67

 

 

الواجب الثاني: الطواف

 

إذا أدّى القاصد لحجّ التمتّع الإحرام لعمرة التمتّع، واتّجه نحو مكّة والمسجد الحرام لممارسة سائر واجبات العمرة، كان أوّل ما يواجهه من واجباتها بعد الإحرام الطواف، فالطواف حول البيت هو الواجب الثاني من واجبات عمرة التمتّع. ويُقصد به: السير حوله بكيفيّة خاصّة يأتي ـ إن شاء الله ـ شرحها. والبيت هو: الكعبة الشريفة الواقعة في وسط المسجد الحرام.

وبيان هذا الواجب يتّضح من خلال النقاط التالية:

 

أ ـ شروط الطواف:

يعتبر في الطواف شروط لابدّ للطائف من توفيرها في طوافه، وهي كمايلي:

1 ـ الطهارة من الحدث.

2 ـ الطهارة من الخبث.

3 ـ الختان للرجال.

4 ـ ستر العورة.

68

وفيما يلي التفصيل:

79 ـالأوّل من شروط الطواف: الطهارة من الأحداث التي تستوجب الغُسل. ويسمّى واحدها بــ (الحدث الأكبر) كالجنابة والحيض. والطهارة من الأحداث التي تستوجب الوضوء. ويسمّى واحدها بــ (الحدث الأصغر) كالبول والنوم. فلوطاف المحدث بالحدث الأكبر من دون أن يغتسل، أو المحدث بالحدث الأصغر من دون أن يتوضّأ، بطل طوافه سواء كان تركه للغسل أو الوضوء عن علم وعمد، أو عن جهل، أو عن نسيان، ووجب عليه أن يتطهّر، ويطوف من جديد.

وفيما يرتبط بهذا الشرط عدّة مسائل كمايلي:

1 ـ إذا شكّ في الطهارة، فإن علم أنّه كان على طهارة في زمن سابق وإنّما يشكّ في صدور الحدث بعدها، لم يعتن بالشكّ، وبنى على الطهارة، وإن لم يعلم بذلك فهنا صور:

الصورة الاُولى: أن يكون الشكّ قد حصل له قبل الشروع في الطواف، فتجب عليه الطهارة، ولايسمح له بالطواف من دونها.

الصورة الثانية: أن يحصل الشكّ في أثناء الطواف، والحكم هو حكم الصورة السابقة.

الصورة الثالثة: أن يحصل الشكّ بعد انتهاء الطواف قبلصلاة ركعتي الطواف، ويكون حدثه المحتمل بقاؤه حدثاً أصغر،

69

فلاتجب عليه إعادة الطواف، وإنّما يتطهّر لركعتي الطواف.

الصورة الرابعة: أن يحصل الشكّ بعد الفراغ من الطواف وركعتيه، ويكون حدثه المحتمل بقاؤه حدثاً أصغر، فيبني على صحّة الطواف والصلاة معاً، ويتوضأ لما يأتي من أعمال اُخرى مشروطة بالطهارة.

الصورة الخامسة والسادسة: عين الصورتين السابقتين مع فرض الحدث المحتمل بقاؤه حدثاً أكبر، فهنا يتكوّن له علم إجماليّ: إمّا بوجوب إعادة ما مضى، أو عدم كفاية الغُسلللأعمال الآتية، فيجب عليه الاحتياط بالغسل وإعادة ما مضىمن ناحية، وعدم الاكتفاء بهذا الغسل للأعمال الآتية من ناحية اُخرى.

2 ـ إذا أحدث المحرم في أثناء طوافه أمكنه أن يقطع طوافه، ويتطهّر بأن يتوضّأ مثلاً، ويستأنف طوافاً جديداً، ويلغي ما تقدّم.

والمعروف بين الفقهاء: أنّه يمكنه في بعض الحالات أن يبدأ من حيث انتهى، فيحتسب ما مضى منه ويتمّه، كما إذا كان الحدث قد صدر عنه بعد إتمام الشوط الرابع ولم يكن باختياره مثلاً، ولكن الأحوط ما ذكرناه.

3 ـ إذا حاضت المرأة في أثناء الطواف، فإن كان في الوقت متّسع أمكنها الانتظار إلى أن تطهر، ثُمّ استئناف الطواف، وإن لم

70

يكن الوقت متّسعاً للانتظار أتت ببقيّة أعمال العمرة من السعي والتقصير، وأحرمت للحجّ، وأخّرت طواف العمرة وصلاته إلى حين الرجوع من منى يوم العيد أو بعده على أن تأتي به قبل طواف الحجّ.

وإذا حاضت بعد الطواف وقبل إنجاز ركعتي الطواف مع سعة الوقت، تنتظر إلى أن تطهر، وتأتي بالركعتين، وتتابع سائر أعمال العمرة، ومع ضيق الوقت تسعى وتقصّر وتقضي ركعتي الطواف قبل طواف الحجّ عند رجوعها من منى.

4 ـ إذا طافت المرأة وصلّت، ثُمّ تأكّدت من أنّها حاضت، ولم تدر أنّه كان قبل الطواف والصلاة أو في أثنائهما أو بعدهما، بنت على صحّة الطواف والصلاة.

5 ـ إذا لم يتمكّن المحدث من الوضوء للطواف ويئس من تمكّنه، تيمّم، وكذلك الجنب والحائض والنفساء بعد انقضاء أيّامهما يجب عليهم ـ في حالة عدم التمكّن من الاغتسال واليأس من حصول القدرة مادام الوقت متّسعاً ـ التيمّم بدلاً من الغسل.

