: إنّنا نستفيد ممّا دلّ على نفوذ شهادة النساء في القتل لإثبات الدِّيَة دون القَوَد _ ولو كان القتل عمديّاً _ أنّ الدِّيَة ثابتة في القصاص العمدي كحقّ مالي _ ولو في طول عدم إمكانيّة القصاص _ وذلك بقرينة أنّ المفهوم عرفاً من دليل نفوذ شهادة النساء هو نفوذ الشهادة كطريق إلى الآثار الثابتة للمشهود به قبل الشهادة، لا كموضوع لحكم جديد. وهذا يعني أنّ الدية ثابتة بذاتها في القتل العمدي _ ولو عند عجز تكويني أو شرعي عن القصاص _ فلو مات القاتل قبل القصاص مثلاً، كان من حق ولي الدم أخذ الدية من التركة، ولو شهدت النساء بالقتل _ وشهادة النساء لا تثبت القَوَد شرعاً _ طالب ولي الدم بالدِّيَة.

إذاً فشهادة رجل واحد مع اليمين _ بعد أن لا دليل على ثبوت القصاص بذلك _ تكفي لثبوت الدية؛ لأنّها حقّ مالي يشمله إطلاق دليل ثبوت المال بذلك.

الثالثة _ أنّنا لو لم نتعدَّ من شهادة المرأة إلى الرجل بدعوى أنّ شهادة الرجل تنفذ مع يمين المدّعي في تمام الدِّيَة، لزم أن لا نفتي في شهادة امرأتين أيضاً بنفوذها في النصف، لأنّها تنفذ بضمِّها إلى يمين المدّعي في تمام الدِّيَة.

والجواب: أنّنا لو قلنا بنفوذ شهادة امرأتين مع يمين المدّعي في المقام أمكن الالتزام