110

 

 

لمحة عن الإمام عليّ بن محمّد الهادي(عليه السلام)

 

يا أيّهذا الرائحُ الغادي
عرّجْ على سيّدِنا الهادي
واخلعْ إذا شارفتَ ذاك الثرى
فعل كليم الله في الوادي
وقبّلِ الأرضَ وسُف(۱) تربةً
فيها العلى والشرفُ العادي(۲)
وقلْ سلامُ اللهِ وقفٌ على
مستخرَج من صلبِ أجوادِ

* * *

يا آلَ طه أنتمُ عُدَّتي
ووصفكم بين الورى عادي(۳)
وشكركم دأبي وذكري لكم
همّي وتسبيحي وأورادي

* * *


(1) من ساف بمعنى اشتمّ.
(2) أي: القديم.
(3) أي: قديم.
111

ولي أمانٌ فيكمُ جمّةٌ(۱)
تقضي بإقبالي وإسعادي
وواجبٌ في شرعِ إحسانكم
إنالتي الخيرَ وإمدادي
لا زال قلبي لكمُ مسكناً
في حالتي قُرب وإبعادي(۲)
يُروى أنّ الإمام عليّ بن محمّد الهادي(عليه السلام) كان في سني إمامته بقيّة ملك المعتصم ثمّ الواثق والمتوكّل والمنتصر والمستعين والمعتزّ، وفي آخر مُلك المعتمد استشهد مسموماً، وقال ابن بابويه: «وسمّه المعتمد»(3).

وقال عادل الأديب (حفظه الله) في كتابه (الأئمّة الاثنا عشر)(4): عاش الإمام الهادي(عليه السلام) بعد استشهاد أبيه ظروفاً صعبة وقاسية، وقد عاصر حكم المتوكّل الذي عرف بحقده على الإمام(عليه السلام)وملاحقته لأصحابه وقواعده التي كانت تتّسع يوماً بعد يوم، هذا التوسّع الذي


(1) الجمّة: الكثرة.
(2) كشف الغمّة 3:195 ـ 196.
(3) بحار الأنوار 50:114 نقلاً عن مناقب آل أبي طالب.
(4) ص 226.
112

انعكس على واقع الجهاز الحاكم حتّى شعر المتوكّل بخطورة الموقف وحرجه، فحاول تفادي المضاعفات بطريقتين متلازمتين في آن واحد معاً:

1 ـ شنّ حملة مطاردة واضطهاد لقواعد الإمام(عليه السلام) وأصحابه وتدمير كلّ أثر شيعيّ لهم، زيادةً في إرهابهم، وإمعاناً في إذلالهم «حتّى أنّه كرب قبر الحسين وعفى آثاره»(1).

2 ـ عزل الإمام(عليه السلام) عن قواعده، تمهيداً لشرذمتها، وتمييع قضيّتها، وتأييسها من الانتصار.

أقول: وإنّني أقتصر هنا على ذكر عدد من الروايات من البحار ممّا توضّح هيبة الإمام عليّ الهادي(عليه السلام) وعظمته الاجتماعيّة:

1 ـ روى في البحار(2) عن مروج الذهب للمسعودي، عن يحيى بن هرثمة قال: «وجّهني المتوكّل إلى المدينة لإشخاص عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى(عليه السلام) لشيء بلغه عنه، فلمّا صرت إليها ضجّ أهلها، وعجّوا ضجيجاً وعجيجاً ما سمعت مثله، فجعلت اُسكّنهم وأحلف أنّي لم اُؤمَر فيه بمكروه، وفتّشت منزله فلم اُصب فيه إلّا مصاحف ودعاء وما أشبه ذلك، فأشخصته وتولّيت خدمته وأحسنت عشرته...».

 


(1) اُنظر مقاتل الطالبيّين: 395.

(2) بحار الأنوار 50:207.

113

فانظُر إلى قوّته(عليه السلام) الاجتماعيّة التي أوجبت هذا الضجيج والعجيج في المدينة والتي أجبرت يحيى بن هرثمة على ذاك التسكين والحلف.

ولا تنافي بين ما ورد في هذا الحديث من تفتيش منزله(عليه السلام) وما سننقله الآن ـ إن شاء الله ـ من الرواية الثانية التي تقول: إنّ إشخاصه(عليه السلام)إلى سامرّاء كان بطلب من نفس الإمام(عليه السلام) من المتوكّل أو ـ على الأقلّ ـ بتفاهم بينهما.

