52

أسود ولم يقصد به الزينة، فلايحرم إلّا إذا اعتبر زينة في العرف العام.

وإذا ارتكب المُحرم هذا المحرّم عامداً عالماً اعتبر آثماً، ولاكفّارة عليه.

 

7 ـ إخراج الدم من البدن

63 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ إخراج الدم من بدنه وإن كان ذلك بحكّ، وأمّا إذا خرج الدم نتيجة استعمال السواك فلابأس بذلك ولو كان المستعمل يعلم سابقاً بالأمر، ويجوز إخراج الدم في حالات الضرورة أو دفع الأذى، كما يجوز للمحرم قلع الضرس بنحو لايخرج به الدم.

وإذا ارتكب المحرم هذا الحرام عالماً عامداً اعتبر آثماً، ولاكفّارة عليه.

 

8 ـ الفسوق

64 ـ الفسوق: هو الكذب والسبّ، وهما محرّمان على كلّ مكلّف، غير أنّهما محرّمان بوجه خاصّ أكيد على المحرم رجلاً كان أم امرأة. ومن ألوان السبّ المفاخرة التي تشتمل على الحطّ من الطرف المقابل وانتقاص قدره.

53

9 ـ الجدال

65 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ أن يستعمل الحلف في مقام الخصومة والمخالفة، فيقول ـ مثلاً ـ: «لا والله» و«بلى والله» أو أيّ عبارة مؤدّية لنفس المعنى سواء كان صادقاً أو كاذباً. ويسمّى ذلك (جدالاً)، وأمّا الخصومة والمقابلة بالكلام من دون حلف بالله تعالى، فليس جدالاً شرعاً وإن كان الأحوط الأولى اجتنابه.

وإذا توقّف استنقاذ الحقّ على الجدال واليمين جاز.

وفي حالة حرمة الجدال إذا جادل المحرم فإن كان كاذباً في قوله فعليه كفّارة شاة للمرّة الاُولى، وشاتين للمرّة الثانية، وبقرة للمرّة الثالثة، وإذا كان صادقاً فلاكفّارة عليه مالم يتكرّر حلفه ثلاث مرّات، غير أنّه يستغفر ربّه، فإن تكرّر ثلاث مرّات كانت عليه كفّارة شاة.

والأحوط إلحاق السبّ وما فوقه كالضرب بالجدال في الكفّارة بشاة ولو في المرّة الاُولى.

 

10 ـ قتل هوامّ الجسد

66 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ قتل القمّل، وكذلك لايجوز على الأحوط قتل البقّ والبرغوث في حالة عدم الضرر.

وأمّا مع الضرر فإنّما يجوز قتله لو كان تحمّله حرجيّاً، أمّا الضرر المتعارف في مثل البقّ والبرغوث فلايجوّز القتل، ولو أمكن

54

رفع الحرج بمثل إلقائه عن البدن لاتصل النوبة إلى جواز قتله.

ويجوز للمحرم إلقاء القمّل أو غيره عن جسده حتّى من دون حرج، وكذلك نقله من مكان إلى آخر.

والأحوط استحباباً في قتل القمّل أو طرحه التكفير بالتصدّق بكفّ من الطعام.

 

11 ـ الدهن

67 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ التدهين سواء كان الدهن ذا رائحة طيّبة أم لا، ما لم تقع حالة ضرورة كالعلاج مثلاً، وكذلك يحرم على الأحوط مسّ الدهن. نعم، لابأس بمسّ الطعام الدهين، وإذا كان الدهن طيّباً فيحرم على الإنسان التدهين به قبل الإحرام ـ أيضاً ـ في الفترة التي يستمرّ فيها أثر الطيب إلى ما بعد الإحرام.

وإذا دهّن المحرم شيئاً من جسده عالماً عامداً فعليه كفّارة شاة على الأحوط استحباباً.

 

12 ـ إزالة الشعر عن البدن

68 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ أن يزيل الشعر عن بدنه، وكذلك عن بدن غيره سواء كان الغير محرماً أم محلاًّ، ويسمح

55

بذلك في حالات الضرورة أو التأ لّم من وجود الشعر. وإذاتساقطت شعرات عفواً بسبب حكّ الإنسان لجسده دون أن يكون الإنسان قاصداً لذلك، فالأحوط التصدّق بمثل كفّ من طعام. ولاشيء على إزالة الشعر جهلاً أو نسياناً.

أمّا في حالات العلم والعمد فإذا حلق المحرم رأسه عالماً عامداً فإن كان من دون ضرورة فكفّارته شاة، وإن كان لضرورة وعذر أمكنه أن يكفّر بشاة أو بصوم ثلاثة أيّام أو بإطعام ستّة مساكين لكلّ واحد مدّان من الطعام، أي: نحو كيلو ونصف.

وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه أو أحدهما فكفّارته شاة، وإذا نتف المحرم شيئاً من شعره فعليه أن يطعم مسكيناً بكفّ من طعام. وإذا أزال شعر غيره فلاكفّارة عليه.