6 ـ المعذور يكتفي بطهارته التي يعتبرها الشارع طهارة بالنسبة إليه، كالكسير والمستحاضة والمسلوس والمبطون.

7 ـ إذا حاضت المرأة في عمرة التمتّع حال الإحرام أو بعده وقد وسع الوقت لأداء أعمالها، صبرت إلى أن تطهر، فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت فللمسألة صورتان:

الاُولى: أن يكون حيضها من حين إحرامها: بأن أحرمت وهي

71

حائض، ففي هذه الصورة ينقلب حجّها إلى حجّ الإفراد، وبعد الفراغ من الحجّ تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكّنت منها، والأحوط أن تكون العمرة من بعد أيّام التشريق، أعني: اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجّة.

الثانية: أن يكون حيضها بعد الإحرام، ففي هذه الصورة يمكنها أن تعمل نفس ما تقدّم في الصورة الاُولى، ويمكنها بدلاً من ذلك أن تبقى على حجّ التمتّع وعلى عمرتها، فتأتي بأعمال عمرة التمتّع من دون طواف: بأن تسعى وتقصّر، ثُمّ تحرم للحجّ، وبعد أن ترجع إلى مكّة من منى تقضي طواف العمرة قبل طواف الحجّ. هذا فيما إذا كانت ترجو ارتفاع حيضها وقتئذ، وأمّا إذا كانت على يقين من استمراره وعدم تمكّنها من الطواف حتّى بعد رجوعها من منى، فلاتؤخّر طواف عمرتها، بل تستنيب من يطوف عنها ويصلّي الركعتين، ثُمّ تسعى هي بنفسها وتقصّر.

8 ـ الطواف المندوب لايعتبر فيه الطهارة، فيصحّ من دون وضوء، ولكن صلاته ـ ركعتي الطواف ـ لاتصحّ إلّا عن طهارة.

80 ـ الثاني من شروط الطواف: الطهارة من النجاسة(1)،



(1) الدليل على ذلك صحيحة يونس بن يعقوب التي رواها الصدوق بإسناده عن يونس بن يعقوب قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): رأيت في ثوبي

72

والنجاسة هي التي يطلق عليها اسم (الخبث)، فلايصحّ الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس، ويعفى عن النجاسة القليلة من الدم ممّا يعفى عنه في الصلاة وإن كان الأحوط استحباباً التجنّب عنه، ويعفى عن دم الجروح والقروح الذي يعتبر التطهير منه موجباً



شيئاً من دم وأنا أطوف. قال: فاعرف الموضع ثمّ اخرج فاغسله ثمّ عد فابن على طوافك». الوسائل 13 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب 52 من الطواف، الحديث 1، الصفحة: 399.

ولا إطلاق لها للدم الأقلّ من الدرهم المعفيّ عنه في الصلاة؛ لاحتمال أنّ مقصود السائل حلّ مشكلته حينما رأى دماً لا يعفى عنه، أمّا أنّ هذا يشمل دماً أقلّ من الدرهم فغير معلوم.

وفي سند الصدوق إلى يونس بن يعقوب وقع الحكم بن مسكين، ولم يرد نصّ على توثيقه ولكنّنا نثبت وثاقته برواية بعض الثلاثة عنه الذين لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة.

وقد يفترض معارضة مرسلة البزنطي لهذه الرواية، وهي الرواية الثالثة من نفس الباب، عن ابن أبي نصر البزنطي عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «قلت له: رجل في ثوبه دم ممّا لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه. فقال: أجزأه الطواف، ثمّ ينزعه ويصلّي في ثوب طاهر».

فقد يقال: إنّ هذه الرواية دلّت على أنّ نجاسة الدم لا تبطل الطواف.

والجواب: أنّه يحتمل أن يكون مقصود السائل هو طوافه في النجاسة عن غير عمد، أي: مع الجهل أو النسيان ولا نفهم منه الإطلاق.

73

للمشقّة والصعوبة، فلاتجب في هذه الحالة إزالته عن الثوب والبدن في الطواف، وكذلك يعفى عن نجاسة مالا تتمّ الصلاة فيه من ملابسه، ويُسمح للمحرم بحمل المتنجّس أو النجس إذا لم تسر منه النجاسة إليه. وفيما يتّصل بهذا الشرط عدّة مسائل:

1 ـ إذا طاف ثُمّ علم أنّ بدنه أو شيئاً من ملابسه كان نجساً في أثناء الطواف، صحّ طوافه، وطهّره لأجل ركعتي الطواف، وإذا لم يعلم بتلك النجاسة إلّا بعد الصلاة صحّ الطواف والصلاة معاً.

2 ـ إذا كان عالماً بوجود نجاسة في بدنه أو ثيابه، ثُمّ نسي ذلك وطاف، وتذكّر بعد الطواف، صحّ طوافه، وتطهّر للصلاة، وإذا لم يتذكّر إلّا بعد ركعتي الطواف أعاد ركعتي الطواف فقط.