2 ـ ورد في البحار(1) نقلاً عن كتاب الإرشاد ما يلي:

«كان سبب شخوص أبي الحسن(عليه السلام) من المدينة إلى سرّ من رأى أنّ عبدالله بن محمّد كان يتولّى الحرب والصلاة في مدينة الرسول(صلى الله عليه وآله)، فسعى بأبي الحسن إلى المتوكّل وكان يقصده بالأذى، وبلغ أبا الحسن(عليه السلام)سعايته به، فكتب إلى المتوكّل يذكر تحامل عبد الله بن محمّد عليه وكذبه فيما يسعى به، فتقدّم المتوكّل بإجابته عن كتابه ودعائه فيه إلى حضور العسكر(2) على جميل من الفعل والقول، فخرجت نسخة الكتاب، وهي:

بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد: فإنّ أميرالمؤمنين عارف بقدرك، راع لقرابتك، موجب لحقّك، مؤثر من الاُمور فيك وفي أهل بيتك ما


(1) بحار الأنوار 50:200 ـ 203.

(2) يعني: سرّ من رأى.

114

يصلح الله به حالك وحالهم، ويثبّت به عزّك وعزّهم، ويدخل الأمن عليك وعليهم، يبتغي بذلك رضا ربّه وأداء ما فرض عليه فيك وفيهم، فقد رأى أميرالمؤمنين صرف عبدالله بن محمّد عمّا كان يتولّى من الحرب والصلاة بمدينة الرسول إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقّك، واستخفافه بقدرك، وعند ما قرفك(1) به ونسبك إليه من الأمر الذي قد علم أميرالمؤمنين براءتك منه، وصدق نيّتك في برّك وقولك، وأنّك لم تؤهّل نفسك لما قُرِفت(2) بطلبه.

وقد ولّى أميرالمؤمنين ما كان يلي من ذلك محمّد بن الفضل، وأمره بإكرامك وتبجيلك، والانتهاء إلى أمرك ورأيك، والتقرّب إلى الله وإلى أميرالمؤمنين بذلك، وأميرالمؤمنين مشتاق إليك يحبّ إحداث العهد بك والنظر إلى وجهك.

فإن نشطت لزيارته والمقام قبله ما أحببت شخصت ومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك على مهلة وطمأنينة، ترحل إذا شئت، وتنزل إذا شئت، وتسير كيف شئت، فإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أميرالمؤمنين ومن معه من الجند يرحلون برحيلك ويسيرون بمسيرك فالأمر في ذلك إليك، وقد تقدّمنا إليه بطاعتك.

 


(1) أي: اتّهمك.

(2) أي: اتّهمتَ.

115

فاستخر الله(1) حتّى توافي أميرالمؤمنين، فما أحد من إخوته ووُلده وأهل بيته وخاصّته ألطف منه منزلة، ولا أحمد له إثرة(2)، ولا هو لهم أنظر، وعليهم أشفق، وبهم أبرّ، وإليهم أسكن منه إليك».

أقول: إنّ هذا الاُسلوب من الكلام يبدو أنّه هو نفس ما مضى من سياسة مأمون في تبجيله للرضا والجواد(عليهما السلام)، وهذا يؤيّد ما يقوله اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): من أنّ الإمام الهادي هو ثالث أئمّة الدور الثالث.

ومع ذلك حاول المتوكّل إهانة الإمام(عليه السلام) ليوم واحد قبل لقائه به، وذلك بجعله في خان الصعاليك بحسب ما يبدو من تتمّة الرواية، وهي ما يلي:

«فلمّا وصل الكتاب إلى أبي الحسن(عليه السلام) تجهّز للرحيل وخرج معه يحيى بن هرثمة حتّى وصل سرّ من رأى، فلمّا وصل إليها تقدّم المتوكّل بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يقال له خان الصعاليك، وأقام به يومه، ثمّ تقدَّم المتوكّل بإفراد دار له فانتقل إليها».

وروي عن صالح بن سعيد قال: «دخلت على أبي الحسن(عليه السلام) يوم وروده، فقلت له: جعلت فداك في كلّ الاُمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتّى أنزلوك هذا المكان الأشنع خان الصعاليك.

 


(1) أي: اطلُب الخير من الله.

(2) أي: إكراماً.