 

13 ـ تقليم الأظفار

69 ـ لايجوز للمحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ تقليم ظفره ولو بعضه، إلّا في الحالات التي ينشأ من بقائه الضرر أو الأذى، ولاشيء على المخالف في حالة الجهل أو النسيان، وأمّا في حالة العلم والعمد فكفّارة تقليم كلّ ظفر مدّ من الطعام، فإذا قلّم أظفار اليدين العشرة في مجلس واحد كان عليه التكفير بشاة، وكذلك إذا قلّم أظفار رجليه العشرة في مجلس واحد، أو جمع بين أظفار اليدين والرجلين العشرين في مجلس واحد.

56

وأمّا إذا قلّم أظفار يديه في مجلس وأظفار رجليه في مجلس آخر، فعليه التكفير بشاتين.

 

14 ـ الارتماس

70 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ الارتماس في الماء: وهو إدخال الرأس بكامله في الماء، والأحوط وجوباً إلحاق غير الماء من المائعات به. ولاكفّارة على المخالفة.

 

15 ـ حمل السلاح

71 ـ لايجوز للمحرم حمل السلاح كالسيف والبندقيّة ونحوها، ويلحق بها في التحريم على الأحوط آلات القتال الوقائيّة كالدرع مثلاً، ولابأس بوجود السلاح في حيازة المحرم وأمتعته، كما لابأس بحمله عند الضرورة.

وكفّارة حمل السلاح إذا ارتكبه المحرم عالماً عامداً من دون ضرورة شاة على الأحوط.

 

16 ـ قلع شجر الحرم ونبته

72 ـ يحرم على المحرم ـ رجلاً كان أم امرأة ـ بل على كلّ مكلّف ولو لم يكن محرماً أن يقلع أو يقطع أيّ شيء نبت في الحرم

57

من شجر وغيره، ولابأس بما ينقطع عند المشي المترسّل. وهناك استثناءات لهذا التحريم:

منها: استثناء النخل وشجر الفاكهة.

ومنها: استثناء ما غرسه الشخص نفسه أو نما في داره أو في ملكه.

وكفّارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة يتصدّق بها. ولاكفّارة في قلع الأعشاب.

 

القسم الثاني: مايحرم على المحرم الرجل خاصّة:

ويشتمل هذا القسم على اُمور:

 

1 ـ لبس الثياب الاعتياديّة

73 ـ يحرم على المحرم الرجل أن يلبس الملابس الاعتياديّة التالية:

أوّلاً: الملابس والثياب التي تُسلك في العنق، وكلّ ثوب يُسلك في العنق يسمّى (قميصاً).

ثانياً: الملابس والثياب التي لها يدان أو فتحتان على نحو يتيح للاّبس أن يُدخل يديه فيهما، وكلّ ثوب من هذا القبيل يسمّى (الدرع) وهو محرّم ولو لم يُسلك في العنق كالعباءة. وليست الحرمة هنامرتبطة بإدخال اليدين فعلاً في يدي العباءة ونحوها، فلو لبس العباءة بصورتها الاعتياديّة دون أن يدخل يديه في يديها، كان حراماً أيضاً.

58

ثالثاً: السروال: وهو ما تستر به العورة من الملابس الاعتياديّة.

رابعاً: الثوب الذي فيه أزرار وتعقد بعضها ببعض، ويسمّى بــ (الثوب المزرّر)، وهو حرام حتّى ولو لم يسلك في العنق ولم تكن له يدان، كما إذا لبس ممّا دون إبطيه ثوباً مزرّراً. وليست الحرمة قائمة بوجود الأزرار، بل باستعمال تلك الأزرار بعقد بعضها بالبعض الآخر.

وهذه الأقسام الأربعة من الثياب محرّمة سواء صنعها بهذه الأنحاء عن طريق الخياطة أو عن طريق آخر، فما ينسج من الثياب على نحو يُسلك في العنق أو له يدان حرام أيضاً، وكذلك ما يعوّض فيه عن الأزرار بمادّة لاصقة مثلاً.

وأمّا استعمال المحرم للمخيط على غير هذه الأنحاء الأربعة فهو جائز، من قبيل أن يغطّي جسده باللّحاف المشتمل على الخياطة؛ لأ نّ هذا ليس تقمّصاً للّحاف وادّراعاً له، ومن قبيل الحزام أو الهميان الذي توضع فيه النقود، ورباط الفتق الذي يستعمل لحفظ الاُنثيين من النزول وغير ذلك.

والأحوط وجوباً ترك شدّ العمامة ونحوها على الصدر(1)،



(1) ولا كفّارة فيه؛ لأنّ دليل الكفّارة ورد بعنوان لبس الثياب المحرّمة، وهذا العنوان لا يشمل شدّ الصدر بمثل العمامة، راجع الوسائل، باب 8 و 9 من بقيّة الكفّارات.

59

وكذلك يترك عقد الإزار على العنق، والأحوط وجوباً ترك مطلق عقد الإزار والرداء.

وإذا لبس المحرم عالماً عامداً شيئاً ممّا حرم لبسه عليه، فكفّارته شاة.

