561

(مسألة: 17) إذا كانت المرأة تحيض بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّةً، فطلّقها في أوّل الطهر، ومرّت عليها ثلاثة أشهر بيض، فقد خرجت من العدّة، وكانت عدّتها الشهور لا الأطهار، وإذا كانت تحيض في كلّ ثلاثة أشهر مرّةً بحيث لا تمرّ عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها، فهذه عدّتها الأطهار لا الشهور، وإذا اختلف حالها، فكانت تحيض في الحرّ ـ مثلا ـ في أقلّ من ثلاثة أشهر مرّةً، وفي البرد بعد كلّ ثلاثة أشهر مرّةً اعتدّت بالسابق من الشهور والأطهار، فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدّتها، وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدّتها أيضاً(1). نعم، إذا كانت



(1) دلّ على هذا التفصيل ـ أي: أنّ المقياس هو ما يسبق عليها من الشهور أو الأطهار ـ النصوص(1).


الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 14 من العِدَد، ح 1 و2، ص 201، وصحيحة زرارة قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): سمعت ربيعة الرأي يقول: من رأيي أنّ الأقراء التي سمّى الله عزّوجل في القرآن إنّما هو الطهر فيما بين الحيضتين، فقال: كذب، لم يقل برأيه، ولكنّه إنّما بلغه عن عليّ(عليه السلام)، فقلت: أكان عليّ(عليه السلام) يقول ذلك؟ فقال: نعم، إنّما القرء الطهر، يُقرأ فيه الدم فيجمعه، فإذا جاء المحيض دفعه». نفس المصدر، ح 4، ص 201 ـ 202. والآية المشار إليها من القرآن هي قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَء﴾. سورة 2 البقرة، الآية: 228.

(1) من قبيل صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «أمران أيّهما سبق بانت منه المطلّقة المسترابة، إن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه، وإن مرّت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من العِدَد، ح 5، ص 185. وصحيح أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: في المرأة يطلّقها زوجها وهي تحيض في كلّ ثلاثة أشهر حيضة، فقال: «إذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدّتها، يحسب لها لكلّ شهر حيضة». نفس المصدر، ح 2، ص 184. وكذلك الحديث الثالث من نفس الصفحة.

562

مستقيمة الحيض فطلّقها ورأت الدم مرّةً، ثمّ ارتفع على خلاف عادتها، وجهل سببه وأنّه حمل أو سبب آخر، انتظرت تسعة أشهر، من يوم طلقها، فإن لم تضع اعتدّت بعد ذلك بثلاثة أشهر، وخرجت بذلك عن العدّة(1).

(مسألة: 18) إذا رأت الدم مرّةً ثمّ بلغت سنّ اليأس أكملت العدّة بشهرين(2).

(مسألة: 19) تختصّ العدّة في وطء الشبهة بما إذا كان الواطئ جاهلا، سواء كانت الموطوءة عالمةً أم جاهلة، أمّا إذا كان الواطئ عالماً والموطوءة جاهلةً فالظاهر أنّه لا عدّة له عليها(3).

(مسألة: 20) إذا طلّق بائناً ثمّ وطأها شبهةً فهل تتداخل العدّتان، بأن تستأنف عدّةً للوطء وتشترك معها عدّة الطلاق من دون فرق بين كون العدّتين من جنس



(1) دلّ على ذلك عدد من الروايات(1).

(2) لحديث هارون بن حمزة(2).

(3) لأنّ الواطئ عندئذ زان، ولا يوجد حقّ العدّة للزاني(3).


(1) كصحيحة أو موثّقة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: «سمعت أبا إبراهيم(عليه السلام) يقول: إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حبلاً انتظر بها تسعة أشهر، فإن ولدت وإلّا اعتدّت بثلاثة أشهر، ثمّ بانت منه». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 25 من العدد، ح 1، ص 223.

راجع أيضاً موثّقة محمّد بن حكيم، الحديث الثاني من نفس الباب والصفحة، وموثّقة محمّد بن حكيم، الحديث الرابع من نفس الباب، ص 224.

(2) عن أبي عبدالله(عليه السلام) «في امرأة طلّقت وقد طعنت في السنّ، فحاضت حيضة واحدة ثمّ ارتفع حيضها، فقال: تعتدّ بالحيضة وشهرين مستقبلين، فإنّها قد يئست من المحيض». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من العِدَد، ص 191 ـ 192.

(3) نعم لو كانت الموطوءة عالمة، دخل الأمر في مسألة استبراء رحمها بحيضة.

563

واحد أو من جنسين، بأن يطلّقها حاملا ثمّ وطأها، أو طلّقها حائلا ثمّ وطأها فحملت، أو لا تتداخل؟ قولان، أشهرهما الثاني، وأقربهما الأوّل، بل لا يبعد ذلك لو وطأها أجنبيّ شبهةً ثمّ طلّقها زوجها أو بالعكس، ولكن لا يترك الاحتياط(1) بتعدّد العدّة حينئذ، وكذا إذا وطأها رجل شبهةً ثمّ وطأها آخر كذلك(2). نعم، لا ينبغي الإشكال في التداخل إذا وطأها رجل شبهةً مرّةً بعد اُخرى(3). والله سبحانه العالم.

(مسألة: 21) إذا طلّق زوجته غير المدخول بها ولكنّها كانت حاملا بإراقته على فم الفرج اعتدّت عدّة الحامل وكان له الرجوع فيها.



