200

الأوّل: أن تكون الحصّة المشروطة للزارع مشاعةً في جميع النماء، فلا يختصّ أحدهما بنوع دون الآخر.

الثاني: تعيين المدّة(1) بالأشهر أو السنين أو الفصل الذي يكون فيه الزرع.

الثالث: تعيين الحِصّة(2) ـ بالكسر ـ المشاع مثل النصف والربع ونحوهما.

الرابع: تعيين الأرض وحدودها، ولو عيّن كلّيّاً موصوفاً على وجه لا غرر فيه كفى.

الخامس: كون الأرض قابلةً للزراعة ولو بالعلاج.

السادس: تعيين كون البذر(3) وسائر المصارف على أحدهما المعيَّن أو كليهما(4)، ويكفي وجود القرينة على التعيين ولو كانت هي التعارف.



الفرع الثاني: أنّه كما تجوز المزارعة في الأراضي غير الموقوفة كذلك تجوز في الأراضي الموقوفة.

وأفاد(رحمه الله): أنّه إذا أوقع المتولّي للوقف المزارعة على أرض موقوفة إلى مدّة وفقاً لما يراه صالحاً لجهة الوقف لزمت، ولا تبطل بموت المتولّي أثناء ذلك.

(1) ويكفي ـ كما أفاده اُستاذنا(رحمه الله) ـ تعيينها من حيث الابتداء مع جعل الانتهاء منوطاً بإدراك الحاصل.

(2) أفاد اُستاذنا هنا فروعاً في فرض النزاع والاختلاف حذفناها للاختصار، فإن شئت رأيه(رحمه الله)فراجع تعليقه على هذا الموضع.

(3) وكذلك تعيين نوع الزرع: إمّا بالإطلاق بأن يسمح المالك للزارع بأيّ زرع يراه، أو بالنصّ على نوع معيّن، فلو زارعه وترك أمر تعيين الزرع إلى ما بعد، بطلت المزارعة إذا كانت أقسام المزارعة مختلفة في الأغراض والخصوصيّات، كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

(4) إن فرضنا الزارع مستأجراً للأرض ـ كما هو المصطلح الروائيّ ـ فالظاهر: أنّ

201

(مسألة: 1) يجوز للعامل أن يزرع بنفسه وبغيره وبالشركة مع غيره، إلّا أن تشترط المباشرة.

(مسألة: 2) إذا عيّن صاحب الأرض زرعاً بعينه تعيّن(1)، وإلّا تخيّر الزارع



البذر وسائر المصارف عليه، إلّا أن يقتضي ظاهر الحال أو التنصيص بينهما خلاف ذلك. وإن فرضناه أجيراً لصاحب الأرض، فالظاهر: أنّها على صاحب الأرض، إلّا أن يقتضي ظاهر الحال أو التنصيص بينهما خلاف ذلك. وإن فرضنا مشاركتهما في بذل رأسي المال مع تحصيص الناتج بينهما بما يتّفقان عليه، فلا بدّ من تعيين ما يكون على الزارع من العمل وحده، أو مع بعض المصارف: إمّا بتعارف وظهور حال، أو بالتنصيص.

(1) إذا كان التعيين في نفس العقد كما أفاده اُستاذنا(رحمه الله)، أمّا إذا كان بعد تماميّة العقد، فلا نفوذ لتعيينه.

وأضاف اُستاذنا(رحمه الله) هنا بعض الفروع كالتالي:

لو تعدّى الزارع عن الزرع الذي عيّنه المالك في نفس العقد: فتارةً يكون التعيين بنحو الاشتراط، واُخرى بنحو التقييد:

أ ـ فإن كان التعيين بنحو الاشتراط، فالمالك مخيّر بين الفسخ والإمضاء:

وفي حالة الفسخ: إن كان البذر من المالك ولم يطالب ببدله، فالناتج تماماً لمالك الأرض، ويرجع العامل على مالك الأرض باُجرة المثل لعمله، فإن كانت اُجرة المثل للعمل سيّان فلا كلام، وإن كانت اُجرة المثل لعمله أزيد من اُجرة المثل للعمل المتروك، فالزيادة يخسرها العامل؛ لأنّه هو الذي أهدر القيمة الزائدة، وإن كانت اُجرة المثل للعمل الأصليّ أزيد، لم يستحقّ الزيادة؛ لأنّه لم يأتِ به، فعلى كلّ تقدير ليست للعامل إلّا أقلّ الاُجرتين [وكأنّ هذا معنى كلام اُستاذنا: له ـ أي: للمالك ـ على العامل التفاوت بين اُجرة المثل لما وقع من الانتفاع واُجرة المثل لما عيّنه المالك منه].

202

فيزرع ما شاء.

(مسألة: 3) يجوز اشتراط مقدار معيّن لأحدهما(1) إذا علم ببقاء غيره لهما،



أمّا لو طالب المالك العامل ببدل البذر ودفعه العامل، أو كان البذر من العامل، فللمالك اُجرة المثل للأرض.

وفي حالة عدم الفسخ تكون للمالك حصّته من الحاصل، وليس له على العامل اُجرة، ولا أرش النقص لو حدث بسبب ما اختاره الزارع من زرع [لأنّه ـ في الحقيقة ـ رفع يده عن شرطه].