والأحوط لزوم الكفّارة عليه ولو كان لبسه للاضطرار وإن لم يعتبر آثماً باللّبس في حالة الاضطرار. ولاشيء على الجاهل والناسي.

 

2 ـ لبس الخفّ والجورب

74 ـ يحرم على الرجل المحرم لبس الخفّ ـ وهو حذاء يستر ظهر القدم ـ والجورب ولبس كلّ ما يستر تمام ظهر القدم. وأمّا سترتمام ظهر القدم من دون لبس كأن يضع عليه منديلاً ـ مثلاً ـ أو غطاءاً، فلابأس بذلك.

وإذا لبس شيئاً من ذلك جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، وإذا لبسه عالماً عامداً كفّر بشاة.

 

3 ـ ستر الرأس

75 ـ لايجوز للرجل المحرم ستر رأسه كلّه أو بعضه، ولاستر الاُذنين مهما كان نوع الساتر اعتياديّاً كالمنديل مثلاً، أو غير اعتياديّ كالطين، بل الأحوط عدم ستر الرأس بحمل شيء عليه أيضاً، وعدم الستر في وقت النوم أيضاً.

60

ويجوز الستر في حالة الضرورة والصداع ونحو ذلك.

ولاتجب الكفّارة على المرتكب إذا كان ناسياً أو جاهلاً أو معذوراً للاضطرار، أمّا في غير ذلك فالمشهور وجوب التكفير بشاة، وهو الأحوط الأولى، ولايبعد كفاية التصدّق بإطعام مسكين، بل وحتّى هذا غير واجب، وإنّما ورد في تغطية الوجه إطعام مسكين في يده ـ الوسائل، الباب 55، من تروك الإحرام، الحديث 4 ـ وهو محمول على الاستحباب؛ لعدم حرمة تغطية الوجه على الرجل المحرم. وصاحب الوسائل قد أنهى هذا الحديث في هذا الباب إلى أبي عبدالله(عليه السلام) في حين أنّه لم ينهه الشيخ في التهذيب إلى أبي عبدالله.

 

4 ـ التظليل

76 ـ المحرم تارة يكون في حالة حركة، واُخرى يكون متوقّفاً كما في حال القعود والنوم ونحوهما، فإن كان متوقّفاً جاز له أن يستظلّ بسقف وغيره، وأمّا إذا كان في حالة حركة ماشياً أو راكباً فقد يوجد فوق رأسه سقف ثابت أو ما يشبه السقف الثابت، ففي هذه الحالة يجوز له الاستظلال به والمشي تحته كالسائر في سوق مسقّف.

وقد يوجد فوق رأسه ما يتحرّك بتحرّكه كسقف السيّارة والطائرة في حالة حركتهما؛ فإنّ السقف والراكب يتحرّكان معاً،

61

وكذلك المظلّة التي يحملها الإنسان ويستظلّ بها حال سيره. وهذا هو التظليل الحرام على المحرم الرجل، فلايجوز له التظليل حال مسيره بما ينتقل بانتقاله ويكون فوق رأسه، سواء كان الانتقال اُفقيّاً كما في راكب السيّارة، أو عموديّاً كالواقف في المصعد الكهربائيّ وهو يصعد أو ينزل على أن لايكون المصعد تحت سقف ثابت يمنعه عن أيّ تأثير من شمس أو مطر أو حرّ أو برد أو نحو ذلك. ويجوز التظليل بما يكون على أحد جانبيه بمثل جدار السيّارة التي يكشف منها الجزء الواقع فوق رأس الإنسان، أمّا أخذ المظلّة بطرف الشمس الواقعة على أحد الجوانب، فالأحوط وجوباً تركه.

ويجوز للمحرم أن يستتر من الشمس بيديه.

ويرخّص للرجل المحرم بالتظليل للضرورة والخوف على صحّته من حرّ أو برد، أو الخوف على سيّارته من الضياع إذا كان قد اصطحب سيّارته ويخشى عليها لو تركها إلى سيّارة مكشوفة.

وإذا ظلّل جاهلاً أو ناسياً فلاشيء عليه.

وإذا ظلّل عالماً عامداً كان عليه التكفير بشاة عن كلّ إحرام ظلّل في أثنائه، سواء كان تظليله لضرورة أو من دون ضرورة. ولو ظلّل في إحرام واحد مرّات عديدة فلا يتكرّر التكفير، إلّا إذا كفّر ثُمّ ظلّل مرّة اُخرى.

62

القسم الثالث: ما يحرم على المرأة خاصّة:

77 ـ يحرم على المرأة المحرمة ستر وجهها كلّه أو بعضه ببرقع أو نقاب أو غيرهما، ويرخّص لها في تغطية وجهها حال النوم، وكذلك في ستر بعض وجهها عند الصلاة مقدّمة لستر الرأس، كما يجوز لها أن تتحجّب عن الأجنبي: بأن تُنزِل ما على رأسها من الخمار أو نحوه من ملابسها إلى ما يحاذي أنفها أو ذقنها وإن مسّ ذلك وجهها مباشرة.

ويقال: إنّ كفّارة ستر الوجه شاة إذا ارتكبت المرأة ذلك عالمة عامدةً، وهو الأحوط الأولى.