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «استحباباً». ونِعْمَ ما قال(1).

(2) وهنا أيضاً الصحيح هو التداخل، أي: أنّها تكتفي بانتهاء المتأخّر من الأمرين.

(3) أي: أنّها تكتفي بانتهاء مقدار عدّة الوطء الأخير.


(1) لأنّ الأصل في المسبّبات التداخل، فتكتفي بانتهاء مقدار عدّة المتأخّر من الأمرين. بل الروايات أيضاً دلّت على ذلك، كموثّق زرارة: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن امرأة نعي إليها زوجها، فاعتدّت فتزوّجت، فجاء زوجها الأوّل ففارقها وفارقها الآخر، كم تعتدّ للناس؟ قال: بثلاثةقروء، وإنّما يستبرأ رحمها بثلاثة قروء تحلّها للناس كلّهم». قال زرارة: «وذلك أنّ اُناساً قالوا:تعتدّ عدّتين من كلّ واحدة عدّة، فأبى ذلك أبو جعفر(عليه السلام) وقال: تعتدّ ثلاثة قروء، فتحلّ للرجال». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 38 من العِدَد، ح 1، ص 254. وهذه الرواية صريحة في أنّ العدّتين كلتاهما عدّة طلاق لا الوفاة؛ لوضوح أنّ ثلاثة قروء إنّما هي عدّة الطلاق لا عدّة الوفاة.

وصحيح زرارة، الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 ممّا يحرم بالمصاهرة، ح 11، ص 453.

وموثّقة أبي العبّاس، المصدر السابق، ح 12، ص 454.

564

 

فصل في الخلع والمباراة:

وهما نوعان من الطلاق على الأقوى(1)، فإذا انضمّ إلى أحدهما تطليقتان حرمت الزوجة حتّى تنكح زوجاً غيره.



(1) لدلالة بعض الروايات على ذلك(1).


(1) كصحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «عدّة المختلعة عدّة المطلّقة وخلعها طلاقها من غير أن يسمّى طلاقاً...». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من الخلع والمباراة، ح 4، ص 285.

وصحيح ابن بزيع عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام): «عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه، وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت، فقلت: فإنّه قد روي لنا أنّها لا تبين منه حتّى يتبعها بطلاق، قال: ليس ذلك إذا خلع، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم». نفس المصدر، ح 9، ص 286.

وبالمقابل ورد عن موسى بن بكر عن العبد الصالح(عليه السلام) قال: «قال عليّ(عليه السلام): المختلعة يتبعها الطلاق مادامت في العدّة». نفس المصدر، ج 1، ص 284. ونحوه الحديث الخامس من نفس الباب، ص 285.

ولكن كثرة الروايات الواردة في مقابل هذا الحديث، وكون هذا الحديث من طريق أهل الوقف يوجب سلب الوثوق عن هذا الحديث بشكل يسقط عن الحجّيّة، مضافاً إلى أنّ الحديث الخامس من هذا الباب ورد بسند الشيخ إلى عليّ بن الحسن بن فضّال.

على أنّ الخبرين يدلاّن على إتباع الخلع بالطلاق مادامت في العدّة، وهذا يعني أنّ الخلع أدخلها في العدّة وأثّر من دون طلاق، فهو في حدّ ذاته طلاق، في حين أنّ القائلين بالطلاق إنّما يعتبرون إتباعه به بلا فصل، فالخبران معروض عنهما عند الأصحاب جميعاً.

565

(مسألة: 1) يقع الخلع بقوله: أنتِ طالق على كذا، وفلانة طالق على كذا، وبقوله: خلعتكِ على كذا، أو أنتِ مختلَعة على كذا، أو فلانة مختلَعة على كذا بالفتح فيهما، وفي الكسر إشكال(1) وإن لم يلحق بقوله: أنت طالق، أو هي طالق، وإن كان الأحوط إلحاقه به، ولا يقع بالتقايل بين الزوجين(2).

(مسألة: 2) يشترط في الخلع الفدية(3)، ويعتبر فيها: أن تكون ممّا يصحّ تملّكه،



(1) لأنّ الزوج هو الذي يخلعها(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بمعنى: طلب المرأة من الزوج قبول الفدية في مقابل فكّها وقبول الزوج، فإنّ الأحوط عدم كفاية ذلك»(2).

(3) كما هو المستفاد من الآية الشريفة والروايات(3).


(1) ويمكن القول بأنّ كلّ صيغة كانت تُفهم الموضوع كفت وإن كانت مشتملة على خطأ في العبارة مادام اللفظ ظاهراً في المقصود ولو بالقرائن.

ويشهد لكفاية ذلك التمسّك بالإطلاقات من قبيل صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «عدّة المختلعة عدّة المطلّقة وخلعها طلاقها من غير أن يسمّى طلاقاً...». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من الخلع والمباراة، ح 4، ص 285. ولا شكّ في أنّ الأحوط ترك الكسر.

(2) وهنا أيضاً يأتي احتمال كفاية ذلك إن كانت العبارة ظاهرة في معنى الخلع. وأيضاً لا شكّ في أنّ الأحوط أن لا يوقعا بالتقايل بين الزوجين.

ولو قصدا حقيقة معنى التقايل لا طلب الخلع، فالأصل يقتضي بقاء الزوجيّة وعدم انفساخها.