3 ـ إذا كان مشغولاً بالطواف، وأصابت بدنه وثوبه نجاسة، أو علم أنّ بدنه وثوبه تنجّس، فإن كان قبل إكمال الشوط الرابع قطع الطواف، وطهّر الموضع المتنجّس، وكفاه أن يستأنف طوافاً جديداً، وإن كان بعد إكمال الشوط الرابع قطع وطهّر، وكان له أن يحتسب ما مضى ويقتصر على تكميله، وأمّا إذا كانت النجاسة في ثوبه فقط، وأمكنه تبديله أو الاستغناء عنه في نفس الوقت، كان له أن يتخلّص منه، ويواصل طوافه.

81 ـ الثالث من شروط الطواف: الختان للمحرم من الرجال والصبيان، ومن طاف غير مختون كان كتارك الطواف.

وإذا استطاع المكلّف وهو غير مختون فلذلك صور:

الاُولى: أن يتمكّن من الختان والحجّ في سنة الاستطاعة، فيجب.

74

الثانية: أن يتمكّن من الختان، ولكن لايتمكّن من الجمع بين الحجّ والختان في سنة واحدة، فيؤخّر الحجّ إلى السنة القادمة.

الثالثة: أن لايتمكّن من الختان أصلاً؛ لضرر أو حرج أو غير ذلك، فاللاّزم عليه الحجّ، ويطوف بنفسه في عمرته وحجّه، ويستنيب ـ أيضاً ـ من يطوف عنه، ويصلّي هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.

82 ـ الرابع من شروط الطواف: ستر العورة، فيجب على الرجل الطائف أن يستر عورتيه، وعلى المرأة الطائفة أن تستر كامل جسمها، عدا الوجه والكفّين.

 

ب ـ واجبات الطواف

الطواف ـ كما تقدّم ـ هو السير حول الكعبة الشريفة، ولابدّ أن تتوفّر في كيفيّة أدائه العناصر التالية ليقع صحيحاً:

83 ـ الأوّل: النيّة، وصورتها مثلاً: أطوف حول البيت سبعة أشواط لعمرة التمتّع لحجّة الإسلام قربة إلى الله تعالى.

وإذا كان نيابة نوى عن المنيب، وإذا كان الحجّ مستحبّاً أسقط كلمة (حجّة الإسلام)، ولايجب التلفّظ بالنيّة أو بأيّ نيّة اُخرى لسائر الأعمال، بل يكفي حصولها في القلب، ويلزم أن تحصل النيّة للطواف عند الابتداء به.

84 ـ الثاني: كون الطائف خارج الكعبة ورخامها المبني في أسفل حائطها لدعم بنيانها المسمّى بــ (شاذروان)، فإذا تجاوز الطائف

75

مطافه ودخل الكعبة بطل طوافه، ولزمته الإعادة، وإذا تجاوز إلى الشاذروان كفاه تدارك ذاك المقطع، وتكميل الطواف من ذاك المقطع.

85 ـ الثالث: الابتداء من الحجر الأسود الموضوع في أحد أركان الكعبة الشريفة.

وتشتمل الكعبة الشريفة على أربعة أركان، وهي: الركن العراقيّ، والركن الشاميّ، والركن اليمانيّ، والركن الأسود، وفيه الحجر الأسود، ويقع في الجهة الشرقيّة.

والطائف يجب أن يكون محاذياً للحجر الأسود، ثُمّ يبدأ الطواف، والأحوط الأولى استحباباً أن يتأخّر عنه قليلاً، ويشرع في الطواف لكي يمرّ بجميع بدنه على جميع الحجر ناوياً أن يبدأ طوافه من النقطة التي تتحقّق فيها المحاذاة بينه وبين الحجر.

86 ـ الرابع: أن يطوف بالبيت سبع مرّات متواليات عرفاً، ولايُجزئ الأقلّ من ذلك. ويسمّى كلّ واحد من السبع بــ (الشوط)، فالطواف مركّب من سبعة أشواط.

فإذا نقص من طوافه فلذلك صور:

الصورة الاُولى: أن يكون عامداً وقد خرج من المطاف، فيكفيه أن يستأنف طوافاً جديداً.

الصورة الثانية: أن يكون عامداً ولايزال في المطاف، فمادام لم تمض عليه فترة طويلة تختلّ بها الموالاة عرفاً، جاز له أن يكمل النقص، ويكتفي بما أتى به، وإذا مضت عليه فترة كذلك أتى بطواف جديد.

76

الصورة الثالثة: أن يكون صدور النقصان عنه سهواً، وتذكّر ذلك قبل خروجه من المطاف وبعد برهة قصيرة لم تختلّ بها الموالاة، فيأتي بالباقي، ويصحّ طوافه.

الصورة الرابعة: أن يكون صدور النقصان عنه سهواً، وتذكّر بعد الخروج من المطاف وقبل الإخلال بالموالاة، فعندئذ رجع وتداركه إن كان الناقص ثلاثة أشواط أو أقلّ، أمّا إن كان الناقص أربعة أو أكثر كفاه أن يستأنف طوافاً جديداً.

الصورة الخامسة: أن يكون صدور النقصان عنه سهواً، وتذكّر بعد الإخلال بالموالاة، فعندئذ عليه الإعادة على كلّ حال.

87 ـ الخامس: أن ينتهي كلّ شوط بالحجر الأسود الذي بدأ منه، ويحتاط في الشوط الأخير بتجاوز الحجر بقليل ناوياً بذلك الاطمئنان إلى إكمال سبعة أشواط تامّة.