ويحرم على المرأة ـ أيضاً ـ لبس القفّازين(1)، وكذلك يحرم عليها لبس الحرير الخالص.

 

آداب دخول الحرم ومكّة والمسجد الحرام

78 ـبعد أن يُكمل الحاجّ إحرامه لعمرة التمتّع يتّجه نحو مكّة، فيدخل منطقة الحرم أوّلاً، ثُمّ مكّة المكرّمة، ثُمّ المسجد الحرام.

 



(1) بدليل صحيحة عيص بن القاسم في الكافي، ج 4 بحسب طبعة الآخونديّ، باب ما يجوز للمحرمة أن تلبسه من الثياب والحليّ وما يكره لها من ذلك، ح 1، ص 344. ويحتمل أن يكون المقصود بالقفّاز مطلق ما يُلبس في الكفّ والمسمّى باللغة الدارجة بــ (الچفوف).

63

عند دخول الحرم

فإذا وصل إلى الحرم استحبّ له أن يغتسل، وقال الصدوق(رحمه الله)في الفقيه: «قل عند دخول الحرم: اللَّهُمَّ، إنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ المُنْزَلِ وَقَوْلُكَ الحَقّ: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِر يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجّ عَمِيق﴾ اللَّهُمَّ، وإنّي أرجُو أن أكون مِمّن أجابَ دَعْوَتك، قد جِئتُ من شُقّة بعيدة وفَجٍّ عميق سامعاً لِندائِكَ ومُستَجِيباً لَكَ مُطيعاً لأمرِكَ، وكُلُّ ذَلكَ بِفَضلِكَ عَلَيِّ وإحسانِك إليّ، فَلك الحمدُ على ما وفّقَتني له، أبتغي بذلك الزّلفةَ عندك والقربةَ إليك والمَنزِلةَ لديك والمَغْفِرةَ لذنوبي والتّوبةَ عَليّ منها بِمنّك. اللّهمّ، صلِّ على محمّد وآل محمّد، وحرّمْ بَدَني على النّار، وآمنّي من عَذابِكَ وعِقابِكَ بِرَحْمَتك يا أرحَمَ الرّاحِمين».

 

عند دخول مكّة والمسجد

ويُستحبّ الغُسل قبل دخول مكّة تمهيداً لدخولها، وأن يدخلها الحاجّ بسكينة ووقار وتواضع حتّى يصل إلى المسجد الحرام. ومن المأثور أن يقف على باب المسجد ويقول: «بِسمِ اللّهِ وباللّهِ، ومِن اللّهِ وإلى اللّهِ، ومَا شاءَ اللّهُ، وعلى ملّةِ رسولِ اللّه(صلى الله عليه وآله)، وخيرُ الأسماءِ للّهِ، والحمدُ للّهِ، والسّلامُ على رسولِ اللّه، السّلام على محمّد بن عبداللّه، السّلامُ عليك أيّها النّبيُّ ورَحمةُ اللّهِ وبركاتُه،

64

السّلامُ عَلى أنبياءِ اللّه ورُسُلِه، السّلامُ على إبراهيمَ خَليلِ الرّحمنِ، السّلامُ على المُرسَلين، والحمدُ للّهِ رَبِّ العالمين، السّلامُ عَلينا وعَلى عبادِ اللّهِ الصّالحين. اللّهمّ، صَلّ على محمّد وآلِ محمّد، وبارِكْ على محمّد وآلِ محمّد، وارحَمْ محمّداً وآلَ محمّد، كما صَلّيتَ وبَاركتَ وتَرحّمتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنّك حميدٌ مجيدٌ. اللّهمّ، صلّ على محمّد عبدِكَ ورسولِكَ، وعلى إبراهيمَ خليلِكَ، وعلى أنبيائِكَ ورُسُلِكَ، وسَلّم عَلَيهِم، وسَلامٌ عَلى المُرسَلِين، والحمدُ للّهِ ربِّ العالمين. اللّهمّ، افتَحْ لي أبوابَ رَحْمَتِك، واستعمِلْني في طاعَتِك ومرضاتِكَ، واحفظْني بحفظِ الإيمانِ أبداً ما أبقيتني، جلّ ثناء وجهك. الحمدُ للّهِ الّذي جَعلنِي مِنْ وَفدِهِ وزَوّارِهِ، وجَعَلنِي ممّن يَعمرُ مَساجِدَه، وجَعَلنِي ممّن يُناجِيهِ. اللّهمّ، إنّي عَبدُكَ وزائِركَ في بَيتِكَ، وعلى كلّ مأتيٍّ حقٌّ لِمَنْ أتَاهُ وُزَارَه، وأَنتَ خَيرُ مأتيٍّ، وأكرمُ مزور، فأسألُكَ يا اللّهُ يا رحمنُ، وبأنّكَ أَنتَ اللّهُ لا إلهَ إلّا أنتَ، وحدك لا شَرِيكَ لك، وبأنّك واحدٌ أحدٌ صمدٌ، لَم تَلِدْ ولَمْ تُولَدْ، ولَم يَكُنْ لَكَ كُفواً أحدٌ، وأنّ مُحمّداً عَبدُكَ ورَسُولُكَ صلّى اللّهُ عليه وعلى أهل بيته. يا جَوادُيا ماجدُ يا جبّارُ يا كريمُ، أسألُكَ أن تَجْعلَ تُحْفَتَكَ إيّاي بِزيارَتي إيّاكَ أن تُعطيني فَكَاكَ رَقَبتي من النّار». ثُمّ يقول ثلاثاً: «(اللّهمّ،فُكّ رَقبتِي من النّار) وأوسِعْ عليّ مِن رِزقِكَ الحلالِ الطيّبِ،