(3) الآية الشريفة هي قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيما افْتَدَتْ بِه﴾. سورة 2 البقرة، الآية: 229.

والروايات موجودة في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الخلع والمباراة، ص 279 ـ 282.

566

وأن تكون معلومةً قدراً ووصفاً ولو في الجملة(1)، وأن يكون بذلها باختيار المرأة،فلا تصحّ مع إكراهها على بذلها، سواء كان الإكراه من الزوج أم من غيره، ويجوز أن تكون أكثر من المهر وأقلّ منه ومساويةً له، ويشترط في الخلع أيضاً كراهة الزوجة للزوج، والأحوط أن تكون بحدٍّ يخاف منها الوقوع في الحرام(2)، وعدم كراهة الزوج لها، وحضور شاهدين عادلين حال إيقاع الخلع، وأن لا يكون معلّقاً على شرط مشكوك الحصول، بل ولا معلوم الحصول إذا كان مستقبلا، فلو انتفت



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «على النحو المتقدّم منّا في المهر». ونِعْمَ ما قال(1).

(2) لاحظ الآية الشريفة والروايات(2).


(1) ذكر اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث المهر في تعليقه على عبارة المصنّف حيث قال: «ولابدّ أن يكون متعيّناً وإن لم يكن معلوماً بالوصف أو المشاهدة»: «الظاهر: عدم اعتبار التعيين بمعنى المعلوميّة. نعم، إذا كان مردّداً في الواقع فلا محصّل له».

أقول: كلامه(رحمه الله) متين، فإنّي لم أجد دليلاً ـ لا في بحث المهر ولا في بحث عوض الخلع ـ على اعتبار التعيين بأكثر من ذلك، أي: بأكثر من أنّه لا يجوز أن يكون مردّداً في الواقع، فلا يكون له محصّل.

(2) قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيما افْتَدَتْ بِه﴾.سورة 2 البقرة، الآية: 229. أمّا الروايات فراجعها في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الخلع والمباراة، ص 279 ـ 282.

ولعلّ الوجه في التنزّل من الفتوى إلى الاحتياط أنّه قد تستبعد تماميّة سدّ باب الخلع على المؤمنة التي تكره زوجها كراهة شديدة وتريد الفكّ منه بفدية، ولكن شدّة إيمانها يمنعها عن ارتكاب المعصية.

567

الكراهة منها لم يصحَّ خلعاً(1)، ولم يملك الزوج الفدية، وإذا وقع بدون حضور شاهدين عادلين بطل من أصله، وكذا إذا كان معلّقاً على شرط. نعم، إذا كان معلّقاً على شرط يقتضيه العقد كما إذا قال: خلعتكِ إن كنت زوجةً أو كارهةً صحّ.

(مسألة: 3) يشترط في الزوج الخالع: البلوغ والعقل والاختيار والقصد، ولا يشترط في الزوجة المختلَعة البلوغ، ولا العقل على الأقوى(2) فيصحّ خلعها ويتولّى الوليّ البذل. نعم، يشترط فيها أن تكون حال الخلع طاهراً من الحيض والنفاس، وأن لا يكون الطهر طهر مواقعة، فلو كانت حائضاً أو نفساء أو طاهرةً طهراً واقعها فيها الزوج لم يصحَّ الخلع. نعم، اعتبار ذلك إنّما هو إذا كانت قد دخل بها بالغةً غير آيس حائلا وكان الزوج حاضراً، أمّا إذا لم تكن مدخولا بها، أو كانت صغيرةً، أو يائسةً، أو حاملا، أو كان الزوج غائباً صحّ خلعها وإن كانت



(1) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل ولا طلاقاً على ما يأتي». ويقصد بقوله: «على ما يأتي»: ما يأتي في آخر هذه المسألة من قول الماتن: «وكذا إن كان معلّقاً على شرط. نعم، إذا كان معلّقاً على شرط يقتضيه العقد كما إذا قال: خلعتكِ إن كنت زوجة أو كارهة صحّ»(1).

(2) لم أجد في الوقت الحاضر دليلاً على عنوان شرط البلوغ أو العقل(2).


(1) بطلان التعليق في الطلاق على غير ما يقتضيه العقد قد يكون لمثل صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «أنّه سُئل عن رجل قال لامرأته: إن تزوّجت عليك أو بتّ عنكِ فأنت طالق؟ قال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: من شرط شرطاً سوى كتاب الله عزّوجلّ لم يجز له ذلك عليه ولا له». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 18 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 1، ص 44. وكذلك نفس المجلّد، ب 13 من تلك الأبواب، ح 1، ص 35.

(2) لعلّ الوجه في احتمال شرط ذلك أدلّة شرط الخوف من أن لا يقيما حدود الله، فالتي لا تكليف عليها ـ لعدم البلوغ أو العقل ـ لا يأتي هذا الخوف بشأنها.

568

حائضاً أو نفساء أو كانت في طهر المواقعة. نعم، الغائب الذي يقدر على معرفة حالها بحكم الحاضر، والحاضر الذي لا يقدر على معرفة حالها بحكم الغائب، على نحو ما تقدّم في الطلاق.