88 ـ السادس: جعل الكعبة عند طوافه على يساره في جميع أحوال الطواف، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو لغيره أو ألجأه الزحام إلى استقبال الكعبة أو استدبارها أو جعلها على اليمين، فذلك المقدار لايعدّ من الطواف، فيعيد من حيث انحرف. ولايعني وضع الكعبة على اليسار: أن يحرف الطائف كتفه الأيسر عند مروره بالأركان لكي يكون محاذياً لبناء الكعبة؛ فإنّ هذه التدقيقات غير واجبة، بل المقصود من وضع الكعبة على يساره تحديد وجهة سير الطائف.

77

89 ـ السابع: الطواف حول حجر إسماعيل بمعنى: إدخاله في المطاف، فلايجوز الطواف بينه وبين الكعبة، فإذا دخل الطائف حجر إسماعيل بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه، فلابدّ من إعادته، ولايبطل أصل الطواف.

90 ـ الثامن: أن يكون الطواف بخطواته المختارة، فلايكفي أن يحمله الزحام حملاً على نحو ترتفع رجلاه ولايتحقّق منه المشي، فإذا اتّفق له ذلك وجب عليه أن يلغي تلك المساحة التي تحرّك فيها على هذا النحو، ويرجع إلى حيث سيطر عليه الزحام، فيواصل طوافه، وإذا تعذّر الرجوع عليه كذلك أمكنه أن يسير في اتّجاهه غير قاصد الطواف إلى أن يصل إلى تلك النقطة، فيقصد الطواف، كما يمكنه أن يخرج من المطاف رأساً، ويستأنف طوافاً جديداً.

91 ـ التاسع: أن يضبط عدد الأشواط، فلو شكّ في عددها بطل طوافه.

ويستثنى من الحكم بالبطلان هذه الصور التالية:

الصورة الاُولى: أن يكون الشكّ في العدد بعد الانتهاء من الطواف والتجاوز عنه بالدخول في صلاة الطواف مثلاً، فلا أثر للشكّ حينئذ.

الصورة الثانية: أن يكون قد أكمل الأشواط، وشكّ بعد إكمالها في أنّها سبعة أو أكثر مع عدم احتمال النقصان، فإنّ طوافه صحيح، ولايعتني بشكّه ولو لم يكن قد دخل بعد في ركعتي الطواف، ولم يخرج عن المطاف.

78

الصورة الثالثة: أن يكون الشكّ في عدد الأشواط في طواف مندوب، فيبني على العدد الأقلّ ويُكمل، ويصح طوافه.

ويكفي في ضبط الطائف لعدد أشواطه أن يكون مطمئنّاً بعددها، أو أن يتّكل على رفيق يشاركه في الطواف، ويكون ذلك الرفيق ضابطاً للعدد، ولايكفي الظنّ.

92 ـ العاشر: أن لايقرن بين طوافين: بأن يطوف سبعة أشواط ويُلحقها بسبعة اُخرى كطواف ثان مؤجّلاً ركعتي الطواف إلى مابعد الفراغ من الطوافين. ويسمّى هذا بــ (القران)، وهو لايجوز فيالطواف الفريضة، ويجوز في الطواف المستحبّ.

93 ـ الحادي عشر: أن لايخرج من المطاف إلى الخارج على التفصيل التالي:

أوّلاً: إذا خرج نسياناً بتخيّل أنّه أكمل الطواف، أو لأنّه رأى نجاسة في بدنه أو ملابسه وأراد تطهيرها، وكان قد أكمل الشوط الرابع، كفاه أن يرجع قبل فوات الموالاة، ويُتمّ طوافه بتكميله سبعة أشواط، ولايجب عليه استئناف طواف جديد(1).



(1) أمّا في مورد رؤية النجاسة فقد نطقت بذلك صحيحة يونس بن يعقوب الماضية.

وأمّا في مورد النسيان ومن دون رؤية النجاسة فيكفينا أنّه لا دليل على البطلان ما لم تفت الموالاة.

79

ثانياً: إذا خرج في إحدى الحالتين السابقتين: النسيان، أو رؤية النجاسة في الأثناء، ولم يكن قد أكمل الشوط الرابع، فالأحوط أن لايكتفي بتكميل ما أتى به عند الرجوع، ويكفيه أن يستأنف طوافاً جديداً(1)، هذا مع عدم فقد الموالاة، أمّا مع فقدها فلا شكّ في عدم الاكتفاء بتكميل ما أتى به.

ثالثاً: إذا خرج في غير هاتين الحالتين قبل إكمال الشوط الرابع، لم يعتدّ بما أتى به، واستأنف طوافاً جديداً(2).

رابعاً: إذا خرج في غير الحالتين المذكورتين بعد إكمال الشوط الرابع لأجل طروّ حدث أو حيض بالنسبة إلى المرأة أو مرض مفاجئ ونحو ذلك من الأعذار، لم يعتدّ بما أتى به، ويستأنف طوافاً



(1) السبب في هذا الاحتياط هو مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا ـ على نسخة الكافي ـ أو عن جميل عن بعض أصحابنا ـ على نسخة الشيخ ـ عن أحدهما(عليهما السلام): «في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه. قال: يخرج ويتوضّأ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه، وإن كان أقلّ من النصف أعاد» ـ الوسائل 13 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب 40 من الطواف، الصفحة: 378 ـ مع احتمال إلحاق ما نحن فيه به.

(2) لصحيح أبان بن تغلب عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل طاف شوطاً أو شوطين ثمّ خرج مع رجل في حاجته. قال: إن كان طواف نافلة بنى عليه، وإن كان طواف فريضة لم يبن». الوسائل 13 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، الباب 41 من الطواف، الحديث 5، الصفحة: 380.

