39

تخرج القرعة باسمه منهم، صحَّ(1)، وأمّا إذا كان الإعطاء بقصد البدليّة عن المئةالمحتملة، فالمعاملة باطلة، وإذا كان اليانصيب على النحو الأوّل، فهو صحيح(2).

(مسألة: 42) يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه، كما يجوز أخذ العوض عن الإعطاء والتمكين منه، ولا يجوز أخذ العوض(3) عن نفس الدم، وإذا وضع الدم في قارورة جاز أخذ العوض عن القارورة نفسها إن كانت ذات قيمة، ويكون الدم تابعاً لها، ولا يجوز أخذ العوض عن الدم. نعم، تجوز المصالحة على التمكين من الدم بعوض، فالعوض يكون في مقابل التمكين لا مقابل الدم. ويحرم حلق اللحية(4)، ويحرم أخذ الاُجرة عليه(5)، إلّا إذا كان ترك الحلق يوجب سخريةً ومهانةً شديدةً لا تُتحمّل عند العقلاء(6)، فيجوز حينئذ.

 

آداب التجارة:

(مسألة: 43) يستحبّ التفقّه فيها ليعرف صحيح البيع وفاسده ويسلم من الربا، بل مع الشكّ في الصحّة والفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحّة، بل يتعيّن عليه الاحتياط، ويستحبّ أن يساوي بين المبتاعين، فلا فرق بين المماكس وغيره



(1) الأظهر عدم الصحّة.

(2) قد عرفت أنّ الأظهر عدم الصحّة.

(3) بل الظاهر جوازه.

(4) على الأحوط.

(5) على الأحوط.

(6) أو ضرراً، أو احتمال ضرر من قبيل الضرب أو السجن.

40

بزيادة السعر في الأوّل أو بنقصه، أمّا لو فرّق بينهما لمرجّحات شرعيّة كانت كالعلم والتقوى ونحوهما فالظاهر أنّه لا بأس به. ويستحبّ أن يُقيل النادم، ويشهد الشهادتين عند العقد، ويكبِّر الله تعالى عنده، ويأخذ الناقص ويعطي الراجح.

(مسألة: 44) يكره مدح البائع سلعته، وذمّ المشتري لها، وكتمان العيب إذا لم يؤدِّ إلى غشّ، وإلّا حرم كما تقدّم، والحلف على البيع، والبيع في المكان المظلم الذي يُستتر فيه العيب، بل كلّ ما كان كذلك، والربح على المؤمن زائداً على مقدار الحاجة، وعلى الموعود بالإحسان، والسوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وأن يدخل السوق قبل غيره، ومبايعة الأدنين، وذوي العاهات والنقص في أبدانهم، والمحارفين، وطلب تنقيص الثمن بعد العقد، والزيادة وقت النداء لطلب الزيادة، أمّا الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها، والتعرّض للكيل أو الوزن أو العدّ أوالمساحة إذا لم يحسنه حذراً من الخطأ، والدخول في سوم المؤمن، بل الأحوط تركه، والمراد به: الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع مع رجاء تماميّة المعاملة بينهما، فلوانصرف أحدهما عنها أو علم بعدم تماميّتها بينهما فلا كراهة، وكذا لو كان البيع مبنيّاً على المزايدة وأن يتوكّل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها، بل الأحوط استحباباً تركه، وتلقّي الركبان الذين يجلبون السلعة، وحدّه إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، وكذا لو اتّفق ذلك بلا قصد، والظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة كالصلح والإجارة ونحوهما.

(مسألة: 45) يحرم الاحتكار على الأحوط، وهو حبس السلعة والامتناع من بيعها لانتظار زيادة القيمة مع حاجة المسلمين إليها وعدم وجود الباذللها، والظاهر اختصاص الحكم بالحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت

41

لا غير(1)، وإن كان الأحوط استحباباً إلحاق الملح بها، بل كلّ ما يحتاج إليه عامّة المسلمين من الملابس والمساكن والمراكب وغيرها، ويُجبر المحتكِر على البيع في الاحتكار المحرّم من دون أن يعيّن له السعر. نعم، إذا كان السعر الذي اختاره مجحفاً بالعامّة اُجبر على الأقلِّ منه.

 



(1) الظاهر شمول الحكم لكلّ طعام تعمّ المسلمين الحاجة إليه لدى عدم وجود باذلين آخرين(1).


(1) لصحيح الحنّاط. الوسائل، ج 17، ب 28 من آداب التجارة، ح 3، ص 428. ولعهد الإمام إلى مالك الأشتر، ب 27 من تلك الأبواب، ح 13، ص 427.

42

 

الفصل الأوّل

في شروط العقد

وفيه مسائل:

(مسألة: 1) معنى البيع قريب من معنى المبادلة، ولا يحصل إلّا بالإيجاب والقبول، ويقع بكلّ لفظ دالٍّ على المقصود وإن لم يكن صريحاً فيه، مثل: « بعتُ وملّكتُ وبادلتُ » ونحوها في الإيجاب، و: « قبلتُ ورضيتُ وتملّكتُ واشتريتُ » ونحوها في القبول، ولا يشترط فيه العربيّة، كما لا يقدح فيه اللحن في المادّة أوالهيئة، ولا يجوز فيه تقديم القبول على الإيجاب(1). نعم، يجوز إنشاء الإيجاب بمثل: « اشتريت وابتعت وتملّكت »، وإنشاء القبول بمثل: « شريت وبعت وملّكت ».

(مسألة: 2) إذا قال: « بعني فرسك بهذا الدينار » فقال المخاطب: « بعتك فرسي بهذا الدينار » ففي صحّته وترتّب الأثر عليه بلا أن ينضمّ إليه إنشاء القبول من الآمر إشكال وإن كان الأظهر ذلك(2)، وكذلك الحكم في الوليّ على الطرفين، والوكيل عنهما فإنّه لا يكتفي بالإيجاب بدون القبول(3).