116

فقال: هاهنا أنت يا ابن سعيد! ثمّ أومأ بيده فإذا أنا بروضات أنيقات، وأنهار جاريات، وجنّات فيها خيرات عطرات وولدان كأنّهنّ اللؤلؤ المكنون، فحار بصري وكثر عجبي. فقال(عليه السلام): حيث كنّا فهذا لنا، يا ابن سعيد لسنا في خان الصعاليك.

وأقام أبو الحسن(عليه السلام) مدّة مقامه بسرّ من رأى مكرّماً في ظاهر حاله، يجتهد المتوكّل في إيقاع حيلة به، فلا يتمكّن من ذلك...».

3 ـ روى في البحار(1) عن الخرائج عن أبي هاشم الجعفري: «قال: ظهرت في أيّام المتوكّل امرأة تدّعي أنّها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال المتوكّل: أنت امرأة شابّة وقد مضى من وقت رسول الله(صلى الله عليه وآله) ما مضى من السنين. فقالت: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) مسح عليّ وسأل الله أن يردّ عليّ شبابي في كلّ أربعين سنة، ولم أظهر للناس إلى هذه الغاية، فلحقتني الحاجة فصرت إليهم.

فدعا المتوكّل مشايخ آل أبي طالب وولد العبّاس وقريش وعرّفهم حالها، فروى جماعة وفاة زينب في سنة كذا. فقال لها: ما تقولين في هذه الرواية؟

فقالت: كذبٌ وزور، فإنّ أمري كان مستوراً عن الناس، فلم يعرف لي حياة ولا موت.

 


(1) بحار الأنوار 50:149 ـ 150.

117

فقال لهم المتوكّل: هل عندكم حجّة على هذه المرأة غير هذه الرواية؟ فقالوا: لا. فقال:(1) هو بريء من العبّاس إن لا أنزلها عمّا ادّعت إلّا بحجّة.

قالوا: فأحضِر ابن الرضا(2) فلعلّ عنده شيئاً من الحجّة غير ما عندنا، فبعث إليه فحضر، فأخبره بخبر المرأة. فقال(عليه السلام): كذبت، فإنّ زينب توفّيت في سنة كذا، في شهر كذا، في يوم كذا.

قال: فإنّ هؤلاء قد رووا مثل هذه وقد حلفتُ أن لا اُنزلها إلّا بحجّة تلزمها.

قال(عليه السلام): ولا عليك فهاهنا حجّة تلزمها وتلزم غيرها قال: وما هي؟ قال: لحوم بني فاطمة محرّمة على السباع(3)، فأنزِلها إلى السباع، فإن كانت من ولد فاطمة فلا تضرّها.

فقال لها: ما تقولين؟ قالت: إنّه يريد قتلي. قال: فهاهنا جماعة من ولد الحسن والحسين(عليهما السلام)فأنزل من شئت منهم. قال: فوالله لقد تغيّرت وجوه الجميع. فقال بعض المبغضين: هو يحيل على غيره لِمَ لا يكون هو؟

 


(1) أي: المتوكّل.

(2) أي: الهادي(عليه السلام).

(3) يُحمل ذلك على أولادها المباشرين وعلى المعصومين(عليهم السلام) وعلى من يريد المعصوم بشأنه ذلك.

118

فمال المتوكّل إلى ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع، فقال: يا أبا الحسن، لِمَ لا تكون أنت ذلك؟ قال: ذاك إليك. قال: فافعل. قال: أفعل. فاُتي بسلّم وفتح عن السباع وكانت ستّة من الاُسد، فنزل أبو الحسن إليها، فلمّا دخل وجلس صارت الاُسود إليه، فرمت بأنفسها بين يديه ومدّت بأيديها ووضعت رؤوسها بين يديه، فجعل يمسح على رأس كلّ واحد منها، ثمّ يشير إليه بيده إلى الاعتزال، فتعتزل ناحية حتّى اعتزلت كلّها وأقامت بإزائه.

فقال له الوزير: ما هذا صواباً. فبادر بإخراجه من هناك قبل أن ينتشر خبره، فقال له: يا أبا الحسن، ما أردنا بك سوءاً وإنّما أردنا أن نكون على يقين ممّا قلت، فاُحبّ أن تصعد، فقام وصار إلى السلّم وهي حوله تتمسّح بثيابه.

فلمّا وضع رجله على أوّل درجة التفت إليها وأشار بيده أن ترجع، فرجعت وصعد.