65

وادرأ عنّي شَرَّ شَياطين الجنِّ والإنْسِ وشَرِّ فَسَقَةِ العربِ والعجمِ».

فإذا دخل المسجد رفع يديه، واستقبل البيت وقال: «اللّهمّ، إنّي أسألُكَ في مُقامِي هذا في أوّلِ مَناسِكي أن تَقبَلَ تَوبتي، وأن تَتَجاوزَ عن خَطيئتِي، وتَضَعَ عنّي وِزْرِي. الحَمْد للّه الّذي بَلّغني بيته الحرام. اللّهمّ، إنّي اُشهدك أنّ هذا بيتُك الحرام الّذي جَعلتَه مثابةًللناس وأمناً مباركاً وهُدىً للعالمين. اللّهمّ، وإنّي العبدَ عَبدُكَ والبلدَ بَلدُكَ والبيتَ بيتُك، جِئتُ أطلبُ رَحمَتَكَ، وأؤمّ طَاعَتَكَ، مُطيعاً لأمرِكَ، رَاضياً بِقدرِكِ، أسأ لُكَ مَسألَة المضطرِّ إليكَ الخائفِ لعُقوبَتك. اللّهمّ، افتَحْ لي أبوابَ رحمَتِك، واستَعملْني بِطاعَتِكَ ومَرضاتِكَ».

وإذا دنا من الحجر الأسود رفع يديه، وحمد الله تعالى وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ(صلى الله عليه وآله) وسأل الله أن يتقبّل منه، ثُمّ استلم الحجر وقبّله، فإن لم يستطع أن يقبّله استلمه بيده، فإن لم يستطع أن يستلمه بيده أشار إليه وقال: «اللّهمّ، أمانتي أدّيتُها، ومِيثاقي تَعاهدتُه؛ لِتشهدَ لي بالموافاةِ. اللّهمَّ، تصديقاً بكتابِك وعلى سُنّة نبيّكَ صلواتك عليه وآله أشهد أن لا إلهَ إلّا اللّهُ وحْدَه لا شَرِيكَ له، وأنّ محمّداً عبدُه ورَسُولُه، آمنتُ باللّه، وكَفرتُ بالجِبتِوالطّاغوتِ وباللاّتِ والعُزّى وعبادةِ الشيطانِ وعبادةِ كلِّ ندٍّ يُدعى مِن دُونِ اللّهِ».

66

وقال كذلك: «اللّهمّ، إليكَ بَسطتُ يَدي، وفيما عِندَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتي، فاقْبَل سَبْحتي (1)، واغْفِرْ لي وارْحَمْني. اللّهمّ، إنّي أعوذُ بِكَ من الكُفْرِ والفَقْرِ ومَواقِفِ الخزْيِ في الدّنيا والآخرةِ».

ويبدأ بعد ذلك بطوافه الواجب.

وهذه الآداب والأدعية مستحبّة لايضرّ الحاجّ تركها.



(1) وفي نسخة اُخرى سيحتي.

67

 

 

الواجب الثاني: الطواف

 

إذا أدّى القاصد لحجّ التمتّع الإحرام لعمرة التمتّع، واتّجه نحو مكّة والمسجد الحرام لممارسة سائر واجبات العمرة، كان أوّل ما يواجهه من واجباتها بعد الإحرام الطواف، فالطواف حول البيت هو الواجب الثاني من واجبات عمرة التمتّع. ويُقصد به: السير حوله بكيفيّة خاصّة يأتي ـ إن شاء الله ـ شرحها. والبيت هو: الكعبة الشريفة الواقعة في وسط المسجد الحرام.

وبيان هذا الواجب يتّضح من خلال النقاط التالية:

 

أ ـ شروط الطواف:

يعتبر في الطواف شروط لابدّ للطائف من توفيرها في طوافه، وهي كمايلي:

1 ـ الطهارة من الحدث.

2 ـ الطهارة من الخبث.

3 ـ الختان للرجال.

4 ـ ستر العورة.

68

وفيما يلي التفصيل:

79 ـالأوّل من شروط الطواف: الطهارة من الأحداث التي تستوجب الغُسل. ويسمّى واحدها بــ (الحدث الأكبر) كالجنابة والحيض. والطهارة من الأحداث التي تستوجب الوضوء. ويسمّى واحدها بــ (الحدث الأصغر) كالبول والنوم. فلوطاف المحدث بالحدث الأكبر من دون أن يغتسل، أو المحدث بالحدث الأصغر من دون أن يتوضّأ، بطل طوافه سواء كان تركه للغسل أو الوضوء عن علم وعمد، أو عن جهل، أو عن نسيان، ووجب عليه أن يتطهّر، ويطوف من جديد.