ب ـ وإن كان التعيين بنحو التقييد، بطلت المزارعة، وكانت للمالك على العامل اُجرة المثل، سواء كان البذر منه أو من العامل، وأمّا الحاصل فهو تابع للبذر، فإن كان البذر من العامل، أو من المالك وقد دفع العامل بدله، فالحاصل للعامل أيضاً، وإلّا فللمالك.

(1) الأحوط وجوباً ـ كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ـ عدم جواز اشتراط صاحب الأرض مقداراً معيّناً من الحاصل له(1) سوى ما يكون في مقابل مؤونة نفس الأرض كالخراج، ومؤونة الزرع كالبذر إذا كانت المؤونة منه(2).


(1) لقوّة احتمال الإطلاق في صحيح الحلبيّ ـ الوسائل، ب 8 من المزارعة، ح 3، ص 41 من ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت ـ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «لا تقبل الأرض بحنطة مسمّاة، ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس لا بأس به»، وتكرّر الحديث في ب 16 من تلك الأبواب، ح 1، ص 53.

(2) الخراج والتعمير منصوصان في صحيح شعيب ـ الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 من المزارعة، ح 2، ص 45 ـ والخراج منصوص في حديث إبراهيم الكرخيّ ـ نفس المصدر، ح 1 ـ وفي موثّقي سماعة وزرعة ـ في نفس المصدر، ب 12، ص 47 و 48 ـ أمّا البذر فيستفاد من مفهوم ذيل حديث الكرخيّ الذي أشرنا إليه.

203

ويجوز اشتراط مقدار البذر لمن كان منه، واستثناء خراج السلطان وما يصرف فيتعمير الأرض.

(مسألة: 4) يجوز لكلٍّ من صاحب الأرض والزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه بمقدار معيّن منه بشرط رضا صاحبه، فيكون الزرع له ولصاحبه المقدار المعيّن، وإذا تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معاً.

(مسألة: 5) إذا بطلت المزارعة: فإن كان البذر لمالك الأرض كان الزرع له وعليه للزارع اُجرة عمله(1)، وإن كان للزارع كان الزرع له وعليه لصاحب الأرض اُجرة أرضه، وإن كان لهما معاً كان الزرع لهما على النسبة ولكلٍّ منهما على صاحبه اُجرة ما يخصّه من تلك النسبة.

(مسألة: 6) إذا تسلّم الزارع الأرض فلم يزرع(2) حتّى انقضت المدّة ففي ضمانه اُجرة المثل لصاحب الأرض وعدم ضمانه قولان، لا يخلو أوّلهما من



(1) نعم، لو كان الاتّفاق بينهما على جعل الحاصل كلّه للمالك، أو جعل مقدار محدّد منه له ولم يزد الحاصل على ذلك المقدار، لم تثبت للزارع اُجرة عمله؛ لأنّه بنفسه أهدر قيمة عمله، أي: أنّه ـ في الحقيقة ـ قد عمل مجّاناً.

أمّا لو كان الاتّفاق بينهما على جعل مقدار محدّد من الحاصل للمالك، وزاد الحاصل على ذلك، فالزارع لم يعمل مجّاناً، فإن كان العمل بينهما بروح كون الزارع أجيراً، فله اُجرة المثل، إلّا إذا كان ما يحصل عليه ـ لو صحّت المزارعة ـ أقلّ من اُجرة المثل، فإن كان كذلك فقد أهدر هو قيمة عمله بمقدار زيادة اُجرة المثل، وإن لم يكن بهذه الروح فله اُجرة المثل.

(2) تعرّض اُستاذنا تحت هذه المسألة لفروع، وبيّن رأيه فيها، حذفناها للاختصار، ومن أراد آراءه(رحمه الله) فيها فليراجعها.

204

وجه، والأحوط الصلح.

(مسألة: 7) يجوز أن يشترط مع الحصّة ذهباً أو فضّةً على كراهة(1).

(مسألة: 8) إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع بطلت المزارعة(2)، وإذا غرق بعضها يخيّر العامل في الباقي بين الفسخ والإمضاء، وإذا غرقت بعد ظهور الزرع ففي البطلان إشكال(3).

(مسألة: 9) في جواز عقد المزارعة بين أكثر من اثنين بأن تكون الأرض ـ مثلا ـ من واحد، والبذر من آخر، والعمل من ثالث، والعوامل من رابع.. وهكذا



(1) لا أملك دليلاً على الكراهة عدا مثل شهرة أو إجماع منقول.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): وكذلك إذا وجد مانع آخر غير الغرق في الأثناء قبل ظهور الزرع، كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن تحصيله، فإنّ هذا يعني: أنّ المزارعة وقعت باطلة. وهذا الكلام لا تعليق لنا عليه.

وأفاد أيضاً: أنّه وكذلك إذا وجد مانع غير الغرق ممّا لم يمنع الاستفادة من الزرع، ولكن حصل الزرع غير البالغ والمُدرك فمنع عن إثماره، وعندئذ فالمزارعة وإن كانت باطلة، ولكن نفس هذا الزرع الخالي من الإثمار تكون له قيمة، ويكون لصاحب البذر، فإن كان صاحب البذر هو الزارع، فصاحب الأرض يرجع عليه بقيمة ما استوفاه من منفعة أرضه، وإن كان صاحب البذر هو صاحب الأرض، فالزارع يرجع عليه بقيمة عمله.