فقال(عليه السلام): كلّ من زعم أنّه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس.

فقال لها المتوكّل: انزلي. قالت: الله الله ادّعيت الباطل، وأنا بنت فلان، حملني الضرّ على ما قلت. قال المتوكّل: ألقوها إلى السباع، فاستوهبتها والدته(1)».

 


(1) أي: والدة المتوكّل.

119

4 ـ روى في البحار(1) عن المسعودي في مروج الذهب ما يلي:

«سُعي إلى المتوكّل بعليّ بن محمّد الجواد(عليه السلام) أنّ في منزله كُتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم على الوثوب بالدولة. فبعث إليه جماعةً من الأتراك فهجموا داره ليلاً، فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوجّه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن.

فحُمل على حاله تلك إلى المتوكّل وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة، وكان المتوكّل جالساً في مجلس الشرب، فدخل عليه والكأس في يد المتوكّل.

فلمّا رآه هابه وعظّمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس التي كانت في يده، فقال: والله ما يخامر لحمي ودمي قطّ فاعفني، فأعفاه، فقال: أنشدني شعراً. فقال(عليه السلام): إنّي قليل الرواية للشعر. فقال: لابدّ، فأنشده(عليه السلام) وهو جالس عنده:

باتوا على قللِ الأجبالِ تحرسُهم
غلبُ الرجالِ فلم تنفعهُم القللُ
واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم
واُسكنوا حفراً يا بئسَ ما نزلوا
 


(1) بحار الأنوار 50: 211 ـ 212.
120

ناداهمُ صارخٌ من بعدِ دفنهمُ
أينَ الأساورُ والتيجانُ والحللُ
أينَ الوجوهُ التي كانت منعّمةً
من دونها تضربُ الأستارُ والكللُ
فأفصَح القبرُ عنهم حين ساءلهم
تلك الوجوهُ عليها الدودُ تقتتلُ
قد طال ما أكلوا دهراً وقد شربوا
وأصبحوا اليومَ بعدَ الأكلِ قد اُكِلوا
قال: فبكى المتوكّل حتّى بلّت لحيته دموع عينيه، وبكى الحاضرون، ودفع إلى عليّ(عليه السلام) أربعة آلاف دينار، ثمّ ردّه إلى منزله مكرَّماً».

5 ـ روى في البحار(1) عن المناقب، عن سلمة الكاتب قال: «قال خطيب يلقّب بالهريسة للمتوكّل: ما يعمل أحد بك ما تعمله بنفسك في عليّ بن محمّد، فلا في الدار إلّا من يخدمه، ولا يتعبونه بشيل الستر لنفسه. فأمر المتوكّل بذلك. فرفع صاحب الخبر أنّ عليّ بن محمّد دخل الدار فلم يُخدم ولم يشل أحد بين يديه الستر، فهبّ هواء فرفع الستر حتّى دخل وخرج، فقال: شيلوا له الستر بعد ذلك فلا نريد أن يشيل له الهواء».

قال المجلسي(رحمه الله): «وفي تخريج أبي سعيد العامري رواية عن صالح


(1) بحار الأنوار 50: 203 ـ 204.
121

بن الحكم بيّاع السابريّ قال: كنت واقفيّاً، فلمّا أخبرني حاجبالمتوكّل بذلك أقبلت أستهزئ به إذ خرج أبوالحسن فتبسّم في وجهي من غير معرفة بيني وبينه، وقال: يا صالح، إنّ الله تعالى قال في سليمان: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾(1)، ونبيّك وأوصياء نبيّك أكرم على الله تعالى من سليمان. قال: وكأنّما انسلّ من قلبي الضلالة، فتركت الوقف».

6 ـ روى في البحار(2) عن المناقب، عن أبي محمّد الفحّام قال: سأل المتوكّل ابنَ الجهم: مَن أشعر الناس؟ فذكر شعراء الجاهليّة والإسلام، ثمّ إنّه سأل أبا الحسن(عليه السلام)فقال: الحِمّاني(3) حيث يقول:

لقد فاخرتنا من قريش عصابةٌ
بمطّ(٤) خدود وامتدادِ أصابعِ
فلمّا تنازعنا المقالَ قضى لنا
عليهم بما يهوى نداءُ الصوامعِ