وفيما يرتبط بهذا الشرط عدّة مسائل كمايلي:

1 ـ إذا شكّ في الطهارة، فإن علم أنّه كان على طهارة في زمن سابق وإنّما يشكّ في صدور الحدث بعدها، لم يعتن بالشكّ، وبنى على الطهارة، وإن لم يعلم بذلك فهنا صور:

الصورة الاُولى: أن يكون الشكّ قد حصل له قبل الشروع في الطواف، فتجب عليه الطهارة، ولايسمح له بالطواف من دونها.

الصورة الثانية: أن يحصل الشكّ في أثناء الطواف، والحكم هو حكم الصورة السابقة.

الصورة الثالثة: أن يحصل الشكّ بعد انتهاء الطواف قبلصلاة ركعتي الطواف، ويكون حدثه المحتمل بقاؤه حدثاً أصغر،

69

فلاتجب عليه إعادة الطواف، وإنّما يتطهّر لركعتي الطواف.

الصورة الرابعة: أن يحصل الشكّ بعد الفراغ من الطواف وركعتيه، ويكون حدثه المحتمل بقاؤه حدثاً أصغر، فيبني على صحّة الطواف والصلاة معاً، ويتوضأ لما يأتي من أعمال اُخرى مشروطة بالطهارة.

الصورة الخامسة والسادسة: عين الصورتين السابقتين مع فرض الحدث المحتمل بقاؤه حدثاً أكبر، فهنا يتكوّن له علم إجماليّ: إمّا بوجوب إعادة ما مضى، أو عدم كفاية الغُسلللأعمال الآتية، فيجب عليه الاحتياط بالغسل وإعادة ما مضىمن ناحية، وعدم الاكتفاء بهذا الغسل للأعمال الآتية من ناحية اُخرى.

2 ـ إذا أحدث المحرم في أثناء طوافه أمكنه أن يقطع طوافه، ويتطهّر بأن يتوضّأ مثلاً، ويستأنف طوافاً جديداً، ويلغي ما تقدّم.

والمعروف بين الفقهاء: أنّه يمكنه في بعض الحالات أن يبدأ من حيث انتهى، فيحتسب ما مضى منه ويتمّه، كما إذا كان الحدث قد صدر عنه بعد إتمام الشوط الرابع ولم يكن باختياره مثلاً، ولكن الأحوط ما ذكرناه.

3 ـ إذا حاضت المرأة في أثناء الطواف، فإن كان في الوقت متّسع أمكنها الانتظار إلى أن تطهر، ثُمّ استئناف الطواف، وإن لم

70

يكن الوقت متّسعاً للانتظار أتت ببقيّة أعمال العمرة من السعي والتقصير، وأحرمت للحجّ، وأخّرت طواف العمرة وصلاته إلى حين الرجوع من منى يوم العيد أو بعده على أن تأتي به قبل طواف الحجّ.

وإذا حاضت بعد الطواف وقبل إنجاز ركعتي الطواف مع سعة الوقت، تنتظر إلى أن تطهر، وتأتي بالركعتين، وتتابع سائر أعمال العمرة، ومع ضيق الوقت تسعى وتقصّر وتقضي ركعتي الطواف قبل طواف الحجّ عند رجوعها من منى.

4 ـ إذا طافت المرأة وصلّت، ثُمّ تأكّدت من أنّها حاضت، ولم تدر أنّه كان قبل الطواف والصلاة أو في أثنائهما أو بعدهما، بنت على صحّة الطواف والصلاة.

5 ـ إذا لم يتمكّن المحدث من الوضوء للطواف ويئس من تمكّنه، تيمّم، وكذلك الجنب والحائض والنفساء بعد انقضاء أيّامهما يجب عليهم ـ في حالة عدم التمكّن من الاغتسال واليأس من حصول القدرة مادام الوقت متّسعاً ـ التيمّم بدلاً من الغسل.

6 ـ المعذور يكتفي بطهارته التي يعتبرها الشارع طهارة بالنسبة إليه، كالكسير والمستحاضة والمسلوس والمبطون.

7 ـ إذا حاضت المرأة في عمرة التمتّع حال الإحرام أو بعده وقد وسع الوقت لأداء أعمالها، صبرت إلى أن تطهر، فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت فللمسألة صورتان:

الاُولى: أن يكون حيضها من حين إحرامها: بأن أحرمت وهي

71

حائض، ففي هذه الصورة ينقلب حجّها إلى حجّ الإفراد، وبعد الفراغ من الحجّ تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكّنت منها، والأحوط أن تكون العمرة من بعد أيّام التشريق، أعني: اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجّة.