(مسألة: 4) يجوز للزوجة الرجوع في الفدية كلاًّ أو بعضاً مادامت في العدّة، وإذا رجعت كان للزوج الرجوع بها(1)، وإذا لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتّى خرجت عن العدّة كان رجوعها بها لغواً(2)، وكذا إذا علم برجوعها في الفدية قبل خروجها من العدّة لكن كان الزوج لا يمكنه الرجوع بها بأن كان الخلع طلاقاً بائناً لكونه طلاقاً ثالثاً، أو كان قد تزوّج باُختها قبل رجوعها بالبذل، أو نحو ذلك(3) ممّا يمنع من رجوعه في العدّة.



(1) يستدلّ لذلك ببعض الروايات(1).

(2) الظاهر: أنّ المقصود: أنّ رجوعها عن البذل لا يحقّق رجوع ما بذلت؛ لأنّ الزوج لم يعلم بذلك حتّى ينتج المقصود من إمكان رجوعه إليها، والأصل يقتضي عدم تأثير رجوعها عن البذل في تحقّق رجوع المال المبذول.

(3) من قبيل الزواج بالخامسة اعتماداً على أنّ الرابعة قد بانت منه.


(1) لاحظ صحيح محمّد بن إسماعيل وفيه: «وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من الخلع والمباراة، ح 9، ص 286. وصحيح عبدالله بن سنان: «وينبغي له أن يشترط عليها كما اشترط صاحب المباراة، وإن ارتجعت في شيء ممّا أعطيتني فأنا أملك ببضعك.... ولا رجعة للزوج على المختلعة ولا على المبارئة إلّا أن يبدو للمرأة فيردّ عليها ما أخذ منها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 7 من الخلع والمباراة، ص 294. ويبدو لي من صحيح ابن سنان: أنّها لو رجعت ببعض ما بذلت له جاز له الرجوع إليها، ولكن لو رجع إليها أرجع إليها كلّ ما بذلت له، والله العالم.

569

(مسألة: 5) لا توارث بين الزوج والمختلَعة لو مات أحدهما في العدّة، إلّا إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك في العدّة(1).

(مسألة: 6) لو كانت فدية المسلمة ممّا لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير بطل الخلع، ولو كانت مستحقّةً لغير الزوجة ففي صحّة الخلع والرجوع إلى البدل وبطلانه قولان، أقربهما الثاني(2).

(مسألة: 7) إذا خلعها على خلٍّ فبان خمراً بطل البذل، وفي صحّة الخلع ويكون للزوج بقدره خلّ كما هو المشهور إشكال قويّ(3)، ولو خالعها على ألف ولم يعيِّن بطل.

(مسألة: 8) قد عرفت أنّه إذا بذلت له على أن يطلّقها وكانت كارهةً له فقال لها: أنتِ طالق على كذا، صحّ خلعها وإن تجرّد عن لفظ الخلع، أمّا إذا لم تكن



(1) يعني: أنّ الزوجة لو رجعت عن البذل ولكن الزوج لم يرجع إليها فقد تبدّل الخلع إلى طلاق غير بائن، فلو مات أحدهما في العدّة ثبت الإرث، أمّا لو مات أحدهما بعد العدّة فقد مات بعد البينونة الكاملة فلا معنى للإرث.

(2) يعني: لو كانت الفدية ملكاً لغير الزوجة فهل يصحّ الخلع بمثل قوله تعالى: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيَما افْتَدَتْ بِه﴾. سورة 2 البقرة، الآية: 229، فهل يبطل الخلع أو يصحّ ويأخذ الزوج البدل من الزوجة، ولا يأخذ طبعاً مال الناس؟ قولان: أقربهما البطلان.

ولا يخطر ببالي وجه صحيح لصحّة الخلع والرجوع إلى البدل(1).

(3) لم أرَ وجهاً لصحّة الخلع وأن يكون للزوج بقدره خلّ.


(1) لعلّ وجه القول بصحّة الخلع التمسّك بإطلاق مثل الآية الشريفة، ولكنّ الظاهر أنّها لا تشمل فرض الفداء بمال الآخرين.

570

كارهةً له فلا يصحّ خلعها، وهل يصحّ طلاقها(1)؟ فيه إشكال وخلاف، والأقربالبطلان، إلّا إذا ملك البذل بسبب مستقلٍّ قد اُخذ الطلاق شرطاً فيه، كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه أن يطلّقها، فإنّه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق(2)، لكن إذا طلّقها لا يكون الطلاق خلعيّاً بائناً، بل يكون رجعيّاً، إلّا إذا اشترطت عليه عدم الرجوع(3).

(مسألة: 9) الظاهر عدم صحّة الخلع مع كون البذل من متبرّع(4)، نعم، لا تبعد



(1) الظاهر: أنّ المقصود الطلاق بالبذل، فذكر(رحمه الله): أنّ الأقرب البطلان، وكأنّه بسبب عدم الدليل على صحّة الطلاق بالبذل في غير باب الخلع والمباراة.

(2) قال اُستاذنا(رحمه الله): «إذا كان الدافع إلى المصالحة هو الحصول على الطلاق، فالأحوط وجوباً حرمة أخذ الزوج للمال المصالح به». ولعلّه لاحتمال رجوع ذلك إلى نوع من الخلع(1).

(3) ذكر اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «اشتراط عدم الرجوع لا يجعل الطلاق بائناً، وإنّما يحرّم الرجوع على الزوج مع كون الطلاق رجعيّاً». ولا يحضرني تعليق على كلامه(رحمه الله).