(1) سورة 38 ص، الآية: 36.
(2) بحار الأنوار 50: 190 ـ 191.
(3) في الصفحة: 129 من البحار، ج 50: «قال: فلان بن فلان العلويّ. قال ابن الفحّام: وأخوه الحمّاني». وهذه النسخة أصحّ; لأنّ الحِمّاني تميميّ لا علويّ.
(4) المطّ: المدّ. ومطّ خدّه: أي: تكبر.
122

ترانا سكوتاً والشهيدُ بفضلِنا
عليهم جهير الصوتِ في كلّ جامعِ
فإنّ رسولَ اللهِ أحمدَ جدُّنا
ونحنُ بنوه كالنجومِ الطوالعِ
قال: وما نداء الصوامع يا أبا الحسن؟ قال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله جدّي أم جدّك؟! فضحك المتوكّل، ثمّ قال: هو جدّك لا ندفعك عنه.

7 ـ وممّا يشهد لتوجّس المتوكّل خيفة من عظمة أبي الحسن الهادي(عليه السلام) تكرّر كبسه لدار الإمام(عليه السلام) وهو(عليه السلام) يظهر بمظهر اللا مبالاة والهدوء التامّ والشخص الواثق من براءته، وكان يعين الشرطة المتجسّسين على مهمّتهم فيسرج لهم الضياء ويدلّهم على غرف الدار توخّياً في الإيحاء للدولة بأنّه لا يملك أيّ نشاط غريب، فقد روي في البحار(1) عن إعلام الورى وعن الإرشاد، عن ابن قولويه، عن الكليني، عن عليّ بن محمّد، عن إبراهيم بن محمّد الطاهري: «قال: مرض المتوكّل من خُراج(2) خرج به، فأشرف منه على التلف، فلم يجسر أحد أن يمسّه بحديدة، فنذرت اُمّه إن عوفي أن يحمل إلى


(1) بحار الأنوار 50: 198 ـ 200.
(2) الخراج كغراب: القروح والدماميل العظيمة.
123

أبي الحسن عليّ بن محمّد(عليه السلام)مالاً جليلاً من مالها.

وقال له الفتح بن خاقان: لو بعثت إلى هذا الرجل ـ يعني أبا الحسن ـ فسألته فإنّه ربّما يكون عنده صفة شيء يفرّج الله به عنك. قال: ابعثوا إليه. فمضى الرسول ورجع فقال: خذوا كُسب(1) الغنم فديّفوه بماء ورد وضعوه على الخُراج، فإنّه نافع بإذن الله.

فجعل من بحضرة المتوكّل يهزأ من قوله، فقال لهم الفتح: وما يضرّ من تجربة ما قال، فوالله إنّي لأرجو الصلاح به. فاُحضر الكُسب ودُيّف بماء الورد ووُضع على الخُراج فانفتح وخرج ما كان فيه، وبُشّرت اُمّ المتوكّل بعافيته، فحملت إلى أبي الحسن(عليه السلام) عشرة آلاف دينار تحت ختمها، فاستقلّ(2) المتوكّل من علّته.

فلمّا كان بعد أيّام سعى البطحائي بأبي الحسن(عليه السلام) إلى المتوكّل فقال: عنده سلاح وأموال. فتقدّم المتوكّل إلى سعيد الحاجب أن يهجم ليلاً عليه، ويأخذ ما يجد عنده من الأموال والسلاح، ويحمل إليه.

فقال إبراهيم بن محمّد: قال لي سعيد الحاجب: صرت إلى دار أبي الحسن(عليه السلام) بالليل ومعي سلّم، فصعدت منه إلى السطح، ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة، فلم أدر كيف أصل إلى الدار، فناداني


(1) الكُسب ثفل الدهن.

(2) أي: ارتفع.

124

أبو الحسن(عليه السلام) من الدار: يا سعيد، مكانك حتّى يأتوك بشمعة، فلم ألبث أن أتوني بشمعة، فنزلت، فوجدت عليه جبّة من صوف وقلنسوة منها وسجّادته على حصير بين يديه هو مُقبل على القبلة، فقال لي: دونك البيوت.

فدخلتها وفتّشتها فلم أجد فيها شيئاً ووجدت البدرة مختومة بخاتم اُمّ المتوكّل وكيساً مختوماً معها، فقال أبو الحسن(عليه السلام): دونك المصلّى، فرفعت فوجدت سيفاً في جفن غير ملبوس فأخذت ذلك وصرت إليه.