(مسألة: 3) يعتبر في تحقّق العقد الموالاة بين الإيجاب والقبول، فلو قال البائع: « بعتُ » فلم يبادر المشتري إلى القبول حتّى انصرف البائع عن البيع، لم



(1) بل يجوز مع نصب القرينة لو كانت هناك حاجة إلى تشخيص الموجب من القابل.

(2) إذا كانت هناك قرينة على أنّ قوله: «بعني...» كان قبولاً، أو أنّ قوله: «بعني...» كان قرينة على أنّ سكوته بعد قول صاحبه: «بعتك...» كان قبولاً.

(3) لا يبعد إمكانيّة الاكتفاء بإنشاء واحد؛ لأنّ تعدّدهما إنّما هو باعتبار تعدّد السلطنة.

43

يتحقّق العقد، ولم يترتّب عليه الأثر، أمّا إذا لم ينصرف وكان ينتظر القبول حتّى قَبِلَ صحّ. كما أنّه لا يعتبر وحدة المجلس، فلو تراجعا بالتلفون فأوقع الإيجاب أحدهما وقبل الآخر صحّ. أمّا المراجعة في المكاتبة ففيها إشكال(1).

(مسألة: 4) الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب والقبول في الثمن والمثمن وسائر التوابع(2)، فلو قال: « بعتك هذا الفرس بدرهم بشرط أن تخيط قميصي »، فقال المشتري: « اشتريت هذا الحمار بدرهم »، أو « هذا الفرس بدينار »، أو « بشرط أن أخيط عباءتك »، أو « بلا شرط شيء »، أو « بشرط أن تخيط ثوبي »، أو « اشتريت نصفه بنصف دينار »، أو نحو ذلك من أنحاء الاختلاف، لم يصحَّ العقد. نعم، لو قال: « بعتك هذا الفرس بدينار »، فقال: « اشتريت كلّ نصف منه بنصف دينار »، صحّ، وكذا نحوه ممّا كان الاختلاف فيه بالإجمال والتفصيل.

(مسألة: 5) إذا تعذّر اللفظ لخرس ونحوه، قامت الإشارة مقامه وإن تمكّن من التوكيل، وكذا الكتابة مع العجز عن الإشارة، أمّا مع القدرة عليها، ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان، بل قولان، والأظهر الجواز بكلٍّ منهما، بل يحتمل ذلك(3) حتّى مع التمكّن من اللفظ.

(مسألة: 6) الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري وينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع، ولا فرق في صحّتها بين المال الخطير والحقير، وقد تحصل بإعطاء البائع المبيع وأخذ



(1) بل الظاهر عدم الإشكال.

(2) إلّا أن يكون مرجع عدم التطابق إلى التنازل عن الشرط، كما لو قال: «بعتك هذا الفرس بدرهم بشرط لك عليّ أن أخيط ثوبك»، فقال المشتري: «اشتريت الفرس بدرهم بلا شرط». وهذا ما أفاده اُستاذنا الشهيد تعليقاً على المتن في المقام.

(3) بل هو الأظهر.

44

المشتري بلا إعطاء منه، كما لو كان الثمن كلّيّاً في الذمّة، أو بإعطاء المشتري الثمن وأخذ البائع له بلا إعطاء منه، كما لو كان المثمن كلّيّاً في الذمّة.

(مسألة: 7) الظاهر أنّه يعتبر في صحّة البيع المعاطاتيّ جميع ما يعتبر في البيع العقديّ من شرائط العقد والعوضين والمتعاقدين، كما أنّ الظاهر ثبوت الخيارات الآتية ـ إن شاء الله تعالى ـ فيها ولو بعد ثبوت أحد الملزمات(1)، إلّا إذا كان الملزم لها مسقطاً للخيار، كما إذا كان المبيع معيباً ولم يبقَ بيد المشتري بعينه، فإنّه يسقط خيار العيب، ويثبت الأرش لاغير.

(مسألة: 8) البيع العقديّ لازم من قبل الطرفين، إلّا مع وجود أحد أسباب الخيار الآتية، أمّا المعاطاتيّ فهو وإن كان مفيداً للملك إلّا أنّه جائز من الطرفين(2)حتّى مع شرط سقوط الخيار أو إسقاطه بعد العقد. نعم، يلزم بأحد اُمور:

الأوّل: تلف العوضين أو أحدهما أو بعض أحدهما.

الثاني: نقل العوضين أو أحدهما أو بعض أحدهما بناقل شرعيٍّ من بيع أو هبة أو نحوهما، لازماً كان أو جائزاً، ولو رجعت العين إلى المالك بفسخ أو غيره بقي اللزوم بحاله.

الثالث: امتزاج العوضين أو أحدهما أو بعضه بعين اُخرى.

الرابع: تغيّر العين تغيّراً مذهباً للصورة، كطحن الحنطة وتقطيع الثوب.

(مسألة: 9) لو مات أحد المالكين لم يجز لوارثه الرجوع في البيع المعاطاتيّ، أمّا لو جنّ قام وليّه مقامه في الرجوع(3).



(1) بل المعاطاة هي بنفسها تعتبر من العقود اللازمة.

(2) بل المعاطاة بنفسها تعتبر من العقود اللازمة، ومعه لامورد لما أشار(رحمه الله) إليه من المُلزمات.

(3) قد مضى أنّ البيع المعاطاتيّ بيع لازم.

45

(مسألة: 10) الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات، بل الإيقاعات، إلّا في موارد خاصّة كالنكاح والطلاق والعتق والتحليل(1) والنذر واليمين، والظاهر جريانها في الرهن والوقف، لكنّها تكون لازمةً لا جائزة.