أقول: لو كان الزارع أجيراً لصاحب الأرض في عمله، فله على صاحب الزرع أقلّ القيمتين لعمله من اُجرة المثل والاُجرة المسمّاة؛ لأنّه لو كانت الاُجرة المسمّاة أقلّ من اُجرة المثل، فهو الذي أهدر كرامة عمله بمقدار زيادة المثل على المسمّاة.

(3) بعد أن كان المفروض حصول الغرق قبل التسليم فهو بحكم تلف المبيع قبل قبضه، فالأظهر البطلان.

205

قولان، أقواهما العدم(1). نعم، إذا وقع العقد بين الجماعة على النحو المذكور لم يبعد القول بصحّته، ولا تجري عليه أحكام المزارعة من حيث هي(2).

 

الفصل الثاني في المساقاة:

ولا بدّ فيها من الإيجاب والقبول الدالّين على المعاملة(3) على خدمة الاُصول



(1) بل الجواز هو الأقرب، كما أفاده اُستاذنا الشهيد(1).

(2) تقسيم الحاصل بينهم بحسب الحصص المتّفق عليها وفقاً للمزارعة أمر عقلائيّ، فلا أقلّ من شمول ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ لذلك.

(3) هنا نقول أيضاً بما قلناه في المزارعة في تعليقنا الماضي على قول المصنّف(رحمه الله): «ولابدّ فيها من الإيجاب والقبول الدالّين على المعاملة على الأرض بحصّة من حاصلها»: من أنّه يصحّ أن يكون الإيجاب والقبول لفظيّين، ويصحّ أن يكونا فعليّين.

وقد أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) هنا في ذيل هذه المسألة فروعاً اُخرى كالتالي:

ولا تصحّ المساقاة إلّا إذا كانت من قبل المالك للاُصول، فإذا ظهر بعد الاتّفاق على المساقاة [وبعد السقي]أنّ الاُصول مغصوبة، وأنّ المساقاة وقعت من قبل الغاصب، كانت المساقاة باطلة، وحينئذ تكون الثمرة كلّها للمالك، وللعامل اُجرة المثل يرجع بها على الغاصب.


(1) كأنّ وجه تقوية عدم الجواز لدى المصنّف(رحمه الله) هو بعض الروايات، كصحيح الحلبيّ ـ الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من المزارعة والمساقاة، ح 4، ص 41 ـ وصحيح عبدالله بن سنان ـ نفس المصدر، ح 5 ـ والحديث 6 ـ من نفس الباب، ص 42 ـ والحديث 10 ـ من نفس الباب، ص 43 ـ ولكن الأقرب هو الجواز؛ لأنّ الروايات المشار إليها إنّما وردت في فرض كون المعاملة بين المالك والزارع، لا بين أكثر من اثنين، مضافاً إلى أنّ موثّقة سماعة سمحت بمشاركة ثالث في البذر. راجع نفس المجلّد، ب 13 من تلك الأبواب، ص 48.

206

المغروسة بحصّة من ثمرتها. ويجب فيها اُمور(1):

الأوّل: أن تكون معلومةً معيّنةً عندهما(2).

الثاني: تعيين مدّة العمل إمّا بالأشهر أو بالسنين(3)، وإمّا ببلوغ الثمرة المساقى عليها.



وإذا لم يظهر واقع الحال إلّا بعد تقسيم الثمرة بين الغاصب والعامل [بأخذ كلّ واحد منهما حصّته] وتلفها، جاز للمالك الرجوع على الغاصب ومطالبته بقيمة الثمرة بكاملها [لأنّه غصب الاُصول كلّها، وذلك يضمّنه الثمر بكامله]كما يجوز للمالك الرجوع على الغاصب والعامل بقيمة الحصّة التي وقعت في يد هذا أو ذلك، وليس له أن يطالب العامل بقيمة مجموع الثمرة [حتّى ولو كان العامل مطّلعاً على واقع الحال، فإنّ العامل لم يتسلّط إلّا على حصّته].

وإذا اختار المالك الرجوع على الغاصب بقيمة مجموع الثمرة، واستوفاها منه ولم يكن العامل مغرّراً من قبل الغاصب ـ كما لو كان العامل مطّلعاً على الحال من أوّل الأمر ـ فللغاصب أن يرجع على العامل بقيمة الحصّة التي أتلفها العامل.

انتهت الفروع التي أضافها اُستاذنا الشهيد. والأحكام التي أفادها كلّها صحيحة.

(1) كما يعتبر في المالك والعامل شروط بالنحو المتقدّم في المزارعة في تعليقنا الماضي على قول المصنّف(رحمه الله): «ويجب فيها اُمور».