فلمّا نظر إلى خاتم اُمّه على البدرة بعث إليها فخرجت إليه، فسألها عن البدرة، فأخبرني بعض خدم الخاصّة أنّها قالت له: كنت نذرت في علّتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار، فحملتها إليه، وهذا خاتمك على الكيس ما حرّكها.

وفتح الكيس الآخر وكان فيه أربع مئة دينار، فأمر أن يضمّ إلى البدرة بدرة اُخرى وقال لي: احمل ذلك إلى أبي الحسن، واردد عليه السيف والكيس بما فيه، فحملت ذلك إليه واستحييت منه وقلت: يا سيّدي، عزّ عليّ بدخول دارك بغير إذنك، ولكنّي مأمور به. فقال لي: ﴿سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَب يَنقَلِبُون﴾(1)».

 


(1) سورة 26 الشعراء، الآية: 227.

125

 

لمحة عن الإمام الحسن العسكريّ(عليه السلام)

 

قال الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾(1).

روي في كنز الدقائق عن اُصول الكافي، عن بريد بن معاوية العجليّ قال: «سألت أبا جعفر(عليه السلام)عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ قال: إيّانا عنى»(2).

وروى أيضاً عن اُصول الكافي، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) قال: «سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾قال: الصادقون هم الأئمّة، والصدّيقون بطاعتهم»(3).

وروى عن كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) بإسناده إلى سليم بن قيس الهلاليّ، عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) أنّه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيّام خلافة عثمان: «أسألكم بالله


(1) سورة 9 التوبة، الآية: 119.

(2) كنز الدقائق 5: 568.

(3) المصدر السابق: 569.

126

أتعلمون أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لمّا أنزل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ فقال سلمان: يا رسول الله، عامّة هذه الآية أم خاصّة؟ فقال(صلى الله عليه وآله): أمّا المأمورون فعامّة المؤمنين اُمروا بذلك، وأمّا الصادقون فخاصّة لأخي عليّ وأوصيائه من بعده إلى يوم القيامة، قالوا: اللّهمّ نعم»(1).

وروى عن أمالي شيخ الطائفة(قدس سره) بإسناده إلى جابر، عن أبي جعفر(عليه السلام) في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ قال: «مع عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)»(2).

يا راكباً يسري على جَسْرَة(۳)
قد غبّرت في أوجُه الضُمَّر(٤)
عرّجْ بسامرّاءَ والثم ثرى
أرضِ الإمامِ الحسنِ العسكريّ
عرّجْ على من جدُّه صاعدٌ
ومجدُه عال على المشتري


(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) أي: على جَسارة وجرأة.
(4) الفرس: الضامر، أي: الهزيل.
127

على الإمامِ الطاهرِ المجتبى
على الكريمِ الطيّبِ العنصرِ
على وليّ الله في عصرِه
وابنِ خيارِ اللهِ في الأعصُرِ
على كريم صوب معروفهِ
يربى على صوب الحيا(۱) المُمطِر
على إمام عدلُ أحكامهِ
يسلّطُ العُرفَ على المُنكَرِ
وبلِّغَن عن عبدِ آلائه
تحيّةً أزكى من العنبرِ
وقلْ سلامُ اللهِ وقفٌ على
ذاكَ الجنابِ المُمرِع(۲) الأخضرِ
دار بحمدِ الله قِد اُسّست
على التقى والشرفِ الأطهرِ
من جنّة الخلد ثرى أرضِها
وماؤها من نَهَرِ الكوثرِ


(1) المطر.
(2) أمرع المكان: أخصب.
128

حلّ بها شخصانِ من دوحة
أغصانُها طيّبة المَكسرِ(۱)
العسكريّانِ هما ما هما
فطوِّلِ التقريضَ أو قَصّرِ
غُصنا علاء قمرا سُدفة(۲)
شمسا نهار فارسا مِنبَرِ
من معشر فاقوا جميع الورى
جلالةً ناهيكَ من معشرِ
هُم الاُولى شادوا بناءَ العُلى
بالأبيضِ الباترِ والأسمرِ(۳)
همُ الاُولى لولاهُمُ في الورى
لم يُعرَفِ الحقُّ ولم يُنكَرِ
همُ الاُولى لولاهمُ في الورى
لم يؤمنِ العبدُ ولم يكفُر


(1) المَكْسر: موضع الكسر.
(2) السدفة: الظلمة.
(3) يعني: بالسيف القاطع الأبيض وبالرُمح الأسمر.
129

