الاستفتاءات



استفتاءات >

السؤال:

السيّد الشهيد الصدر(قدس سره) يفتي في التعليقة على (المنهاج) بالاحتياط الوجوبي في كثير من المسائل، وفي (الفتاوى الواضحة) يفتي بالوجوب فيها كما في جلسة الاستراحة؛ إذ في التعليقة ـ صفحة 249 ـ يقول: «الإتيان بها احتياط وجوبي»، وفي (الفتاوى، صفحة 502، المسألة 25) يقول: «وعلى المصلّي أيضاً أن يجلس قليلاً ومطمئنّاً بعد السجدة الثانية»، فما هو الحكم الذي نتّبعه؟
وكذلك تكبيرة الإحرام، حيث إنّ السيّد الشهيد الصدر(قدس سره) أفتى في (الفتاوى الواضحة، صفحة 479): «ويجب أن يكون تكبير الإحرام مستقلاًّ بمعناه لا صلة له بما قبله من كلام وذكر ودعاء، ولا يلحق به بعده ما يتمّمه ويكمّله»، فهل يقصد وجوب الفصل حتّى مع سورة الفاتحة، يعني هل يجب الفصل عن أيّ كلام بعد التكبيرة؟
وفي التعليقة يفتي بالاحتياط الوجوبي بالنسبة للفصل، حيث يقول في (صفحة 218، مسألة 108) في الهامش: «بل الأحوط وجوباً عدم الوصل بجملة اُخرى قبلها مع تحريك ما قبل الهمزة؛ لأنّ ذلك يستدعي درج الهمزة، أو كون الهمزة ملحونة إذا لم يدرجها»، وفي (صفحة 48، مسألة 71) يقول: «وكما يجب أن يؤدّي تكبير الإحرام مستقلاًّ في معناه كذلك يجب أن يؤدّي مستقلاًّ في لفظه، بمعنى: أنّ من تكلّم قبل التكبير بأيّ شيء فعليه أن يقف على الحرف الأخير الذي قبل همزة الله أكبر»، فهل يقصد الفصل قبل التكبير فقط؛ لأنّه لم يُشر في هذه المسألة للفصل بعد التكبير؟

الجواب:

كان مبنى اُستاذنا الشهيد (قدس سره) في مشيه الذي سلكه في كتاب (الفتاوى الواضحة) هو التجنّب عن مصطلحات (الأحوط) و(الأقوى) لكي لا يتيه فيها الإنسان الاعتيادي، فكان يبرزها جميعاً بصورة الفتوى مادام الاحتياط وجوبيّاً يجب العمل به كما يجب العمل بالفتوى، في حين أنّه حينما كتب التعليق على (منهاج الصالحين) لم يكن يمشي على هذا الاُسلوب، وهذا هو الذي يفسّر لنا ما نراه من التصريح بالاحتياط في تعليقته على (منهاج الصالحين) في جملة من الموارد مع إبرازها في (الفتاوى الواضحة) بصياغة الفتوى.
أمّا المسألة الأخيرة التي أشرت إليها فهي مسألتان إحداهما غير الاُخرى.
فأوّلاً: مسألة ترك الوصل اللفظي بين التكبير وبين جملة سابقة على التكبير كأن يقول: «أشهد أن لا إله إلاّ الله الله أكبر» مع إبراز الضمّة التي هي في آخر عبارة «إلاّ الله»، وهذا يؤدّي إمّا إلى حذف همزة الوصل من «الله أكبر»، وهذا خلاف الاحتياط، وإمّا إلى إبقاء همزة الوصل رغم عدم الوقف على الكلمة التي قبلها، وهذا لا يجوز، وهذه هي التي أبرزها في التعليق على (منهاج الصالحين) بصورة الاحتياط وفي (الفتاوى الواضحة) بصورة الفتوى، وهذا يختصّ بجملة يفترض الإتيان بها قبل التكبير، ولا علاقة له بجملة يفترض الإتيان بها بعد التكبير كبسملة الحمد أو غيرها.
وثانياً: الوصل المعنوي، أي: جعل التكبيرة جزءاً من جملة أوسع منها، وهذا ما وضّحه في (الفتاوى الواضحة)، وهذا يشمل ما قبل التكبيرة وما بعد التكبيرة، وقد مثّل هو(قدس سره) لما قبل التكبيرة بقولة: «قال الملائكة واُولوا العلم الله أكبر»، فحتّى لو وقف المتكلّم على ميم «العلم» بإسكانه بطلت الصلاة، فإنّ الوصل الملحوظ هنا وصل معنوي لا لفظي، ومثّل هو(قدس سره) للوصل المعنوي بما بعد التكبيرة بقولة: «الله أكبر من كلّ شيء»، فهذا أيضاً يبطل الصلاة.