(2) والمهمّ ـ كما أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ـ رفع الغرر والمجازفة، فإذا كان البستان مشتملاً على أنواع من الأشجار فلا يشترط العلم بمقدار كلّ واحد من هذه الأنواع تفصيلاً في صحّة المساقاة عليها، بل يكفي تكوين فكرة إجماليّة يرتفع معها الغرر والمجازفة، وفي حالة من هذا القبيل يجوز جعل حصّة العامل بنسبة واحدة في جميع الأنواع، كما يجوز جعلها بنسب متفاوتة، فتكون حصّته النصف من ثمرة النخيل ـ مثلاً ـ والربع من ثمرة الرمّان.

(3) اشترط اُستاذنا هنا أن يكون الزمان بمقدار تبلغ فيه الثمرة، وإلّا بطلت المساقاة.

أقول: لعلّ السبب في هذا الاشتراط أنّ الدليل على صحّة المساقاة: إمّا هي النصوص،

207

الثالث: إمكان حصول الثمرة فيها.

الرابع: تعيين الحصّة(1) وكونها مشاعةً في الثمرة، فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معيّن دون غيره. نعم، يجوز اشتراط ثمرة معيّنة لأحدهما زائداً على حصّته المشاعة إذا علم وجود ثمرة غيرها(2).



أو عقلائيّة الأمر، وكلاهما مخصوصان بفرض الزمان بمقدار تبلغ فيه الثمرة، راجع النصوص التي أشرنا إليها في آخر تعليقنا الماضي على قول المصنّف(رحمه الله) في المزارعة: «ولابدّ فيها من الإيجاب والقبول الدالّين على المعاملة على الأرض بحصّة من حاصلها». الذي بحثنا فيه عن حقيقة المزارعة والمساقاة.

وقال اُستاذنا(رحمه الله): نعم، إذا كانت الثمرة موجودة فعلاً عند إجراء عقدها، صحّت وإن كان الزمن قصيراً.

وقال أيضاً: ولعلّه إلى ذلك ـ يعني: إلى اشتراط كون الزمان بمقدار تبلغ فيه الثمرة ـ يرجع الشرط الثالث في عبارة الماتن(قدس سره).

(1) وهذا لا ينافي الترديد بتردّد الفروض المعيّنة المحدّدة الراجعة إلى اختيار العامل، كأن يقول له: إن سقيت بالآلة كان لك النصف، وإن سقيت بالسيح كان لك الثلث، كما أفاد ذلك اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)في تعليقه هنا.

(2) احتاط هنا اُستاذنا الشهيد بعدم الاشتراط، ولعلّه لأجل الخروج عن شبهة الإجماع(1).


(1) أمّا لو كان لأجل الخروج عن شبهة إطلاق صحيح الحلبيّ ـ «لا تقبل الأرض بحنطة مسمّاة، ولكن بالنصف والثلث والربع...». الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من المزارعة، ح 3،ص 41، وب 16 منها، ح 1، ص 53 ـ: إمّا بدعوى أنّ قبالة الأرض تشمل المساقاة، أو بإلحاق المساقاة بالمزارعة بعدم الفصل، فهذا ينافي ما فعله(رحمه الله) في فصل المزارعة من تخصيص الاحتياط بفرض جعل مقدار معيّن من الحاصل لصاحب الأرض لا لأيّ واحد منهما، وعلى أيّ حال، فالاحتياط طريق النجاة.

208

الخامس: تعيين ما على المالك من الاُمور وما على العامل من الأعمال، ويكفي الانصراف إذا كان قرينة على التعيين.

السادس: أن تكون قبل ظهور الثمرة أو بعده قبل البلوغ(1) إذا كان يحتاج إلى عمل من سقي أو غيره، أ مّا إذا لم يحتج إلى ذلك ففي صحّتها بلحاظ القطف والحفظ إشكال(2).

السابع: أن تكون المعاملة على أصل ثابت، أ مّا إذا لم يكن ثابتاً كالبطّيخ والباذنجان ونحوهما فالظاهر أنّه لا تجري عليها أحكام المساقاة. نعم، لا يبعد القول بصحّتها في نفسها(3) نظير الجعالة، كما أنّ الظاهر جواز المساقاة على الشجر الذي لا ثمرة له وينتفع بورقه كالحنّاء ونحوها.

(مسألة: 10) إذا بطلت المساقاة كان للعامل اُجرة المثل(4)، وكان تمام النماء لمالك الشجر.



(1) وإن كان يختلف الغرض باختلاف الفرضين، أو قل: يختلف مضمون المعاملة.

(2) إن لم تبقَ للشجر حاجة إلى السقي، لم يصدق عنوان المساقاة، ولكنّنا لا نرى مانعاً عن صحّة المعاملة.

(3) نحن لا نرى مانعاً عن صحّة المعاملة، ولا عن صدق اسم المساقاة.

(4) توجد حالتان لا يستحقّ العامل فيهما شيئاً ـ كما أفاده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) ـ:

الاُولى: ما لو كانت المعاملة مقيّدة بقيد خالفه العامل، فأصبح عمل العامل غير مستند إلى طلب المالك، كما لو كان قد قيّده بسقي من ماء مخصوص مثلاً، فسقى من ماء آخر، فالعامل لا يستحقّ اُجرة المثل.

والثانية: لو كان التوافق في عقد المساقاة على كون تمام الثمرة للمالك، فالعامل لا يستحقّ أيضاً شيئاً.