همُ الاُولى سنّوا لنا منهجاً
بواضح من سعيهم نَيّرِ
همُ الاُولى دلّوا على مذهب
مثلِ الصباحِ الواضحِ المُسفِرِ
فاتّضَح الحقُّ لروّادهِ
ولاح قصدُ الطالبِ المُبصِرِ
أخلاقُهم أنّى أتى سائلٌ
مثلُ الربيعِ اليانعِ المُزهِرِ
يا سادتي إنّ ولائي لكم
من خيرِ ما قدّمتُ للمحشرِ(۱)
أرجو بكم نيلَ الأماني غداً
في مَبْعَثي والأمنَ في مَقبَري
فأنتمُ قصدي وحبّي لكم
تجارتي والربحُ في مَتْجَري
والحمدُ للهِ على أنّه
وفّقني للغرضِ الأكبرِ(۲)


(1) هو الذي أرجوه في محشري (نسخة بدل).
(2) قصيدة للأربليّ في كشف الغُمّة 3: 231 ـ 232.
130

عدّ الحاج عادل الأديب (حفظه الله) في كتابه (الأئمّة الاثنا عشر)(1) عدّة مواقف هامّة للإمام الحسن العسكريّ(عليه السلام) تجاه أحداث زمانه وأوضاعه:

الموقف الأوّل: موقفه من الحكم والحكّام.

والموقف الثاني: موقفه من الحركة العلميّة والتثقيف العقائديّ.

والموقف الثالث: موقفه في مجال الإشراف على قواعده الشعبيّة وحماية وجودها وتنمية وعيها وحدّها بكلّ أساليب الصمود والارتفاع إلى مستوى الطليعة المؤمنة.

والموقف الرابع: موقفه(عليه السلام) من التمهيد للغيبة.

أمّا الموقف الأوّل ـ وهو موقفه من الحكم والحكّام ـ: فقد كانت سياسة العبّاسيّين تجاه الأئمّة(عليهم السلام) واضحة من أيّام الإمام الرضا(عليه السلام)، وتلخّصت بالحرص على دمج إمام أهل البيت وصَهره في الجهاز الحاكم، وضمان مراقبتهم الدائمة له ومن ثمّ فصله عن قواعده ومواليه.

وهذه السياسة المخادعة كانت نافذة تجاه الإمام الحسن العسكريّ(عليه السلام); لمزاياها الكثيرة بالنسبة للحكم، فكان العسكريّ(عليه السلام)كوالده مُجبراً على الإقامة في سامرّاء مكرهاً على الذهاب والحضور إلى بلاد الخليفة.

 


(1) ص 236 ـ 246.

131

فكان الإمام(عليه السلام) كآبائه في موقفه من الحكّام قد وقف موقفاً حذراً. ومحترساً في علاقته بالحكم دون أن يثير أيّ اهتمام أو أن يلقي بنفسه في أضواء الحكم وجهازه، بل كانت علاقته بالحكم روتينيّة رتيبة، تمسّكاً بخطّ آبائه تجاه السلطة العبّاسيّة، فكان(عليه السلام) يركب إلى دار الخلافة في كلّ اثنين وخميس على ما رواه في المناقب(1) نقلاً عن غيبة الطوسي، عن أبي عليّ بن همام، عن شاكري(2) أبي محمّد: «قال: كان اُستاذي صالحاً من العلويّين لم أرَ مثله قطّ، وكان يركب إلى دار الخلافة في كلّ اثنين وخميس، وكان يوم النوبة يحضر من الناس شيء عظيم، ويغصّ الشارع بالدوابّ والبغال والحمير والضجّة، لا يكون لأحد موضع يمشي ولا يدخل بينهم، وإذا جاء اُستاذي سكنت الضجّة، وهدأ صهيل الخيل ونهاق الحمير، وتفرّقت البهائم، حتّى يصير الطريق واسعاً ثمّ يدخل، وإذا أراد الخروج وصاح البوّابون: هاتوا دابّة أبي محمّد، سكن صياح الناس وصهيل الخيل، وتفرّقت الدوابّ، حتّى يركب ويمضي».

فموقف الإمام السلبيّ هذا أكسبه أمام الحكّام احتراماً ومنزلة رفيعة من قبيل الوزير عبيد الله بن خاقان.

 


(1) ج 3: 533.