الثانية: أن يكون حيضها بعد الإحرام، ففي هذه الصورة يمكنها أن تعمل نفس ما تقدّم في الصورة الاُولى، ويمكنها بدلاً من ذلك أن تبقى على حجّ التمتّع وعلى عمرتها، فتأتي بأعمال عمرة التمتّع من دون طواف: بأن تسعى وتقصّر، ثُمّ تحرم للحجّ، وبعد أن ترجع إلى مكّة من منى تقضي طواف العمرة قبل طواف الحجّ. هذا فيما إذا كانت ترجو ارتفاع حيضها وقتئذ، وأمّا إذا كانت على يقين من استمراره وعدم تمكّنها من الطواف حتّى بعد رجوعها من منى، فلاتؤخّر طواف عمرتها، بل تستنيب من يطوف عنها ويصلّي الركعتين، ثُمّ تسعى هي بنفسها وتقصّر.

8 ـ الطواف المندوب لايعتبر فيه الطهارة، فيصحّ من دون وضوء، ولكن صلاته ـ ركعتي الطواف ـ لاتصحّ إلّا عن طهارة.

80 ـ الثاني من شروط الطواف: الطهارة من النجاسة(1)،



(1) الدليل على ذلك صحيحة يونس بن يعقوب التي رواها الصدوق بإسناده عن يونس بن يعقوب قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): رأيت في ثوبي

72

والنجاسة هي التي يطلق عليها اسم (الخبث)، فلايصحّ الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس، ويعفى عن النجاسة القليلة من الدم ممّا يعفى عنه في الصلاة وإن كان الأحوط استحباباً التجنّب عنه، ويعفى عن دم الجروح والقروح الذي يعتبر التطهير منه موجباً



شيئاً من دم وأنا أطوف. قال: فاعرف الموضع ثمّ اخرج فاغسله ثمّ عد فابن على طوافك». الوسائل 13 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب 52 من الطواف، الحديث 1، الصفحة: 399.

ولا إطلاق لها للدم الأقلّ من الدرهم المعفيّ عنه في الصلاة؛ لاحتمال أنّ مقصود السائل حلّ مشكلته حينما رأى دماً لا يعفى عنه، أمّا أنّ هذا يشمل دماً أقلّ من الدرهم فغير معلوم.

وفي سند الصدوق إلى يونس بن يعقوب وقع الحكم بن مسكين، ولم يرد نصّ على توثيقه ولكنّنا نثبت وثاقته برواية بعض الثلاثة عنه الذين لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة.

وقد يفترض معارضة مرسلة البزنطي لهذه الرواية، وهي الرواية الثالثة من نفس الباب، عن ابن أبي نصر البزنطي عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «قلت له: رجل في ثوبه دم ممّا لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه. فقال: أجزأه الطواف، ثمّ ينزعه ويصلّي في ثوب طاهر».

فقد يقال: إنّ هذه الرواية دلّت على أنّ نجاسة الدم لا تبطل الطواف.

والجواب: أنّه يحتمل أن يكون مقصود السائل هو طوافه في النجاسة عن غير عمد، أي: مع الجهل أو النسيان ولا نفهم منه الإطلاق.

73

للمشقّة والصعوبة، فلاتجب في هذه الحالة إزالته عن الثوب والبدن في الطواف، وكذلك يعفى عن نجاسة مالا تتمّ الصلاة فيه من ملابسه، ويُسمح للمحرم بحمل المتنجّس أو النجس إذا لم تسر منه النجاسة إليه. وفيما يتّصل بهذا الشرط عدّة مسائل:

1 ـ إذا طاف ثُمّ علم أنّ بدنه أو شيئاً من ملابسه كان نجساً في أثناء الطواف، صحّ طوافه، وطهّره لأجل ركعتي الطواف، وإذا لم يعلم بتلك النجاسة إلّا بعد الصلاة صحّ الطواف والصلاة معاً.

2 ـ إذا كان عالماً بوجود نجاسة في بدنه أو ثيابه، ثُمّ نسي ذلك وطاف، وتذكّر بعد الطواف، صحّ طوافه، وتطهّر للصلاة، وإذا لم يتذكّر إلّا بعد ركعتي الطواف أعاد ركعتي الطواف فقط.

3 ـ إذا كان مشغولاً بالطواف، وأصابت بدنه وثوبه نجاسة، أو علم أنّ بدنه وثوبه تنجّس، فإن كان قبل إكمال الشوط الرابع قطع الطواف، وطهّر الموضع المتنجّس، وكفاه أن يستأنف طوافاً جديداً، وإن كان بعد إكمال الشوط الرابع قطع وطهّر، وكان له أن يحتسب ما مضى ويقتصر على تكميله، وأمّا إذا كانت النجاسة في ثوبه فقط، وأمكنه تبديله أو الاستغناء عنه في نفس الوقت، كان له أن يتخلّص منه، ويواصل طوافه.

81 ـ الثالث من شروط الطواف: الختان للمحرم من الرجال والصبيان، ومن طاف غير مختون كان كتارك الطواف.

وإذا استطاع المكلّف وهو غير مختون فلذلك صور:

الاُولى: أن يتمكّن من الختان والحجّ في سنة الاستطاعة، فيجب.