209

(مسألة: 11) يجوز اشتراط شيء من الذهب أو الفضّة للعامل(1) زائداً على الحصّة من الثمرة، وهل يجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة ؟ قولان، بل أقوال، أظهرها الوجوب(2)، بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك وأن يكون للعامل، ولا بين صورة عدم ظهور الثمرة أصلا وصورة تلفها بعد الظهور.

(مسألة: 12) يجوز تعدّد المالك واتّحاد العامل فيساقي الشريكان عاملا واحداً، ويجوز العكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له ـ مثلا ـ والنصف الآخر لهما، ويجوز تعدّدهما معاً.

(مسألة: 13) خراج الأرض على المالك، وكذا بناء الجدران، وعمل الناضح، ونحو ذلك ممّا لا يرجع إلى الثمرة، وإنّما يرجع إلى غيره من الأرض أو الشجر(3).

(مسألة: 14) العامل في المساقاة يملك الحصّة من الثمرة من حين الظهور،



(1) كلمة «للعامل»: إمّا طغيان من القلم، أو مسامحة في التعبير بقرينة قوله بعد ذلك: «بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك وأن يكون للعامل».

(2) لا وجه صحيح لفساد عقد المساقاة، أو انفساخه في حال من الأحوال، أي: سواء لم تخرج الثمرة صدفة أو تلفت بآفة، فإنّ الساقي قد أدّى ما عليه، فإن صحّت المعاملة فلا موجب لفساد الشرط الذي كان في ضمنها، وخيبة الأمل بعدم خروج الثمرة أو تلفها بآفة مّا لا علاقة لها بالموضوع. نعم، لو كان الشرط مقيّداً بعدم خيبة من هذا القبيل، فقد سقط الشرط، فما لم توجد ـ ولو بلحاظ العادة ـ قرينة على التقييد يُتّبع الإطلاق كما أفاده اُستاذنا(رحمه الله).

(3) وأمّا ما يرجع إلى تربية الأشجار، فإن كان هناك تعيين لكونه على المالك أو على العامل بلفظ صريح، أو بانصراف وعادة جارية اُتّبِع، وإلّا فلا يبعد أن يكون مقتضى الإطلاق كونه عليهما معاً.

210

وإذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصّة بمجرّد العقد.

(مسألة: 15) المغارسة باطلة(1)، وهي: أن يدفع أرضه إلى غيره ليغرس فيها على أن يكون الشجر المغروس بينهما على السويّة، أو التفاضل على حسب القرار الواقع بينهما، فإذا اتّفق وقوعها كان الغرس لمالكه، فإذا كان هو صاحب الأرض استحقّ عليه العامل اُجرة المثل، وإن كان هو العامل استحقّ عليه مالك الأرض اُجرة مثل أرضه. هذا على ما ذكره الأصحاب، ولا تبعد الصحّة إذا كان الغرس من المالك، فيكون قول المالك: « من غرس غرسي في أرضي فله نصفه » نظير « من ردّ عبدي فله نصفه » وتجري عليه أحكام الجعالة. أ مّا إذا كان الغرس من العامل فتصوير الجعالة فيه لا يخلو من غموض وإشكال(2)، اللهمّ إلّا أن يكون معاملة اُخرى داخلة في عمومات الصحّة، وهو غير بعيد، وكذا في الصورة الاُولى فتكون أيضاً عقداً لا جعالة(3).



(1) لا أرى وجهاً تامّاً للبطلان(1).

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «بل يمكن تصويرها بأن يقول العامل: من سلّطني على أرضه مجّاناً لغرس هذه الأشجار فله نصفها». ونِعْم ما أفاده(رحمه الله).

(3) قد عرفت في تعليقنا على قول المصنّف(رحمه الله) في أوّل هذه المسألة: «المغارسة باطلة» أنّ هذا هو مختارنا في الصورتين، بلا حاجة إلى إرجاع المغارسة إلى الجعالة.


(1) فإنّها معاملة عقلائيّة، ونفي الغرر إنّما نقبله بالبناء العقلائيّ على ذلك المُخرِج له عن إطلاقات الوفاء بالعقد.

211

المعاملات

5

 

 

 

كتاب الجعالة

213

 

 

 

 

 

الجُعالة من الإيقاعات لا بدّ فيها من الإيجاب عامّاً، مثل: من ردّ عبديالآبق أو بنى جداري فله كذا، وخاصّاً مثل: إن خطت ثوبي فلك كذا. ولا تحتاج إلى القبول ؛ لأنّها لا تجعل عنواناً لغير الجاعل(1) حتّى يحتاج إلى قبوله بخلاف



(1) كأنّه يُفهم من هذه العبارة أنّ كلّ ما يجعل عنواناً لغير الجاعل فهو بحاجة إلى القبول، ولذا أورد عليه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): أنّ الإذن للآخر في وضع يده على المال يجعله أميناً على ماله، مع أنّه ليس هذا الإذن عقداً بلا إشكال.