(مسألة: 11) في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أكان شرط خيار في مدّة معيّنة أم شرط فعل أم غيرهما إشكال وإن كان القبول لا يخلو من وجه، فلو أعطى كلّ منهما مالَه إلى الآخر قاصدَين البيع، وقال أحدهما في حال التعاطي: « جعلتُ لي الخيار إلى سنة » مثلا، صحّ شرط الخيار، وكان البيع خياريّاً.

(مسألة: 12) لا يجوز تعليق البيع(2) على أمر غير حاصل حين العقد، سواء أعُلم حصـوله بعـد ذلك، كمـا إذا قـال: « بعتك إذا هلّ الهلال »، أم جهل حصوله، كما لو قال: «بعتك إذا وُلد لي ولد ذكر». ولا على أمر مجهول الحصول حال العقد، كما إذا قال: « بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة » مع جهله بذلك، أمّا مع علمه بذلك فالوجه الجواز.

(مسألة: 13) إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد، وجب عليه ردّه إلى البائع(3)، وإذا تلف ولو من دون تفريط، وجب عليه ردّ مثله(4) إن كان مثليّاً، وقيمته إن كان قيميّاً، وكذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد، ولا فرق في ذلك بين العلم بالحكم والجهل به، ولو باع أحدهما ما قبضه، كان البيع فضوليّاً تتوقّف صحّته على إجازة المالك، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.



(1) لعلّ النسخة خطأ، والصحيح: (التدبير).

(2) هذا حكم احتياطيّ.

(3) إلّا مع تراضيهما بتصرّف كلّ منهما في سلعة الآخر برضىً غير متفرّع على التمليك المعاوضيّ.

(4) إلّا إذا عدّ البائع غارّاً له في تحميل البيع الفاسد عليه، فلا يضمن له أكثر من مقدار القيمة المسمّاة؛ لأنّ الزيادة ترجع إلى تغريره.

46

 

الفصل الثاني

في شروط المتعاقدين

وفيه مسائل:

(مسألة: 1) يشترط في كلٍّ من المتعاقدين اُمور:

 

[البلوغ والعقل والاختيار:]

الأوّل: البلوغ، فلا يصحّ عقد الصبيِّ وإن كان مميِّزاً إذا لم يكن بإذن الولي. أمّا إذا كان بإذنه فالصحّة لا تخلو من وجه، وإن كانت لا تخلو من إشكال(1)، وكذا إذا كان تصرّفه في غير ماله بإذن المالك(2).

الثاني: العقل، فلا يصحّ عقد المجنون إذا كان قاصداً إنشاء(3) البيع.

الثالث: الاختيار، فلا يصحّ بيع المكرَه، وهو من يأمره غيره بالبيع المكروه له على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقلّ المكروهَين، ولو لم يكن البيع مكروهاً وقد أمره الظالم بالبيع فباع صحّ، وكذا لو أمره بشيء غير البيع وكان ذلك الشيء موقوفاً على البيع المكروه فباع فإنّه يصحّ، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلّا ببيع داره فباعها فإنّه يصحّ بيعها.



(1) بيع الصبيّ لماله إن كان بتوكيل الوليّ، أو بإذنه بشكل يحفظ إشراف الوليّ، كان صحيحاً، وإن كان بشكل التفويض، فالصحّة لا تخلو من إشكال.

(2) تصرّفه في غير ماله إذا كان بإذن المالك، أو بتوكيله بشكل يحفظ إشراف المالك، صحّ البيع، وإن كان بشكل التفويض، فالصحّة لا تخلو من إشكال.

(3) إذا قصد إنشاء البيع، فحاله حال الصبيّ.

47

(مسألة: 2) إذا اُكرِه أحد الشخصين على بيع داره كما لو قال الظالم: « فليبع زيد أو عمرو داره » فباع أحدهما داره بطل البيع، إلّا إذا علم إقدام الآخر على البيع.

(مسألة: 3) لو اُكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل، ولو باع الآخر بعد ذلك صحّ، ولو باعهما جميعاً دفعةً بطل فيهما جميعاً(1).

(مسألة: 4) لو أكرهه على بيع دابّته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابّة وصحّ بيع الولد.

(مسألة: 5) الظاهر أنّه يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصّي بالتورية(2)، فلو أكرهه على بيع داره فباعها مع قدرته على التورية صحّ البيع. نعم، لوكان غافلا عن التورية أو عن إمكان التفصّي بها فباع بطل البيع.

(مسألة: 6) المراد من الضرر الذي يخافه على تقدير عدم الإتيان بما اُكره عليه ما يعمّ الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه وعلى بعض من يتعلّق به ممّن يهمّه أمره، فلو لم يكن كذلك بل كان على بعض المؤمنين فلا إكراه، فلو باع حينئذ صحّ البيع.

 

البيع الفضوليّ:

الرابع: القدرة على التصرّف لكونه مالكاً، أو وكيلا عنه، أو مأذوناً منه، أو وليّاً عليه، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرّف لم يصحَّ البيع، بل توقّفت صحّته على إجازة القادر على ذلك التصرّف، مالكاً كان، أو وكيلا عنه، أو مأذوناً منه، أو وليّاً عليه، فإن أجاز صحّ، وإن ردّ بطل، ولم تنفع الإجازة بعد ذلك(3)، وهذا هو المسمّى بعقد الفضوليّ.



(1) نعم، إذا كان جمعه في البيع بينهما في حين أنّ الإكراه لم يكن واقعاً إلّا على أحدهما قرينة على رضاه بالبيع، صحّ البيع.

(2) لا فرق في الحكم بين فرض إمكان التفصّي بالتورية وعدمه.