(2) معرّب چاكر، أي: الأجير والمستخدم لأبي محمّد(عليه السلام).

132

ومن أطرف ما يروى بهذا الصدد ما رواه المجلسيّ(رحمه الله) في البحار(1)عن (كمال الدين) للصدوق(رحمه الله)، عن أبيه وابن الوليد معاً عن سعد بن عبد الله قال: «حدّثنا من حضر موت الحسن بن عليّ بن محمّد العسكريّ(عليه السلام) ودفنه: ممّن لا يوقف على إحصاء عددهم ولا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب:

وبعد: فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومئتين، وذلك بعد مضيّ أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ(عليهما السلام) بثما نية عشر سنة أو أكثر مجلس أحمد(2) بن عبيد الله بن خاقان، وهو عامل السلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قم، وكان من أنصب خلق الله وأشدّهم عداوة لهم، فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسرّ من رأى ومذاهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السلطان، فقال أحمد(3) بن عبيد الله: ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلاً من العلويّة مثل الحسن بن عليّ بن محمّد بن الرضا، ولا سمعت به في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم وتقديمهم إيّاه على ذوي السنّ منهم والخطر، وكذلك القوّاد والوزراء والكتّاب وعوام الناس.

 


(1) بحار الأنوار 50: 325 ـ 329.

(2) و(3) وهو ابن هذا الوزير الخبيث.

133

وإنّي كنت قائماً ذات يوم على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس إذ دخل عليه حجّابه فقالوا له: ابن الرضا على الباب. فقال بصوت عال: ائذنوا له. فدخل رجل أسمر أعين، حسن القامة، جميل الوجه، جيّد البدن، حدث السنّ، له جلالة وهيبة.

فلمّا نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم ولا بالقوّاد ولا بأولياء العهد، فلمّا دنا منه عانقه وقبّل وجهه ومنكبيه، وأخذ بيده وأجلسه على مصلاّه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلاً عليه بوجهه، وجعل يكلّمه ويكنّيه ويُفديه بنفسه وأبويه، وأنا متعجّب ممّا أرى منه إذ دخل عليه الحجّاب فقالوا الموفّق(1) قد جاء.

وكان الموفّق إذا جاء ودخل على أبي تقدّم حجّابه وخاصّة قوّاده فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج، فلم يزل أبي مقبلاً عليه يحدّثه حتّى نظر إلى غلمان الخاصّة فقال حينئذ: إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمّد. ثمّ قال لغلمانه: خذوا به خلف السماطين لئلاّ يراه الأمير ـ يعني الموفّق ـ وقام أبي فعانقه وقبّل وجهه ومضى.

 


(1) وهو أخو الخليفة المعتمد على الله العبّاسي: أحمد بن المتوكّل، وكان صاحب جيشه، أي: قائد القوّات المسلّحة.

134

فقلت لحجّاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل؟ فقالوا: هذا رجل من العلويّة يقال له: الحسن بن عليّ يعرف بابن الرضا. فازددت تعجّباً، فلم أزل يومي ذلك قلقاً متفكّراً في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتّى كان الليل، وكانت عادته أن يصلّي العتمة ثمّ يجلس فينظر فيما يحتاج من المؤامرة وما يرفعه إلى السلطان.

فلمّا نظر وجلس جئت فجلست بين يديه، فقال: يا أحمد، ألك حاجة؟ قلت: نعم يا أبة، إن أذنت سألتك عنها. فقال: قد أذنت لك يا بنيّ فقل ما أحببت. فقلت: يا أبة، من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الإجلال والإكرام والتبجيل وفدّيته بنفسك وأبويك؟ فقال: يا بنيّ، ذلك ابن الرضا، ذاك إمام الرافضة. فسكت ساعة فقال: يا بنيّ، لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العبّاس ما استحقّها أحد من بني هاشم غير هذا، فإنّ هذا يستحقّها في فضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميع أخلاقه وصلاحه، ولو رأيت أباه لرأيت رجلاً جليلاً نبيلاً خيّراً فاضلاً(1).

فازددتُ قلقاً وتفكّراً وغيظاً على أبي ممّا سمعت منه فيه، ولم يكن لي همّة بعد ذلك إلّا السؤال عن خبره والبحث عن أمره، فما سألت


(1) انظر إلى اعتراف من هو في معسكر الأعداء بفضلهم(عليهم السلام).