80

جديداً لدى فقد الموالاة، كما في حالة الحيض، وكذلك كلّ موردفقدت فيه الموالاة، أمّا مع انحفاظ الموالاة فلا دليل على بطلان ما مضى منه، فيجوز له البناء على ما سبق والتكميل من دون إعادة، وإن كان الأحوط استحباباً الإتيان بطواف كامل بنيّة ما عليه من التمام أو الإتمام.

كما أنّ الأحوط استحباباً في حالات المرض المفاجئ من هذه الصورة أن يستنيب في نفس الوقت لإكمال الطواف من دون أن يكتفي بذلك.

خامساً: إذا خرج عامداً من دون عذر لم يعتدّ بما مضى لو لم يكن قد أكمل الشوط الرابع، واستأنف طوافاً جديداً، أمّا لو كان قد أكمل الشوط الرابع فمع فقد الموالاة يستأنف ـ أيضاً ـ طوافاً جديداً، أمّا مع عدم فقد الموالاة فيجوز له البناء على ما سبق، والتكميل من دون إعادة، وإن كان الأحوط استحباباً الإتيان بطواف كامل بنيّة ما عليه من التمام أو الإتمام.

سادساً: يجوز للطائف في الطواف المستحبّ أن يقطع الطواف، ويخرج لقضاء حاجة أخيه المؤمن، ثُمّ يرجع ويبني على ما تقدّم منه فيكمله ويصحّ طوافه، أمّا لو خرج اشتهاءً أو لقضاء حاجة نفسه فمع عدم فقد الموالاة جاز له الإتمام بعد ذلك، ومع فقدها يعيد.

ولايعتبر الطائف بخروجه عن المطاف في طواف الفريضة آثماً، بل يجوز له ذلك حتّى ولو تحتّم عليه استئناف الطواف. ويجوز له الجلوس في أثناء الطواف للاستراحة، ولايضرّ ذلك بطوافه ما لم تطل المدّة إلى المقدار الذي تختلّ به الموالاة.

81

94 ـ الثاني عشر: أن لايزيد في طوافه عامداً؛ إذ عرفنا سابقاً أنّ الطواف مكوّن من سبعة أشواط، فلو قصد أن يجعله أكثر من ذلك بطل طوافه، سواء قصد ذلك من البداية: بأن طاف قاصداً جعل طوافه أكثر من سبعة أشواط، أو تجدّد له في الأثناء القصد إلى أن يزيد في طوافه. ولايفرّق في البطلان بالزيادة بين العالم بحكم المسألة وغيره.

وأمّا إذا طاف سبعة أشواط، ثُمّ طاف شوطاً آخر من دون أن يقصد ضمّه إلى طوافه الأوّل وكونه جزءاً منه، بل كعمل مستقلّ، فلايضرّ بصحّة طوافه المتقدّم.

أمّا إذا زاد في طوافه سهواً: بأن خُيّل له أنّه لم يستوف سبعة أشواط، فطاف شوطاً آخر، ثُمّ ظهر له أنّها أصبحت ثمانية مثلاً، فإن كانت الزيادة لاتزيد على شوط واحد كان مخيرّاً بين الإعادة وبين إكمال اُسبوع ثان يكون هو الفريضة والأوّل نافلة، وإن زادت الزيادة على شوط واحد تعيّنت عليه الإعادة.

 

ج ـ آداب الطواف ومستحبّاته

95 ـ منها: على ما جاء في بعض الروايات أن يطوف حافياً مقصّراً في خطواته، مشغولاً بالذكر والدعاء وقراءة القرآن، تاركاً ألوان اللغو والعبث.

ومنها: أن يستلم الحجر الأسود، ويقبّله في ابتداء الطواف وانتهائه وفي نهاية كلّ شوط إن أمكنه ذلك من دون أن يؤذي أحداً، وينتزعه منه بالقوّة.

82

ومنها: أن يدعو حال الطواف بهذا الدعاء: «اللّهمّ، إنّي أسألُكَ باسْمِكَ الّذي يُمْشى به على طَللِ الماءِ كما يُمْشى به على جُددِ الأرضِ، أسألُكَ باسْمِكَ الّذي يَهْتزُّ له عَرْشُكَ، وأسألُكَ باسْمِكِ الّذي تَهْتزُّ له أقدامُ ملائكَتِكَ، وأسألُكَ باسْمِكَ الّذي دَعاكَ به مُوسى مِنْ جانِبِ الطّورِ الأيْمَنِ، فاسْتَجَبْتَ لهُ، وألْقيتَ عَلَيْهِ مَحَبّةً مِنكَ، وأسألُكَ باسْمِكَ الّذي غَفَرتَ بِهِ لُمحمَّد(صلى الله عليه وآله) ما تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وما تأخَّرَ، وأتممتَ عَلَيه نِعمَتَكَ». ثُمّ يطلب حاجته.

ويقول في الطواف أيضاً: «اللّهمّ، إنّي إليكَ فقيرٌ، وإنّي خائِفٌ مُستَجيرٌ، فلا تُغيِّر جسْمي، ولا تُبدّلْ اسمي».

وهناك أدعية وآداب ترتبط بمواضع معيّنة من الكعبة الشريفة يصل إليها الطائف تباعاً في طوافه، ومعرفتها تتطلّب الإحاطة بوضع الكعبة وأركانها وتحديد تلك المواضع منها.