(3) لو سبّب الردّ انتفاء موضوع الإجازة، كما لو أوجب ذلك عدول الأصيل عن أصل المعاملة، فلا معنى لتأثير الإجازة عندئذ، وإلّا فعدم نفع الإجازة ممنوع.

48

(مسألة: 7) لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضوليّ فإن أجاز المالك صحّ ولا أثر للمنع السابق في البطلان.

(مسألة: 8) إذا علم من حال المالك أنّه يرضى بالبيع فباعه لم يصحَّ وتوقّف على الإجازة.

(مسألة: 9) إذا باع الفضوليّ مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنّه مالك، أو لبنائه على ذلك كما في الغاصب فأجاز المالك صحّ ويرجع الثمن إلى المالك.

(مسألة: 10) لا يكفي في تحقّق الإجازة الرضى الباطنيّ، بل لا بدّ من الدلالة عليه بالقول، مثل « رضيتُ » و « أجزتُ »، ونحوهما، أو بالفعل، مثل أخذ الثمن أو بيعه أو الإذن في بيعه، أو إجازة العقد الواقع عليه، أو نحو ذلك(1).

(مسألة: 11) الظاهر أنّ الإجازة كاشفة عن صحّة العقد من حين وقوعه كشفاً حكميّاً، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك مالك المبيع، ونماء المبيع ملك للمشتري.

(مسألة: 12) لو باع باعتقاد كونه وليّاً، أو وكيلا، فتبيّن خلافه، فإن أجاز المالك صحّ، وإن ردّ بطل، ولو باع باعتقاد كونه أجنبيّاً، فتبيّن كونه وليّاً، أو وكيلا صحّ، ولم يحتج إلى الإجازة، ولو تبيّن كونه مالكاً توقّفت صحّة البيع على إجازته(2).

(مسألة: 13) لو باع مال غيره فضولا، ثمّ ملكه قبل إجازة المالك، ففي صحّته بلا حاجة إلى الإجازة، أو توقّفه على الإجازة، أو بطلانه رأساً وجوه، أقواها



(1) وقد يتّفق أن يكون نفس السكوت بعد العلم أمارة على الإمضاء.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في تعليقه على هذا المورد: «لا يبعد عدم التوقّف إذا كان جادّاً في البيع».

أقول: الظاهر أنّ ما في المتن أقوى؛ لأنّ جدّيّته في البيع مقيّدة ببيع مال الغير ولم تشمل بيع مال نفسه.

49

الأخير(1). نعم، لو ملكه البائع بالإرث ففي الصحّة مع الإجازة إشكال، والبطلان أحوط(2).

(مسألة: 14) لو باع مال غيره فضولا، فباعه المالك من شخص آخر، صحّ بيع المالك، وبطل بيع الفضوليّ، ولا تنفع في صحّته إجازة المالك ولا المشتري(3).

(مسألة: 15) إذا باع الفضوليّ مال غيره ولم تتحقّق الإجازة من المالك فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال، وإن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه، وإن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على البائع وعلى المشتري، وإن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها إن كانت مثليّةً وبقيمتها إن كانت قيميّة.

(مسألة: 16) المنافع المستوفاة مضمونة، وللمالك الرجوع بها على من استوفاها، وكذا الزيادات العينيّة مثل: اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها ممّا كان له ماليّة، فإنّها مضمونة على من استولى عليها كالعين، أمّا المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال(4).

(مسألة: 17) المثليّ ما يكثر وجود مثله(5) في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات، والقيميّ ما لا يكون كذلك، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في



(1) بل الأقوى هو الوسط كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في المقام.

(2) هنا أيضاً الحقّ ما أفاده اُستاذنا الشهيد من أنّ الأقوى الصحّة مع الإجازة.

(3) بل للمشتري الإجازة.

(4) إن كان المالك يستفيد من تلك المنفعة لولا استيلاء من استولى على العين، فالضمان ثابت، وإلّا فلا.

(5) نحن لا نؤمن بانقسام الأمتعة إلى قسمين: مثليّ وقيميّ، بل كلّ شيء يعتبر مثليّاً حتّى ولو انعدم مثله، وبالتالي يدفع في يوم الأداء قيمة يوم الأداء.

50

المعامل في هذا الزمان من المثليّ، والجواهر الأصليّة من الياقوت والزمرّد والألماسوالفيروزج ونحوها من القيميّ.

(مسألة: 18) الظاهر أنّ المدار في القيمة المضمون بها القيميّ قيمة زمان التلف، لا زمان الأداء(1).

(مسألة: 19) إذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة، أو بدل نمائها من الصوف واللبن ونحوها، أو بدل المنافع المستوفاة، أو غير ذلك، فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع بأن كان جاهلا بأنّ البائع فضوليّ، فأخبره البائع بأنّه مالك، أو ظهر له منه أنّه مالك، رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك(2)، سواء كان البائع عامداً في تغريره أم غير عامد، وإن لم يكن مغروراً من البائع كما إذا كان عالماً بالحال، لم يرجع عليه بشيء من الخسارات المذكورة، وإذا رجع المالك على البائع بالعين(3): فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع لم يرجع البائع على المشتري(4)، وإن لم يكن



(1) قد عرفت ما فيه، وأنّ العبرة دائماً بيوم الأداء.

(2) كأنّ مقصوده(رحمه الله) فرض أنّ المشتري كان قد دفع إلى البائع القيمة المسمّاة، فله أن يرجع على البائع في أخذ القيمة المسمّاة، وفي أخذ الزيادة لو كانت هناك زيادة على ذلك خسرها للمالك.

أمّا لو لم يكن قد دفع بعدُ إلى البائع القيمة المسمّاة، فمن الواضح أنّه لا يرجع على البائع إلّا بمقدار الزيادة لو كانت.