(4) الظاهر: هذا مستفاد من عنوان: (الفداء من المختلعة)، أو عنوان: (حلّ له ما أخذ منها)(2).


(1) وقد ربطت روايات الباب الأوّل من كتاب الخلع والمباراة من الوسائل ـ ج 22،ص 279 ـ 282 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت ـ جواز أخذ الزوج للفدية في مورد الخلع بكراهيّتها للزوج.

(2) قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيَما حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيما افْتَدَتْ بِه﴾.سورة 2 البقرة، الآية: 229.

وأمّا الروايات فقد عبّرت بمثل تعبير: (حلّ له ما أخذ منها). راجع الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الخلع والمباراة، ص 279 ـ 282.

571

صحّة البذل والطلاق ويكون رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف موارده(1)، ولو بذلت الزوجة مال غيرها بإذنه فالأقرب الصحّة كما لو بذلت مالها(2).

(مسألة: 10) لو خالعها على مال معيّن بصفة خاصّة فتبيّن أنّه غير واجد لتلك الصفة، فإن رضي به صحّ الخلع، وإن ردّه بطل الخلع وصحّ طلاقاً بلا عوض، وكذا لو خالعها على عين فتبيّن أنّها معيبة(3).

(مسألة: 11) قيل: تلزم المبادرة إلى إيقاع الخلع من الزوج بعد إيقاع البذل من



(1) يعني: لو أنّ أجنبيّاً بذل مالاً لزوج بشرط أن يطلّق زوجته صحّ الطلاق ويكون رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف موارده.

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «الأحوط في مثل ذلك أن تتملّك المال أوّلاً ثمّ تبذله لتكون الفدية من مالها كما في الروايات».

أقول: وهذا احتياط في محلّه(1).

(3) كأنّ المقصود: أنّه مادمنا آمنّا بأنّ صيغة الخلع صيغة طلاق أو بمنزلة صيغة الطلاق، فقد تمّ الطلاق، وبما أنّه لم يتمّ البذل فقد أصبح طلاقاً بلا عوض(2).


(1) لو بذلت الزوجة مال غيرها بإذنه قد يقال بصحّة ذلك؛ لصدق عنوان «ما افتدت به» الوارد في الآية 229 من سورة البقرة.

ولكن قد يستفاد من روايات (حلّ له ما أخذ منها) ـ الواردة في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الخلع والمباراة، ص 279 ـ 282 ـ اشتراط أن يكون الفداء من مالها، فالأحوط أن تتملّك المال أوّلاً، ثمّ تبذله كي ينطبق أيضاً العنوان الوارد في الروايات.

(2) بالإمكان أن يقال: إنّ الزوج إن لم يكن راضياً بطلاقها من دون بذل فهذا طلاق من دون رضا الزوج.

وبالإمكان أن يجاب على ذلك بأنّ بطلان ما وقع من البذل ليس إلّا من قبيل تخلّف الداعي، فالطلاق قد تحقّق.

572

الزوجة بلا فصل، فإذا قالت له: طلِّقني على ألف درهم لزم فوراً أن يقول: أنت طالق على ألف درهم، وإذا لم يبادر لم يصحَّ خلعاً(1)، وهل يبطل، أو ينقلب طلاقاً رجعيّاً أو بائناً على حسب اختلاف موارده؟ قولان، لكن في لزوم المبادرة إشكال، والأظهر عدم لزومها(2) وإن كانت أحوط، وعلى تقدير لزومها فالبطلان على تقدير تركها أقرب(3).

(مسألة: 12) يجوز أن يكون البذل والخلع بمباشرة الزوجين وبتوكيلهما وبالاختلاف، فإذا وقع بمباشرتهما فالأحوط أن تبدأ الزوجة فتقول: بذلت لك كذا على أن تطلّقني، فيقول الزوج: أنت مختلَعة على كذا فأنت طالق، وفي جواز ابتداء الزوج بالطلاق وقبول الزوجة بعده إشكال(4)، وإذا كان بتوكيلهما يقول وكيل الزوجة: بذلت لك كذا على أن تطلّق موكّلتي فلانة، فيقول وكيل الزوج: موكّلتك فلانة زوجة موكّلي مختلَعة على كذا فهي طالق، وفي جواز ابتداء وكيل الزوج وقبول وكيل الزوجة بعده إشكال، كما تقدّم.

(مسألة: 13) الكراهة المعتبرة في صحّة الخلع أعمّ من أن تكون لذاته كقبح منظره وسوء خلقه، أو عرضيّةً من جهة بعض الأعمال الصادرة منه التي هي على



(1) كأنّ السبب في ذلك اعتقاد: أنّ طلب الخلع وإيقاعه نوع معاملة كالبيع والشراء فإنّها تشتري نفسها، والشراء والبيع يجب أن يتقارنا كأيّ إيجاب وقبول.

(2) الظاهر: أنّه يعني: في كونه شراءً وبيعاً حقيقة إشكال، وفي لزوم الموالاة بين الإيجاب والقبول أيضاً إشكال، فيكفي كون الإيجاب قائماً إلى أن يلحقه القبول.

(3) يعني: لو قلنا باشتراط المبادرة فمادام الشرط لم يتحقّق فالأقرب هو البطلان؛ لفقدان الشرط.