وعلى أيّ حال، فالجعالة ليست متقوّمة بالقبول، وهذه آية على كونها إيقاعاً، لا عقداً؛ لوضوح: أنّ العقد متقوّم بالقبول بلا شكّ، في حين أنّ الجاعل حينما يصدر منه فرض جُعل تتمّ الجعالة، سواء قبل جُعله أحد أو لم يقبل.

ولكنّنا نقول في نفس الوقت: إنّه لو حرّك جعله عاملاً، فتحرّك العامل بالبدء بالعمل، فقد انعقد جعل الجاعل بعمل العامل، وهذا كاف في دخوله في إطلاق مثل ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، وهذا منشأ إفتائنا بوجوب الوفاء بالوعد الابتدائيّ المرتبط بشرط أصبح محرِّكاً لعمل الموعود له بذاك الشرط، فلم يصبح الوعد مجرّد كذب غير مقصود.

وهناك بحث آخر، وهو: أنّ العامل لو عمل بمتعلّق الجعالة تبرّعاً بحتاً، لا لكي يستحقّ الجُعل، فهل يستحقّ بذلك الجُعل، أو لا يستحقّ؟ قد يقال بالاستحقاق(1)، لكنّني لم أحصل على إطلاق في روايات الجعالة يدلّ على ذلك.


(1) راجع فقه الصادق للسيّد الروحانيّ حفظه الله، ج 19 بحسب الطبعة ذات ستّة وعشرين مجلّداً، ص 214، حيث نسب إلى الأصحاب استحقاقه للجُعل.

214

المضاربة والمزارعة والمساقاة ونحوها، وتصحّ على كلّ عمل محلّل مقصود عند العقلاء، ويجوز أن يكون مجهولا، كما يجوز في العوض أن يكون كذلك إذا كان بنحو لا يؤدّي إلى التنازع، مثل: من ردّ عبدي فله نصفه، أو هذه الصبرة، أو هذا الثوب، وإذا كان العوض مجهولا محضاً مثل: من ردّ عبدي فله شيء بطلت، وكان للعامل اُجرة المثل(1).

(مسألة: 1) إذا تبرّع العامل بالعمل فلا اُجرة له(2)، سواء أجعل لغيره أم لم يجعل.

(مسألة: 2) يجوز أن يكون الجعل من غير المالك، كما إذا قال: من خاط ثوب زيد فله درهم، فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.

(مسألة: 3) يستحقّ الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم، أمّا إذا كان المجعول غيره كما إذا قال: « من أوصل عبدي إلى البلد كان له درهم » استحقّ العامل الدرهم بمجرّد الإيصال إلى البلد وإن لم يسلّمه إلى أحد، وإذا قال: « من خاط هذا الثوب فله درهم » استحقّ الخيّاط الدرهم بمجرّد الخياطة.

(مسألة: 4) الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل وفي أثنائه(3)، لكن إذا رجع في أثنائه كان للعامل اُجرة المقدار الذي عمل.



(1) المقصود بذلك: أنّه نوى في ضميره شيئاً ولم يعلنه، فلا يدرى ما هو، فيبطل(1)، فلا تنافي بين هذا الكلام وما ذكره في المتن قبل هذا مباشرةً من قوله: «ويجوز أن يكون مجهولاً كما يجوز في العوض... مثل من ردّ عبدي فله نصفه...».

(2) يقصد بتبرّع العامل تبرّع من لم تعيّن له الجعالة.

(3) الأقرب أنّه ليس له الرجوع في الأثناء(2)، ولكن لو رجع بالاتّفاق مع العامل، أو رجع قبل العمل وقصّر في إيصال رجوعه إلى من يمكن أن يعمل، كان للعامل اُجرة المثل لما عمله.


(1) يكفي في البطلان عدم شمول الإطلاقات لذلك، وعدم بناء عقلائيّ عليه.

(2) تقدّم وجهه في تعليقنا الماضي على قول المصنّف في أوّل كتاب الجعالة: «ولا تحتاج إلى القبول؛ لأنّها لا تجعل عنواناً لغير الجاعل» فراجع.

215

(مسألة: 5) إذا جعل جعلين بأن قال: « من خاط هذا الثوب فله درهم » ثمّ قال: « من خاط هذا الثوب فله دينار » كان العمل على الثاني، فإذاخاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم، ولو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار، وإذا لم تكن قرينة على العدول من الأوّل إلى الثاني وجب الجعلان معاً.

(مسألة: 6) إذا جعل لفعل فصدر جميعه من جماعة كلّ واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد لكلّ واحد منهم بعضه بمقدار عمله، ولو صدر الفعل بتمامه من كلّ واحد منهم كان لكلّ واحد منهم جعل تامّ(1).

(مسألة: 7) إذا جعل جعلا لمن ردّه من مسافة معيّنة فردّه من بعضها كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع.

(مسألة: 8) إذا تنازع العامل والمالك في الجعل وعدمه، أو في تعيين المجعول عليه، أو القدر المجعول عليه، أو في سعي العامل(2) كان القولقول المالك، وإذا تنازعا في تعيين الجعل ففيه إشكال، والأظهر أنّه معالتنازع في قدره يكون القول قول مدّعي الأقلّ، ومع التنازع في ذاتهيكون القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل، ويجب عليه إيصال ما يدّعيه إلى العامل(3).