وقد علمنا سابقاً أنّ الطواف في كلّ شوط يبدأ من الحجر الأسود الواقع في ركن من أركان الكعبة الشريفة. وهذا الركن في الجهة الشرقيّة، وحينما يبدأ الطائف طوافه منه واضعاً الكعبة على يساره يمرّ بعد مسافة قصيرة جدّاً في نفس خط الحجر الأسود بباب الكعبة، ثُمّ يواصل سيره إلى أن يصل إلى الركن الآخر للكعبة الشريفة. ويسمّى بــ (الركن العراقيّ)، ويقع في الجهة الشماليّة، وفي هذه الجهة يوجد حِجر إسماعيل، وللكعبة ميزاب مطلّ عليه، ثُمّ يصل الطائف في طوافه إلى الركن الثالث. ويسمّى بــ (الركن الشاميّ)، ويقع في الجهة الغربيّة، ومنه يسير الطائف نحو الركن

83

الرابع والأخير المسمّى بــ (الركن اليمانيّ) الواقع في الجهة الجنوبيّة وقبيل أن يصل إلى الركن اليمانيّ موضع للكعبة الشريفة يسمّى بــ (المستجار)، وهو يكون في النقطة المقابلة لباب الكعبة، فالحجر الأسود والركن اليمانيّ متقابلان، وباب الكعبة والمستجار متقابلان، وعند وصول الطائف إلى المستجار يكون قد وصل إلى مؤخّر الكعبة، ويسير الطائف بعد ذلك من الركن اليمانيّ إلى الحجر الأسود؛ لينهي بذلك شوطاً كاملاً من الطواف.

هذه فكرة توضيحيّة عن النقاط التي يمرّ بها الطائف في سيره حول الكعبة الشريفة في كلّ شوط، وعلى ضوئها تعيّن مواضع الأدعية والآداب التالية.

إذا سار الطائف من الحجر الأسود، ووصل إلى باب الكعبة في كلّ شوط، صلّى على محمّد وآل محمّد، وإذا بلغ حجر إسماعيل قبيل الميزاب رفع رأسه وقال وهو ينظر إلى الميزاب: «اللّهُمَّ، أدْخِلْنِي الجَنّة بِرَحْمَتِكَ، وَأجِرْنِي بِرَحْمَتِكَ مِنَ النّارِ، وَعافِني مِنَ السُقمِ، وَأوْسِعْ عَلَيّ مِنَ الرِزْقِ الحَلال، وَادْرَأ عَنّي شَرَّ فَسَقَة الجِنّ وَالإنْس وَشَرَّ فَسَقَة العَرَب وَالْعَجَم».

وإذا جاز حجر إسماعيل، وانتهى إلى مؤخّر الكعبة قال: «يَا ذَا المَنّ وَالطَوْل وَالجُود وَالْكَرَم، إنّ عَمَلِي ضَعِيف فَضَاعِفْهُ لِي، وَتَقَبَّلْهُ مِنّي إنّكَ أنْتَ السَمِيع العَلِيم».

وفي رواية أنّه إذا صار بحذاء الركن اليمانيّ أقام فرفع يديه، ثُمّ قال: «يَا الله، يَا وَلِيّ العَافِيَة، وَخَالِق العَافِيَة، وَرَازِق العَافِيَة، وَالمُنْعِم

84

بِالعَافِيَة، وَالمَنّان بِالْعَافِيَة، وَالمُتَفَضِّل بِالْعَافِيَة عَلَيّ وَعَلَى جَمِيعخَلْقِكَ، يَارَحْمنَ الدُنْيا وَالآخِرَة وَرَحِيْمَهُمَا، صَلِّ عَلَى مُحَمّد وَآل مُحَمَّد، وَارْزُقْنَا الْعَافِيَة، وَدَوام العَافِيَة وَشُكْرَ العَافِيَة فِي الدُنْيَا وَالآخِرَة بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَاحِمِين».

ويستحبّ للطائف في كلّ شوط أن يستلم الأركان كلّها، وأن يقول عند استلام الحجر الأسود: «أمَانَتِي أدّيْتها، وَمِيْثَاقِي تَعَاهَدْته؛ لِتَشْهَدَ لِي بِالمُوافَاة».

فإذا فرغ من طوافه ذهب إلى مؤخّر الكعبة بحذاء المستجار دون الركن اليمانيّ بقليل، وبسط يديه على البيت، وألصق بدنه وخدّه به، وقال: «اللّهُمَّ، الْبَيْتُ بَيْتُكَ، وَالعَبْدُ عَبْدُكَ، وَهَذا مَكَانُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ» ثُمّ أقرّ لربّه بما عمله ـ ففي الرواية الصحيحة أنّه ليس من عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلّا غفر الله له إن شاء الله ـ وقال: «اللّهُمَّ، مِنْ قِبَلكَ الرَوْحُ وَالْفَرَجُ وَالْعَافِيَةُ. اللّهُمَّ، إنَّ عَمَلي ضَعِيفٌ فَضَاعِفْهُ لِي، وَاغْفِرْ لِي مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنّي وَخَفِيَ عَلَى خَلْقِكَ».

ثُمّ واصل الطائف دعاءه وتضرّعه واستجارته من النار بما أحبّ من أساليب التعبير المناسبة لذلك المقام.