74

الثانية: أن يتمكّن من الختان، ولكن لايتمكّن من الجمع بين الحجّ والختان في سنة واحدة، فيؤخّر الحجّ إلى السنة القادمة.

الثالثة: أن لايتمكّن من الختان أصلاً؛ لضرر أو حرج أو غير ذلك، فاللاّزم عليه الحجّ، ويطوف بنفسه في عمرته وحجّه، ويستنيب ـ أيضاً ـ من يطوف عنه، ويصلّي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.

82 ـ الرابع من شروط الطواف: ستر العورة، فيجب على الرجل الطائف أن يستر عورتيه، وعلى المرأة الطائفة أن تستر كامل جسمها، عدا الوجه والكفّين.

 

ب ـ واجبات الطواف

الطواف ـ كما تقدّم ـ هو السير حول الكعبة الشريفة، ولابدّ أن تتوفّر في كيفيّة أدائه العناصر التالية ليقع صحيحاً:

83 ـ الأوّل: النيّة، وصورتها مثلاً: أطوف حول البيت سبعة أشواط لعمرة التمتّع لحجّة الإسلام قربة إلى الله تعالى.

وإذا كان نيابة نوى عن المنيب، وإذا كان الحجّ مستحبّاً أسقط كلمة (حجّة الإسلام)، ولايجب التلفّظ بالنيّة أو بأيّ نيّة اُخرى لسائر الأعمال، بل يكفي حصولها في القلب، ويلزم أن تحصل النيّة للطواف عند الابتداء به.

84 ـ الثاني: كون الطائف خارج الكعبة ورخامها المبني في أسفل حائطها لدعم بنيانها المسمّى بــ (شاذروان)، فإذا تجاوز الطائف

75

مطافه ودخل الكعبة بطل طوافه، ولزمته الإعادة، وإذا تجاوز إلى الشاذروان كفاه تدارك ذاك المقطع، وتكميل الطواف من ذاك المقطع.

85 ـ الثالث: الابتداء من الحجر الأسود الموضوع في أحد أركان الكعبة الشريفة.

وتشتمل الكعبة الشريفة على أربعة أركان، وهي: الركن العراقيّ، والركن الشاميّ، والركن اليمانيّ، والركن الأسود، وفيه الحجر الأسود، ويقع في الجهة الشرقيّة.

والطائف يجب أن يكون محاذياً للحجر الأسود، ثُمّ يبدأ الطواف، والأحوط الأولى استحباباً أن يتأخّر عنه قليلاً، ويشرع في الطواف لكي يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر ناوياً أن يبدأ طوافه من النقطة التي تتحقّق فيها المحاذاة بينه وبين الحجر.

86 ـ الرابع: أن يطوف بالبيت سبع مرّات متواليات عرفاً، ولايُجزئ الأقلّ من ذلك. ويسمّى كلّ واحد من السبع بــ (الشوط)، فالطواف مركّب من سبعة أشواط.

فإذا نقص من طوافه فلذلك صور:

الصورة الاُولى: أن يكون عامداً وقد خرج من المطاف، فيكفيه أن يستأنف طوافاً جديداً.

الصورة الثانية: أن يكون عامداً ولايزال في المطاف، فمادام لم تمض عليه فترة طويلة تختلّ بها الموالاة عرفاً، جاز له أن يكمل النقص، ويكتفي بما أتى به، وإذا مضت عليه فترة كذلك أتى بطواف جديد.

76

الصورة الثالثة: أن يكون صدور النقصان عنه سهواً، وتذكّر ذلك قبل خروجه من المطاف وبعد برهة قصيرة لم تختلّ بها الموالاة، فيأتي بالباقي، ويصحّ طوافه.

الصورة الرابعة: أن يكون صدور النقصان عنه سهواً، وتذكّر بعد الخروج من المطاف وقبل الإخلال بالموالاة، فعندئذ رجع وتداركه إن كان الناقص ثلاثة أشواط أو أقلّ، أمّا إن كان الناقص أربعة أو أكثر كفاه أن يستأنف طوافاً جديداً.

الصورة الخامسة: أن يكون صدور النقصان عنه سهواً، وتذكّر بعد الإخلال بالموالاة، فعندئذ عليه الإعادة على كلّ حال.

87 ـ الخامس: أن ينتهي كلّ شوط بالحجر الأسود الذي بدأ منه، ويحتاط في الشوط الأخير بتجاوز الحجر بقليل ناوياً بذلك الاطمئنان إلى إكمال سبعة أشواط تامّة.

88 ـ السادس: جعل الكعبة عند طوافه على يساره في جميع أحوال الطواف، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو لغيره أو ألجأه الزحام إلى استقبال الكعبة أو استدبارها أو جعلها على اليمين، فذلك المقدار لايعدّ من الطواف، فيعيد من حيث انحرف. ولايعني وضع الكعبة على اليسار: أن يحرف الطائف كتفه الأيسر عند مروره بالأركان لكي يكون محاذياً لبناء الكعبة؛ فإنّ هذه التدقيقات غير واجبة، بل المقصود من وضع الكعبة على يساره تحديد وجهة سير الطائف.