(4) لعلّه لاحتمال دلالة الآية الشريفة: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيما افْتَدَتْ بِه﴾ ـ سورة 2 البقرة، الآية: 229 ـ على تقدّم البذل على الطلاق.

573

خلاف ذوقها من دون أن يكون ظلماً لها واغتصاباً لحقوقها الواجبة كالقسم والنفقة، فلو كان منشأ الكراهة ذلك فالظاهر عدم صحّة البذل(1).

(مسألة: 14) المباراة كالخلع، وتفترق عنه: بأنّ الكراهة فيها منهما جميعاً، وبلزوم إتباعها بالطلاق، فلا يجتزأ بقوله: بارأتك، أو بارأتُ زوجتي على كذا حتّى يقول: فأنت طالق، أو هي طالق(2)، كما أنّه يكفي الاقتصار على صيغة الطلاق



(1) كأنّه(رحمه الله) يرى ذلك وفقاً للقاعدة؛ لأنّها تعتبر مجبورة على البذل(1).

(2) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «على الأحوط». ونِعْمَ هذا الاحتياط(2).


(1) ويؤيّد هذا الحكم الحديث الغير التامّ سنداً ـ الوارد في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 من الخلع والمباراة، ص 283 ـ عن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «ومن أضرّ بامرأة حتّى تفتدي منه نفسها لم يرضَ الله له بعقوبة دون النار؛ لأنّ الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم».

(2) كأنّ السبب في هذا الاحتياط صحيح محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع هل تبين منه، أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه وإن شاءت أن يردّ إليها ما أخذ منها وتكون امرأته فعلت، فقلت: فإنّه قد روي لنا أنّها لا تبين منه حتّى يتبعها بطلاق، قال: ليس ذلك إذا خلع، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم» ـ الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من الخلع والمباراة، ح 9، ص 286 ـ فكأنّه يقال: إنّ ذيل الحديث استثنى الخلع عن الاحتياج إلى الطلاق، وهذا يعني: أنّ المباراة بحاجة إلى طلاق.

ولكن بالمقابل يوجد احتمال أن يكون المقصود بالخلع ما يعمّ المباراة؛ لأنّ صدر الحديث كان سؤالاً عن المباراة والخلع، ولا شكّ في أنّ الخلع ليس بحاجة إلى إتباع الطلاق كما دلّ عليه صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «...عدّة المختلعة عدّة المطلّقة، وخلعها طلاقها من غير أن يُسمّى طلاقاً». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من الخلع والمباراة،ح 4، ص 285.

574

فقط، ولا يجوز في الفدية فيها أن تكون أكثر من المهر.

(مسألة: 15) طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه ما لم ترجع الزوجة في البذل قبل انتهاء العدّة، فإذا رجعت فيه في العدّة جاز له الرجوع بها، على نحو ما تقدّم في الخلع.

575

المعاملات

26

 

 

 

 

كتاب الظهار

 

 

 

 

 

577

 

 

 

 

 

وهو حرام، وقيل: إنّه معفوّ عنه، ولم يثبت(1).

وصورته أن يقول: أنت (أو هند، أو نحوهما ممّا يميّزها) عليّ كظهر اُمّي، أو كيدها، أو كرجلها، أو كشعرها، أو كشيء منها(2). ويلحق بالاُمّ جميع المحرّمات النسبيّة كالعمّة والخالة وغيرهما(3)، لكن في ثبوت إلحاقها في غير الظهر من اليد والرجل إشكال، بل



(1) لعلّ منشأ تصوّر العفو عن الظهار هو الآية الشريفة(1).

(2) قال اُستاذنا(رحمه الله): «الأقرب عدم إلحاق غير الظهر به». يقصد(رحمه الله): أنّ ضعف سند روايتي الإلحاق يمنعنا عن التمسّك بهما(2).

(3) قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «فيه تأمّل، ولا تترك مراعاة الاحتياط». وكأنّه(رحمه الله) ينظر


(1) وهي قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ التِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُور﴾.سورة 58 المجادلة، الآية: 1 و2. ودلالتها غير واضحة عندي، فلعلّ قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُور﴾حثّ على التوبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

(2) والروايتان واردتان في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من الظهار، ص 317.

578

الأظهر العدم، ومثله في الإشكال ما لو شبّهها فقال: أنت عليّ كاُمّي. ولو قالت الزوجة: كظهر أبي لم يصحَّ(1)، ولا تلحق المحرّمات بالرضاع وبالمصاهرة بالنسبيّة في ذلك.

وشرطه: سماع شاهدي عدل قول المظاهر، وكماله بالبلوغ والعقل، والاختيار، والقصد، وعدم الغضب(2)، وإيقاعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان حاضراً



إلى الخلاف المحتمل في الروايات(1).

(1) أي: أنّ المظاهرة إنّما تقع من الزوج بقوله للزوجة: أنتِ عليّ كظهر اُمّي، ولا تقع من الزوجة بقولها للزوج: أنت عليّ كظهر أبي.

(2) ورد بذلك النصّ(2).


(1) فإنّه ورد في بعض الروايات الصحاح إلحاق المحرّمات النسبيّة بالاُمّ كصحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن الظهار؟ فقال: هو من كلّ ذي محرم: من اُمّ أو اُخت أو عمّة أو خالة...». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من الظهار، ح 1، ص 310. وصحيح جميل بن درّاج قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر عمّته أو خالته؟ قال: هو الظهار». نفس المصدر، ح 2.