 

د ـ أحكام الطواف

96 ـ عرفنا أنّ الطواف هو الواجب الثاني من عمرة التمتّع، فإذا تركه الشخص فلذلك صور:

85

الصورة الاُولى: أن يتركه اختياراً مع علمه بوجوبه وتعمّده في الترك ولو لأجل التبرّم بالزحام وكثرة الناس في المطاف، فلايكون معذوراً، ولايصحّ منه السعي وما بعده من الأعمال لو ترك الطواف وتوجّه إلى السعي، بل يجب عليه أن يطوف، ثُمّ يسعى، ثُمّ يقصّر بحسب تسلسل أعمال العمرة مادام في الوقت متّسع، فإذا لم يبق وقت يتّسع لذلك ولإدراك الوقوف بعرفات، بطلت عمرته، وبطل إحرامه.

الصورة الثانية: أن يتركه لعدم علمه بأنّه واجب والحكم فيه كما تقدّم في الصورة السابقة.

الصورة الثالثة: أن يتركه نسياناً وغفلة، وهذا لايبطل عمرته، بل إن تذكّر وفي الوقت متّسع للتدارك وإدراك عرفات تداركه، وأتى بالطواف وبما بعده من أعمال العمرة، وإذا كان وقت العمرة قد فات فعليه قضاء الطواف، وإذا لم يتمكّن من القضاء ـ أيضاً ـ لرجوعه إلى بلده مثلاً، وجب عليه أن يستنيب شخصاً ليطوف عنه.

الصورة الرابعة: أن يترك المحرم الطواف ماشياً لعدم تمكّنه من المشي؛ لسبب مرض أو كسر أو نحو ذلك، ولايكلّف في هذه الحالة بما لايطيق، فإن تمكّن من الطواف بالاستعانة بالغير ولو بأن يطوف محمولاً، وجب ذلك، وإلّا كفاه أن يستنيب شخصاً يطوف عنه. وأمّا بالنسبة إلى ركعتي الطواف فإن كان قادراً على إتيانها، أتى بها بعد طواف النائب، وإلّا أتى بها الطائف نيابة عنه.

86

 

 

الواجب الثالث: صلاة الطواف

 

97 ـوبعد أن يفرغ المعتمر من طوافه تجب عليه ركعتا الطواف. وتسمّى بــ (صلاة الطواف)، وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتّع. وصورتها كصلاة الفجر، ولكنّه مخيّر في قراءتها بين الجهر والإخفات.

وتجب فيها النيّة، وصورتها مثلاً: اُصلّي ركعتي الطواف لعمرة التمتّع لحجّ الإسلام قربة إلى الله تعالى، وإذا كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، وإذا كان الحجّ مستحبّاً أسقط كلمة (حجّ الإسلام).

98 ـ ويجب من الناحية المكانيّة الإتيان بها قريباً من مقام إبراهيم(عليه السلام) بنحو تكون الصلاة خلف المقام، والمقام هو: الحجر الذي كان إبراهيم(عليه السلام) يقف عليه وقت بناء الكعبة، ويقع الآن على مقربة من البيت الشريف، فإن تعذّر الحصول على مكان خلف المقام حاول أن يجد مكاناً قريباً منه من أيّ جانب ويصلّي فيه، وإن تعذّر هذا ـ أيضاً ـ صلّى في أيّ مكان من المسجد.

ولايخفى أنّ عنواني القرب والخلف يتأثّران عرفاً سعة وضيقاً بمدى كثرة الزحام وقلّته.

87

ومن كان يطوف طوافاً مستحبّاً فله أن يصلّي ركعتيه في أيّ موضع أحبّ من المسجد.

ويجب من الناحية الزمانيّة الإتيان بصلاة الطواف عقيبه أو بفاصل قصير، فلايجوز الفصل بينهما بفترة طويلة.

99 ـ وإذا ترك الطائف صلاة الطواف عالماً عامداً بطل حجّه مالم يكن بإمكانه أن يتدارك قبل انتهاء وقت العمرة.

وإذا تركها ناسياً أو جاهلاً، والتفت بعد ذلك، فإن كان التفاته في أثناء السعي قطعه وصلّى في محلّها، ثُمّ رجع وأكمل سعيه، وإن كان بعد السعي صلّى في محلّها، ولاتجب عليه إعادة السعي، وإن كان التفاته بعد فوات الوقت أو الخروج من مكّة، رجع إلى المسجد الحرام، وقضاها في محلّها، وإذا لم يتمكّن من ذلك صلاّها في أيّ موضع ذكرها فيه.

ولابدّ للطائف أن يكون مطمئنّاً بصحّة صلاته وقراءته، وأن يصحّح قراءته إذا كان فيها خطأ، فإن لم يتمكّن وتماهل حتّى ضاق الوقت عن تصحيحها، فالأحوط أن يأتي بصلاة الطواف بحسب إمكانه، وأن يصلّيها مأموماً، ويستنيب لها أيضاً.

وإذا كان في قراءة الإنسان خطأ وهو لايعلم، بل يرى قراءته صحيحة جهلاً منه، فصلّى على ما يرى، صحّت صلاته، ولاتجب عليه الإعادة.

88

آداب صلاة الطواف

100 ـ يستحبّ في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة التوحيد في الركعة الاُولى وسورة الجحد في الركعة الثانية، فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه، وصلّى على محمّد وآل محمّد، وطلب من الله أن يتقبّل منه.