(3) المقصود هو الرجوع على البائع ببدل العين، ولعلّ النسخة غلط، والصحيح: «ببدل العين».

(4) كأنّ المقصود هو فرض ما لو كان البائع قد أخذ من المشتري المسمّى، وخسر للمالك أكثر من المسمّى، فلا يرجع البائع إلى المشتري في خسران الزيادة، أمّا لو لم يكن قد أخذ منه المسمّى، فمن الواضح أنّه يرجع إليه بمقدار المسمّى؛ بسبب أكله للعين؛ لأنّ التغرير إنّما كان بلحاظ الزيادة ولم يكن تغرير بمقدار المسمّى.

51

مغروراً من قبل البائع، رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك، وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال مالك، إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغروراً منه، وإلّا لم يرجع على اللاحق(1)، وإن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق إلّا مع كونه مغروراً منه(2)، وكذا الحكم في المال غير المملوك، كالزكاة المعزولة، ومال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معيّنة أو غير معيّنة، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإنّ الوليّ يرجع على ذي اليد عليه مع وجوده ومع تلفه على النهج المذكور.

(مسألة: 20) لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقةً واحدةً صحّ البيع فيما يملك، وتوقّف صحّة بيع غيره على إجازة المالك، فإن أجاز صحّ، وإلّا فلا، وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعّض الصفقة، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

(مسألة: 21) طريق معرفة حصّة كلّ واحد منهما من الثمن أن يقوَّم كلٌّ من المالين بقيمته السوقيّة، فيرجع المشتري بحصّة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كان قيمة ماله عشرةً وقيمة مال غيره خمسةً والثمن ثلاثةً يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن، ويبقى للبائع اثنان وهما ثلثا الثمن، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها، أمّا لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كلٍّ منهما في حال الانضمام إلى الآخر، ثمّ تنسب قيمة كلّ واحد منهما إلى مجموع القيمتين فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة، مثلا: إذا باع الجارية وابنتها بخمسة وكانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستّةً وفي حال الانضمام أربعةً وقيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فإن كانت الجارية لغير البائع رجع المشتري بخمسين وهما اثنان من الثمن وبقي للبائع



(1) إلّا بمقدار لم يكن فيه تغرير.

(2) فيرجع بمقدار التغرير.

52

ثلاثة أخماس، وإن كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان.

(مسألة: 22) إذا كانت الدار مشتركةً بين شخصين على السويّة، فباع أحدهما نصف الدار: فإن قامت القرينة على أنّ المراد نصف نفسه، أو نصف غيره، أو نصف في النصفين، عمل على القرينة، وإن لم تقم القرينة على الشيء، حمل على نصف نفسه لا غير(1).

(مسألة: 23) يجوز للأب والجدّ للأب وإن علا التصرّف في مال الصغير بالبيع والشراء والإجارة وغيرها، وكلّ منهما مستقلّ في الولاية، فلا يعتبر الإذن من الآخر، كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما، ولا أن تكون مصلحة في تصرّفهما، بل يكفي عدم المفسدة، إلّا أن يكون التصرّف تفريطاً منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطرّ الوليّ إلى بيع مال الصغير وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل فلا يجوز البيع بقيمة المثل، وكذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل وزيادة درهمين لاختلاف الأماكن أو الدلاّلين أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقلّ وإن كان فيه مصلحة إذا عدّ ذلك مساهلةً عرفاً في مال الصغير، والمدار في كون التصرّف مشتملا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء، لا بالنظر إلى علم الغيب، فلو تصرّف الوليّ باعتقاد المصلحة فتبيّن أنّه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرّف، ولو تبيّن أنّه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صحّ إذا كان فيه مصلحة بنظر العقلاء.

(مسألة: 24) يجوز للأب والجدّ التصرّف في نفس الصغير بإجارته عاملا في



(1) لا أظنّ أنّ المقصود فرض إجمال الكلام، وإنّما المقصود أنّ الإطلاق ينصرف إلى نصف نفسه.

53

المعامل وفي سائر شؤونه مثل تزويجه. نعم، ليس لهما طلاق زوجته، وهل لهمافسخ نكاحه عند حصول المسوّغ للفسخ وهبة المدّة في عقد المتعة ؟ وجهان.

(مسألة: 25) إذا أوصى الأب أو الجدّ إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصيّة وصار الموصى إليه وليّاً عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرّفاته. نعم، يشكل صحّة تزويجه لهم، كما يأتي إن شاء الله تعالى. ويشترط فيه الرشد والأمانة، ولا يشترط فيه العدالة على الأقوى، كما يشترط في صحّة الوصيّة فقدهما معاً، فلا تصحّ وصيّة الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجدّ، ولاوصيّة الجدّ بالولاية على حفيده مع وجود الأب، ولو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل بعد فقد الآخر لا في حال وجوده ففي صحّتها إشكال.

(مسألة: 26) ليس لغير الأب والجدّ والوصيّ لأحدهما ولاية على الصغير ولو كان عمّاً أو اُمّاً أو جدّاً لها أو أخاً كبيراً، فلو تصرّف أحد هؤلاء في مال الصغير أو في نفسه أو سائر شؤونه لم يصحَّ وتوقّف على إجازة الوليّ.

(مسألة: 27) تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعيّ(1) مع فقد الأب والجدّ والوصيّ لأحدهما، ومع تعذّر الرجوع للحاكم، فالولاية لعدول المؤمنين(2)، لكنّ الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرّف، كما لو خيف على ماله التلف مثلا، فيبيعه العادل لئلاّ يتلف، ولا يعتبر حينئذ أن يكون التصرّف فيه



(1) على الأحوط استحباباً، والمتيقّن من ولاية الفقيه هي الولاية مع مراعاة المصلحة، وليس مجرّد عدم المفسدة.