ولكن ورد في صحيح سيف التمّار ما يحتمل معارضته لذلك، قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): الرجل يقول لامرأته: أنت عليّ كظهر اُختي أو عمّتي أو خالتي؟ قال: فقال: إنّما ذكر الله الاُمّهات وإنّ هذا لحرام» ـ الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من الظهار، ح 3، ص 310 ـ فمن المحتمل أن يكون معنى الرواية: أنّ أحكام الظهار خاصّة بما ورد في القرآن من المظاهرة للاُمّ وإن كانت المظاهرة لباقي المحارم أيضاً حراماً.

(2) وهو حديث حمران قال: «قال أبو جعفر(عليه السلام): لا يكون ظهار في يمين، ولا في إضرار، ولا في غضب، ولا يكون ظهار إلّا في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين». الوسائل،ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 من الظهار، ح 1، ص 307.

579

ومثلها تحيض. ويقع في المتمتّع بها(1) والأمة(2)، ويصحّ مع التعليق على الشرط حتّى الزمان على الأقوى(3)، ولا يقع في غير المدخول بها، قيل: ولا يقع في



(1) كأنّه تمسّك بإطلاق الآية الكريمة والروايات(1).

(2) يحتمل أن يكون المقصود: الزواج بالأمة، ويحتمل أن يكون المقصود: ملك يمين(2).

(3) كأنّه للإطلاقات(3).


(1) قال الله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ...﴾ إلى آخر الآيات المباركات من أوّل سورة 58 المجادلة. راجع أيضاً الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الظهار، ص 303 ـ 306.

(2) إن كان المقصود: الزواج بالأمة فالظاهر أنّه داخل في المطلقات، وإن كان المقصود: فرض ملك يمين دخل في صحيح صفوان عن أبي عيينة عن زرارة قال: «قلت لأبي جعفر(عليه السلام): إنّي ظاهرت من اُمّ ولدي، ثمّ وقعت عليها، ثمّ كفّرت، فقال: هكذا يصنع الرجل الفقيه إذا وقع كفّر». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 16 من الظهار، ح 2، ص 332. ونحوها عدّة روايات. راجع الوسائل، نفس المجلّد، ب 11، ص 321 ـ 322.

(3) وهناك خبران يدلاّن على مبطليّة التعليق، وقد يفترض: أنّ مقتضى إطلاقهما مبطليّة التعليق حتّى لو كان المعلّق عليه الزمان الذي سوف يأتي قطعاً، كما لو علّقه على مجيء يوم الجمعة، وهذان الخبران:

أحدهما: خبر القاسم بن محمّد الزيّات، قال: «قلت لأبي الحسن(عليه السلام): إنّي ظاهرت من امرأتي، فقال: كيف قلت؟ قال: قلت: أنت عليّ كظهر اُمّي إن فعلت كذا وكذا، فقال لي: لا شيء عليك، ولا تعد». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 16 من الظهار، ح 4، ص 333.

وثانيهما: حديث ابن بكير عن رجل قال: «قلت لأبي الحسن(عليه السلام): إنّي قلت لامرأتي: أنتِ عليّ كظهر اُمّي إن خرجت من باب الحجرة، فخرجت، فقال: ليس عليك شيء، فقلت: إنّي أقوى على أن اُكفّر، فقال: ليس عليك شيء، فقلت: إنّي أقوى على أن اُكفّر رقبة ورقبتين، فقال: ليس عليك شيء قويت أو لم تقوَ». نفس المصدر، ح 3. وبعد فرض قبول كلّ هذا الفهم نقول: إنّ كلا الخبرين ساقطان سنداً.

580

إضرار(1)،وفيه نظر(2). نعم، لا يقع في يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل كما لو قال: إن كلّمتك فأنت عليَّ كظهر اُمّي، أو البعث على فعل كما لو قال: إن تركت الصلاة فأنت عليَّ كظهر اُمّي(3)، ولو قيّده بمدّة كشهر أو سنة ففي صحّته إشكال.

ومع إرادة الوطء تجب الكفّارة، بمعنى تحريم الوطء حتّى يكفّر، فإن طلّق وراجع في العدّة لم تحلَّ حتّى يكفّر، ولو خرجت عن العدّة، أو كان الطلاق بائناً وتزوّجها في العدّة، أو مات أحدهما، أو ارتدّ بنحو لا يمكن الرجوع إلى الزوجيّة كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده وكان المرتدّ الرجل عن فطرة فلا كفّارة.

ولو وطأ قبل التكفير عامداً لزمه كفّارتان: إحداهما للوطء، والاُخرى لإرادة العود إليه(4). وتتكرّر الكفّارة بتكرّر الوطء، كما أنّها تتكرّر بتكرّر الظهار مع تعدّد المجلس،



(1) الشاهد على أنّه لا يقع في إضرار: حديث حمران عن أبي جعفر(عليه السلام): «لا يكون ظهار في يمين ولا في إضرار». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 من الظهار، ح 1، ص 307.

(2) إن كان هدفه من الظهار الإضرار، فإنّي لا أعرف وجه النظر في بطلان الظهار بعد أن ورد في حديث حمران: «ولا يقع في إضرار». نعم، إن كان المقصود: أنّ الظهار إذا كان مضرّاً فهو باطل فمن الواضح: أنّ الظهار في ذاته مضرّ؛ لأنّه يجعلها كالمعلّقة، فلا تستطيع الزواج؛ لأنّها غير مطلّقة، ولا يقاربها زوجها؛ لأنّه ظاهرها.