(1) إلّا إذا فهم من كلامه أنّ الجعل بإزاء أصل الوجود، فيشترك الجميع حينئذ في الجعل كما أفاد ذلك اُستاذنا الشهيد(رحمه الله).

(2) يعني: وقع النزاع في أنّ وصول المال بيد المالك هل كان بسعي العامل أو لا.

(3) يعني: أنّ التنازع في ذات الجعل يتضمّن أمرين: أحدهما إنكار المالك الجُعل الذي يدّعيه العامل، والثاني ادّعاء المالك لجُعل آخر.

216

(مسألة: 9) عقد التأمين للنفس أو المال المعبَّر عنه في هذا العصر بـ « السيكورته » صحيح بعنوان المعاوضة إن كان للمتعهّد بالتأمين عمل محترم له ماليّة وقيمة عند العقلاء، من وصف نظام للأكل أو الشرب، أو غيرهما، أو وضع محافظ على المال، أو غير ذلك من الأعمال المحترمة، فيكون نوعاً من المعاوضة وأخذ المال من الطرفين حلال، وإلّا فالعقد باطل، وأخذ المال حرام(1). نعم، إذا



ففي الأوّل يعدّ المالك منكراً، فالقول قوله، وفي الثاني يجب على المالك إيصال ما يدّعيه إلى العامل، وفي الحقيقة لا يوجد نزاع في ذلك.

أقول: ما ذكره المصنّف قبل هذا مباشرةً: من أنّه «مع التنازع في قدره يكون القول قول مدّعي الأقلّ» ينبغي تعديل العبارة فيه على ضوء هذا الكلام، بأن يقال: لو كان مدّعي الأقلّ هو الجاعل فالقول قوله، ولو كان مدّعي الأقلّ هو العامل ففي الحقيقة لا يوجد نزاع في الأمر، ويجب على الجاعل إيصال الزيادة إلى العامل.

وطبعاً وجوب إيصال الجُعل أو الزيادة إلى العامل في هذين الفرعين إنّما يكون إذا كان الجعل يتضمّن الإيصال، وإلّا كفت التخلية.

(1) لا داعي للتخريجات المذكورة في المتن لتحليل المال، فإنّ عقد التأمين عقد عقلائيّ قائم بنفسه، ومشمول لإطلاق أدلّة الوفاء بالعقد.

ولعلّ هذا هو مقصود اُستاذنا الشهيد في تعليقه على هذه المسألة حينما سمّاه بإنشاء العهدة بالضمان، واستشهد لصحّته ببعض الروايات(1).


(1) توجد بعض الروايات تدلّ على صحّة إنشاء العهدة بالضمان، كصحيح عبدالله بن سنان ـ الوسائل، ج 18 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 من كتاب الضمان، ح 1، ص 422. وهو

217

كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقداراً من المال هبةً ويشترط على المتّهب دفع مال آخر على نهج خاصٍّ بينهم فأخذ المال من الطرفين حلال، وكذا إذا كان بعنوان المصالحة على أن يدفع المراجع مالا على نهج خاصٍّ وتدفع الشركة له مالا بنهج خاصٍّ، ولعلّ هذا الأخير هو المتعارف في هذا العصر.



وعلى أيّ حال، فنحتاج في عقد التأمين إلى أن يكون المؤمّن عبارة عن جهة قابلة للبقاء والدوام كي لا يسقط التأمين بموته، وهذا هو الحال في تأمين صادر من قبل الجمهوريّة الإسلاميّة المباركة في إيران الإسلام، صانها الله تعالى من الآفات إلى أن تسلّم الراية بيد الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه.


مكرّر في بعض موارد اُخرى من الوسائل، كباب 14 من الدين والقرض من نفس المجلّد، ح 1، ص 346 ـ: «في رجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء، فقال(عليه السلام): إذا رضى به الغرماء، فقد برئت ذمّة الميّت»، ونحوه صحيح معاوية بن وهب ـ الحديث الثاني من الباب الثاني من الضمان من نفس المجلّد، ص 422 ـ 423 ـ ونحوهما موثّقة إسحاق بن عمّار ـ نفس المجلّد،ب 14 من الدين والقرض، ح 2، ص 346 ـ واستشهاده(رحمه الله) بمثل هذه الروايات لا يعني أنّه(رحمه الله)غير مؤمن بصحّة عقد التأمين على وفق القاعدة.

219

المعاملات

6

 

 

 

 

كتاب السبق والرماية

 

 

 

 

 

 

 

221

 

 

 

 

 

(مسألة: 1) لابدّ فيهما من إيجاب وقبول، وإنّما يصحّان في السهام، والحراب، والسيوف، والإبل، والفيلة، والخيل، والبغال، والحمير (1)، ولا يصحّان في غير ذلك (2).

(مسألة: 2) يجوز أن يكون العوض عيناً وديناً، وأن يبذله أجنبيّ، أو أحدهما، أو من بيت المال، ويجوز جعله للسابق وللمحلّل، وليس المحلّل شرطاً.