(2) ولاية عدول المؤمنين مشروطة بمراعاة المصلحة، لا مجرّد عدم المفسدة(1).


(1) لأنّ صحيحة ابن رئاب شرطت في ولاية غير الوصيّ مراعاة ما يصلحهم. الوسائل،ج 17، ب 15 من عقد البيع وشروطه، الحديث الوحيد في الباب، ص 361 ـ 362.

54

غبطةً وفائدة، بل لو تعذّر وجود العادل حينئذ، لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين.ولو اتّفق احتياج المكلّف إلى دخول دار أيتام والجلوس على فراشهم والأكل من طعامهم، وتعذّر الاستئذان من وليِّهم، لم يبعد جواز ذلك إذا عوّضهم عن ذلك بالقيمة، ولم يكن فيه ضرر عليهم(1)، وإن كان الأحوط تركه، وإذا كان التصرّف مصلحةً لهم، جاز من دون حاجة إلى عوض، والله سبحانه العالم.



(1) لو كان المقصود فرض كون دخوله مصلحة لهم، فهذا ما سيبيّن حكمه في الكلام اللاحق في المتن، ولو كان المقصود دخوله لحاجة المكلّف نفسه، فحاجته لا توجب حلّيّة هذا التصرّف.

وعلى أيّ حال، فالظاهر أنّ مقصوده من هذا الفرع هو فرض وصول النوبة إلى ولايتهم بعنوان ولاية عدول المؤمنين، أو ولاية المؤمنين، وإلّا فمن الواضح أنّ هذه الحاجة لا تخلق جواز التصرّف.

55

 

الفصل الثالث

 

في شروط العوضين

وفيه مسائل:

(مسألة: 1) يشترط في المبيع أن يكون عيناً، سواء أكان موجوداً في الخارج أم في الذمّة، وسواء أكانت الذمّة ذمّة البائع أم غيره، كما إذا كان له مال في ذمّة غيره فيبيعه على شخص ثالث. كما يشترط فيه أن يكون مالا بحيث يتنافس عليه العقلاء، فلا يجوز بيع المنفعة كمنفعة الدار، ولا بيع العمل كخياطة الثوب، ولا بيع الحقّ(1) كحقّ الخيار، ولا بيع ما لا يكون مالا كالحشرات(2).

وأمّا الثمن فيشترط فيه أن يكون مالا، سواء أكان عيناً أم منفعةً أم عملا أم حقّاً. نعم، إذا كان الحقّ لا يقبل الانتقال كحقّ الشفعة، أو لا يقبل الانتقال إلى خصوص البائع كحقّ القسم الذي لا يقبل الانتقال إلى غير الضرّة، ففي جواز جعله ثمناً إشكال، وإن كان هو الأظهر(3)، فيسقط بمجرّد وقوع البيع من دون انتقال إلى المشتري.



(1) نفس الحقّ ليس ممّا يباع، ولكن حينما يكون الحقّ قابلاً للانتقال، ومتعلّقاً بالعين، أمكن نقله إلى المشتري ببيع العين، وذلك من قبيل الأرض المحجّرة، فبيعها يوجب انتقال حقّ التحجير إلى المشتري.

(2) أي: بعض الحشرات.

(3) نفس الحقّ لا يجعل ثمناً، فإنّ الحقّ كالملك، فكما لا يجعل الملك ثمناً، وإنّما المملوك يجعل ثمناً، كذلك الحال في الحقّ، فالصحيح ما أفاده اُستاذنا(رحمه الله) هنا من أنّ الحقّ: إن كان قابلاً للانتقال، صحّ جعل متعلّقه ثمناً، وإن لم يكن قابلاً للانتقال، ولكن كان قابلاً

56

(مسألة: 2) يشترط في كلٍّ من العوضين أن يكون معلوماً مقدارُه المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو وزن أو عدٍّ أو مساحة، فلا تكفي المشاهدة، ولا تقديره بغير المتعارف فيه عند البيع، كبيع المكيل بالوزن وبالعكس، وكبيع المعدود بالوزن أو الكيل وبالعكس، وإذا كان الشيء ممّا يباع في حال بالمشاهدة وفي حال اُخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة، وفي المخازن بالوزن، والحطب محمولا على الدابّة بالمشاهدة، وبالمخزن بالوزن، واللبن المخيض يباع في السِقاء بالمشاهدة، وفي المخازن بالكيل، فصحّة بيعه مقدّراً أو مشاهداً تابعة للمتعارف، وكذا إذا كان يباع في حال بالكيل وفي اُخرى بالوزن، كالفحم يباع كثيراً في الأكياس الكبيرة بالكيل، وفي المخازن قليلا قليلا بالوزن، فإنّ المدار في التقدير ما يكون متعارفاً في تلك الحال التي بيع فيها كيلا، أو وزناً، أو عدّاً(1).

(مسألة: 3) يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر كيلا أو وزناً أو عدّاً، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه، والأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، ولو تبيّن الخلاف بالنقيصة رجع المشتري على البائع بثمن النقيصة وكان له الخيار في الفسخ والإمضاء في الباقي، ولو تبيّنت الزيادة كانت الزيادة للبائع، وكان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام الثمن.



للإسقاط، صحّ جعل الإسقاط ثمناً، فيملك البائع على المشتري أن يسقط الحقّ، كما يصحّ وضع شيء على الإسقاط على نحو الجعالة.

(1) كلّ تقدير يكتفي فيه العقلاء، ولا يعدّ سفهاً أو تغريراً يكون كافياً في صحّة البيع، سواء كان متعارفاً أو لا، ويأتي نفس الكلام في الفروع الآتية المشابهة.

57

(مسألة: 4) الأحوط في مثل الثوب والأرض ونحوهما ممّا يكون تقديره بالمساحة دخيلا في زيادة القيمة معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة.