(3) وذلك لما ورد في صحيح زرارة من قوله(عليه السلام): «لا يكون الظهار في يمين»(1).

(4) كأنّه يقصد(رحمه الله): أنّه لو أراد إعادة الزوجة إلى نفسه، ولكنّه وطأها قبل إعادتها إلى نفسه، وجبت عليه كفّارتان: إحداهما كفّارة وطء المرأة المظاهرة، والثانية كفّارة إعادتها إلى نفسه.


(1) راجع الرواية في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من المظاهرة، ح 1، ص 310، وب 6، ح 8، ص 314.

581

أمّا مع اتّحاده ففيه إشكال(1)، ولو عجز لم يجزِهِ الاستغفار على الأحوط(2).

وإذا رافعته أنظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فيضيّق عليه بعدها حتّى يكفّر أو يطلّق بلا خلاف، بل ادّعي عليه الإجماع، والنصّ يدلّ عليه في الجملة(3).

ولو ظاهر زوجته الأمة ثمّ اشتراها ووطأها بالملك فلا كفّارة.



(1) لاحتمال أنّ ذلك يعدّ ظهاراً واحداً.

(2) أي: أنّ الأحوط أنّ العجز لا يوجب كفاية الاستغفار فتبقى ذمّته مشغولة.

(3) المقصود بالنصّ: موثّق أبي بصير(1).


(1) قال: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل ظاهر امرأته، قال: إن أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستّين مسكيناً، وإلّا ترك ثلاثة أشهر، فإن فاء فليس عليه شيء وهي امرأته، وإلّا اُوقف حتّى يُسأل: لك في امرأتك حاجة أو تطلّقها؟ فإن فاء فليس عليه شيء وهي امرأته، وإن طلّق واحدة فهو أملك برجعتها». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 18 من الظهار، ص 337.

ومعنى كون دلالة النصّ عليه في الجملة: هو أنّ المدّعى كان مضايقة الحاكم على الزوج في المأكل والمشرب كي يضطرّ إلى التكفير أو الطلاق، في حين أنّ النصّ لم يدلّ على هكذا مضايقة، بل دلّ على أنّه بعد نظرته ثلاثة أشهر اُوقف حتّى يُسأل: هل لك في امرأتك حاجة أو تطلّقها؟ فإن فاء فليس عليه شيء وهي امرأته، وإن طلّق ـ يعني: بعد الفيء ـ فهو أملك برجعتها.

وقد وصلنا في النسخة التي رأيناها من منهاج الصالحين المعلّق عليه من قبل اُستاذنا الشهيد التعليق هنا بقوله(رحمه الله): «غير أنّ النصّ لا يخلو من ضعف، والأحوط إجراء حكم الإيلاء في المقام».

أقول: أمّا الضعف السنديّ فليس إلّا كون وهيب بن حفص واقفيّاً، لكنّه واقفيّ ثقة.

وأمّا «أنّ الأحوط إجراء حكم الإيلاء في المقام» فلا علاقة له بالمقام، ولعلّه انحرف في مقام الكتابة أو الاستنساخ عمّا إذا كان الظهار في يمين، بمعنى: زجر نفسه عن فعل أو إجبار نفسه على فعل، فلعلّه قال اُستاذنا في ذاك المورد: إنّ الأحوط إجراء حكم الإيلاء.

583

 

كتاب الإيلاء

585

 

 

 

 

 

وهو الحلف على ترك وطء الزوجة، ولا ينعقد بغير اسم الله تعالى(1)، ولا لغير إضرار، فلو كان لمصلحة وإن كانت راجعةً إلى الطفل لم ينعقد إيلاء، بل انعقد يميناً وجرى عليه حكم الأيمان(2)، ويشترط وقوعه من بالغ كامل مختار قاصد وإن



(1) كما دلّ على ذلك صحيح الحلبيّ في الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب الأوّل من أبواب الإيلاء، ح 1، ص 341، والباب الثامن من تلك الأبواب، ح 1، ص 347. ولا يختصّ بالحلف باسم الجلالة، بل يشمل كلّ أسماء الله الحسنى(1).

(2) لصحيح حفص بن البختريّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «...فإن تركها من غير مغاضبة أو


(1) ويحمل عرفاً ذكر اسم الجلالة في الروايات على المثاليّة، أو يتمسّك بإطلاق صحيح حفص بن البختريّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إذا غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر فاستعدت عليه، فإمّا أن يفيء، وإمّا أن يطلّق، فإن تركها من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 1 من الإيلاء، ح 2، ص 342.

ولعلّ اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ينظر إلى أحد هذين الوجهين حينما قال تعليقاً على قول المصنّف: «ولا ينعقد بغير اسم الله تعالى» ما نصّه: «أي: بأحد أسمائه عزّ وجلّ، ولا يختصّ باسم الجلالة».

أمّا لو غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر، فقد قال اُستاذنا الشهيد ما نصّه: «كان لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ، فيجبره على أن يصالح أو يطلّق». أقول: لأنّ مقاربة الزوج لامرأته في كلّ أربعة أشهر مرّة واجبة.