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «هل الصحّة تثبت مطلقاً، أو ما دامت هذه الأدوات تعتبر الوسائل العامّة للحرب التي تنمو بتنشيط العمل فيها القدرة العسكريّة ومصالح الجهاد؟ وجهان، أحوطهما وأقربهما الثاني». وما أفاده متين(1).

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «الصحّة محتملة فيما يستجدّ من أدوات الحرب والتحرّك العسكريّ، كالبندقيّة والسيّارة ونحوهما، والقول بذلك ليس ببعيد».

ولا يبعد صحّة ما أفاده(2).


(1) إذ لا إشكال في أنّ ذلك من الميسر والقمار، وهو في ذاته حرام، فمناسبات الحكم والموضوع تقتضي انصراف استثناء الاُمور التي كانت في زمن النصّ تنشّط قدرة الحرب والدفاع إلى فرض كونها أدوات لذلك.

(2) إمّا بتنقيح المناط القطعيّ، وإمّا بالاستظهار العرفيّ للحمل على المثاليّة، وأنّ الأمثلة الموجودة في زمن النصّ كانت عبارة عن تلك الاُمور.

222

(مسألة: 3) المعروف أنّه لابدّ في المسابقة من تقدير المسافة، والغرض، وتعيين الدابّة، وتساويهما في احتمال السبق. ولابدّ في الرماية من تقدير الرشق، وعدد الإصابة وصفتها، وقدر المسافة، والغرض، وتماثل صنف الآلة بأن تكون كلّها من السهام أو الحراب، ولا يشترط تعيين شخص السهم أو القوس، لكن في أكثر الشروط المذكورة في المقامين نظر.

(مسألة: 4) إذا قالا بعد أن أخرج كلّ منهما سبقاً من نفسه وأدخلا محلّلا: من سبق منّا ومن المحلّل فله العوضان، فمن(1) سبق من الثلاثة فهما له، فإن سبقا فلكلٍّ ماله، وإن سبق أحدهما والمحلّل فللسابق ماله ونصف الآخر، والباقي للمحلّل.

(مسألة: 5) المحلّل هو الذي يدخل بين المتراهنين، ولا يبذل معهما عوضاً، بل يجري دابّته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد على أنّه إن سبق بنفسه أو مع غيره أخذ العوض أو بعضه على حسب الشرط، وإن لم يسبق لم يغرم شيئاً.

(مسألة: 6) إذا فسد العقد فلا اُجرة للغالب (2)، ويضمن العوض إذا ظهر



(1) من هنا إلى آخر المسألة جواب لــ «إذا»، أي: إذا قالا كذلك، فإن سبق أحد الثلاثة فالعوضان له، وإن سبق كلا المتسابقين فلكلّ واحد منهما ماله؛ لأنّه ـ في الحقيقة ـ لم يسبقه أحد في المقام، وإن سبق أحدهما والمحلّل فللسابق ماله؛ لأنّه لم يسبقه أحد، وأمّا المتسابق الآخر فيقسّم ماله نصفين: نصفٌ للمتسابق الأوّل الذي سبق، ونصف للمحلّل؛ لأنّ المتسابق الأوّل والمحلّل مشتركان في صفة السبق للمتسابق المغلوب.

(2) لا الاُجرة المسمّاة، ولا اُجرة المثل، أمّا عدم استحقاقه للاُجرة المسمّاة فواضح؛ لفساد العقد، وأمّا عدم استحقاقه لاُجرة المثل، فلأنّه لم يعمل لأجل المغلوب.

223

مستحقّاً للغير مع عدم إجازته وكون الباذل غارّاً (1). ويحصل السبق بتقدّم العنق أو الكتد، وهو العظم الناتئ بين الظهر وأصل العنق (2).



(1) قوله: «ويضمن العوض إذا ظهر مستحقّاً للغير مع عدم إجازته، وكون الباذل غارّاً». هذه الجملة لا علاقة لها بالجملة السابقة الحاكمة بأنّه لا اُجرة للغالب إذا فسد العقد، بل هي جملة مستقلّة، ومفادها: أنّ العقد صحيح ابتداءً بالعوض المعيّن، وإنّما اتّفق تزلزله وتوقّفه على إجازة المالك؛ لأنّ العوض كان مستحقّاً للغير، فإذا طرأ زوال ذلك العوض لعدم إجازة المالك، وكان الغالب مغروراً بفعل هذا الباذل المغلوب، فقد أصبح المغلوب ضامناً للغالب، فللغالب الرجوع على المغلوب بالعوض.

ويرد عليه: أنّ العقد لم يقع صحيحاً ابتداءً، بل كان يُتخيّل صحّته، ولم يصبح العوض المعيّن عوضاً مع فرض عدم إجازة المالك، فيلحقه حكم الفاسد المتقدّم في الجملة السابقة.

(2) لا دليل صحيح على هذا الحكم، ولهذا أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره) ما نصّه: «بل بأيّ نحو يتّفقان عليه، ومع عدم قرينة خاصّة على التحديد يحمل على ما هو المتفاهم عرفاً، وقد يختلف من عصر إلى عصر، فلا يوجد تحديد شرعيّ ثابت. هذا على أنّ تقدّم العنق أحياناً لا يوجب بذاته السبق جزماً، كما لو كان بسبب أنّ أحدهما أطول عنقاً من الآخر».