(مسألة: 5) إذا اختلف البلدان في تقدير شيء بأن كان موزوناً في بلد ومعدوداً في آخر ومكيلا في ثالث فالظاهر أنّ المدار في التقدير اللازم العلم به في بلد المعاملة.

(مسألة: 6) قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس بشرط أن يكون كيلها صاعاً فيتبيّن أنّ كيلها أكثر من ذلك لرقّة الدبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال فيتبيّن أنّ وزنها تسعمئة لعدم إحكام النسج، أويبيعه عشرة أذرع من الكتّان بشرط أن يكون وزنه مئة مثقال فتبيّن أنّ وزنه مئتا مثقال لغلظة خيوطه، ونحو ذلك ممّا كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيعلا مقوّماً له، والحكم أنّه مع التخلّف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري لتخلّف الوصف، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن والزيادة للمشتري على كلّ حال.

(مسألة: 7) يشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها، كالألوان والطعوم، والجودة والرداءة، والرِقّة والغِلظة، والثقل والخفّة، ونحو ذلك ممّا يوجب اختلاف القيمة، أمّا ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته وإن كان مرغوباً عند قوم وغير مرغوب عند آخرين، والمعرفة إمّا بالمشاهدة، أو بتوصيف البائع، أو الرؤية السابقة.

(مسألة: 8) يشترط أن يكون كلّ واحد من العوضين ملكاً(1) مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس، أو ما هو بمنزلته ؛ لاختصاصه بجهة من الجهات، مثل بيع



(1) وبإمكانه أن يبيع شيئاً في ذمّته.

58

وليِّ الزكاة بعض أعيان الزكاة، وشرائه العلف لها، وعليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك، مثل بيع السمك في الماء، والطير في الهواء، وشجر البيداء قبل أن يُصطاد أو يُحاز.

(مسألة: 9) يشترط أن يكون كلّ من العوضين طلقاً، يعني لا يكون موضوع حقٍّ لغير البائع، فلا يجوز بيع العين المرهونة(1)، نعم لو أذن الراهن(2)، أو أجاز، أو فكّ الرهن، صحّ. وكذا لا يجوز بيع الوقف إلّا في موارد(3):



(1) إنّما يمنع حقّ الغير عن صحّة البيع إذا كان منافياً للبيع، أمّا حقّ الرهن فليس كذلك، فبإمكانه بيع العين المرهونة بدون إذن المرتهن وإن كانت تبقى تحت حقّ المرتهن إلى أن ينفكّ عن الرهن. نعم، لو لم يكن المشتري مطّلعاً على ذلك، كان له حقّ خيار الفسخ.

(2) كلمة «الراهن» إمّا خطأ في النسخة، أو سهو من قلم الماتن، والمقصود هو (المرتهن).

(3) ومنها ـ كما أفاد اُستاذنا الشهيد ـ: وقوع اختلاف شديد بين الموقوف عليهم بنحو يحتمل أداؤه إلى تلف النفوس والأموال، فيسوغ البيع ولو لم يشترط الواقف ذلك(1).


(1) لمكاتبة عليّ بن مهزيار. الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من الوقوف والصدقات، ح 6، ص 188.

ومنها: ما ورد في المتن، وهو: أن تخرب العين الموقوفة بحيث لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء العين كالحيوان المذبوح، والجذع البالي، والحصير المخرَق.

والدليل على جواز البيع في هذا الفرض أنّ وقف الواقف يشمل العين والماليّة، فمقتضى (أنّ الوقوف على ما يقفها أهلها) أن تبقى الماليّة على الوقفيّة لنفس الجهة، فتباع العين وتبدّل بعين اُخرى بقدر الإمكان.

59

منها: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح، والجذع البالي، والحصير المخرق.

ومنها: أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتدِّ به مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً.

ومنها: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلّة المنفعة، أو كثرة الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو لاختلاف بين أرباب الوقف، أو احتياجهم إلى عوضه، أو نحو ذلك.

ومنها: ما لو لاحظ الواقف في قوام الوقف عنواناً خاصّاً في العين الموقوفة،



ومنها: ما ورد في المتن أيضاً، وهو: أن تخرب العين على نحو تسقط عن الانتفاع المعتدّ به مع كونها ذات منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً، فإن لحقت المنفعة عرفاً بالمعدوم، التحق هذا الفرع بالفرع السابق.

ومنها: ما ورد في المتن أيضاً، وهو: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر: من قلّة المنفعة، أو كثرة الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو لاختلاف بين أرباب الوقف، أو احتياجهم إلى عوضه، أو نحو ذلك. وهذا على طبق القاعدة؛ لأنّ الوقوف حسب ما يوقفها أهلها.

ومنها: ما ورد في المتن أيضاً، وهو: ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدّي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً، واللازم تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء، والدليل على ذلك أنّ المنفعة شملت العين والماليّة، ومقتضى (أنّ الوقوف على ما يقفها أهلها) حفظهما معاً، وهذا ما لا يمكن، فمقتضى تلك القاعدة الحفاظ على أحدهما، فيجوز بيع العين قبل خرابها في آخر أزمنة إمكان بقائها حفاظاً على الماليّة.

ومنها: ما إذا اشترط الواقف جواز تبديله، وهذا على وفق القاعدة؛ لأنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها؛ ولصحيح عبد الرحمن بن الحجّاج الوارد في الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 من الوقوف والصدقات، ح 3، ص 199 ـ 200.

60

مثل كونها بستاناً أو داراً أو حمّاماً، فيزول ذلك العنوان، فإنّه يجوز البيع حينئذ(1)وإن كانت الفائدة باقيةً بحالها أو أكثر.