ومن المأثور أن يسجد بعد الصلاة، ويقول في سجوده: «سَجَدَ وَجْهِي لَكَ تَعَبُّداً وَرِقّاً، لا إله إلّا أنْتَ حَقّاً حَقّاً، الأوّل قَبْلَ كُلّ شَيء، وَالآخِر بَعْدَ كُلّ شَيء، وَهَا أنَا ذا بَيْن يَدَيْكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، وَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لايَغْفِرُ الذنْبَ العَظيمَ غَيْرُكَ، فَاغْفِرْ لي؛ فَإنّي مُقرٌّ بِذنُوبي عَلَى نَفْسِي، وَلايَدْفَعُ الذّنْبَ العَظِيمَ غَيْرُكَ».

ويستحبّ أن يقول ـ أيضاً ـ بعد الفراغ من صلاة الطواف: «اللّهُمَّ، ارحَمْني بِطَوَاعِيَتي إيّاكَ وَطَواعِيَتي رَسولَك صَلّى الله عَليه وآله. اللّهُمَّ، جَنِّبْني أنْ أتعدّى حُدودَكَ، وَاجْعَلْني مِمّنْ يُحِبُّكَ ويُحبُّ رَسُولَكَ وَمَلائِكَتَكَ وَعِبادَكَ الصالِحين».

 

 

89

 

 

الواجب الرابع: السعي

 

101 ـ وبعد إنهاء ركعتي الطواف يتّجه المعتمر إلى الصفا والمروة للسعي، وهو الواجب الرابع من واجبات عمرة التمتّع. والصفا والمروة يقعان إلى جانب المسجد الشريف، وهما مرتفعان، بينهما مساحة يقدّر طولها بما يقارب أربع مئة متر، ويجب السعي بينهما بمعنى: السير من أحدهما إلى الآخر.

ولايشترط في السعي شيء من الشروط الأربعة التي تقدّم اعتبارها في الطواف: من الطهارة من الحدث، والطهارة من الخبث، والختان، وستر العورة.

102 ـ ويجب أن يؤتى بالسعي على الكيفيّة التالية:

أوّلاً: يجب في السعي النيّة، وصورتها مثلاً: أسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط لعمرة التمتّع لحجّ الإسلام قربة إلى الله تعالى. وإذا كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، وإذا كان الحجّ مستحبّاً أسقط كلمة (حجّ الإسلام).

ثانياً: يجب أن يبدأ بالسعي من أوّل جزء من الصفا متّجهاً نحو المروة، فإذا وصل إلى المروة اعتبر ذلك شوطاً، ثُمّ يبدأ من المروة

90

متّجهاً نحو الصفا، فإذا وصل إلى الصفا اعتبر ذلك شوطاً آخر،وهكذا يصنع إلى سبعة أشواط، ويكون ختام سعيه بالمروة، ولايجب الصعود إلى السلّم الذي يمثّل الصفا من جانب، ولا إلى السلّم الذي كان يمثّل المروة سابقاً من جانب آخر، أمّا في زماننا هذا فالسلّم الثاني غير موجود، فلايجب طيّ المكان الذي كان سابقاً مشتملاً على السلّم وإن كان أحوط وأحسن.

وكما يجزي السعي بين الصفا والمروة على الأرض كذلك يجزي السعي بينهما في الطابق العلويّ المبني حديثاً.

ثالثاً: يجب أن يستقبل المروة عند الذهاب إليها، كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه، فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها، أو استدبر الصفا عند الإياب من المروة، ومشى القهقرى، لم يجزئه ذلك، ولابأس بالالتفات إلى اليمين أو اليسار أو الخلف عند الذهاب أو الإياب.

رابعاً: يجب أن لايزيد في سعيه عن علم وعمد، فلو زاد على سبعة أشواط عالماً عامداً بطل سعيه، ولوزاد جاهلاً أو ناسياً لم يبطل. ونقصد بالزيادة هنا نظير ماتقدّم في الطواف: بأن يأتي بالزائد بوصفه جزءاً من ذلك السعي، فلو أتى به كعمل مستقلّ لم يضرّ ولو وقع عقيب السعي(لاحظ الفقرة رقم 94).

91

خامساً: يجب أن لايؤخّر السعي عن الطواف إلى الغد اختياراً(1)، بل يحتمل أن يكون الأفضل استحباباً أن لايؤخّره عنه فترة طويلة من نفس اليوم أيضاً.

سادساً: يجب أن يباشر السعي بنفسه، ولايجوز له أن يستنيب مع التمكّن من المباشرة، ويمكنه السعي ماشياً أو راكباً، فإذا عجز عن ذلك سعى محمولاً، وإذا عجز حتّى عن السعي محمولاً استناب غيره للسعي.

سابعاً: لايجب عليه أن يوالي بين الأشواط في السعي كما كان يجب عليه في الطواف. ويجوز له الجلوس على الصفا أو المروة أو بينهما للاستراحة في أثناء السعي.

ثامناً: يجب أن يضبط العدد، فلوشكّ في عدد أشواط السعي بطل سعيه، إلّا في حالتين:

الاُولى: أن يكون شكّه بعد التقصير.

الثانية: أن يكون شكّه في الزيادة فقط وقد حدث وهو على المروة، كما إذا شكّ في أنّ الشوط الذي انتهى منه فعلاً هل هو السابع أو التاسع؟



(1) لصحيح علاء بن رزين، الوسائل ج 13 بحسب طبعة آل البيت، الباب 60 من الطواف، الحديث: 3، صفحة: 411.