ومنها: ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدّي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدِّ بها عرفاً، واللازم تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.

(مسألة: 10) ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد، فإنّها لا يجوز بيعها على كلّ حال. نعم، يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، وكتب العلم، والمدارس، والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصّة.

(مسألة: 11) إذا جاز بيع الوقف فالأحوط مراجعة الحاكم الشرعيّ(2)والاستئذان منه في البيع، كما أنّ الأحوط أن يشتري بثمنه ملكاً ويوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأوّل. نعم، لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر، أو في وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب. وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه جاز، بل وجب على الوليّ بيع بعضه ولم يجزْ بيع جميعه.

(مسألة: 12) لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيّدها ولو كان حملا غير مولود، وكذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل، وإذا مات ولدها جاز بيعها، كمايجوز



(1) هذا ليس من موارد بيع الوقف؛ لأنّ الوقف يبطل بزوال ذاك العنوان، وترجع العين إلى الواقف، أو ورثته.

(2) ولوكان للعين الموقوفة متولٍّ شرعيّ معيّن في صيغة الوقف، فالأحوط الجمع بين توليته ومراجعة الحاكم الشرعيّ، فيتصدّى المتولّي للبيع مع مراجعة الحاكم الشرعيّ، ولو لم يكن له متولٍّ خاصّ، فإن كانت موقوفة على أشخاص، تولّوا البيع بمراجعة الحاكم، ولو كانت موقوفة وقفاً عامّاً، تصدّى الحاكم الشرعيّ لبيعها.

61

بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، وفي هذه المسألة فروع كثيرة لمنتعرّض لها لقلّة الابتلاء.

(مسألة: 13) لا يجوز بيع الأرض الخراجيّة (وهي الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح)، فإنّها ملك للمسلمين مَن وجد ومَن يوجد، ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، وأن لا تكون، بل الظاهر عدم جواز التصرّف فيها إلّا بإذن الحاكم الشرعيّ، إلّا أن تكون تحت سلطة سلطان المدّعي للخلافة العامّة، فيكفي الاستئذان منه، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعيّ حينئذ إشكال(1). ولو ماتت الأرض العامرة حين الفتح فالظاهر أنّها لا تملك بالإحياء، بل هي باقية على ملك المسلمين. أمّا الأرض الميّتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام (عليه السلام)، وإذا أحياها أحد ملكها بالإحياء، مسلماً كان المحيي أو كافراً(2)، وليس عليه دفع العوض(3)، وإذا تركها حتّى ماتت فهي على ملكه، فإذا ترك زرعها جاز لغيره زرعها بلا إذن منه ويعطيه خراجها(4)، وإذا أحياها السلطان المدّعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجيّة(5).



(1) الظاهر كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعيّ، ومع تعذّر الاستئذان من الحاكم الشرعيّ يكون الاستئذان من السلطان المذكور احتياطيّاً؛ لأنّ أرض الخراج محلّلة للشيعة في عصر الغيبة في ظلّ الحكومات الجائرة.

(2) بل تبقى الأرض ملكاً للإمام، وللمحيي حقّ الاختصاص.

(3) إلّا إذا طالب الإمام بذلك، وقد ثبت التحليل للمؤمنين.

(4) إذا كان موت الأرض وخرابها بإهمال صاحبها الأوّل، جاز للثاني إحياؤها، وكانت له كما كانت للأوّل، وليس للأوّل عليه شيء، وإذا لم يكن خرابها كذلك، لم يجز للثاني التصرّف في الأرض بدون إذن الأوّل لدى إمكان معرفة صاحب الأرض.

(5) لا أرى وجهاً للحوقها حكم الأرض الخراجيّة.

62

(مسألة: 14) في تعيين أرض الخراج إشكال، وقد ذكر العلماء والمؤرِّخون مواضع كثيرةً منها. وإذا شكّ في أرض أنّها ميّتة أو عامرة حين الفتح يعمل على أنّها ميّتة، فيجوز إحياؤها وتملّكها إن كانت حيّة، كما يجوز بيعها وغيره من التصرّفات الموقوفة على الملك.

(مسألة: 15) يشترط في كلٍّ من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه، فلا يجوز بيع الجَمل الشارد(1)، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها. ولو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب صحّ، كما أنّه يصحّ بيعها على الغاصب أيضاً وإن كان البائع لا يقدر على أخذها منه ثمّ الدفع إليه، وإذا كان المبيع ممّالايستحقّ المشتري أخذه كما لو باع من ينعتق على المشتري صحّ وإن لم يقدر على تسليمه.

(مسألة: 16) لو علم بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل، ولو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحّة.

(مسألة: 17) لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه لكن علم بحصولها بعده فإن كانت المدّة يسيرةً صحّ، وإذا كانت طويلةً لا يتسامح بها: فإن كانت مضبوطةً مثل سنة أو أكثر فالظاهر الصحّة مع علم المشتري بها، وكذا مع جهله بها لكن يثبت الخيار للمشتري، وإن كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان، كما لو باعه دابّةً غائبةً يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه(2).



(1) كلّ ماكان يجوز جعل الثمن بإزائه ابتداءً يجوز جعله بإزاء المجموع منه ومن غير المقدور على تسليمه ممّا يحتمل قدرة المشتري على تسلّمه، كقدرته على تحصيل الجمل الشارد مثلاً.

(2) إذا كان بشكل تصبح المعاملة سفهيّة، أو غرريّة لا يقدم عليها العقلاء.

63

(مسألة: 18) إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإن كان وكيلا في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، وإن كان وكيلا في المعاملة كعامل المضاربة فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحّة المعاملة، فإذا لم يقدرا معاً بطل البيع.

(مسألة: 19) يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة إذا كانت ذات قيمة معتدٍّبها.